في المقال السابق ناقشنا علاقات "الاعتمادية المتواطئة"، وكيف تنمو بين شريكين أحدهما "اعتمادي كلاسيكي" والآخر "اعتمادي عكسي".
لأسباب تتعلق بالتربية والثقافة في مجتمعاتنا العربية، تنتشر العلاقات التي تكون المرأة فيها هي الطرف "الاعتمادي الكلاسيكي".
في هذه العلاقات تتعرض المرأة للكثير من الأذى النفسي والعاطفي، بل وحتى الجنسي والجسدي، مما يشعر المرأة بالدونية والضعف، ويؤدي إلى فشل العلاقة إما عاجلاً أم آجلاً.
إليكِ خطوات التحرر النفسي من "الاعتمادية" في علاقاتك العاطفية/ الزوجية.
اعترفِ بسلوكياتك الاعتمادية ثم ابدئي في القراءة عن "الاعتمادية المتواطئة"
رصد المشكلة والاعتراف بوجودها، هو أول طريق التعافي. كثير من السيدات يندهشن من أن ما يعيشنّه في علاقاتهم من ألم وأذى، هو، في الحقيقة، ظاهرة مرضية معروفة لها اسم، ولها أعراض محددة، ولها طريقة علاج ومنهجية واضحة.
ستندهشين من أن آلاف السيدات حول العالم يشعرن بما تشعرين به، وستشعرين بالأمل عندما تعرفين أن الآلاف منهن وصلن لبر الأمان، وتحررن من الاعتمادية في علاقاتهم العاطفية، وتغيرت حياتهم للأفضل.
من الكتب التي قد تكون مفيدة:
- "علاقات خطرة" للدكتور محمد طه
- جميع كتب الكاتبة Melody Beattie
على ورقة، ارصدي سلوكياتك الاعتمادية مع شريكك
مثال:
- أقوم بمهاتفة شريكي كل ساعة لأرى ماذا يفعل.
- عندما يتحدث زوجي مع أي امرأة جميلة، أشعر بالتهديد وأتشاجر معه وأقول لنفسي بالتأكيد سيدخل معها في علاقة عاطفية ويمكن أن يتوقف عن حبي.
- أتشاجر مع زوجي وأشعر بالاستياء عندما يخرج مع أصدقائه بدوني.
- عندما يشتمني شريكي، أو يسيء معاملتي، أذهب لمحادثته بعد ساعة لأنني لا أحب النكد ولا أتحمل غضبه.
قومي بتحديد مصادر الضغط في حياتك وكيف تتعاملين معها
من أسباب التورط في العلاقات الاعتمادية هو اعتبار العلاقة أو الشريك "قرص المسكن" الذي نتعاطاه لنهرب به من مواجهة الضغوط والمشاكل.
قد يكون من المفيد أن ترصدي الضغوط اليومية التي تواجهك في حياتك، وأن تضعي خططاً واضحة لمواجهتها والتعامل معها.
الانخراط بشكل إيجابي في حل مشاكلك اليومية بدلاً من تجاهلها والهرب منها في علاقة عاطفية.
مثال:
- علاقتي المتوترة مع أطفالي.
الحل: أن أقضي وقتاً أطول في التحدث معهم.
- خلافاتي اليومية مع أمي أو أبي.
الحل: وضع حلول نهائية للمشاكل المتكررة.
- مشاكل في العمل.
الحل: التحدث مع مديري أو البحث عن عمل جديد.
من أسباب التورط في العلاقات الاعتمادية هو اعتبار العلاقة أو الشريك "قرص المسكن" الذي نتعاطاه لنهرب به من مواجهة الضغوط والمشاكل.

ارسمي حدودك وتعلمي كيف تحميها
من أسباب الألم والقهر النفسي في العلاقات "الاعتمادية" هو رغبة الطرف "الاعتمادي الكلاسيكي"، المبالغ فيها، في أن يرضى الطرف الآخر ويكون مصدر سعادته طوال الوقت.
هذه الرغبة في إرضاء الشريك، تجعلكِ تقومين بأشياء كثيرة لا تناسبك، وتجعلك خائفة من رفض ما لا تريدين فعله.
حماية حدودك تعني أن تتعلمي قول: " لا.. هذا لا يناسبني" بشكل حاسم وواضح ومباشر.
قومي برصد كل الأشياء المزعجة التي تقدميها للشريك حتى تتجنبي غضبه، أو فقده، ثم ناقشي ذلك معه. ابدئي بشيء واحد، وبعد تحقيق نتيجةً مُرضية، اعرضي الأمر الثاني وهكذا.
من أمثلة هذه الأشياء:
- الخروج مع بعض أصدقاء الشريك الذين لا تحبين الجلوس معهم.
- أشياء تفعلينها في العلاقة الجنسية مجبرة لإرضائه.
- المشاركة في شراء أشياء مع شريكك، وأنت لا تحتاجينها ولا تريدين الاستثمار فيها.
توقفي عن محاولة تغيير شريكك
من قوانين التحرر من "العلاقات الاعتمادية":
" أنا لست مسؤولة عن تغيير أحد؛ فلا أحد يمكنه أن يغير شخصاً لا يريد أن يتغير. أنا مسؤولة فقط عن تغيير نفسي. يمكن لتغييري أن يُحدث تغييراً في الآخرين، أو أن يغيّر من طريقتهم معي - وقد لا ينجح ذلك".
- توقفي عن التعامل مع الكون وكأنك "المخلّص".
- أنتِ لن تستطيعي تغيير الجميع، ولن تنقذيهم من حياتهم المظلمة.
- إسعاد الآخر ليست مسؤوليتك!
- التضحية الدائمة من أجل العلاقة ليست صحية. طمس معالم شخصيتك لن يفيد.
- افهمي نفسك، وتعلمي القوة والحسم، وحينها ستتغير الإشارات التي ترسلينها للآخرين، وستلاحظين الفرق في تعامل الآخرين معك.
أما من لا يحترم حدودك، ويبتزك عاطفياً، فستصبحين بعد فترة قادرة نفسياً على ردعه أو تحديد شكل علاقتك به، بل وحتى الانسحاب الكامل من العلاقة.

تعلمي كيف تصادقين نفسك
في "العلاقات الاعتمادية" المشار إليها، عادة ما تجعل المرأة الشريك محور حياتها؛ فتهمل هواياتها وعملها وعلاقتها الاجتماعية مع صديقاتها.
كذلك، تتجنب المرأة مصادقة نفسها لأن حوارها الداخلي لنفسها مؤلم وسلبي.
تعلمي كيف تقضي أوقاتاً رائعة وممتعة بصحبك نفسك: اقرئي الكتب، اكتبي، ادرسي الكترونياً، اشربي قهوتك في الصباح في مكان تحبينه وشاركي أصدقائك انجازاتك وأفكارك واهتماماتك.
تكوين مجتمع صحي وعلاقات جديدة سوية
عندما تكون المرأة اعتمادية، عادة يكون هذا هو نمط علاقاتها مع الجميع - الشريك والأبوين بل وحتى مع الصديقات.
بعد أن تتعلمي المهارات الجديدة في التواصل، وبعد مرحلة من العلاج النفسي والتغيير، ابدئي بتكوين علاقات جديدة سوية تطبقين فيها ما تعلمتيه من مهارات جديدة مثل الحسم والإنتاجية والاستقلالية.
اطلبي المساعدة المتخصصة
في مرحلة ما، سيكون من الرائع أن تستعيني بشخص متخصص، مثل معالج نفسي أو مدرب حياة في مجال العلاقات العاطفية، ومجموعات الدعم المتخصصة، مثل جلسات العلاج النفسي الجمعي، ودورات السايكودراما مثلاً.
سيساعدك المتخصصون على تعلم مهارات جديدة والنظر للأمور برؤية مختلفة تماماً، وسوف يكلفونك بتدريبات كتابية مفيدة، وسيرشحون لك قراءات هامة.
سوف تشعرين أنك مفهومة ومقبولة كما أنت، وستجدين مجتمعاً يساعدك على تجديد رؤيتك لنفسك بعيداً عن الرؤية المشوهة التي يصدرها لك شريكك.