رسمة كاركتير هاتفين محمولين على شكل رجل وامرأة
twitter.com

كيف تتحرش بأصدقائك

على التايملاين وجدت أكثر من صديق يشتركون في تجريس مستخدم فيسبوك على طريقة “امسك متحرش!”. “المتحرش بها”، وفقا للمظاهرة الإلكترونية الصغيرة ضمن حملة التجريس المتجددة، ناشطة اعتقد “المتحرش” خطأ أنها سهلة لأنها ناشطة.

و”التحرش“؟ تبين لقطات الشاشة محادثة من طرف واحد يتودد فيها المذكور (أحد معارف الناشطة وفقا لرسائله المفضوحة) ويتشارك رقم الهاتف ويبدي إعجابه بجمالها وجسمها متفهما عدم الاستجابة في النهاية، وعندها ترد “المتحرش بها” للمرة الأولى بالسب.

تشكو ناشطة أخرى لزملائها على المقهى وهي تريهم محادثة على الشبكة الاجتماعية نفسها مع زميل.

“تثور الناشطة وتقرعه”..
مهد هذا بأنه يرجو ألا يُفهم خطأ وأن قراره بالكلام غرضه أولاً وأخيراً تخفيف التوتر بغض النظر عن أي نتيجة أخرى، ثم يقول إنه يرغب بشدة في النوم معها. تثور الناشطة وتقرعه متسائلة باستنكار إن كان سكراناً أو مسطولاً. يغضب الزميل بعد قليل ويستكثر عليها توجيه كل هذه الإهانات حيث إنها ليست جذابة إلى هذا الحد.

وبعد “ملاغية” تستلطفها ثورية ثالثة يتجرأ أحد متابعيها على تويتر متغزلاً في رسالة خاصة في صورة الأڤاتار الجديد غزلاً حسياً صريحاً، فتبدي صدمتها ثم تنهي الحوار باقتضاب قائلة إنه (يفترض) أكبر من ذلك. وتكون هذه قطيعة بينهما.

المشترك في الحالات الثلاث اتخاذ الإناث وضع الضحية المعتدى عليها. وتنجح أولاهن في صف الآخرين إلى جانبها في فعل احتجاجي يعتقد أنه يردع “المتحرشين”، وتكسب ثانيتهن تضامن بعض الأصدقاء المشتركين ويتطوع بعضهم (ذكور) بالتدخل لإلزام “المتحرش” حدوده.

أضاع لطف المبادرة
لقد أضاع “المتحرش” الثاني لطف مبادرته وذكاءها وجرأتها بكبرياء ذكوري. ويمكننا أن نعتبر المشكلة في الحالات الثلاث هي الفجاجة والغلظة على الأقل، أو كما قد يقول خبير غزل مصري منتقداً زملاءه هؤلاء: “الغشومية”.

لأنها لم تتضمن إلحاحا بعد رفض أو تتخذ شكل ضغط في مكان عمل فمن المشروع اعتبارها حالات تتوسع في تعريف التحرش، أو على الأقل تقع في منطقة خلافية. فالعبارة المفتاحية في تعريفات التحرش المعمول بها، ومنها تعريفات الأمم المتحدة، هي “غير مرغوب”، أي كل ما تعتبره “المعتدى عليها” كذلك. واصطلاحات كهذه في مواضع أخرى هي التي ينعتها الحقوقيون عادة، ولديهم حق، بكلمة “مطاطة”.

ستتعرض التعريفات دائما للمراجعة بالطبع، وستفسد الحساسية المكتسبة (المشروعة أيضا) ما كان يسمى غزلاً، لكن إضفاء الطابع الجنسي (مثلا على القاصرات في الموضة والإعلام) يقابله هنا نزع الطابع الجنسي؛ إنكار كل توتر جنسي طبيعي بين شخصين، صديقين أو معارف أو غريبين، وقمع كل تعبير عن هذا التوتر.

يعكس توسع النشطاء في تعريف التحرش، أو بالأحرى تمييعهم إياه

في الوقت الذي تدين فيه قوى يسارية التحرش بالمتظاهرات وغيرهن، بينما لا يحَّرك أي إجراء داخلي جدي ضد التحرش بعضواتها من الداخل – وفضيحة حزب العمال الاشتراكي البريطاني الأخيرة مثال على ذلك – ويتصاعد فيه بشكل مخيف حجم ونوع الاعتداء الجنسي المرصود في الأماكن العامة، يعكس توسع النشطاء في تعريف التحرش، أو بالأحرى تمييعهم إياه، إعادة إنتاجهم لازدواجية المجتمع الأكبر إزاء الجنس: المحافظة في الظاهر والهوس في الخفاء.

وقد تهكمت پلاي بوي مرة على إقبال أولياء الأمور على مشاهدة صور عارية لمدربة مشجعات بعد حملة ناجحة شنوها لإبعادها عقاباً لها على الظهور في المجلة. كما أنه يعكس حساسية تيار نسوي أدت إلى ظهور تيار عكسي يسمي نفسه “إيجابيا تجاه الجنس” ويصل إلى حد اعتبار الپورنو وسيلة لتقوية المرأة.

الجنس: المحافظة في الظاهر والهوس في الخفاء؟

صورة مرعبة
في قصيدة شهيرة لكڤافيس، “الرغبات”، تصوير مرعب لما يصبح عليه المرء بعد كل رغبة لا تُشبَع: مستودعاً لمزيد من الجثث. ما من إشباع سيعوض عن حرمان.

لنا أن نتصور الرعب المزدوج الماثل في كبت الرغبة والتعبير عنها معا. تحل مواقع مثل downapp.com إشكالية مخاطرة وحرج الرغبة في التعبير عن الاهتمام الجنسي و/أو العاطفي بأشخاص بعينهم من دائرة المعارف والأصدقاء.

ينتقي المستخدم الأشخاص حسب نوع الاهتمام (مصاحبة، خروجة، علاقة جنسية إلخ). وفقط عندما يحدث السيناريو المثالي فيشترك الشخص موضوع اهتمامه في الموقع، ويبدي الرغبة نفسها يتكاشف الشخصان وتُذلَل العقبات (العقبة الأولى؟)

من الواضح أن الأمر يتطلب إما شعبية الموقع أو على الأقل تعريف المستخدم لمتابعيه/أصدقائه بالموقع—إعطائهم خيطا بدلا من الانتظار إلى الأبد في الظلام.

المدونات المنشورة تعبّر عن رأي صاحبها، وليس بالضرورة عن رأي موقع الحب ثقافة.   

 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

‏الحب ثقافة منصة للنقاش البنّاء حول أمور الحب والعلاقات والجنس والزواج.