الرضاعة والأمومة
Wikimedia Commons

أنا لا أرضّع … إذاً أنا لست أماً!

داهمتني المخاوف وحلّ بي “اكتئاب ما بعد الولادة”. كيف سأكون أُماً إذا لم أمنح طفلتي أبسط الأشياء البديهية، حليب الأم. هل سيؤثر هذا على الرابط بيننا؟ لماذا أنا غير كل النساء؟

لم يكن هنالك وقت أفضل في حياتي لأنجب طفلي الأول، وأنا في التاسعة والعشرين من العمر. في ذلك الوقت كنت قد حققت ما أريده في مشواري المهني وأتممت دراستي العليا.

كل المؤشرات والظروف كانت في صالحي، أنا وزوجي، لنتأهب لاستقبال مولودتنا الأولى. ككثير من الأمهات هيأت نفسي معنوياً، واشتريت مستلزمات البيبي الجديد، وقرأت أسمك الكتب في حياتي عن كل صغيرة و كبيرة في صحة الطفل والتربية.

ببساطة كنت مستعدة لكل الاحتمالات واعتقدت أني قادرة على حل أي مشكلة.

تمت الولادة بسلامة – ولم ير الطبيب سبباً لبقائي في المستشفى فأرسلني للبيت بعد أربع ساعات فقط من الولادة. تماماً كما في منشورات الأمومة التي حصلت عليها في المستوصف، تصورت نفسي وأنا أرضع طفلتي في دفء بيتنا الصغير.

ستكون الأيام الأولى متعبة كما فهمت، وربما لن أحصل على قسط كاف من النوم، لكن كل شيء سيكون على ما يرام بمجرد أن “ينزل” الحليب ويحصل البيبي على وجبات كافية.

مرت الساعات والأيام الأولى بعد الولادة ولم يتوقف البيبي عن البكاء ليلاً نهاراً. انتابني الذعر.

هاتفتني الكثيرات من الصديقات والقريبات، وانهلن عليً بموجة من الأسئلة والنصائح:

“ما فيك حليب؟! بنتك جوعانة! حطيها على صدرك كل نصف ساعة! اشربي سوائل كثيرة! أنت مش ماسكة صدرك منيح للبيبي! لا تعطيها قنينة وخليها على صدرك لحد ما ينزل الحليب”.

كيف سأكون أُماً إذا لم أمنح طفلتي أبسط الأشياء البديهية، حليب الأم.

محاولات متعددة لمساعدة نفسي تنوعت بين وصفات شعبية، إلى تناول هرمونات لدر الحليب، وربط صدري على “شفاطة” صناعية أشبه بتلك المخصصة لحلب البقر!

لكن كمية الحليب لم تتعد بضع ديسمترات ضئيلة.

داهمتني المخاوف وحلّ بي “اكتئاب ما بعد الولادة “. كيف سأكون أُماً إذا لم أمنح طفلتي أبسط الأشياء البديهية، حليب الأم. هل سيؤثر هذا على الرابط بيننا؟ لماذا أنا غير كل النساء؟

خمسة أيام مرت قبل أن تزورني في البيت القابلة القانونية التي أشرفت على الولادة.

“ابنتك لم تشرب أي حليب منذ ولادتها وتعاني من الجفاف، حضري لها زجاجة الرضاعة”.

حين واجهتها بمخاوفي أن البيبي لن يتعلق بي إذا ما رضعتها ردت مبتسمة بأنها “خلّفت” أربعة أطفال كبروا ويحلفون بحياتها الآن.

أخيراً شرب البيبي الحليب للمرة الأولى بعد خمسة أيام من الولادة.

اكتشفت بعد أيام، أثناء محادثة مع جدتي، أن المرحومة أمي لم تتمكن أيضاً من إرضاع أطفالها، ولم ينزل عليها الحليب كباقي الأمهات.

فقدت طفلتي الكثير من السوائل في الأيام الأولى، حتى وصل بي الأمر أنني مزقت الصور التي التقطناها لها في أيامها الأولى. كانت تذّكرني بتلك الفترة التي كنت أعتقد فيها بأنني لست أماً إذا لم أكن أماً مرضعة.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (2)

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات