هل تطاردك لعنة العزوبية؟
لماذا أنتَ أعزب إلى الآن؟ لماذا أنتِ وحيدة رغم محاولاتك الجادة للارتباط؟
في الواقع، يرغب الكثيرون منا في الارتباط، وفي أن يكون لهم شريك/ة حياة. على الرغم من شرعية هذا الحلم، إلا أنه يبدو أمراً بعيد المنال. لماذا أنتَ أعزب إلى الآن؟ لماذا أنتِ “سينجل” رغم محاولاتك الجادة للارتباط؟
السبب الأول: نظرية “التَعلّق”
أنماط التعلق Attachment Theory
اهتم الطبيب النفسي “جون باولبي” بشرح ما يسمى بـ “نظرية التعلق” حيث أوضح أن علاقة الطفل وهو صغير بمقدم الرعاية الأول – الأم أو من ينوب عنها – يؤثر في الطريقة التي يتعامل بها الطفل في العلاقات الحميمة عندما يكبر. وقسم “باولبي” الأطفال محور بحثه إلى ثلاث مجموعات:
- مجموعة التعلق الآمن: أظهر فيها الأطفال شكلاً صحياً للتعلق بالأم والارتباط العاطفي بها.
- مجموعة التعلق المضطرب: أظهر فيها الأطفال شكلاً مشوشاً من التواصل مع الأم؛ حيث أنهم يرغبون في أن تكون قريبة دائماً عندما تبتعد، ولكن عندما تقترب منهم يشعرون بالغضب والاستياء تجاهها.
- مجموعة التجنب: أظهرت هذه المجموعة من الأطفال غضباً شديداً تجاه الأم وعدم الاكتراث بقربها أو بعدها.
كيف يمكن لهذه النظرية أن تؤثر في موضوع الارتباط؟
أثبتت التجارب والدراسات اللاحقة التي اعتمدت على “نظرية التعلق”، أن الأطفال الذين كان نمط تعلقهم مضطرب، أو متجنب، كانوا أكثر اضطراباً في العلاقات العاطفية حين كبروا، ومن الصعب عليهم، أكثر من غيرهم، الاستمرار في علاقات عاطفية ناجحة.
أصحاب نمط التعلق المضطرب بالأم، سيعانون من مشاكل الخوف من الهجر والفقد في علاقاتهم، وبالتالي سيتشبثون بشكل مرضي بالشريك، وسيرغبون في الارتباط للأسباب الخاطئة، مما يجعلهم يتخبطون في علاقات فاشلة.
أما من ينطبق عليهم مواصفات مجموعة التجنب، فقد يتجنبون العلاقات طويلة الأمد من الأساس – سواء عن وعي أو لا.
السبب الثاني: صدمات الطفولة Childhood Traumas
الكثير من الأطفال الذين تعرضوا لصدمات في الطفولة، مثل الإيذاء البدني العنيف أو الاعتداءات الجنسية، قد يصبح لديهم خوف مرضي من الدخول في علاقات عاطفية بصفة عامة، أو الزواج بصفة خاصة.
من تعرض للإيذاء جنسي في الطفولة، سواء صار رجلاً أو امرأةً، سوف تتشوه لديه مفاهيم الجسد وصورة الذات. سيصبح لديه خوف من ممارسة الجنس مما يجعله يميل للعلاقات السريعة السطحية أو يعاني من العلاقات الجنسية المضطربة.
السبب الثالث: الحرمان العاطفي
“محدش هيعرف يحبني!”
في العلاج النفسي التخطيطي Schema Therapy، هناك ما يسمى بـ “مخطط الحرمان العاطفي”. يشعر البالغون الذين يعانون من هذا “المخطط”، بأنهم غير جديرين بالحب، وأنهم لن يجدوا من يحبهم بالشكل الكافي، ولن يستطيع أحد فهمهم أو التعاطف معهم.
لذلك يقعون في فخ التفكير السلبي، ويتنبأون بفشل العلاقة، وكأنهم مطلعين على المستقبل، زاعمين أن الشخص، أي شخص، يدخل معهم في علاقة لن يحبهم ولن يستطيع احتواءهم.
مشكلتهم تتلخص في عدم القدرة على استقبال الحب من الآخرين بشكل صحي، مما يجعلهم لا يستمرون في علاقات طويلة الأمد بسهولة.
السبب الرابع: الارتباط بمن لا يصلح للارتباط
“غير متاح.. أسيبه؟! قمت حبيته!”
الخوف الشديد من الفقد أو الهجر قد يجعل الأشخاص بلا وعي يختارون شريكاً غير متاح حتى يحققوا النبوءة التي يصدقونها عن أنفسهم، والتي تقول:
“سيتركنا الجميع إن عاجلاً أم آجلاً”
لأن هؤلاء الأشخاص يؤمنون بتلك النبوءة، تجدهم يبحثون عن شريك/ة غير متاح/ة للارتباط. يدخلون في علاقة مع شخص مرتبط أو متزوج أو كثير السفر والالتزامات، أو شخص لا يرغب في الزواج من الأساس.
يخرج هذا الشخص من علاقة مع شريك/ة غير متاح/ة، ليدخل في علاقة أخرى مع طرف جديد غير متاح أيضاً – فتتحقق النبوءة وتستمر اللعنة.
السبب الخامس: الانطوائية أو الانعزال المبالغ فيه
الانطوائية في حد ذاتها ليست مرضاً نفسياً، ولكن عندما تزيد عن الحد الصحي، وتدخل في مرحلة العزلة Isolation، فإنها قد تؤثر على قدرة الشخص على تكوين علاقات جديدة أو علاقات حميمة طويلة الأمد.
لهذا سنجد الشخص الانعزالي لا يرحب بالتعرف على آخرين، ولا يبادر بالتعارف في التجمعات، وقد يصل به الأمر أن يختبئ أو يهرب من العلاقات الجديدة – مما قد يبقيه “سينجل” لمدة طويلة.
السبب السادس: التعلق السريع
التعلق السريع بالطرف الآخر، هذا التعلق غير المبني على أسس سليمة، ولم يسبقه مدة كافية للتعارف، وبدون أسباب منطقية، قد يخيف الآخرين، وقد يكون عائقاً أمام الدخول في علاقة جادة.
تصوروا فتاة تعرفت على شاب، أو العكس، وبعد أسبوع واحد بدأت في مطاردته بالتليفونات وملاحقته بكلمات الحب والغرام، ثم تسأله عن مصير العلاقة وتلمح، أو تصرح، برغبتها في الزواج.
بالتأكيد سيشعر الشاب بالقلق، قد يأخذ ذيله في أسنانه ويهرب، وقد يبدأ في استغلالها عاطفياً أو جنسياً.
السبب السابع: فقر تقدير الذات
أنا ما استاهلش!
نتيجة لبعض المعتقدات الخاطئة للشخص عن نفسه منذ الطفولة، وبالتالي الكثير من التفكير السلبي وفقر تقدير الذات، يكبر البعض وهم لا يصدقون أنهم “يستاهلوا”.
يشعر هؤلاء أنهم لا يستحقون الحب، وأنه لا يوجد من سيرغب في مشاركتهم حياتهم. يشعون بعدم الجاذبية وعدم الاستحقاق. للأسف، يرانا الناس كما نرى أنفسنا وسوف يعاملوننا كما نعامل أنفسنا وكما نظن أننا نستحق.
ما العمل إذن؟
- تحديد المشكلة أول الخيط. العودة للطفولة المبكرة وما قبلها قدر المستطاع وتحليل العلاقة بالأم والأب قد يساعد على تحديد العوامل التي قد تكون سبب البقاء في خانة “السينجل”.
- القراءة المتخصصة. القراءة عن المشكلة وأسبابها وأبعادها وعلاجها.
- طلب المساعدة. الطبيب النفسي، أو المعالج النفسي، قد يساعد في تحديد المشكلة وفك وإعادة تركيب صورتك الذهنية عن نفسك وعن العلاقات.
- استخدام كل ما سبق لحل “المشكلة”، ثم، عندما تشعر/ين أنك مستعد/ة، يمكن البدء في علاقة جديدة صحية. حاول/ي تطبيق ما تعلمت من مهارات جديدة.
أخيراً، يجب أن نؤمن أن لكل منا “وليف” في مكان ما سيظهر عندما يحين الوقت المناسب.
اقرأ المزيد: تجارب الطفولة وأثرها على حياتك العاطفية والجنسية