تكبر معظم الفتيات في مجتمعاتنا العربية وهنّ يعرفن أنهنّ منذورات للزواج. فالزواج – كما هو شائع ومتعارف عليه - "مصير" كل بنت مهما تعلّمت ومهما أنجزت. لذلك تفضّل الكثيرات منا الزواج مبكراً، أو بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية على أبعد تقدير.
بل تُفضّل بعض الأسر أحياناً تزويج البنت وهي في عتبات المرحلة الجامعية، لرفع عبء المسؤوليات المادية، و"حمايةً" للفتاة من عالم الجامعة البعيد عن رقابة الأهل.
ولأن الكثيرات منّا يرين في الزواج مبكراً صورةً رومانسيةً جميلة، تبدو فيها الفتاة وقد انتقلت من سلطة أبويها لمملكة خاصة مستقلة تحكمها بمفردها، فإنه لا يتاح لهنّ معرفة ما ينتظرهنّ خارج هذه الشرنقة.
لذلك، عزيزتي الفتاة، ومن أجل زيجة ناجحة، أنصحكِ، وأؤكد عليكِ:
لا تتزوجي قبل أن تختبري هذه الأشياء:

- استقلي بالعيش لفترة من الوقت
أنتِ تعيشين في بيت ذويكِ وِفق نظام محدد، يفرض عليكِ أحياناً أنواع الطعام، ومواعيد الاستيقاظ والنوم، وقد يُجبرِك على مشاهدة برامج تلفزيونية لا تُفضّلينها. لكن الانتقال لبيت الزوجية سيُجبرك أيضًا على العيش وِفق نظام مُحدد، لأنكِ لستِ بمفردك، ومع شريك ستضطرين أن توَفّقي خطتك اليومية تبعاً له.
إن كنتِ لا تعملين مثلاً، ربما سيبدأ يومك بالاستيقاظ صباحاً، من أجل تناول وجبة الإفطار معه قبل نزوله للعمل. وقد تجدي نفسك مضطرة لضبط مواعيد خروجك للتسوق أو زيارة والدتك أو لقاء أصدقاء، بشكل ينسجم مع مواعيد عمله... إلخ.الحياة بمفردك قليلًا والتحكم في خطة يومِك أو حتى تركها غائمة، رفاهية لن تعيشيها في بيت أهلك ولا في بيتك المستقبلي. فإن سنحت لكِ فرصة للعمل في مدينة غير مدينتك، اغتنيميها. إن حصلتِ على منحة تدريبية أو دراسية قصيرة أو طويلة الأجل، فلا تُضيّعيها.
اختاري دراستك الجامعية خارج محافظتك، لاختبار الاستقلال بالعيش. الأمر – وعن تجربة - مهم وسيؤثر على نجاح حياتك الزوجية.

- استقلّي مادياً
الاستقلال الماديّ هو حجر الزاوية في أي علاقة ناجحة ومتوازنة، إن كان ذلك علاقتك بأهلك أو بزوجك فيما بعد. لا تتركي عملِك من أجل أحد أبداً.
ستقولين أنّ الأحوال الاقتصادية سيئة، ولا فُرص عمل متاحة للجميع. سأُرد عليكِ بأهمية توظيف قدراتك ومهاراتك: بيع منتجات تطريز/كروشيه/تريكو، تصميم أو بيع حلى فضية، طهي من أجل الآخرين، عمل جداول إحصائية للرسائل والأبحاث العلمية، ترجمة، إلخ. المهم أن تكوني مُستقلة مادياً.
أعرف شخصياً نساء بقين في زيجات فاشلة تعرضن فيها للضرب والسب والإهانة، فقط لأنهنّ لا يملكن أي مصدر للدخل، ويعتمدن على الشريك في إيوائهنّ وإطعامهنّ وكسوتهنّ.

- سافري بمفردك
اختبري هذه المتعة.. سافري بمفردك من دون تجمّع عائلي، أو رحلة تابعة للعمل أو شلة الجامعة. السفر وحيدًا ينقّي الروح ويجلي البصيرة ويمنح مساحة شخصية.
افعلي ذلك قبل الزواج لتحمي نفسك في أزمة منتصف العمر من الغضب، لأنك وفّقتي كل رغباتك الشخصية البسيطة كزيارة أماكن بعينها أو السفر من أجل الاستجمام، حسب إجازات أو رغبات آخرين تُشاركينهم الحياة.

- خوضي حرباً كاملة
الزواج كأي علاقة إنسانية، قائم على المفاوضات وتقديم التنازلات وتفضيل رغبة الشريك –أحياناً- على النفس. أقرّ ذلك، طالما أن الطرفين يفعلان ذلك عن تراضٍ، بعيداً عن السلطوية والتنافس والقهر. ولأن المرأة تميل أكثر لتقديم التضحيات، الأمر الذي قد يتسبب لاحقاً في اعتقادها أو اعتقاد الشريك أن هذا هو الأمر المفروض، لا بد أن تخوضي حرباً كاملة قبل الزواج، وتُنهيها وتحققي نصراً ما أو خطوة إلى الأمام: سواء في العمل، أو في الجامعة، أو حتى في الحياة اليومية العامة.
المهم أن تعرفي ويعرف شريكك قُدرتك على القتال والنضال من أجل ما تُريدين، لتعلما أن ما تقدمينه في حياتِك الزوجية، دافعه الحب، لا الضعف.

- أنجزي شيئاً ما
تحقيق شيء ما يُعبّر عن رغباتك وطموحك قبل الدخول في دوامة الزواج وتربية الأبناء، سيحميكِ من التحوّل لهذا النوع من النساء اللواتي يُجبرن أبناؤهن على التفوق أو دراسة مجال مُعين، ليشعُرن بالفخر، وأنهنّ أنجزن شيئاً في حياتهنّ. كما أنه سيمنعك من التمسك بعلاقة زوجية غير مقدر لها الاستمرار خوفاً من أن ينعتك الآخرين بالفشل.
ملاحظة: المدونات تعبّر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن رأي موقع "الحب ثقافة"