ضد التيار: الخِلفة قرار مش صُدفة
ثارت أمي عندما علِمت أننا ننوي التأجيل، وبدأت تحدثني عن مضار “تأخير الخلفة”، وطلبت مني أن أتعجل في الطفل الأول وأتريث كيفما أشاء في الطفل الثاني، وألا “أمنع” نفسي.
قبل زواجي بعدة أشهر، نصحتني أمي ببدء تناول أقراص حمض الفوليك (Folic Acid)، أخبرتها أنني سأفعل ذلك عندما نقرر الإنجاب.
ثارت أمي عندما علِمت أننا ننوي التأجيل، وبدأت تحدثني عن مضار “تأخير الخلفة”، وطلبت مني أن أتعجل في الطفل الأول وأتريث كيفما أشاء في الطفل الثاني، وألا “أمنع” نفسي، مؤكدةً أن وسائل منع الحمل تتسبب في إحداث العقم، أو مشاكل في الخصوبة لاحقاً.
لكنّ قراري بعدم الإنجاب في بداية زواجي كان أمراً قاطعاً، فأنا وزوجي كنّا نريد أن نستمتع بحياتنا قليلاً، قبل أن تبدأ دوامة المسؤولية التي ما إن تبدأ حتى تبقى أبد العمر.
كذلك كنا نريد أن نُحسن من وضعنا المادي لكي نقدر على تحمل نفقات طفل في هذا الزمن القاسي. كما كنت وقتها مشغولة جدا بدراستي للحصول على شهادة الدكتوراه.
الحرية مسؤولية والتسيب مرمطة
لكن هذه المبررات لم تشفع لنا؛ فالطفل، كما يقولون، دائماً يأتي برزقه و “حرام نمنعه” والخلفة أحسن من ألف دكتوراه.
لم نهتم!
صمدنا! انتظرنا عاماً ثم بدأ زوجي يتحدث عن رغبته في الإنجاب. طالبته بالتريث لأني لم أكن مستعدةً لتحمل هذه المسؤولية الجسيمة.
بدأنا مناقشات طويلة، انتهت بالاتفاق عن معاودة الكلام عن فكرة الإنجاب بعد ستة أشهر.
خلال هذه الفترة لم يحاول إجباري أو الضغط علىّ من أجل الإنجاب، وعندما أخبرته أنني أحتاج إلى زيارة طبيب نفسي من أجل الحديث معه عن مخاوفي وحالات الذعر التي تنتابني عندما نتحدث عن “الخلفة”، أبدى دعمه التام.
بعد عام ونصف من زواجي، صرت على استعداد لتقبل فكرة الإنجاب، بالرغم من أن مخاوفي لم تختفي أو تتبدد، لكني صرت أقوى، وربما أنضج، وعلى استعداد لتحمل هذه المسؤولية.
في الوقت الذي قررنا فيه التوقف عن المنع والبدء في محاولات الإنجاب، كنت قد حصلت على منحة تدريبية في مجال تخصصي العلمي في جامعة صينية في بكين.
كنت قد بدأت في تحضير أمتعتي عندما تأخرت دورتي الشهرية المنتظمة جداً، للحظة لم أتخيل أن يحدث الحمل من أول مرة نحاول فيها.
تحليل الهرمون الرقمي أوضح أن عمر الحمل ثمانية أيام!
أبلغت الملحقية الثقافية بالحمل، فاعتذروا عن السماح لي بالسفر، وتم إلغاء المنحة قبل ثلاثة أيام من السفر.
برغم حزني الشديد على ضياع هذه الفرصة التعليمية الرائعة، إلا أني لم أندم ولو للحظة واحدة على حدوث الحمل، ولم أتمنى، ولو سراً، أنني لم أحمل في مقابل السفر.
السلام النفسي والرضا التام الذي حلّ علىّ، كان سببه أني اخترت الحمل بكامل إرادتي وعن اقتناع.
لم يُجبرني عليه زوجي، لم أرضخ لابتزاز أهلي العاطفي، ولم أرضخ لضغط المجتمع.
قررت الحمل عندما تيقنت أنني على استعداد لتحمل المسؤولية، ولتقديم مثل هذه التضحيات.
اليوم، انتصف حملي، وبرغم صعوبته وتعبي الشديد، إلا أني سعيدة به وأشعر براحة نفسية تامة، مما يجعلني متيقنة تماماً أن تأجيلي لقرار الإنجاب كان قراراً صائباً وهيأني لقبول كل ما هو آت عن طيب خاطر.
الخلفة قرار مش صُدفة
لذا، عزيزتي الزوجة … عزيزي الزوج،
لا تترددا في تأجيل الإنجاب، حتى تشعرا بالتيقن من هذا القرار وبرغبتكما في جلب طفلاً للحياة.
لا ترضخا لابتزاز الأهل العاطفي، ولا لكلام الناس أو لضغط المجتمع؛ فالإنجاب قراركما، كما أن وجود طفل، مسؤوليتكما التي لن يشارككما فيها أحداً.
تأجيل الخلفة بوسائل عازلة، كاستخدام واقي ذكري أو واقي مهبلي، أو وسائل طويلة الأمد كحبوب منع الحمل أو اللولب، أو بوسائل أقل فاعلية كالابتعاد عن أيام التبويض (فترة الأمان) أو الانسحاب – كلها وسائل لا تسبب العقم، أو تسبب مشاكل خصوبة، إذا تمت تحت إشراف طبيب ليساعدكما على اختيار الوسيلة المناسبة لكما.
حلوه اوي
حلوه اوي