العناق

هل نحصل على ما يكفي من الأحضان؟

أتحدث مع أصدقائي كثيراً عن احتياجنا إلى الأحضان، ونحاول بشكل فعال أن نحتضن بعضنا كثيراً ونشجع على طلب الأحضان.

أقرأ بشكل متكرر على وسائل التواصل الاجتماعي عن شعور الكثيرين بأنهم لا يحصلون على القدر الكافي من الأحضان، بالرغم من تفضيلهم للتواصل الجسدي كوسيلة للتعبير عن مشاعرهم.

أتحدث مع أصدقائي كثيراً عن احتياجنا إلى الأحضان، ونحاول بشكل فعال أن نحتضن بعضنا كثيراً ونشجع على طلب الأحضان.

غالباً ما أستطيع التفرقة بين الأطفال الذين يحصلون على الكثير من الأحضان من أهلهم، والأطفال الذين لا يحصلون على القدر الكافي، يستطيع الأولون التعبير عن أنفسهم بشكل محب ومنفتح أكثر.

هل الأحضان إذن احتياج مهم لدى الأشخاص أم أنها مجرد رفاهية؟

هل للأحضان تأثير عاطفي فقط أم أن لها تأثير على أجسادنا أيضاً؟

ترتبط الأحضان بتحسن في الحالة النفسية، ولكن للأحضان تأثير مباشر على أجسادنا، فالأحضان تقلل من التوتر عن طريق تقليل هرمون الكورتيزول الذي يعتبر هرمون التوتر، كما أنها تزيد من هرمون الأوكسيتوسين الذي يعتبر أحد هرمونات السعادة في الدماغ ويسبب شعوراً أعمق بالارتباط. كما أن هناك أبحاثاً تربط بين الأحضان وتحسن المناعة وتقليل ضربات القلب وضغط الدم.

ولا شك من تأثير الأحضان النفسي على الأشخاص، فالأحضان قد تشعرنا بالأمان، بالارتباط والحب، بالدعم والتواجد في اللحظات الصعبة، وبالتأكيد هي طريقة للتعبير عن الافتقاد، والكثير من المشاعر الأخرى.

بل إن عدم الحصول على ما يكفي من الأحضان قد يؤثر على الصحة بشكل سلبي، حالة تعرف بالجوع للمس Touch starvation التي قد تزيد من التوتر، بل ترتبط بزيادة القلق والاكتئاب. وهي حالة عانى منها الكثير من الأشخاص خلال فترة التباعد الاجتماعي بسبب مرض الكورونا.

فهل تشعر بأنك تحظى بأحضان كافية؟

نادراً ما أسأل هذا السؤال لأي من المحيطين بي ويردون بأنهم يحصلون على ما يكفي من الأحضان.

أتذكر حواراً مع قريبتي الأكبر سناً، كانت تحدثني عن أنها لم تتعرف على الأحضان وأهميتها في طفولتها “أهلي وهما بيربوني ما كانش فيه أحضان والكلام ده، فما عرفتش أعمل ده مع ولادي، لحد ما بنتي الصغيرة بقت هي اللي تقول لي أحضنها”.

العناق

ألاحظ الكثير من الأمهات اللاتي يحاولن كسر هذه الدائرة ويمنحن أولادهن الكثير من الأحضان، ومع ذلك تظل الثقافة العامة لا تشجع الأحضان ولا تقدِّرها، وبالتأكيد لا تتعامل معها كشيء ضروري.

الكثير من الأسر لا تعانق بعضها، ربما سوى في أوقات السفر، ويمتد الأمر إلى المساحات العامة والخاصة، بل بين الأزواج وشركاء العلاقة، كل هذا يعطي انطباعاً بأن الأحضان غير مرحب بها، رغم ضرورتها سواء على المستوى الجسدي أو النفسي.

تؤثر هذه الثقافة على الكثير، سواء في عدم ارتياحهم للأحضان أو في قدرتهم على طلب حضن في لحظة ما.

جودة الأحضان

ولكن أظن أن الشعور بأننا لا نحصل على أحضان كافية يرتبط بعوامل أخرى غير عدد الأحضان التي نحصل عليها، فجودة هذه الأحضان أيضاً عامل مهم. فما الذي يحدد جودة الأحضان؟ أو هل يمكنني أن أحصل على أحضان أفضل؟

هناك بعض العوامل التي قد تؤثر في الحقيقة في مدى شعورنا بالدفء خلال بعض الأحضان:

– أول هذه العوامل هو التأكد من أن هذا الحضن يحدث برغبة وموافقة مشتركة. فبوجه عام، هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يفضلون التواصل الجسدي حتى من أقرب الأشخاص لهم، أو ربما مروا بتجربة سابقة تجعل الأحضان تولد مشاعر سلبية لديهم، أو أن علاقتنا معهم لا تسمح بهذا النوع من التواصل الجسدي.

من المهم دائماً قبل الإقبال على حضن شخص ما، التأكد من موافقته/ا، سواء من خلال لغة الجسد، أو بالسؤال بشكل واضح إذا كانوا يرغبون في الحضن “ممكن أحضنك”، سواء كان في سياق سلام يومي، أو في لحظة للتخفيف عن مشاعر صعبة أو إبداء الدعم.

المدة: هناك فرق في تأثير الحضن على حسب المدة، فالأحضان التي تستمر لمدة أطول ترتبط بمشاعر أفضل، يمكن أن تحاول أن تحصل أو تقدم أحضاناً مدتها من 5 إلى 10 ثوانٍ، أو أطول إذا كنت ترغب في ذلك.

شكل الحضن: تفاصيل مثل الأجزاء التي تتلامس من الجسد، والضغط خلال الحضن، تؤثر أيضاً على شعورنا خلال الحضن. يفضل الكثير أن يحتوي الحضن على بعض من الضغط أو الجذب، وقد يرتبط تلامس أجزاء أكثر من الجسد بالشعور بتواصل أفضل، ولكن في النهاية يرجع ذلك إلى نوع العلاقة والتفضيلات الشخصية.

شكل الحضن

المشاعر والعلاقة: يؤثر نوع العلاقة على شعورنا خلال الأحضان، فهناك اختلاف بين الأحضان التي تحدث في سياق عاطفي أو عائلي أو بين الأصدقاء، يمكن أن أستحضر مشاعري قبل الحضن أو خلاله، فربما قوة مشاعري لحظة الحضن قد تنتقل عبر التلامس.

مُستَقبِل/ مُرسِل: نتعلم دائماً أن حينما يقدِّم لي أحدهم أو إحداهن شيئاً، لا بد أن أرد في المقابل. ولكن قد يكون من المفيد من وقت إلى آخر أن أركز فقط على أن أتلقى الحب الذي يعبر عنه الحضن، أو أن أطلب من الطرف الآخر أن يستقبل فقط. قد يكتفي الشخص المستقبل بالتواجد دون تحريك يديه أو الضغط في المقابل.

 ربما يمكنك تطبيق بعض هذه الأفكار وملاحظة إذا كانت ستؤثر على شعورك خلال الأحضان.

ولكن يمكننا أيضاً، كأفراد ومجموعات، أن نتحدى الثقافة التي لا تشجع على الأحضان ولا تقر بأهمية التواصل الجسدي، ونتحدث مع أصدقائنا أو عائلاتنا أو أحبائنا عن أهمية تلك الأحضان ومدى احتياجنا إليها.

يمكننا أن نطلب أحضاناً أكثر، أو أطول أو أكثر عمقاً، وأن نشجع على وجود دوائر، صغيرة أو كبيرة، تقبل بشكل عفوي أن نقول “ممكن حضن؟”

** تاريخ آخر تحديث: 7 إبريل 2024

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (5)

  1. حصلت بيننا انا وزوجي أحضان قويه وحساسه اول يوم معا بعد حفل الزفاف احسست بإطمنان وسعادة ودفء جسده والتصقت شفاهنا يقبلني بحرارة كاد ان يفقد وعيي الى ان حدثت بيننا مصات كثيرا والعلاقة الجنسية.

  2. انا بحب اختي هيا أصغر مني ونفسي بحضن طويل منها امنيت حياتي بس استحي احكيلها احس بدو شوية جرأة، كيف بدي احكيلها مشعارف

    1. اهلاً بك/
      يمكنك أن تثير هذه النقطة مع أسرتك وأنم لا تعبرون على علاقتم بالأحضان الكافية حاول أن تشجع والديك أيضاً على احتضانك أنت وأختك والتعبير عن بكما بشكل أفضل

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات