تلك الجملة التي لم أرغب بسماعها: "كله هيتحل لما تتجوزي".. أجلس أمام إبنة خالي، التي تصغرني بتسعة أعوام، تحكي لي عن ليلة زفافها والأسبوع الذي تلاها،... نفس الكلام – باختلاف مواقفه - سمعته من قبل بعض صديقاتي اللاتي تزوجن قبلي، أو قررن التخلص من عذريتهنّ خارج إطار الزواج...
أسمع منهنّ عن مغامرات جنسية، مُتع لا أفهم معناها ويصعب تخيلها، إشاعات وحتى كلام سيء ينعت الجنس بأنه "أمر لا يستحق العناء"... لا أستطيع أن أميز بين ما يقال على لسان "صاحبة التجربة"، وكيف يبدو الجنس على أرض الواقع!؟
بعد ان تفتح فمها من الدهشة، تقولها لتحمسني: "إنتِ فايتك كتير"
العزلة تقتلني.. وعالم غامض يناديني
هذا سؤال وقعه صعب جداً على نفسي، انا الفتاة الثلاثينية التي تبدو أمام العالم كله بأنها "متحررة" أكثر من اللازم، حتى أن الكثير من الشباب الذي يود أن يبدأ علاقة معي يظن بالفعل أنني "لست عذراء"، لما يبدو عليه مظهر حياتي من بعيد بأنه متحرر ومنفتح على الحياة.
يمكن القول أنني بالفعل حرة ولا أحد يغصبني على الاحتفاظ بعذريتي سوى أنني لم أجد الشخص الذي أشعر معه بالأمان الكافي، وأشعر انه يحبني بالفعل ولا يريد فقط تجربة جديدة أو متعة الصيد.الاحساس بالأمان... هو الحل!

لست بريئة الي هذا الحد وبالطبع لي بعض التجارب، ولكن ايضاً لم أخض تجربة الجنس الحقيقية، وعندما تعلم إحدى صديقاتي أنني لم امارس الجنس بعد في سني هذا، وبعد ان تفتح فمها من الدهشة، تقولها لتحمسني: "إنتِ فايتك كتير"،...
لا تعلم أن تلك الجملة تقتلني لأنها لن تحفزني أن أقوم بذلك مع أي شخص والسلام. لي شرط هام وقوي سواء في إطار زواج أم لا قوامه الحب الحقيقي.
أنا لست غريبة.. ولكن أشعر بأنني منبوذة
الأمر أصبح وكأنه عبء على نفسيتي، وكأن هناك جبل يجثم على صدري... شيء يمنعني من التنفس بشكل طبيعي. أشعر انني مسخ، اصدقائي الاجانب متفهمون لموقفي بالفعل، ويحترمون قراري، ولكني اشعر بالشفقة في أعينهم، وكأنهم يتمنون أن أتخلص من تلك اللعنة...
طبيبي النفسي يرى ان العذرية بدأت تتحول الي مرض نفسي، وكأنني أشعر أنها تصنفني وتميزني، وبدونها لن أكون أنا، يقول لي "كلما تأخرتِ كلما زاد الأمر صعوبة"، حتى وإن تزوجتِ، سيظل يطاردك وهم الاحتفاظ بالعذرية، وبعيداً عن كل هذا، لا أجد شخصاً يناسبني للارتباط.
الاشخاص الذين يريدون الزواج لن ينجذبوا لفتاة "متحررة" مثلي، وإن انجذبوا لي، فغالباً ما لا تتوافق شخصياتنا. أما الاشخاص الذين يريدون علاقات عابرة، فهم لا يناسبونني، لأنني في النهاية تربيت في مجتمع عربي زرع في ذهني أن "الفتاة التي تعترف باحتياجاتها الجنسية تعتبر "عاهرة" و"فاسقة"". التعب الجسدي يزداد بسبب خلل الهرمونات،..
أرفض أن اذهب لطبيبة حتى لا أسمع الجملة المعتادة "كله هيتحل لما تتجوزي".
هل تحولت الي مسخ!!؟
الغريب في الأمر، ومع اختلاطي بالجيل الأصغر مني قليلاً، أرى اصدقائي في بدايات العشرينيات يمارسون حياتهم الجنسية بشكل طبيعي جداً، وكأنهم في أي بلد اوروبي. لاحظت أن شبح العذرية بدأ يتضاءل إلى حد كبير مع بزوغ الأجيال الجديدة.
في إحدى المرات قالت لي زميلة في العمل، لا تزال تدرس في الجامعة الامريكية، وترتدي الحجاب – بناء على رغبة أهلها - انها لا تجد مشكلة في أن تعيش مع "صاحبها" دون زواج، حيث أن "الزواج ممل" وأهلها – على حد وصفها - متحكمون وسيرهقون العريس بالطلبات، ولذلك هي تتمنى أن تنهي دراستها، وتعتمد على نفسها في العمل حتى تنفصل عن أهلها وتتحرر.
أجد على الجانب الآخر صديقتي التي تكبرني بعامين فقط، قد تخلت بالفعل عن عذريتها من عام واحد فقط. كان ذلك مع شخص تحبه في بلد خارج مصر، ولكن عندما لم ينجح الأمر بينهما، لم تقدر على ممارسة الجنس مع أي شخص آخر من بعده، حيث لم تجد الجرأة ان تدخل في علاقة تخبره فيها انها ليست "عذراء" من الاساس.
يُذكر أنها صديقتي منذ اكثر من ست سنوات ولم تخبرني بهذا الا في لحظة صفاء عابرة من وقت قريب.
لم أفهم حتى الآن: إذا لم اتزوج، هل سأموت وانا عذراء؟.

حقاً... ماذا أفعل!
على الجانب الاخر، ولأني صديقة لكثير من الشباب الصغار في عمر العشرين والواحد وعشرين، سمح لي هذا أن اكون مطّلعة بشكل اكبر على المغامرات الصغيرة التي تدور في هذا العالم، ومن موقعي هذا كفتاة تمت الثلاثين عاماً، لم أفهم حتى الآن: إذا لم اتزوج، هل سأموت وانا عذراء؟،.
هل يتحتم عليّ أن اخوض التجربة؟، وإن خضتها، فمع من سأخوضها؟ أحد اصدقائي!!، وإن لم اخضها حتى الزواج، هل توتري ولهفتي أن أمارس الجنس ستجعلني اختار زوجاً بشكل "عقلاني" ام سأقوم بتلفيق مشاعري لأي شخص لأحصل على تصريح فقدان العذرية!؟
كل يوم.. مع كل وجبة وقبل اي نوم..تدور تلك الاسئلة في ذهني بلا أجابة!
الآراء الواردة في المدونات تعبّر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.