لماذا قانون الإجهاض المصري ظالم؟
Pixabay

لماذا قانون الإجهاض المصري ظالم؟

أربعة مواد في قانون العقوبات المصري تعاقب السيدة التي تجهض جنينها، والطبيب الذي يجري العملية، والصيدلي الذي وصف الدواء. أربعة مواد تُقيدهن، حتى وإن كان الدافع للإجهاض قهري.

زوجة بين نارين!

“عبير” امرأة عشرينية تزوجت حديثاً من حب عمرها. لم تعلم أن حبيبها، وزوجها، سيواجه خبر حملها بمثل هذا العنف؟

“خشي المسؤولية ربما! ربما خشي أن يحمل على عاتقه مسؤولية تربية طفل لا يعلم ماذا تخبئ له الأيام”.

هكذا قالت عبير. هكذا بررت له انتهاكها نفسياً ومعنوياً، عندما تركها وحيدة تواجه قراره الظالم بضرورة إجهاض جنينها الأول – فرحة كل فتاة متزوجة حديثاً.

“سافر شغله في الغردقة، وهددني لو رجع لقاني لسه حامل هيطلقني، وهتحمل تربية الولد لوحدي”.

لم تنكر عبير أنها أيضاً لم تكن ترغب في هذا الحمل، إذا كانت وحدها ستتحمل عبء تربيته.

بين نار غريزة الأمومة ونار الأم الوحيدة في مجتمع قاس، اختارت عبير أن تحرم من “نبتة أحشائها” الآن وتنجب لاحقاً في ظروف أفضل.

“لن أربي طفلي وحدي في مجتمع لا يرحم”.

صُدمت عبير برفض الأطباء الذين لجأت لهم مساعدتها. جميعهم أقروا بعدم وجود سبب لإجهاضها.

عدم رغبتها في إكمال الحمل ليس سبباً كافياً بالنسبة لهم.

 لم تيأس! لقد اتخذت قرارها!

جربت شتى الوسائل الشعبية للإجهاض. لم تنجح! لجأت أخيراً إلى مزيج من أقراص “الميزوتيك” و”السايتوتيك” عبارة عن 12 قرصاً، أوصتها بهم، وأحضرتهم لها، صديقتها من صيدلية تتعامل معها.

انتهت التجربة بالكارثة!

نزفت “عبير” نزيفاً غير طبيعياً. تم نقلها إلى أقرب مستشفى ليتم إسعافها. هناك تم استدعاء زوجها وأهلها، وأخبروهم أن عبير تمر بحالة إجهاض ونزيف حاد، مما يستدعي استئصال الرحم.

“فقدت جزء من جسدي وفقدت معه كل حلم بالأمومة”.

جزء من عقلها يعتقد أن ما حدث لها هو عقاب إلهي. الجزء الأكبر يلوم الأطباء الذين خذلوها والقانون المجحف الذي اضطرها للمخاطرة بحياتها.

قانون تعذيب الأطفال!

“رشا” كانت سعيدة بحملها وتنتظر احتضان طفلها بفارغ الصبر. كانت ملتزمة تماماً بتعليمات الطبيب وبالكشف الدوري عليها أثناء الحمل.

في زيارة معتادة للطبيب، تغير وجهه وطلب منها بعض الفحوصات في معمل متخصص. جاءت نتيجة الفحوص لتؤكد أن الجنين مصاب بضيق في الصمام الرئوي. لا يمكن علاجه أثناء الحمل ولا يمكن علاجه بعد ولادته.

سوف يولد طفلها مريضاً وسيعيش متألماً وسيموت حتماً لأنه لن يستطيع التنفس بصورة طبيعية.

طلبت من الطبيب إجهاض حملها. رفض لأن القانون يجرمه. لجأت للشيوخ وجاءت بفتوى للطبيب تؤكد أن إجهاض الجنين لإصابته بمرض عضال مباح. رفض طبيبها ورفض غيره من الأطباء.

تعرفي يعني إيه تفقدي ابنك بعد ما تشوفيه وبعد كل الآلام اللي شافها؟

في حزن وألم، اكتمل الحمل. وضعت رشا جنينها وسط حالة من الترقب لحالته الميؤوس منها، وفرحة غائبة بمولدها الأول – خاصة وهي تعلم أن احتمال فقدانه كبير.

قبضت على يده الصغيرة، وكأنها ترجوه ألا يتركها. تقول رشا “كنت بمسك إيده، وهو بيمسك إيدي بقوة، على الرغم من صغره وضعفه. كنت بتابع أنفاسه المتسارعة، وسامعة صوت صدره (بيزمجر)، وكأنه رافض وبيصارع العيب اللي اتولد بيه. لكن القدر كان أقوى مننا”.

كنت أريد أن أجهضه حتى لا يعيش حياة قصيرة مؤلمة يتنقل فيها بين الأجهزة والمستشفيات وحجرات العمليات.

كنت أريد أن أجهضه لأنه كان سيكون أهون عليا فراقه قبل ما أشوفه وألمسه.

في كلتا الحالتين فقدته! أين العدل في قانون لم يرحمه أو يرحمني من هذا الألم؟

حق المرأة في الإجهاض الآمن
Pixabay

قانون الإجهاض المصري

في مصر، يتم تصنيف الإجهاض كجنحة، وقد تتحول لجناية، عقوبتها الحبس من 24 ساعة حتى ثلاث سنوات، وقد تصل للسجن المشدد.

كل هذا يندرج تحت مواد 260 و261 و262 و263، ولا يمكن للقاضي تخفيف العقاب إلا إذا رأى دافع معقول من وجهة نظره مثل: إصابة الأم بمرض خطير، أو تشوهات الجنين، ولكن حتى تلك الأسباب تختلف من قاضٍ لأخر حسب قناعاته الشخصية.

بالتالي، يظل القانون “ظالم” لأنه لم يترك مجالاً للأم التي تريد الإجهاض، بذكر أسبابها، التي تراها هي بالفعل سبباً كافياً، لرفضها هذا الطفل في هذا الوقت.

الإجهاض.. وآداب مهنة الطب!

بعد تعدد حالات الإجهاض، كما أقرت هيئة المعونة الأمريكية في تقريرها، لتصل إلى نحو 15 حالة إجهاض لكل 1000 سيدة، تتراوح أعمارهن بين 15 و44 عاماً، نظمت لائحة آداب مهنة الطب في مادتها الـ 29، آلية لإجراء الإجهاض، وأجازت للطبيب إجراءها في حالة الضرورة، مثل الوضع الصحي للمرأة.

أما إذا كانت الحالة غير طارئة، يجب الحصول على موافقة كتابية من طبيين متخصصين، وهذا الإجراء قليلاً ما يحدث بالفعل.

في الحالات الطارئة، كالنزيف وغيره، يجوز للطبيب إجراء العملية وبعدها يجب عليه كتابة تقرير مفصل عن الدواعي الطبية للإجهاض.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات