يمكن للتجارب أن تنجو.. “زوجي غير قادر على الإنجاب”
يمكن لعدم الإنجاب أن يؤدي إلى مشكلة زوجية، إذا لم يتفاهم الزوجان ويصارحا بعضهما بمشاعرهما الحقيقية. ولكن بعض التجارب الزوجية تظل ناجحة رغم هذا التحدي..
الكثير من النساء يكبرن وداخلهن رغبة الأمومة حتى تتحول إلى جزء غير منفصل عن الحب والزواج، وفي كثير من الأحوال عندما تحب المرأة، غالباً ما تكون من أكبر أمنياتها أن تلد طفلاً من هذا الحبيب، ولكن أحياناً تقف بعض العقبات الصحية أمام تحقيق هذا الحلم، سواء لدى الرجل أو المرأة.
في هذا المقال نتطرق إلى الحالة الأولى، عندما تُدرك المرأة أن حلم الأمومة لن يتحقق مع الشخص الذي اختارته ليكون شريك حياتها بسبب مشاكل صحية لديه. هل في هذه اللحظة سيتغلب حلم الأمومة على حبها للشخص الذي ارتبطت به، أم أن حبها للشريك سيكون أقوى؟
الإجابة على هذا السؤال ليست واحدة، وتختلف من امرأة إلى أخرى. تحدثنا هنا مع أكثر من امرأة لنعرض تجاربهن المختلفة مع هذا الأمر.
“أنتَ أهم عندي من طفل لم أره بعد”
“فخ الجدعنة “؛ هكذا وصفت منى، 33 سنة، تجربة زواجها الذي انتهى بالانفصال.
تزوجت منى بعد قصة حب، ولكن اكتشفت هي وزوجها أنه يعاني من دوالٍ في الخصية، إلى حد كان له تأثير سلبي على الحيوانات المنوية، ما يمنعه من الإنجاب.
كان الزوج بحاجة إلى رحلة علاج طويلة غير مضمونة تتضمن عملية جراحية، ومن بعدها سيكون من الضروري أن يتم الحمل بالحقن المجهري.
بدأت رحلة العلاج معه، ولكن مهما كان دعمها في تلك اللحظات فالأثر النفسي السلبي الذي مر به كان له عواقب ليس لها حل.
يقيس الرجل، سواء في مجتمع غربي أم شرقي، رجولته بمدى قدرته على العطاء بجميع أنواعه، وفي مجتمعنا العربي بالذات تُعتبر قدرة الرجل على الإنجاب من أهم ما يمنحه الرجل للمرأة. ويعتقد الكثيرون أن الإنجاب يعتبر دليلاً على رجولته و”فحولته”.
ولذلك عندما يدرك الرجل أنه غير قادر على الإنجاب، يعتبر هذا الخبر بمثابة “اختزال” لرجولته من وجهة نظره، وقتها تتدخل المشاعر البدائية داخله والتي ترى أن وجوده الأساسي في الحياة هو التكاثر، فيشعر أنه ينقصه شيئاً هاماً ليكون رجلاً، غافلاً عن أن وجوده في الحياة يتمثل في العديد من النواحي الأخرى غير الإنجاب.
تلك المشاعر السلبية ستجعل الرجل غير القادر على الإنجاب يقع في فخ الشعور بالنقص والدونية.
shutterstock
ولذلك مهما حاولت منى -كما أخبرتنا- أن تكون كل كلمة صادرة منها محسوبة ومدروسة جيداً حتى لا تجرح مشاعره، لم يفلح الأمر، حتى أنها اتفقت معه أنها لن تخبر أحداً عن مشاكله الصحية، وإن سأل أحد أفراد عائلتهم ستقول أنها هي من تمر بمشكلات صحية تمنعها من الحمل، وهو ما حدث بالفعل.
وكلما كانت “جدعة” معه وتنازلت عن حقوقها -كما وصفت الأمر- كان حنوناً طيباً معها، ولكنها اكتشفت أن تلك الطيبة والحنو مشروطان بتضحيتها فقط، لأنها عندما قررت الانفصال لأكثر من سبب وليس الأطفال فقط، ظهر الوجه الثاني ورفض الطلاق؛ وقتها طلبت منه حقوقاً معنوية تجعلها تشعر بالسعادة، وحقوقاً مادية تُشعرها بالأمان، ولكنه رفض أيضاً، فبدأت رحلة شاقة أخرى وهي الطلاق والذي كان “ضربة موجعة” لها بكل تفاصيله.
تخبرنا منى: “كنت أقول له أنتَ أهم عندي من طفل لم أره بعد”، موضحة أنها بدأت هذه الرحلة مع زوجها، متخيلة أن الحب سينتصر على المشكلات المصاحبة لعدم قدرته على الإنجاب، ولكن الأمر كان أكثر تعقيداً مما تتخيل، وعلى الرغم من أنها كانت تنتقي كل كلمة تقولها له حتى لا تجرح مشاعره، لم يكن هو يفعل المثل في المقابل.
تريد منى أن تقول لكل امرأة ستختار أن تعيش مع رجل لديه موانع صحية تخص الخصوبة، أن تتأكد أولاً أن اختيارها صحيح، وأن تدرك الفارق بين “الجدعنة” والتنازل و”التضحية المبالغ فيها”.
“محرومة بالغصب”
كلما جَلَسَت في مكان وتحدثت صديقاتها عن الأطفال أو الحمل، تترك نهلة، 31 سنة، الجلسة وعيناها مليئتان بالدموع، فبعد رحلة طويلة من التحاليل والفحوص الطبية التي تعرضت لها بعد تأخر الإنجاب، ظناً من الجميع أنها تعاني مشاكل صحية تمنعها من الحمل، اتضح أن المشكلة الصحية لدى زوجها، ولكنه اتخذ موقفاً حاسماً وقرر أنه لن يزور الطبيب، ولن يبدأ أي علاج.
“أحبه جداً ولكن أريد أن أكون أماً”، أكدت لنا نهلة أنها تحب زوجها جداً ولا تستطيع أن تتخيل نفسها مع رجل آخر حتى لو كان قادراً على الإنجاب، ولذلك تتمنى لو أن زوجها يغير رأيه ويمتثل للعلاج حتى تكتمل حياتهما بالسعادة، ولكنه رافض للأمر رفضاً قاطعاً، مما يشعرها أنها “محرومة بالغصب” من الإنجاب.
shutterstock
الإنكار والغضب والحزن هي المشاعر الأساسية التي تسيطر على كثير من الرجال في هذه الحالة، هكذا تخبرنا د. نانسي، طبيبة نفسية، إذ يؤثر عليه الأمر نفسياً بشكل سلبي، وأحياناً يراوده إحساس بالذنب لأنه حرم زوجته من الإنجاب.
عدم الإنجاب ميزة
“عشت حياة زوجية سعيدة”؛ تخللتها بعض لحظات الندم القصيرة، هكذا تخبرنا مشيرة، 65 عاماً، والتي عاشت مع زوجها على مدار ما يقرب من 30 عاماً بعد أن اكتشفت عدم قدرته على الإنجاب، ولكنها اتخذت قرار الاستمرار في الزيجة لأنها تحب زوجها جداً وكانت تجمعهما قصة حب منذ الطفولة والمراهقة، إذ كبرا سوياً في حي سكني واحد.
كما أنها ترى أن عدم الإنجاب له مميزات مثل العيوب، تخبرنا مشيرة أنها وزوجها عاشا تجارب لم تعشها صديقاتها اللاتي رُزقن بأطفال، واستطاعا السفر إلى أكثر من 10 بلاد خارج مصر، واختلطا بثقافات وخاضا مغامرات كان الأطفال سيقفون عائقاً أمام تحقيقها.
لم تنكر مشيرة أن الأمر كان صعباً في بدايته، سواء مع أسرتها، أو مع زوجها الذي كان يحتاج إلى تخطي أزمته النفسية، ولكن مع الوقت وبعد انغماسهما في العمل ثم في السفر والترتيب له، بدأت حياتهما تأخذ شكلاً هادئاً مستقراً تتخلله المشكلات الطبيعية التي تواجه الأزواج عموماً.
تخبرنا الطبيبة النفسية نانسي عن أن تلك الحالة تُعتبر درساً مهماً للمتزوجين، فإنجاب الأطفال لا يضمن التعاسة أو السعادة بالضرورة، وكذلك عدم الإنجاب، إنما الوضوح والمواجهة والمشاركة الحقيقية هي الفيصل في أن تكون الزيجة سعيدة أو تعيسة.
لا بد من المواجهة
الإنكار وتجاهل المشاعر في هذه الأزمة ليس حلاً بالمرة، “لا بد من المواجهة” هكذا تخبرنا الطبيبة نانسي لبيب، وتؤكد لنا أن المواجهات واللحظات الصعبة هي التي تقوي العلاقة وتمنحها النضج، ولكن من المهم ألا تكون تلك المواجهة جارحة أو مهينة لأي طرف من الطرفين.
shutterstock
ولذلك إذا قررت المرأة في بداية الزواج أن تتحمل عدم الإنجاب بسبب زوجها ووعدته بذلك، ولكن قرب انقطاع الطمث شعرت أنها تريد الإنجاب، عليها أن تواجه الأمر معه، بدلاً من أن تعيش في حالة غضب دائمة منه.
ومع ذلك تقول د. نانسي أنه لا يوجد وصفة نفسية لتجاوز جميع المحن دون لحظات صعبة، لذلك لا بد من المواجهة، مع الحرص على ألا يؤذي الشريكان بعضهما.
كيف تتصرف المرأة إذا اختارت هذا الطريق؟
“المواجدة”؛ هكذا تخبرنا الطبيبة النفسية نانسي عن أهم شيء على المرأة أن تفعله حين تختار أن تعيش مع شريكها الذي يعاني مشكلات صحية مع الإنجاب، والعامل الثاني المهم هو “مشاركة الهشاشة النفسية” عن طريق التحدث سوياً عن مخاوفهما الحقيقية، ولا يكون كلامهما مجرد تكرار للكلمات المعتادة مثل أن يقول لها “أنا حاسس إني ظلمتك”، فترد عليه قائلة: “لا.. ما تقولش كده”.
ليست هذه نوعية المصارحة التي تتحدث عنها طبيبتنا النفسية. يجب أن يتحدث الرجل عن خوفه وغضبه وقلقه وعن الأسباب الحقيقية وراء عصبيته، ويجب على المرأة أن تتحدث عن حيرتها.
تخبرنا د. نانسي عن ضرورة تجديد روح الزواج، لأنه من الوارد بعد مرور الوقت أن يقرر الطرفان الانفصال لأسباب أخرى غير عدم الإنجاب، ووقتها سيكون من الصعب على أي طرف منهما التعبير عن رغبته في الانفصال حتى لا يجرح الطرف الآخر في حالة الزوجة، أو حتى لا يكون ناكراً للجميل في حالة الزوج.
وتؤكد د. نانسي على أهمية تقليل التدخل الخارجي في مشكلاتهم سواء من عائلة الزوج أو عائلة الزوجة أو الجيران والأصدقاء فذلك لن يكون عاملاً مساعداً للعلاقة بل سيكون عاملاً “مُنغِّصاً”.
والسؤال الذي يجب أن يطرحه الزوجان اللذان يمران بهذه الأزمة هو: هل هما فعلاً صالحين نفسياً للإنجاب؟ وهل لديهما الطاقة الكافية لتربية الأبناء؟ فالمجتمعات الآن تتجه نحو التثقيف قبل الإنجاب، كما يلجأ الكثير لكفالة اليتيم أو التبني.
لو كان الطرفان لديهما الرغبة والطاقة لتلك التجربة، فهناك حلول أخرى، وليس بالضرورة أن يكون هذا الابن من بذرة الرجل ورحم المرأة، فالأطفال الذين في حاجة لآباء وأمهات كثيرون، وإذ ربينا هؤلاء الأطفال بجدية وصدق سنكون آباء وأمهات حقيقيين لهم، بغض النظر عن الإنجاب.
*جميع الأسماء مستعارة، بناءاً على طلب صاحبات الشهادات
تاريخ آخر تحديث: 26 أغسطس 2024.
زوجي مريض دوالي عمل عمليه ازاله الدوالي ونجحت ونسبه الحيوان المنوي صفر هل يوجد امل للانجاب
مرحباً/
معظم الحالات تستعيد قدرتها على الإنجاب عقب إجراء عملية الدوالي، لكن ننصح باستشارة طبيب/ة متخصص في علاج تأخر الإنجاب لإجراء التحاليل اللازمة ووضع الخطة العلاجية والتي يمكن أن تشمل تلقيح صناعي.