الصداقة مع الإكس.. متى نوافق ومتى نبتعد إلى الأبد؟

في بداية معرفتي به كنا أصدقاءً جيدين، نستمتع بصحبة بعضنا، ونمضي ساعات في مناقشة آرائنا في الحياة ووجهات نظرنا في كثير من الأمور، ونتشارك تجاربنا.

عندما وقعنا في الحب كنا شديدي التقدير لصداقتنا، وقررنا أننا لو انفصلنا يومًا ما، فعلينا أن نحافظ على تلك الصداقة الرائعة بأي ثمن. لكن عندما انفصلنا لم نقم بذلك، وكان “البلوك بلوك بلوك” هو كلمة النهاية.

الصداقة مع الإكس، أو الحبيب/ة السابق/ة، من الخطط التي نرجوها أحيانًا في علاقتنا بشركائنا العاطفيين، خصوصًا إذا كانوا أشخاصًا نقدّرهم ونحترمهم، ويشاركوننا قيمًا وأفكارًا مهمة. 

البعض يجد أسبابًا ينقذ بها هذه الصداقة، والبعض الآخر يُنهي كل شيء بقطع كامل للعلاقات، وربما تصبح سيرة الإكس مقدمةً لسيل من اللعنات والكلمات الجارحة. 

والسؤال هو.. متى نقبل بصداقتنا مع الإكس، ومتى نبتعد بلا رجعة؟

ما بعد “أخلاق النهايات”

في الأعوام الأخيرة شاعت دعابة “النهايات أخلاق” على مواقع التواصل الاجتماعي، لتشير إلى ما يفعله بعض الأشخاص بعد انفصالهم عن أحبائهم، سواء بمهاجمتهم ولعن ذكريات علاقتهم، أو العكس، تكريم عاطفة الحب التي انقضى عهدها، والإبقاء على صداقة طيبة بمن أحبوهم/ن يومًا.

عندما يتعلق الأمر بالصداقة مع الإكس، هناك العديد من الآراء، أشهرها هو “يمكن للصداقة أن تتحول إلى حب، لكن الحب لا يتحول إلى صداقة”. 

يؤمن أصحاب هذا الرأي بأن العلاقات العاطفية السابقة يجب أن تنتهي إلى الأبد، ونقطع علاقتنا تمامًا بالشريك السابق، لأن بعض مشاعرنا كعشاق سابقين لن تفارقنا أبدًا، ما يجعلنا عرضةً للتلاعب بشريكنا، أو الوقوع ضحية لتلاعبه، وفي أفضل الأحوال سنتأذى بالغيرة والأمل الكاذب في استئناف العلاقة.

مع هذا هناك تجارب لأشخاص انفصلوا عاطفيًّا، لكنهم احتفظوا باحترامهم المتبادل، وحافظوا على علاقة صداقة طيبة، خصوصًا إذا تم الانفصال بشكل مسالم ، ولأسباب غير مؤذية ومحطمة، مثل الخيانة، والشبحية أو التجنب التام (Ghosting)، أو سوء المعاملة والعنف والإهانة. 

وبالطبع هناك حالات يكون من الضروري فيها الاحتفاظ بصداقة الإكس، أو على الأقل علاقة طيبة معه، مثل أن يكونا مضطرين للتعامل معًا في العمل، أو في حالة الطلاق مع وجود أطفال.

لا توجد قاعدة ثابتة تحدد لنا هل نحافظ علي صداقتنا مع الإكس أم لا، والأمر خاضع لظروف كل علاقة، ولمشاعر كل طرف من الطرفين، لكن هناك بعض الضوابط التي قد تساعدنا على حسم قرارنا.

متى نصبح أصدقاءً للأحبة السابقين؟

الكثير من الأحبة يقولون إنهم لو انفصلوا يومًا سيحتفظون بصداقتهم، لكن قلة قليلة تنجح في هذا فعلاً، والسبب في رأيي هو الطريقة التي انتهت بها العلاقة.

العلاقات التي انتهت لأسباب موجعة وجارحة ومهينة، هي العلاقات الأقل قابليةً للتحول إلى صداقة، لأن تلك الأسباب الموجعة من شأنها أن تفسد الصداقات أيضًا. 

الشخص الذي خاننا يستحيل أن نثق فيه، سواء وضعناه في خانة الحبيب أو الصديق، سيظل بالنسبة إلينا خائنًا غير جديرٍ بالثقة. 

والحبيب الذي كسر قلوبنا بالهجر والإهمال وسوء المعاملة لا يمكن أن يتحول فجأةً إلى صديقٍ طيّب نثق فيه ونعتمد عليه، وبالتالي لا داعي لمنحه فرصةً جديدةً لتحطيمنا. 

ينطبق الأمر نفسه على الشريك المتلاعب والمسيئ، سواء كانت إساءته نفسية (التعنيف والشتائم) أو جسدية (الضرب والاعتداء). 

في المقابل العلاقات التي انتهت على أسس من الاحترام، وفي ظروف جيدة، ولأسباب متعلقة باختلاف الطباع أو أهداف العلاقة، يمكن لها أن تنجو وتتحول إلى صداقة، لأن أحد الطرفين لم يؤذ الآخر، بل خاضا تجربةً يختبران فيها مشاعرهما، ولما عجزا عن التفاهم وتبين لهما اختلافهما الكبيرة، أخذا خطوة إلى الخلف.

بناءً على تجربتي الشخصية، فقد فشلت محاولتي للاحتفاظ بالإكس في حياتي، رغم تقديري لعقليته، وللصداقة التي ربطتنا خلال علاقتنا العاطفية، وافتقدتها أكثر من افتقاد مشاعر الحب والرومانسية، لأن علاقتنا انتهت بخيانة جارحة. 

وهكذا بعد فترة التعافي، ومرور زمن طويل على انتهاء العلاقة، وجدت أنني أنزعج كلما رأيته، وأتذكر ما سببه لي من أذى، وأعرف أنني لن أستطيع أن أثق فيه أبدًا مثلما أثق بأصدقائي الآخرين، لهذا قطعت كل سبل التواصل للأبد.

في المقابل استطاع صديقي المقرب أن ينقذ صداقته بحبيبته السابقة، وتشاركا العمل والسكن لسنوات بعد انفصالهما، وبعد ارتباطهما بأشخاصٍ آخرين، وساندا بعضهما في الكثير من المحن، خصوصًا لأنهما مغتربان في بلدٍ أجنبي بعيد. 

ما ساعدهما على ذلك هو أن انفصالهما كان بسبب اختلاف ما يريدان من العلاقة، واختلاف خططهما بخصوص العمل والسفر، وكلاهما كان يريد مستقبلاً يختلف عن المستقبل الذي يتخيله الآخر. هذا الاختلاف لم يؤثر على صداقتهما، لكنه منع علاقتهما العاطفية من الاستمرار، فافترقا صديقين، وبقيا صديقين.

وفي حالتي، وحالة صديقي، كان ما ساعدنا على إنهاء الصداقة أو التمسك بها، هو سؤالنا: ماذا نريد من صداقتنا بالإكس؟

فلنحذر من فخ المشاعر

تكمن خطورة الصداقة مع الإكس في أنها تفتح بابًا لمشاعر من الضروري تجاوزها، لنتعافى من علاقة الحب السابقة، ونصبح مؤهلين لعلاقة أفضل في المستقبل، ترضي مشاعرنا وتحقق احتياجاتنا العاطفية والنفسية. 

هذه المشاعر الخطيرة التي تشكّل فخًّا ناعمًا قد لا ننتبه له هي مشاعر الاهتمام الرومانسي، أو الغيرة، أو الأمل في عودة المياه لمجاريها. 

 قد تفتح هذه المشاعر الباب للتلاعب العاطفي، وتمنحنا صدمةً أسوأ من صدمة الانفصال لاحقًا، كما قد تعوقنا عن التجاوز والشفاء من الحب القديم.

يظهر الاهتمام الرومانسي في صداقتنا بالإكس في تتبعنا لأخباره، وخصوصًا العاطفية. هل يواعد أحدًا أم لا؟ وهل يحوم حوله شخص جديد أم لا؟ أو تحويل الكلام إلى اتجاه عاطفي والإغراق في الذكريات، حتى ولو بالمزاح.


أيضًا تظهر مشاعر الغيرة عندما نعرف  أن الاكس ارتبط، أو نراه يتعامل بحرية مع أشخاص يمكن أن يصبحوا شركاء عاطفيين له، الأمر الذي قد يشعرنا بمشاعر سيئة للغاية.

هناك حقيقة مهمة هي أن الكثير ممن يحتفظون بصداقتهم مع الإكس يكونون من داخلهم ما زالوا متعلقين بالعلاقة السابقة، ويمثلون دور الصديق/ة على أمل أن تعود المياه لمجاريها.

في أفضل الأحوال، يؤخرهم هذا عن التعافي من العلاقة، وفي أسوأها يجعلهم ضحية للتلاعب النفسي من قبل الشريك، أو يبدؤون هم في التلاعب به، بغرض أن يعودا معًا، أو بغرض إثارة غيرة الإكس أو ندمه، وكم امتلأت صفحات المشاكل بأسئلة من نوعية “إزاي أخليه يندم ويرجع لي؟”، و”أنا والإكس أصحاب، بس بغير عليها ومش عارف أعمل ايه”. 

في جميع الأحوال لن ينتهي الأمر نهاية جيدة.

العامل الحاسم والضروري هنا هو الزمن.. سواء كنت تفكر/ين في الإبقاء على صداقتك مع الإكس، أو إغلاق صفحته للأبد من حياتك، فلا بد من فترة طويلة من التباعد وعدم التعامل المباشر، حتى تشفى مشاعركما من جرح الفراق، ويعود العقل ليسيطر على علاقتكما.

وهناك عدة علامات تخبرنا أننا مستعدون لصداقة الإكس

  • مرور وقت طويل على نهاية العلاقة العاطفية، وشعورنا  بأننا تجاوزناها، وسامحنا أنفسنا والإكس على أي أذى حدث فيها.
  • الشعوربأننا نحترمه ونقدّره إنسانيًّا، ويمكننا أن نثق فيه، وأنه لن يؤذينا.
  • نثق في نضجه، وأنه يعتز بصداقتنا أيضًا، ويسعى لإقامة علاقة ودية طيبة معنا.
  • أن تكون علاقتنا العاطفية قد انتهت باحترام ومودة، دون إيذاء جارح لمشاعر أحد منا، ولا ضغائن بيننا.
  • لا نحاول التلاعب به عاطفيًّا، ولن نسمح بالتلاعب بنا.
  • لا نشعر بالغيرة عليه، ولا نشعر بالسوء من فكرة ارتباطه أو زواجه
  • عدم اهتمامنا بمعرفة تفاصيل علاقاته العاطفية بأكثر مما نفعل مع أصدقائنا الآخرين.
  • كوننا نحظى بعلاقات اجتماعية وصداقات عديدة، ومنفتحون لعلاقات عاطفية جديدة. أي أنه ليس الصديق الوحيد في حياتنا الذي نمضي معه أغلب وقتنا.
  •  لا نفكر في الإكس بشكل رومانسي بعد الآن، ولا نخطط للعودة للعلاقة.

الصداقة مع الإكس ليست مستحيلة، فقد يشجعنا عليها بعض الأصدقاء، ويخوفنا منها البعض الآخر. 

لكنها أولاً ستبقى تجربة شديدة الفردية والاختلاف من شريك لآخر، والفيصل الوحيد فيها هو ظروف العلاقة، والزمن الذي احتجناه لنراها في حجمها الحقيقي، وننضج ونفهم ماذا نريد حقًّا من أنفسنا وممن حولنا.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (4)

  1. الإكس واي زيد
    مقال مرهقاتي تزيفيي مبني تصور في قمة السذاجة والغباء عن الكينونة الطبيعية للعلاقات البشرية التي لا يمكن التعالي عليها حسب أعتد علماء النفس والاجتماع (ك جوردان بترسون)
    وايضا ببساطة حسب المحاكم و مخافر الشرطة وكل ما يقع لما نتبنى علم زائف فيما يخص طبيعة العلاقات البشرية تبني فكر وقناعات على شي مزيف غير طبيعي
    لما تكبري وتعقلي راح تصيري قادرة على فلترة العلم والقناعات الزائفة

    1. أهلاً بك/
      هل تود/ين أن تشرح/حين لنا مهي فكرتك عن التصور الطبيعي للعلاقات ؟

  2. كلام عيال فاكرين الحياة على أرض الواقع مثلها مثل مسلسل مكسيكي

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات