الغيرة
Shutterstock

أحبك لكن أحب نفسي أيضاً.. ثلاث خطوات لتجاوز الغيرة على الشريك/ة

الغيرة من أكثر المشكلات التي تهدد العلاقات والحياة الزوجية، لذلك علينا أن نفكر جيداً قبل أن نسمح لشعور الغيرة بالسيطرة علينا.

الغيرة من أكثر المشكلات التي تُطرح في غرف المشورة والعلاج النفسي.

أستمع لنفس الكلمات بصور مختلفة، “تكاد تقتلني غيرته غير المبررة”، وشكوى الشريك من شريكته التي تظن أنه لا يحترمها أو يحبها بشكل كاف ويفضل أخريات عليها.

الشيء المشترك الذي وجدته بين كل من يشعر بالغيرة هو عدم ثقته في ذاته، وصورته المشوهة عن نفسه، والتي  ينطلق في الحديث عنها ونحن بمفردنا، في غياب الشريك الآخر.

أكثر ما أتذكره كلمات زوجة يمكنني وصفها بالفاتنة، في حين كانت تصف نفسها، مقارنة بأخريات يعرفهن زوجها، على أنها الأقل جمالاً وذكاء وحضوراً.

لم أر ذلك، وكذلك زوجها، لكن أفكارها نتجت عن صورتها الذاتية المشوهة عن نفسها، التي ولدَّت المزيد من الأفكار السلبية المغذية لمشاعر الغيرة.

الأمر نفسه موجود لدى الرجال.

على سبيل المثال امتلاك الرجل لنمط معرفي سلبي نسميه “الشعور بعدم الكفاءة”، يدفعه لتبني أفكار سلبية عن نفسه فيما يخص ذلك، كأن يتخيل أنه غير ناجح في عمله، أو لو كان شخصأ ناجحاً فذلك لأن الآخرين أغبياء ولا يفهمون طبيعة العمل وغير مدركين لمدى انعدام كفاءته.

ينتشر ذلك النمط في بقية مجالات حياته، فهو ليس زوجاً جيداً ويشعر طوال الوقت بأنه لا يلبي احتياجات شريكته المختلفة، ولا يحدث لديه ربط بين الواقع وبين افتراضاته.

مثلاً يتخيل الرجل أن زوجته لا تشكو منه لأنها ليست معتادة على الشكوى، لكنها لا تشعر بالرضا. ويبني غيرته على هذه الأفكار.

رأيت أشخاصاً تشعر بالغيرة من أفراد أقل منهم فعلياً. تخبرني الزوجة وهي معي أنها تندهش من أن زوجها يشعر بالغيرة من شخص معين وأنه لا يمكن أن يُقارَن بزوجها.

هذا النمط من الغيرة، المرتبط بعدم الثقة بالنفس، يختلف عن نمط آخر شديد الاضطراب، ويتسم بعدم المنطقية والشك المرضي، ويسمى اضطراب “البارانويا”.

على سبيل المثال، تسيطر على الزوج فكرة أن زوجته تخونه مع البواب مثلاً أو شخص آخر ويظل يراقبها، وحين يفشل في إثبات فكرته يُرجع ذلك لحرصها الشديد على الإخفاء، ومهارتها فى خيانته.

لن نستطرد في هذا النوع الذي يحتاج الى طبيب نفسي وعلاج دوائي، وفي بعض الحالات يحتاج الأمر لدخول مستشفى نفسي.

الغيرة المرضية
shutterstock

ما أود الحديث عنه هو النوع الأول المرتبط بعدم الثقة بالنفس، الذي يجعل الطرفان يشعران بالمعاناة. وأريد الحديث عن ثلاث خطوات يمكن أن تساعدنا على تجاوزه، ويمكن تلخيصها في الكلمات التالية: اعرف، ناقش، شارك.

 

اعرف ما يدور بعقلك

الخطوة الأولى هي أن تعرف ما يدور بعقلك، وأن تتساءل: لماذا أشعر بالغيرة من شخص معين؟ وهل هذه الغيرة مبررة، كأن يكون تعدد العلاقات من سمات الزوج مثلاً؟

في كثير من الأحيان لا ترتبط الغيرة بالسلوك الفعلي للشخص، فقد يكون الشخص ملتزماً جداً لكن الزوجة تشعر بالغيرة من زميلاته في العمل، وتشعر بالغضب الشديد عند تلقيه مكالمة عمل في المنزل.

إذا استطعت الربط بين ما تشعر به من غيرة وتصوراتك حول ذاتك، فهذا سيساعدك على حل المشكلة ويخرج الآخر من دائرة الاتهام، كأن أوقن أن شعوري بالغيرة على شريكتي ليس له علاقة بتصرفاتها بل له علاقة بما أتصوره أنا عن ذاتي.

هذه المعرفة تكشفت حقيقة تحتاج الى التعامل معها سواء بمفردك أو من خلال معالج نفسي.

 

ناقش الحقائق

الخطوة الثانية هي مناقشة تلك الحقيقة المكتشفة، وهو أمر ليس بالهين ويحتاج لمعرفة وشجاعة كافية.

ما ينبغي مناقشته هنا هو الأفكار المكتشفة، فإذا عرفت في الخطوة الأولى أنك تشعر بالغيرة لأنك ترى نفسك غير كفء مقارنة ببقية الرجال الذين تتعامل معهم شريكتك، ودائماً ما تشعر أنها غير راضية عن مستوى كفاءتك، فأنت في هذه الخطوة تحتاج إلى التأكد من الأمر ومناقشته.

من أهم الأسئلة التي يمكن أن تطرحها على نفسك وتساعدك على تجاوز ذلك هي “ما الدليل على كفاءتي؟” و” ما الدليل على شعور شريكتي بالرضا معي”.

أنصح عملائي باستخدام الورقة والقلم عند تسجيل هذه الأدلة ومراجعتها كلما جد جديد، وكلما عادت تلك الأفكار مرة أخرى.

رأيت عشرات الأدلة كتبها العملاء حول كفاءتهم. في بعض الأحيان كنا نستخدم اسلوب “لعب الأدوار” لمساعدتهم على اكتشاف الأدلة على الكفاءة، كأن أقوم بأدوارهم في الحياة وهم يحاولون إقناعي بكفاءة ما أقوم به.

هذه الخطوة ليست سهلة، وفي كثير من الأحيان تحتاج إلى مساعدة متخصصة وخاصة عندما ترتبط بتاريخ طويل من الشعور بعدم الكفاءة قد يعود إلى الطفولة.

الغيرة
shutterstock

أخبرتني عميلة أنها لم تجد أحداً يخبرها في حياتها أن ما تقوم به جيد، وتاريخ علاقاتها كان مليئاً برجال انتقدوها واشتكوا منها كثيراً. وهي الآن لا تصدق شريكها حين يقول إنه راض عن العلاقة، وتشعر أنه يشفق عليها، وغارق في علاقات أخرى تشعره بالرضا.

مثل هذا النمط يحتاج لمساعدة متخصصة طويلة لأنها لمعالجة النمط المعرفي المتكون من التاريخ الطويل من التعرض لهذه الإساءات.

                  

شارك ما اكتشفته

الخطوة الثالثة والأخيرة هي المشاركة.

ما أقصده بالمشاركة هنا هو مشاركة ما اكتشفناه في الخطوتين السابقتين مع الشريك، كأن أقول له “لديَّ شعور بأنك غير راض عن العلاقة وتراني شخصاً غير كفء”.

وهنا سنضع أنفسنا أمام الحقيقة الواقعية ويحدث تواصل جيد بين الشريكين. ولكي تنجح هذه الخطوة يجب أن يجيد الطرفان أساسيات التواصل، وأن يستمعا بحرص إلى بعضهما.

وإذا لم تنجح هذه الخطوة فربما يحتاج الطرفان إلى معالج يساعدنا على تجاوز ذلك ويعمل مع الشريكين سوياً.

يرى البعض أن القليل من الغيرة يمكن أن يكون دليلاً على الحب، لكني لا أتفق مع هذه العبارة، ما أؤمن به تماماً هو أن المزيد منها يمكن أن يقتل هذا الحب.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات