أنا رجل عانس
أنا رجل عانس! الرجل العانس، في شرقنا البائس، هو رجل، على الأغلب، تخطى الأربعين ولم يتزوج.
بمجتمعاتنا الشرقية، تعاني النساء من إرث اجتماعي حقير؛ التقييمات الجماعية والتعميم والوصمة والألقاب المستفزة القاتلة المتناقضة.
لقب عانس أو لقب مطلقة كمثال لهذا الإرث الثقيل، لا أنتِ من الفرقة الناجية إن تزوجتِ وانفصلتِ، ولا أنتِ ناجية إن ظللتِ بلا زواج.
جحيم من تناقض الجهلة سوف يطاردِك بالحالتين.
جحيم يمثل النساء أغلب زبانيته. هنّ الفئة الباغية والمهيضة على حد السواء.
سياط من الأسئلة القذرة سوف تلاحقك أينما ذهبتِ، وكأن حياتِك شأن عام.
كأنك بحاجة إلى المزيد من الأحياء الموتى “الزومبي” بحياتك وأسئلتهم “الحشرية”؛
- لماذا لم تتزوجي؟
- لماذا تخشين الزواج؟
- لماذا ترفضين العرسان؟
- هل أنتِ عذراء؟
- هل ما زلتِ قادرة على الإنجاب؟
- هل ستلحقين بقطار الزواج اللعين؟
- هل ستحظين في النهاية بأعزب أصغر منك أم بأرمل ويعول أم بمطلق مكبل بالديون أم بمتزوج يرغبك سراً أو عرفياً؟
هل قرأتِ الفقرة السابقة جيداً؟ هل تأثرتِ؟ هل شعرتِ بمرارة الفئة الباغية؟ هل تعاطفتِ مع الفتيات العانسات؟
بلى!
دعيني أقلب المائدة فوق رأسك يا عزيزتي؛ أنتِ أيضا باغية، حين تجعلين الرجل العانس يشرب من نفس الكأس.
أنا رجل عانس!
الرجل العانس، في شرقنا البائس، هو رجل، على الأغلب، تخطى الأربعين ولم يتزوج.
الأسباب عديدة؛ القدرة المادية أو التفرغ للدرجات الأكاديمية أو تحقيق الذات أو الضعف الجنسي أو تعدد العلاقات.
برغم تعدد الأسباب المنطقية لعنوسة الرجل، إلا أنه دوماً يعامَل بحذر – نفس الحذر الذي تعاني منه الفتيات أو أسوأ.
طالما تأخر الرجل عن اللحاق بالقطر اللعين، لابد أنه مصاب بعنّة أو أن حيواناته المنوية انتهت صلاحيتها أو أنه لا يُعاشر.
بعض الأسر، أو الفتيات، يطالبن “العريس العانس” بفحص لسلامة الحيوانات المنوية والذكورة والقدرة الجنسية.
من حقك أن تطمئني على النسل والذرية والحياة الجنسية، ولكن أليست هذه إحدى ممارسات التمييز التي تعاني منها الفتيات؟
ها هن يتسلطن على الرجل ويسقينه من نفس الكأس الاجتماعي المرير، دون الأخذ في الاعتبار أن هناك عشرات الحلول لكل مشكلة، لو توقفنا عن التمييز ضد بعضنا البعض.
ثمة أمور أود أن أوضحها وأنبه لها؛ أكتب ما أكتب ليس لأهاجم أو أجلد أحداً.
ليس حتى من حقي التقييم أو التوجيه. أكتب فقط لأننا – أنا وأنتِ – لسنا ثدييات عملاقة فحسب؛ نحن الكائنات الوحيدة المحظوظة بالعقل!
بالعقل والقدرة على التدبر والتقييم والبحث، نحن – أنا وأنتِ – أقوى من الإرث وضغط المجتمع.
الرجل العانس – وأنا رجل عانس – ليس بالضرورة خارج الخدمة أو به عيب بالصناعة.
الرجل العانس قد يكون أحد أفضل وأنضج خبراتك على الإطلاق.
قد يكون واحد من أفضل الآباء لأبنائك. قد يكون حب حياتك ورفيق روحك – هذا الرجل العانس!
- هل تملك المال الكافي لبدء حياة مستقرة؟
- هل لديك وظيفة مضمونة؟
- ما هي درجاتك العلمية؟
- هل مارست الجنس من قبل؟ مع من؟
- هل تملك سيارة؟ مسكن؟ مطعم؟ محلج؟
الأسئلة السابقة لم تكن من وكيل نيابة؛ تلك كانت قائمة الأسئلة التي واجهتني بها إحدى “العرائس”. كنت أشعر طوال الوقت أنني بحضرة “جورج قرداحي”، وأنني لن أكسب المليون.
نحن – أنا وأنتِ – حين نتخطى الثلاثين أو الأربعين؛ يجب أن نتطلع أكثر للحب والتفاهم والتواصل والاستيعاب.
فليذهب القطار اللعين إلى الجحيم. فليكن الأمان المادي خياراً وليس شرطاً.
نحن – أنا وأنتِ – حين نتقدم بالعمر نحتاج إلى المزيد من الحب والرحمة، وليس المزيد من المطالب والمعوقات.
نحن بحاجة لقبول بعضنا البعض. لا أحد كامل ولا يكتمل أحداً بمفرده. السن ليس بضمان والقدرة المادية ليست بضمان والحيوانات المنوية ليست بضمان.
الحل السحري لي ولكِ هو الفرصة.
هيا نعطي لبعضنا البعض فرصة. هيا نجرب أن نكتمل سوياً – مادياً ومعنوياً.
هيا نتحد بمواجهة الإرث الحقير إياه. لنخرج – أنا وأنتِ – من الفئة الباغية ونهزمها.
لنفكر سوياً دون وصاية مجتمعية. لنترجل ونقرر مصيرنا سوياً ونحن بنفس القارب.
لا يصح ولا يجوز ولا يجب أن نكيل بمكيالين. ربما ننجب وربما نتبنى وربما نعتمد على بعضنا البعض. ربما يحتفظ كل منّا بماضيه. ربما الآن أفضل من ذي قبل.
من ضمن نجاح من تزوجوا مبكراً؟ من أكد اكتفاء من تظاهروا بالمثالية؟ كل هؤلاء الأطفال لمطلقات ومطلقين لم يضمنوا لهما الاستقرار أو السعادة.
العانسون والعانسات الأعزاء،
الناضجون منكم والناضجات، باسم العقل المفكر المدبر واللسان الناطق المعجز، هيا نتحد بمواجهة الإرث وقوائم الطلبات والأحكام المسبقة.
ملاحظة: مختلف المدونات تعبّر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع