ختان الإناث
Shutterstock

تأثير ختان الإناث على الرجل

يعتقد بعض الرجال أن مسألة ختان الإناث (تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة) مسألة نسائية، ولكن الحقيقة أن الرجل أيضاً يتأثر سلباً بها.

عديدة هي الأدوار التي يؤديها الرجل في المجتمع المصري، سواء كأب أو زوج أو أخ أو من القادة المجتمعيين، ولكن نتيجة للمفهوم الخاطئ لتلك الأدوار واعتقاد البعض أن ممارستها تعني التحكم في أجساد الآخرين، وخاصة النساء، تستمر جريمة ختان الإناث في مصر.

يرجع ذلك لتغلغل النظام الأبوي في المجتمع المصري، والذي يؤدي لارتكاب العديد من الجرائم في حق النساء، مثل الختان والعنف والحرمان من التعليم وجرائم الشرف والزواج المبكر.

وعلى الرغم من تسليط الضوء على تلك القضايا على مدار سنوات طويلة ماضية، ما زالت تلك الجرائم منتشرة وبشكل كبير في مصر.

في دراسة حديثة تم نشرها عام 2017 تحت عنوان “مفهوم الرجولة”، أشارت النتائج إلى أن 70% من الرجال المصريين المشاركين يدعمون تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى والمعروف باسم ختان الإناث، ولعل هذا الرقم مرتفع جداً ويشير إلى أن تأييد الختان ما زال سائداً على نطاق واسع.

وتختلف أشكال تأييد الرجال لتلك الجريمة تبعاً للمجتمع الذي يعيشون فيه، فالكثير يدعون أن الختان جزء من العادات والتقاليد، وآخرون يتجهون للتبرير باسم الدين، وهناك من يدعون أنه حماية وطهارة، وغيرها من الأفكار المغلوطة والتي ثبت أنها غير صحيحة.

ويوجد من يحمل تلك الأفكار لأنه يريد أن يجد مبرراً لتشويه الأعضاء التناسلية للمرأة، فقد يكون قد أجرى هذه العادة على ابنته مثلاً ويريد أن يتهرب من حقيقة أنه سبب ضرراً جسدياً ونفسياً لأقرب الناس إليه.

ويوجد نوع خطير وخبيث من التأييد وهو التأييد غير المباشر، والذي نلاحظه كثيراً في صورة وضع الأم في المقدمة، وأنها هي من تريد ختان البنت، وأن المسألة نسائية بحتة وليس للرجل دور فيها.

ولكن في الكثير من هذه الحالات نجد أن الرجال يدفعون النساء نحو اتخاذ هذا القرار، ويحثونهن على المضي قدماً نحو ارتكاب جريمة الختان.

 

أنواع المؤيدين

 

يمكن إيجاز أنواع الرجال المؤيدين لختان الإناث كالتالي:

  1. عدو المرأة، وهو الشخص الذي يؤيد العديد من الجرائم ضد النساء مثل الختان والعنف والزواج المبكر
  2. الذي يسير مع القطيع، الذي يؤمن أن الختان جزء من العادات أو الثقافة بدون أن يفكر في تبعات ذلك على الفتاة
  3. غير المبالي، وهو من يدعي أن لا دخل للرجل في الأمر على الرغم من أنه يؤيد المسألة بداخله
  4. المُضَلَّل، وهو الرجل الذي تم تضليله بمعلومات خاطئة حول وجود فوائد للختان
  5. الطبيب المجرم، وهو الطبيب الذي يمارس جريمة ختان الإناث من أجل الكسب المادي، على خلاف الحقيقة التي يعرفها بأن الختان لا وجود له في الطب
  6. رجل الدين المُضلِّل الذي يروِّج إلى أن الختان عادة دينية رغم إجماع المؤسسات الدينية على رفض الختان
تأثير الختان على الرجل
shutterstock

قضية ختان الإناث من أكثر القضايا التي أثبتت كيف يتحول دور الأب والرجل من الدعم والحماية إلى السعي الحثيث لتشويه الأعضاء التناسلية لبناتهم، والاحتفال والتفاخر بذلك.

يوهم الآباء أنفسهم أن ذلك يؤدي إلى الطهارة وإلى زيادة فرص الفتاة في الزواج، وذلك يجعلهم لا يتراجعون عن ممارسة عن هذه الجريمة.

الكثير من الآباء يستشعرون الجريمة التي ارتكبوها متأخراً، بعد أن تظهر أمامهم كل الحقائق، وهنا يتأثرون سلباً بسبب استيعابهم للخطأ الذي وقعوا فيه.

بالإضافة إلى أن العديد من الفتيات لا يسامحن الأب الذي تسبب في تشويه أعضائهن، ويظلن يتذكرن تلك الجريمة، وتخاذل الأب في حمايتهن، والتورط بالموافقة على حدوث التشويه.

 

مجرمون وضحايا

الكثير من الرجال المقبلين على الزواج يناقضون أنفسهم، فيقولون إنهم يفضلون الزواج بفتاة مختنة، ثم بعد الزواج تجدهم يلومون من مارس الختان لأثره السلبي على الحياة الجنسية، ويبحثون عن حلول للختان، في حين يظلون مؤيدين له كعادة وثقافة متوارثة.

ويوجد من يطالبون الزوجة بالخضوع للختان بعد الزواج من أجل نفس المفاهيم المغلوطة، ويوجد من يطالبون الزوجة بالختان لأنهم مسافرون خارج البلاد. ولقد نتج عن ذلك وجود فئة من الفتيات ينجون من الختان بفعل الأهل فيقعون ضحية لزوج متسلط يطلب حدوث الختان بعد الزواج.

هناك العديد من الأضرار النفسية والجسدية لجريمة ختان الإناث على الفتاة، مثل احتمالات النزيف والوفاة، والآلام التي تتبع التشويه، وحدوث عدوى في الجرح، والصدمة النفسية، والشعور بالخوف وفقدان الثقة بالنفس، والمشكلات الجنسية مثل صعوبة الوصول للنشوة نتيجة قطع البظر.

هذه الأضرار سوف تصيب الزوج بطريقة ما أو بأخرى.

يواجه الكثير من الأزواج صعوبات جنسية بسبب الختان، ويفقدهم الختان أشكالاً من الاستمتاع بحياة جنسية أفضل نتيجة لتأثيره السلبي على الزوجة، ويتمنون لو لم تحدث هذه الجريمة لزوجاتهم.

هنا يشعر الزوج أنه ضحية للختان مثله مثل زوجته، إذ جرى ختانها وهي طفلة رغماً عنها، وهذا سبب لهما مشكلات يحصدانها بعد النضج والزواج.

 

آلام نفسية وتبعات قانونية

يصيب الرجال الألم النفسي، إذ قد يشعر بالندم على إخضاع ابنته لجريمة تشويه الأعضاء التناسلية، بعد أن تزايد الوعي في عصرنا بأضرار الختان، ويزيد الندم بعد أن يعي تورطه في ذلك نتيجة الضغط المجتمعي ويشعر أنه خُدع بمعلومة مغلوطة.

كذلك يعاني الزوج من مشكلات في حياته الجنسية مع زوجته بسبب الختان، إذ أن الآلام النفسية التي تعاني منها المرأة بعد إجراء الختان سوف تنعكس على الآخرين من حولها.

وهناك العديد من الأزواج يشعرون بعدم ارتياح زوجاتهم لأي تلامس جنسي نتيجة الصدمة النفسية التي تركها الختان، والتي بدورها تُشعر المرأة بالتوتر لاإرادياً عند اقتراب أي شخص من أعضائها التناسلية.

الختان جريمة
shutterstock

علينا أن نؤكد أنه بالإضافة إلى المشكلات السابقة، توجد تبعيات قانونية لتأييد ختان الإناث، فالأب مجرم في نظر القانون، ووفقاً لآخر التعديلات القانونية فإن من يجري ختاناً للإناث يُعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين 5 إلى 10 سنوات.

وإذا كان طبيباً أو يزاول مهنة التمريض، فهو معرض للسجن بين 10 إلى 20 سنة، مع الشطب من سجلات الأطباء.

لقد أدركت الحملات الحديثة المناهضة لختان الإناث ضرورة إدماج الرجال في رفع الوعي، إذ أن تركيز حملات الختان على النساء فقط لم يقض على تلك الجريمة، ومن الضروري أن يستوعب الرجل أيضاً خطورة الختان وتأثيره عليه ليساهم في مناهضته.

حان الوقت لكي يظهر جيل من الرجال يناهض بشكل واضح هذه الجريمة، ويسعى لنشر الوعي لمكافحتها، ومن الضروري أن يكون كل رجل مثال وقدوة لغيره، وبذلك يمكن أن نلاحظ تغير في نسبة ومعدل انتشار الختان.

اقرأ المزيد: صراع بين جيلين.. لماذا رفض هؤلاء ختان بناتهم؟

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (2)

  1. ختان الاناث جريمة في حق…
    ختان الاناث جريمة في حق المرأة وفي حق الرجل أيضا وأظن أنه قد حان الوقت للتخلص من هذه العادة السيئة عبر نشر الوعي وتسليط أقسى العقوبات على المرتكبين لهذه الجريمة النكراء

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات