تمثال للملكة الفرعونية الجميلة نفرتيتي
Flickr

زوج الست

“في المجتمعات العربية، يخطب الرجل من هي أقل منه درجة. سواء في الوظيفة أو في التعليم. خوفًا من أن تسبقه أو “تتنطط” عليه. كما يرفض معظم الرجال مرافقة الزوجات في مهماتهن العملية في الخارج…”

في الفليم العربي الشهير “مراتي مدير عام”، يتم تعيين السيدة عصمت فهمي مديًرا لإحدى المصالح الحكومية التي يعمل بها المهندس حسين عمر، زوجها.. لتُصبح “مراتُه” مدير عام ويُصبح هو “زوج الست”. ورغم إن الفيلم الذي نجح نجاحا جماهيريًا كبيرا في الستينات، كان يُمهد لفكرة تقدُّم الزوجة على زوجها في العمل أو السلم الوظيفي إلا أنه وبعد مرور أكثر من نصف قرن على إنتاج الفيلم، ما زالت هذه الفكرة شائكة وغير مقبولة.

تحكي (م. ع) أستاذة جامعية: “في عملي وبين الحين والآخر، يُتاح لنا السفر في مِنح عِلمية قصيرة الأجل لزيارة مراكز بحثية وحضور ورشات عمل في جامعات أجنبية. ذات مرة وأثناء انعقاد مجلس القسم، أخبرنا رئيس القسم أنه استبعد أسماء الأساتذة الإناث من ترشيحات السفر لمهمة علمية في القارة الآسيوية. وحين تعجّبنا واندهشنا من فعله.

أخبرنا بكل أريحية: “مش معقولة يا دكتورة هتسافري وجوزك يقعد بالولاد في البيت!!”. رئيسي في العمل والذي يحمل لقب أستاذ دكتور، استخدم نوع الجنس كمعيار  وحيد لترشيح اسم فلان وحذف اسم علانة، دون الرجوع لأية نشاطات علمية أو خبرة أو تخصص أو كفاءة. طبّق على زميلاته في العمل ما قد يُطبِّقه في منزله وكأنه وصيّ على زميلاته كما هو وصيّ على زوجته.

اللطيف في الأمر أن العديد منا مقترنون بمن هم في نفس المجال، لكن رؤساء الأقسام من هذا النوع قرروا حصر المهمات العلمية في فئة الأزواج دون الرجوع لنا وتَرْك قرار السفر – في مهمة علمية ستضفي على خبرة الأستاذ وعلى سيرته الذاتية ثقلاً-  لنا.

“بالطبع، ثارت ثائرتي وصممت على تقديم أوراقي. وكنت أنا الوحيدة من بين زملائي الذكور التي اجتازت مقابلة السفارة. وسافرت لمدة شهر  مع زميلة وزميل من أقسام أخرى لهذه المهمة.

“زوجي لم يعترض، لأنه في نفس المجال، ويعرف أهمية هذه المِنَح وما تُضيفه لنا من خبرة. كما أنه قد سبق وسافر في إحدى هذه المنح قبل ستة أشهر. تضحك دكتورة (م) وتقول
“زوجي: لم يرفض رعاية الأولاد في غيابي، في حين أن زميلي ورئيسي في القسم هو  الذي لَعِب دور الوصيّ”.

من المعلومات غير المتداولة كثيرًا، أن يواخيم زاور “زوج الست” المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كان أستاذها في الجامعة وعملا سوياً في أكاديمية العلوم ببرلين لسنوات قبل أن يتزوج الأستاذ النابغ من التلميذة.

حين بدأت أنجيلا في الانخراط في العمل السياسي، شجّعها يواخيم –والذي كان ناجحاً جدا ومعروفاً في عمله- وشد من أزرها ووقف في ظهرها حتى تقلدت أعلى منصب في الدولة الألمانية لم يتح من قبلها لامرأة، ليُصبح هو زوج الرئيسة و”سيد ألمانيا الأول”.

بالرغم من أنه لا يُحب العمل السياسي أو الظهور في المحافل الدولية، إلا أنه لم يبدي أي استياء مما يُحتمه عليه البرتوكول في كل مرة ينعقد فيها مؤتمر دولي أو قمة عالمية من مرافقة زوجات رؤساء الدول أثناء تناول الغداء أو جولات الشراء التسوُقيّة. ليُصبح هو الزوج الوحيد وسط “شلة” من الزوجات. ومن الجدير بالذكر أن “أنجيلا” قدحصلت على لقب أقوى امرأة في العالم خمس مرات. ولم يخجل يواخيم من ذلك ولم يرى أن في ذلك انتقاص من شأنه.

في المجتمعات العربية، يخطب الرجل من هي أقل منه درجة. سواء في الوظيفة أو في التعليم. خوفًا من أن تسبقه أو “تتنطط” عليه. كما يرفض معظم الرجال مرافقة الزوجات في مهماتهن العملية في الخارج. “وأنا إن شاء الله هسافِر معاكي باعتباري إيه؟ مرافق للزوجة؟”. بالرغم من أنهم يعتبرون سفر المرأة كمرافق أمر طبيعي.

تقول (ن. م) مهندسة، “في عام 2006 كنت مرتبطة عاطفيا بزميل لي في المصنع الذي أعمل فيه. كنت المهندسة الوحيدة وقتها والأحدث تخرجا بين زملائي. بعد فترة وجيزة أثبت كفائتي وبدأ ترشيحي من قِبل رؤسائي لحضور دورات تدريبية. الأمر الذي قد أثار غيرة زملائي لكني اعتبرته أمراً محموداً في إطار التنافس.

الغريب أنه وبالتزامن مع ذلك، بدأ خطيبي في ترديد نغمة “بعد الجواز بقى هتقعدي في البيت عشان صعب عليكِ توازني بين الشغل والبيت”، “أنا يهمني راحتك وشُغلنا مُتعب أوي ولا يليق بيكي كـ lady”. في البداية لم أستنبط المعنى الخفيّ لكلامه، حتى شكوت له مرة من تحول غيرة زميل في قسمي لنفسنة مَرضية ومحاولاته المستميتة لعدم تعييني رسمياً كـ Supervisor . ليُخبرني “بصراحة عنده حق. عيب يعني لما تبقى مُديرته واحدة”. وطبعا كان ذلك نهاية العلاقة””.

يكبر الرجل الشرقي وهو يُلقّن أنه أفضل من أخته، وأن الرجال قوّامون على النساء وأنه لو كُسِر للبنت ضِلع هيطلعلها 24.. كما ترفض الكثير من الأُسر إلحاق بناتهن بكليات عملية أو جامعات خاصة لأن “البنت في الآخر ليها بيت جوزها حتى لو كانت سفيرة، يبقى ليه المصاريف ووجع القلب؟”، فكيف لهذا الرجل أن يتقبل أن تُصبح زوجته مدير عام حتى لو في مؤسسة أخرى ومجال بعيد كل البعد عن مجاله؟!

المدونة تعبّر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة عن رأي موقع “الحب ثقافة”

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات