أحبي… دون أن تهملي ذاتكِ
كثيراً ما يختلط علينا الأمر بين الوقوع في الحب والتخلي عن الذات أو الهوية، يحدث هذا للمرأة أكثر من الرجل في المجتمعات العربية، لما رسخته العادات والتقاليد في ذهن كل منا أن المرأة يجب أن تكون تحت طوع زوجها أو حبيبها.
القرارات الخاطئة تفقدنا هويتنا أمام شريكنا
على الرغم من كل التقدم الذي وصلنا ونصل إليه كل يوم، إلا أن هناك فكرة بقيت متأصلة نوعاً ما. بمجرد أن تقع أي مراة في الحب، تبدأ حياتها – ربما دون أن تلاحظ – بالتغير، حيث يبدأ كل اهتمامها وجهودها تتمحور حول “شخص واحد فقط” وهو حبيبها/زوجها.
مع مرور الوقت في تلك العلاقة، تجد تلك المرأة أن حياتها اصبحت فارغة، سواء اكتشفت ذلك بعد خيانة الزوج لها، أو غيابه وانشغاله بحياته الخاصة بعيداً عنها، أو حتى إذا كان زوجاً مخلصاً يحاول أن يعوّضها عما تخلت عنه من أجله. في الحالتين، لن تستطيع المرأة تجاهل هذا الشعور بالخواء والفراغ بداخلها.
مررتُ بتجربة مماثلة، كانت نتائجها فادحة عليّ حتى الآن، حيث تخليت عن منحة دراسية للتمثيل كانت مميزة بشدة، ولا تحدث الا كل خمس سنوات. تخليت عن اصدقائي وخسرت بعضهم حتى الآن، أهملت عملي، مما أثر في المكانة التي وصلت لها الآن بالنسبة لسني،؟.. كل هذا كان من أجل اهتمامي بشخص واحد! لذلك، شعرتُ أن كلامي قد يكون نابعاً عن تجربة حقيقية قد تفيد فتاة اخرى لم تمر بها، حتى تتجنب بعض القرارت الخاطئة.
التضحية شيء وتمويه الذات شيء اخر
ولكن هذا ليس معناه ألا نقع في الحب بنفس الدرجة، وان نظل متربصين لشريك حياتنا، فهذا ايضاً – من وجهة نظري- ليس صحيحاً، فالتضحية من اجل الحب هي شيء مطلوب ورائع، ولكن يجب مراعاة بعض الاشياء حتى لا تصبح تلك التضحية مؤذية للعلاقة فيما بعد.
مثلاً، كوني صريحة مع شريك حياتك منذ البداية، وأخبريه أن نشاطاتك التي تقومين بها مع اصدقائك بمفردك هي طقس لن تستطيعي التخلي عنه، لأن وجودك مع اصدقائك سيذكّرك دائماُ بما انتِ عليه، والاصدقاء المخلصين سيلفتوا نظرك طوال الوقت اذا بدأ اداؤك يتغير في حياتك للأسوأ، وهو شيء قد لا يلفِت نظرك له شريك حياتك اذا كان هذا التغيير في مصلحته الشخصية، أو إذا كان يميل إلى حب التملك.
هذا الشغف لا تتخلي عنه ابداً مهما كان المقابل، فهو الشيء الذي يؤكد لك انك قادرة على الشعور بالنشوة والمتعة
هناك ايضاً نقطة مهمة للغاية وهي شغفك الخاص، ليس بالضرورة أن يكون عملاً ما أو شيئاً هادفاً للربح، بل هو أي شيء تجدين سعادتك فيه، وتجدين نشوة بداخلك وانتِ تمارسينه، حتى لو كان هذا مشاهدة بعض المسلسلات أو الذهاب الي الصالة الرياضية أو القراءة وغيرها. هذا الشغف لا تتخلي عنه ابداً مهما كان المقابل، فهو الشيء الذي يؤكد لك انك قادرة على الشعور بالنشوة والمتعة دون شريك حياتك، وبالتالي لن تتوقف سعادتك على تواجده، وبالتالي سيكون هناك مساحة صحية بينكما ولن تتموه شخصيتك بشخصيته.
من أهم الاشياء ايضاً – من وجهة نظري وعن تجربتي الخاصة – التزام المنزل وترك العمل، فهي من أسوأ القرارات التي قد تتخذها اي امرأة بعد بداية علاقة جديدة، لأن عدم التواصل مع الآخرين ووعدم الاحتكاك بالعالم الخارجي يبدأ تدريجياً بالتأثير على شخصيتك بطريقة سلبية. وقتها يصبح شريك حياتك هو النافذة الوحيدة لك على العالم، وبالتالي سينقلها لك من وجهة نظره هو، وكما يراه هو. ستجدين مع الوقت أن آراءك اصبحت مثل آرائه، واذا خرجت بعض الوقت في اي مناسبة اجتماعية، ستشعرين بالتوتر، وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين، بينما ستجدينه هو منطلقاً، يتعامل مع المحيطين بسلاسة.
قد يراودك وقتها الشعور بأنه هو من يحميكِ من في هذه الضوضاء، وستجدين نفسك تسيرين خلفه كلما ذهب الى أي مكان، ولن يكون تأثير هذا ايجابياً على صورتك الذاتية بالمرة، حتى اذا اضطرتك ظروف الحمل بأن تتركي عملك. يجب أن يكون لك نشاطات خاصة بالمرأة الحامل، ويجب أن تجدي مجتمعاً جديداً تنتمين اليه، ويفضّل أن تحدث تلك النشاطات على أرض الواقع، من خلال اجتماعات وليس فقط تواصل عبر الانترنت.
نقطة أخرى في غاية الاهمية، وهي ضرورة أن يكون في منزلكما مكاناً خاص بك وحدك، حتى لو كانت ركنة صغيرة في المنزل محاطة بـ”برفان” صغير، وتكون تلك المساحة هي مساحتك الشخصية التي تمارسين فيها طقوسك الخاصة وهوايتك اي كان نوعها. مكان تستطيعي ان تختلي به بنفسك دون أن يقتحمك زوجك أو اولادك.
جمالك خاص بكِ وليس ملك شريككِ
كثيراً ما تشعر بعض السيدات بعدم الرغبة في تجميل شكلهنّ بمجرد أن يستقرن في علاقة عاطفية أو يتزوجن. مع تعود الزوج على شريكته، والممارسات التقليدية لحياتهم الجنسية واليومية العادية، تبدأ المرأة في الشعور أن ليس هناك جدوى من أن تهتم بجمالها الشخصي وهندامها، وخاصة عندما تقرر ان تخرج من المنزل. هذا أمر يفقدها الثقة في نفسها مع مرور الوقت، ويشعرها أنها في حاجة ماسة لأن يطري عليها زوجها. لا تشعر بجمالها بعد إهمالها لنفسها، ولذلك يصبح الزوج هو مصدر الثقة الوحيد الذي تبحث عنه واذا لم يكن من نوعية الرجال الذي يجيد الاطراء ستصاب المرأة بالاكتئاب.
ليست حرباً بل مساحة شخصية
كل هذه النصائح ليست من أجل ان تتغلبي عليه أو تفوزي في العلاقة أو كل هذا الكلام الذي يجعل هناك نوعاً من العدائية بينك وبين شريك حياتك، بل بالعكس. تلك النقاط والنصائح – اذا حققتها – ستدخل السرور والراحة في حياتك أيضاً. فلا يوجد رجل سويّ يريد أن تكون زوجته متطلبة طوال الوقت، لا تثق بنفسها، ولا تستطيع الخروج بدونه. اذا كان شريكك رجل من هذا النوع، فأنت في حاجة أمس لأن تعودي الي ذاتك مرة اخرى، وتجعليه يحترم هذا الجزء من حياتك الذي يشكل هويتك بعيداً عنه وعن اسرتكما.
ملاحظة: جميع المدونات تعبّر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع