العناية بمركب اللذة – الجسد
فجأة قالت لي: “إيه دا! أنتَ عندك وساخة؟” كان إصبعها على سُرتي – بل للدقة داخل سُرتي. جرحتني الكلمة!
كنا نستلقي على ظهورنا، متعانقين في هدوء وصفاء ما بعد “الواحد”، نتبادل حديثاً حلواً دافئاً. بعد سن محدد، وعدد معين من التجارب، تكتشف لذة ما بعد الجنس؛ هرمونات وإنزيمات السعادة تفيض داخل الجسد، العضلات والأعصاب مرتخية والابتسامة تعلو الوجه، والكون كله يغمره السلام.
الأعضاء مكشوفة وعارية، الأيدي والأصابع تتحسس الجسد، تستكشفه، لكن هذه المرة دون تسرع ودون شبق الالتهام، بل وكأنها مصافحة وحديث ودي بين الأعضاء.
فجأة قالت لي: “إيه دا! أنتَ عندك وساخة؟”
كان إصبعها على سُرتي – بل للدقة داخل سُرتي.
جرحتني الكلمة، وبددت كل الانسجام الذي كنت أسبح فيه، وبالطبع كان ردي الأول دفاعي: “وساخة إيه؟”.
حرّكت إصبعها داخل سُرتي. رفعت رأسي لأنظر، فوجدت طبقة رمادية من الأوساخ تراكمت داخل سُرتي. اندهشت من وجودها، كيف وصل الأمر إلى هذه المرحلة؟ من أين أتت هذه الطبقة؟
بالتحري، خمّنت أن الصيف والعرق والتراب ربما تكون الأسباب وراء هذه الثغرة. تتراكم ذرات التراب داخل السُرة، ويجف العرق والأملاح فتتكوّن طبقة رقيقة من الأوساخ عليها.
لأن داخل السرة منطقة مغطاة بالملابس معظم الوقت، ولا نراها، أو يخطر لنا أن نلمسها، فكثيراً ما تتراكم مثل هذه الطبقات الملحية وذرات التراب.
لهذا يوجد الشريك/ة، فشريكنا ليس شريك في الفراش، بل هو مرآة الآخر الذي يكشف له عيوبه، ويلفت نظره لنقاط الجمال، أو ثغرات القبح في ذات الوقت.
دون الشريكة، لم أكن لأنتبه لهذه الثغرة في نظام تنظيف جسدي، الذي لم تشمل طقوسه سابقاً أي اعتناء بمسألة “السُرة”.
يخجل الكثيرون من مُصارحة الطرف الآخر بالعيوب، لأنهم يؤمنون بالعبارة الساذجة التي تدعو إلى حُب الحبيب كما هو.
لكن الحقيقة لا شيء يظل أبداً كما هو! البشر يتطورون ويتغيرون، والحب يغيّرنا وطبيعي أن يشمل هذا التغيير مظهرنا الجسدي، وأن نعتني بالجسد لأنه مركبة وجودنا، ووعاء ملذاتنا التي نتشارك بها مع الآخر.
لا يمكن لكَ وحدك أن تعتنى بنظافة جسدك ومظهره، دون ملاحظات الشريك؛ هو/هي من يلفت/ تلفت نظرك إلى طبقة الشمع داخل أذنك، إلى الشعيرات الزائدة على طرف أنفك، البقع اللونية على ظهرك.. إلى آخره من النواقص والثغرات في نظام النظافة الشخصية – التي لا تكشفها المرآة.
ببعض الجهد والخيال يمكن تحويل طقوس النظافة الشخصية إلى طقوس مشتركة. الاستحمام معاً ليس دائماً وسيلة للهو والمرح، بل يمكن أن نتشارك في العناية بأجساد بعضنا البعض.
بدايةً من تليف وتدليك الظهر والمؤخرة، تنظيف الأمعاء بالحقنة الشرجية، وحتى المساعدة في عملية نزع الشعر.
البعض يفضلون الحفاظ على الخصوصية؛ مهما بلغ حبهم وتقبلهم لجسدهم وجسد الآخر، مهما كانت حميمية العلاقة، لا يسمحون لأنفسهم أن يطّلعوا على جسد الآخر في حالات التنظيف الداخلي والخارجي، ولا يقبلون أن يطلع الآخر على جسدهم وهم في لحظة العناية به وتجميله وتجهيزه للحبيب.
لدى البعض، يقتل هذا التداخل الشبق والرغبة.. ولدى البعض الآخر يعمل هذا على زيادة الإثارة والاستثارة.
نحن نعلم أنه لا توجد قواعد واحدة للإثارة.
لهؤلاء، يقدم الروائي، الحائز على جائزة “نوبل”، “ماريو بارغاس يوسا”، خريطة لتحويل طقوس النظافة والعناية الشخصية إلى احتفالات صوفية وحسية بالجسد.
في روايته “امتداح الخالة”، وفي جزئها الثاني “دفاتر دون ريغوبيرتو”، يصحبنا “يوسا” على طول الرواية إلى عالم “دون ريغيوبيرتو” الذي “كانت النظافة الجسدية، بعد لوحات الرسم الإيروسية، هي عمله المفضل لتزجية الوقت، أما النظافة الروحية فلم تكن تهمه كثيراً”.
يخصص بطل “يوسا” كل يوم في الأسبوع للعناية بجزء، أو عضو، من أعضاء الجسد. في تنظيفه للعضو يندمج في الطقوس التحضيرية الخاصة وهو يتخيل استخدامات ذلك العضو في ممارسة الحب مع حبيبته.
فمثلا ينزع الشعيرات الدقيقة التي نمت على شحمة أذنه، ثم يلف كرات من القطن المبلل حول أعواد الكبريت، ويبرمها داخل أذنه حتى يسحب قطرات الشمع المتراكمة، وبخروج الشمع يحس أن قدرته السمعية تحسنت جداً.
حينما يخرج من الحمام، يخصص اليوم للاستماع لجسد زوجته وحبيبته. يضع أذنه على نهديها فيسمع دقات قلبها وصوت تنفسها – ينزل من الأعلى للأسفل غارقاً في سيمفونية حقيقية من أصوات سائلة وصلبة.
النظافة لا تقف فقط عند المظهر الخارجي للجسد؛ نحن طوال اليوم نحشو هذا الجسد بالدهون والزيوت والنشويات والبقوليات والمعجنات والنبيذ والكحول – والأخطر من كل ما سبق المشروبات الغازية.
رغم الاعتناء الذي توليه الإنسانية لعملية تقديم الطعام وتناوله، فلا يتم الاعتناء بعملية إخراج الطعام وتنظيف الجسد من الداخل.
بطل “يوسا”، على العكس، يعلمنا أن عملية التغوط والتبرز من أهم مفردات السعادة، ولا يجب أبداً أبداً ممارستها بتسرع وتعجل. بل يجب فعل ذلك ببطء وتركيز.
لا حاجة بنا لبذل جهد في الدفع، بل الاكتفاء بالتوجيه والمرافقة والمراقبة اللطيفة لانزلاق تلك القطع نحو بوابة الخروج.
أي ضغط أو حزق يمكن أن يؤدي إلى جرح أو تهتك خاتم الصرم، أو، لا قدر الله، الإصابة بالبواسير مما لا يعنى فقط آلام ورحلة علاج، بل أيضاً حرمان من الاستمتاع بملذات هذه العضو.
رغم إن التمايز الحضاري منحنا هدية “الشطافة” لكن الإفراط في استخدامها بضغط ماء قوى – أحياناً – يؤدي إلى نتائج عكسية، لذا رفقاً في ضغط المياه، فالغرض من الشطافة هو التنظيف السطحي لا استخدامها كحقنة شرجية.
خريطة “دون ريغوبيرتو” تسير كالتالي؛ الثلاثاء يوم القدمين، الأربعاء للأذنين، الخميس للأنف، الجمعة للشعر، السبت للعينين، الأحد للبشرة، والاثنين لليدين.
بهذا الشكل يمنح كل عضو وكل جزء مقدار مناسب من الاهتمام، يتجاوز مسألة النظافة إلى الرعاية.
فالقدمي يجب نقعهما في ماء دافئ ويمكن إضافة قدر من ملح البحر، ثم استخدام حجر الخَفَاف وتمريره على المناطق التي بدأت تتصلب أو تظهر فيها نتوءات – خصوصاً الكعبين.
يعتمد بطل “يوسا” على العناصر الطبيعية فقط في مهمات تنظيفه، لكن اليوم، زيارة للصيدلية أو محلات العناية بالجسد، تكشف لنا عن عالم كامل مليء بالمنتجات المخصصة لكل عضو.
إذا بدت لكم غالية أو مرتفعة الثمن، فكل ما ترونه بمئات الجنيهات ستجدونه في وصفات على الإنترنت، ويمكنكم تنفيذه بمكونات منزلية بسيطة، غالباً تعتمد على مزيج من “بيكربونات الصوديوم” ومشتقات زيت جوز الهند.
كدنا ننسى الأهم.. ماذا نفعل بالسُرة؟
وجدت الحل بالمواظبة على تنظيفها والتأكد من جفافها بعد كل حمام؛ فبينما نستخدم عيدان تنظيف الأُذن لتنظيفها وتجفيفها من مياه الاستحمام، يمكن استخدام عود منها ولفه برفق داخل السُرة حتى يلتقط الأوساخ والتأكد من نظافتها.
أحياناً آخري على سبيل الدلع، يمكن بل الطرف القطني للعود بزيت جوز الهند، ثم تدليك السُرة من الداخل لترطيبها من الجفاف.
بينما أنت منهمك في ذلك الطقس، حيث تولج العود إلي داخل سُرتك وتبرمه وتلفه وتهزه، حاول ألا تنجرف مع أي خيالات مفاجئة – أو يمكنك الانجراف – المهم أن تتأكد من نظافتها في النهاية.
مقال حقيقي ممتع جدا ومفتقدين…
مقال حقيقي ممتع جدا ومفتقدين ثقافة النظافه والعنايه بشدة في مجتمعاتنا للاسف
بجدمقال رائع ومفيد وله اثر…
بجدمقال رائع ومفيد وله اثر عظيم علي التفكير في طرق العنايه بالجسد
احسنتم
يا لها من صبوره ، هي جد…
يا لها من صبوره ، هي جد صابره عليه لحد ما صار لسرته فتحه تتعبى أوساخ ؟؟ هذا أكيد عنده كرشه فضيعه جداً ..
انا امارس من الخلف ومهم جدا…
انا امارس من الخلف ومهم جدا النظافة الداخلية لمتعة اكثر