عادات الحب وتقاليده.. كيف تختلف علاقاتنا العاطفية مع شريك/ة أجنبي/ة
قد تكون علاقة الحب والزواج مع شريك/ة أجنبي/ة فانتازيا في ذهن البعض، ولكنها تتضمن العديد من المواقف الطريفة، أو الصادمة، خاصة في بداية العلاقة.
تخيل أن تدخل بيتك لتجد زوجتك تدهن حائطاً بلونٍ جديد، والأمور كلها في فوضى، وحين تسألها عمَّا تفعله تخبرك “بليّط الحيطة”، وعندما تسألها عن معنى “تلييط” تجدها تضحك.
تخيل أن تشتري لك خطيبتك الأسيوية خاتماً بفصٍ ملون عملاق يرعبك، أو تغازل حبيبتك الأوروبية بعبارة رقيقة فتتهمك بالرجعية، وينقلب الموعد الرومانسي إلى شجار.
الحب والارتباط علاقات إنسانية جميلة، وشائكة في كثير من المواضع، بسبب اختلاف طبيعة الشريكين، وعاداتهما الشخصية، ومستواهما الفكري والاجتماعي، لكن حين يتعلق الأمر بحبيبٍ أجنبي، له ثقافة مغايرة، ولغة وعادات غير مألوفة، تنتقل تلك الخلافات إلى مرحلة أخرى.
تؤثر الاختلافات الثقافية، والعادات والتقاليد المحلية على رؤية الشخص لنفسه وللشريك، وتشكّل توقعاته من العلاقة، ما يسبب مواقف طريفة، أو صادمة في بداية العلاقة، وسنواتها الأولى على الأقل.
لغات الحب المجهولة
يشكل الارتباط بشخص أجنبي “فانتازيا” بالنسبة للبعض، كما يجده البعض الآخر خياراً مثالياً إذا كان غير راضٍ عن منظومة الحب والزواج في مجتمعه.
مرت سلمى*، 30 عاماً، من مصر، بتجربة كهذه، وتحكي عنها: “التقيت بزوجي التركي عبر الإنترنت قبل عامٍ، وتزوجنا خلال شهرين.. كلانا كان راغباً في الزواج والاستقرار في أسرع وقت لأسباب مختلفة، هو أراد زوجة أجنبية لا تثقل كاهله بمتطلبات الزواج المبالغ فيها في مجتمعه، وتتنازل عن حفل الزفاف الضخم وغيرها من الشكليات، وأنا أردت علاقة زواج مطمئنة لأحظى بالاستقرار النفسي والاجتماعي. كان اتفاقنا يسيراً، واختصرنا فترة التعارف للحد الأقصى، وتجاهلت نصائح عائلتي بمد الخطوبة لفترة معقولة، وتم زواجنا بسلام وانتقلت للعيش معه”.
رغم رومانسية البدايات، فإن الخلافات بدأت في علاقة سلمى بعد فترة من زواجها، وكان السبب غير متوقع.
تحكي: “بعد فترة من استقرارنا معاً بدأت المشكلات، وكان خلافنا المتكرر بسبب ضيقه حين يجدني أشاهد المسلسلات العربية، ويطلب مني أن أتوقف ونشاهد شيئاً يمكننا فهمه معاً. كما يتضايق حين أتحدث مع عائلتي باللغة المصرية ويطلب مني أن نستعمل الإنجليزية حتى يتابعنا. أحياناً أتشاجر، وأحياناً أرضخ، وأحياناً نصل لحلٍ وسط”.
خلاف سلمى وزوجها هو أحد أوجه الصدمات الثقافية في العلاقة مع شريك/ة أجنبي/ة، لأن اللغة عامل مؤثر في العلاقة، فبجانب كونها وسيلة تواصل بين الشريكين، فهي أيضاً ترسم مشاعرهما وأفكارهما بشكل قد يتعذر نقله للآخر، ويترتب على هذا مواقف مختلفة.
تحكي أمنية، 31 سنة، من مصر، تجربة مشابهة:
“علاقتي بزوجي الألماني مفعمة بطرائف لغوية. هو يتقن العربية بشكلٍ جيدٍ، لكن اللغة المصرية تعجزه، فنعيش كوميديا مستمرة. قبل أيام مثلاً وجدني أدهن حائطاً، وسألني عمَّا أفعل فقلت له إني (بليّط الحيطة)، حاولت ترجمة المعنى بأنه الدهان بشكل فوضوي، لكنه لم يستوعبه. في مرةٍ أخرى كنت أغني (ع الهادي يا زبادي)، فسألني ما علاقة الزبادي بسياق الأغنية! وكان الشرح أصعب، فأخبرته أننا نقول كلاماً كثيراً بلا معنى ولأن نسبة الكلمات التي لا معنى لها في الألمانية ضئيلة جداً، فالمبدأ يحيره من الأساس. لدينا عشرات القصص المماثلة، وخلال خطبتنا حين قابل أصدقائي في مصر، مازحوه بإيفيهات فيلم (الكيف) المعقدة حتى على المصريين، وكانت مأساة. يومها أصيب بحزن شديد لأنه مهما تعلم فلن يفهم لغتي أبداً، وسيطرت عليه حالة درامية كوميدية لا أنساها”.
“جاي من بلادي البعيدة”.. سجل الكوميديا والمصادمات
بعد تخطي حواجز اللغة، قد يكتشف الشريكان عادات غير مألوفة، أو آراء صادمة، عند الطرف الآخر.
تواصل أمنية حديثها بتجربة أخرى: “العامل المشترك بيني وبين صديقاتي المتزوجات بأجانب، أن الزوج الأجنبي يلتزم بحدوده الشخصية، ويدرك أهمية الاستقلالية لدرجة تستلزم استجوابه أحياناً ليخبرني برأيه فيما يخصني. عند مجيئي إلى ألمانيا عُرضت عليّ وظيفة شاقة، وسألت زوجي رأيه، فشجعني بإجابات عائمة (هذا قرارك، خوضي التجربة لو أحببتِ)، وكنت بحاجة لرأيه الصادق فعلاً، وتضايقت من إلحاحي عليه، وأخيراً، بعد أيام من مطاردته، قال لي إنها ليست أنسب وظيفة لي، لكنه لن يملي عليَّ ما أفعل. لديه حساسية شديدة من أن يقع في هذا الخطأ، بعكس ما نرى في العلاقات مع الشرقيين”.
بعد تخطي الخلافات اللغوية والثقافية مع زوجها، تحكي أمنية عن خلاف حقيقي وقع بينهما بسبب وجهات نظرهما في الحياة.
تقول: “أعمل مترجمة، وقد شهدت حالة طبية مؤسفة لطفل أراد الأطباء فصل الأجهزة عنه لأن حالته ميؤوس منها، وترجمت هذا لعائلته فرفضت. حين عدت إلى البيت حكيت لزوجي، فقال لي إن الأطباء محقون. صدمني هذا بكل معنى الكلمة، وسألته: هل ستفصل عني الأجهزة لو وقع لي حادث مشابه؟ ودون لحظة تردد أجابني: طبعاً. روَّعني هذا، لكنه ارتاع أكثر وسألني: هل ستتركينني معلقاً في الغيبوبة لو وقع لي حادث مشابه؟ فقلت له: بالتأكيد. (تضحك) كلانا صُدم في تلك الليلة، وبعد جدال طويل قلت له ألا يتخذ قراراً كهذا بشأني، وأن عليه أن يرجع لعائلتي ليقرروا مصيري، وبدوره طلب مني أن أستشير عائلته لأن فكرة الاستمرار في الغيبوبة كانت بشعة بالنسبة له، وقراري غير عقلاني في نظره”.
اختلاف طريقة التفكير بين شريكين أمر وارد، لكن تخطيها يصبح أقل حساسية بدرجة ما إذا كانا من ثقافة واحدة، أمَّا الثقافات المختلفة جذرياً فتتصادم بعنف.
يحكي أحمد، 29، من مصر: “أعيش في ألمانيا منذ سنوات حيث درست والتقيت بزوجتي الحالية. خلال خطبتنا كنت أستكشف طباعاً غير مألوفة بالنسبة لي، وبالنسبة للعلاقات في مصر، لكنني كنت أحبها وساعدت الرومانسية على تقبلي لكثير من هذه الاختلافات. بدأ الصدام حين داعبتها يوماً وأخبرتها بأن ملابسها مكشوفة وعليها أن تغيرها قليلاً، لأنني لا أطيق أن ينظر لها أحد.. قلت هذا برومانسية، وفوجئت أنها احتدت عليّ بشكل مبالغ فيه، واعتبرت هذه محاولة للتحكم والسيطرة عليها، ولم يكن هذا ببالي. بعد فترة وجدت أن موقفنا من بعض القضايا مختلف، فالإعلانات الصادمة العارية تزعجني، والملصقات التي تتحدث عن المثليين مثلاً، وأشعر أنها تراقبني، وأنا أتجنب التعبير عن هذا حتى لا تتهمني بشيء لا أقصده. أحبها وعلاقتنا رائعة، لكنني صرت شديد الحساسية من التعبير عن بعض أرائي معها، وأتخيل كيف ستكون حياة أطفالي لو أنجبنا واعتادوا هذه الثقافة”.
الذوق في مصر وفرنسا
من ألمانيا إلى فرنسا تختلف طباع الشريك الأوروبي، فالطباع الفرنسية المفعمة بالمراعاة سببت بعض المواقف المضحكة لمي، 37 سنة، من مصر.
تحكي عن ذلك قائلة: “لم تشهد علاقتي بزوجي الفرنسي الكثير من الخلافات، ولم يلفت انتباهي تصرف صدامي يعارض ثقافتي كمصرية، لكنه في بداية تعارفنا كان ينزعج عندما أذهب لسؤال شخص ما في الشارع عن مكان معين، دون أن أبدأ بتعريف نفسي، وتحيته، وتبادل حديث صغير أولاً، كما جرت العادة في فرنسا.. الفرنسيون لا يفهمون مبدأنا في أننا (بنجيب من الآخر). (تضحك) بعدما ارتبطنا توقفت عن أن (أجيب من الآخر) لأنني شعرت أنها قلة ذوق”.
رغم غياب الصدامات، فقد تشكل الاختلافات الثقافية شيئاً مؤرقاً لأحد الطرفين، وكما انزعج أحمد، في الشهادة السابقة، من بعض تفاصيل المجتمع الألماني المنفتحة المغايرة لثقافته، انزعجت مي أيضاً من اختلاف الثقافة الفرنسية عن نظيرتها المصرية في بعض المواضع.
تقول: “مشكلتي مع الفرنسيين هي العلاقات الرسمية بين الآباء وأبنائهم، فهنا لا أحد متفرغ طوال الوقت، ولكي نزور أجداد أطفالي لا بد من اتفاق مسبق قبلها بفترة، وترتيب مواعيد، وتنسيق الظروف لنستطيع الاجتماع كعائلة. يختلف هذا عن ثقافتنا المصرية التي ترحب بقدوم الابن دون موعد، أو حتى الاتصال السريع (ماما أنا جاي أتغدى عندك)، أو (ماما أنا هعدّي أسيب الأولاد معاكي)، وغيرها من اللفتات اللطيفة”.
مراعاة مشاعر الطرف الآخر وثقافته، يدخل في بند التسويات Compromise التي تشهدها العلاقات العاطفية، وهي مرحلة ضرورية قبل دخول الارتباط العاطفي حيز الالتزام الرسمي، وفي هذا الصدد يحكي حسن، 30، من مصر:
“خطيبتي ماليزية، في بداية ارتباطنا مررنا بمواقف سببت بعض الحساسيات، فمثلاً عندما أشتري شيئاً يعجبني، أخبرها لتشاركني فرحتي، لكنها تسألني عن السعر، وتخبرني أنه مبالغ فيه، ولا تلتفت لسعادتي. ضايقني هذا في البداية، لكن لاحقاً وضّحت لها أنني أريد منها أن تعيش معي اللحظة، وتترك السعر لنناقشه لاحقاً”.
مع تقدم العلاقة، تأتي مرحلة أخرى من الاختلافات
ويحكي حسن: “الزواج في ماليزيا يختلف عنه في مصر، فهناك لا تشارك العروس في تجهيز بيت الزوجية نهائياً، ويترك الأمر بالكامل للزوج بحسب مقدرته المادية. إنه عبء مرهق لكنني قبلته لاقتناعي أن الشرع يحث عليه. شيء آخر مختلف عن طقوسنا في مصر هو أن كل طرف يشتري دبلة الطرف الآخر، وهذا سبب موقفاً عجيباً، لأن والدها أصر على أن تشتري خاتماً ذا فص كبير للغاية، كما اعتاد الرجال هناك، لكنني رفضت وحاولت إقناعه أن هذه الخواتم تستخدم في مصر من فئات اجتماعية معينة، وسيعرضني ارتداؤه لمواقف غير ظريفة خصوصاً في العمل. بعد الكثير من النقاشات اقتنع، لتبدأ معاناة كوميدية أخرى أن مقاسات الدبل في ماليزيا صغيرة للغاية ولا تناسبني”.
هل يؤثر المجتمع على استقرارنا في العلاقة بأجنبي؟
دائمًا ما يشكل المجتمع ضغطاً على الشريكين، وتختلف شدة الضغط بحسب مرحلة العلاقة، ونضج طرفيها وسماحهما للآخرين بالتدخل، وحتى مراحل تطورها من ارتباط عاطفي رومانسي، إلى إجراء رسمي جاد. وتحمل العلاقة مع شريك أجنبي تحديات أقوى في هذه النقطة.
يقول أحمد، 29 سنة، من سوريا: “أنا مقيم في مصر، ومرتبط بأجنبية (أتحفظ على ذكر جنسيتها لدواعي الأمان الشخصي لكلينا). لم أختلف مع صاحبتي كثيراً، لأننا تخلصنا من أعباء العادات والتقاليد، لكننا نواجه كثيراً من الصعوبات في مجتمع شرقي كمصر، لا يقيم وزناً كبيراً للخصوصية. فنحن نقيم معاً بمعزل عن الجميع، ونتظاهر بأننا متزوجان لنمرر علاقتنا بهدوء. كل همنا أن نُترك وشأننا، ولا يطاردنا أحد بفضوله وتدخله. ربما الخلاف الشخصي الوحيد الذي شهدته علاقتنا أنني منعتها من الخروج وحدها أكثر من مرة، لأنني خشيت أن تتعرض للتحرش. لم يتطور خلافنا لأنها تفهمت قلقي، لكنني أتوقف كثيراً مع فكرة تأثير المجتمع على علاقتنا”.
العلاقة العاطفية بأجنبي قد تكون خيالاً مغرياً للكثيرين، كما قالت إحدى شخصيات المسلسل الكوميدي فريندز: “إنها الفانتازيا، أن تقع في حب أجنبي، تعارضكما الظروف، لكنكما تحاربان الجميع، وتبقيان معاً إلى الأبد”.
لكن هذا الحلم الجميل يحمل تفاصيل غير متوقعة، واكتشافات واختلافات، يحتاج الشريكان في هذه الحالة إلى التفاهم والتحاور المستمر، والكثير من الحب، حتى تتحول إلى رحلة ممتعة، ويعبران معاً إلى بر الأمان.
*تم تغيير أسماء بعض المشاركين بناءً على رغبتهم
للاطلاع على المزيد: فيديو: قرار الزواج من شخص من جنسية أخرى
قرات المقال ووجدت كلمه…
قرات المقال ووجدت كلمه فانتازيا تم تكرارها اكثر من مره ماذا تعني كلمه فانتازيا ؟
مرحباً ذات القبعة الوردية،
…
مرحباً ذات القبعة الوردية،
الفانتازيا هي شكا من أشكال الخيال الذي قد يستخدمه الشخص لتصور حياته أو علاقاته.
اريدالتعرف ببنت حاليه لأجل…
اريدالتعرف ببنت حاليه لأجل الزواج
مرحباً بك،
موقع الحب ثقافة…
مرحباً بك،
موقع الحب ثقافة هو موقع معني بتقديم معرفة حول الحب والعلاقات والجسد والجنس وليس منصة للتعارف أو الزواج، إذا كات لديم أية أسئلة بخصوص هذه الموضوعات تفضل بطرحها وسيقوم أحد المتخصصين/ات من أعضاء فريقنا بالرد عليك.
أريد علاقة حب حقيقية
أريد علاقة حب حقيقية
الموقع من افضل المواقع بالنجاح والتوفيق
نشكرك ونسعد دائما بوجودك