ناجية
“في طفولتي – وبعد تعرضي للتحرش الجنسي – عانيت من السير نوما والهلاوس البصرية. كنت أرى في أرجاء البيت أحد الشخصيات الخرافية المُخيفة في مسلسل ألف ليلة وليلة. الأمر الذي حوّل حياة أسرتي لجحيم. ودفع أمي أن تأخذني لأنام بجوارها…”
“وأنا طفلة، تم التحرش بي واستغلالي جنسيًا”.
ها أنا قد تفوهت بها. فطيلة هذه السنوات وأنا أتذكر جيدًا ما حدث، بيدَ أني لم أحكِ عنه لأحد، ولا حتى لأمي (صديقتي المقربة). ربما لأني كنت أودّ حمايتها من الشعور بالذنب لأني خضت هذه التجربة البشعة.
ربما لأني خشيت من ألا يُصدّقني أحد بعد كل هذه السنوات، فالأطفال ذوي خيال خصب، ويميلون في سنوات طفولتهم لاختلاق العديد من القصص ثم التوحد فيها ولا يستطيعون معرفة الأحداث الحقيقية من الخيال.
التحرش بالأطفال يُعرّف عالميًا بأنه الجريمة المستترة. فالأطفال لا يبلّغون ذويهم. وأولياء أمورهم إذا ما اكتشفوا الجريمة لا يتقدمون ببلاغات رسمية خوفًا من الفضيحة أو من إلقاء اللوم عليهم واتهامهم أنهم غفلوا عن أبنائهم.
لذلك يفلت الجاني بفعلته وتضيع الجريمة في غياهب الخوف. الخوف من التكذيب، أو الخوف من الفضيحة.
في طفولتي – وبعد تعرضي للتحرش الجنسي– عانيت من السير نوما والهلاوس البصرية. كنت أرى في أرجاء البيت أحد الشخصيات الخرافية المُخيفة في مسلسل ألف ليلة وليلة. الأمر الذي حوّل حياة أسرتي لجحيم. ودفع أمي أن تأخذني لأنام بجوارها.
النوم في فراش أمي والاحتماء بها، لم يمنع (الإشكيف) من الظهور كل ليلة. لا أعلم متى توقفت هذه الهلاوس وأعرف أني لم أرضخ للعلاج النفسي. بعد سنوات طويلة، وقع تحت يدي –مصادفة- مقالة علمية توضح أنّ تجسُد الـوحوشMonsters) ) والسرنمة (المشي أثناء النوم) واضطرابات النوم ما هو إلا عَرَض من الأعراض التي تظهر على الطفل الذي تعرّض لاستغلال جنسي.
أن تجسُد (الإشكيف) وسيري نومًا كان نوع من أنواع اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD (Posttraumatic stress disorder التي أفرزها عقلي كي يفرّغ فيه ما تعرض له جسدي دون أن يربط أحد بين ما أعاني منه وبين تعرضي لهذه الجريمة.
ما الذي دفعني الآن للتحدث عن هذا الأمر؟!
لفترة قريبة كنت أظن أني لم أنجُ بعد من هذا الاعتداء. كنت أتوتر إذا ما فكّرت في صورة من صور الاتصال الجسدي الحميمي.
كنت أخشى ألا يتفهم زوجي المستقبلي لماذا أجفل من التلامس –لم أفكّر في إمكانية إخبارُه -.أخذت قرارًا بعدم الإنجاب خوفاً على أطفالي.
الإحصائيات تشير إلى أن مئات الآلاف من الأطفال يتعرضون سنويا للتحرش الجنسي على يد أقرب الناس، كأحد أفراد العائلة، أو الأصدقاء، أو المربيات أو السائقين، أو الجيران والمعلمين.
الأمر الذي يُصّعب على الوالدين منعه منعاً تاماً. فالدراسات والإحصائيات العالمية تفيد أن 70 % من الأطفال في العالم قد تعرضوا للتحرش الجنسي بنوع أو أكثر. كما أوضحت إحصائية ألمانية أن نسبة التحرش الجنسي بالطفل في ألمانيا تتراوح بين 12 – 15 % أي ما يعادل 200 ألف حالة سنوياً. أما في الوطن العربي، فالحالات الموثقة أقل بكثير مما هي عليه في أرض الواقع.
ولكي أنجو قررت التحدث عن الأمر. فأنا لست مذنبة. ولا أُلقي باللوم على أحدٍ من أهلي. المذنب وحده هو الجاني الذي فعل بي هذا. أتحدّث عن الأمر الآن كي أتصالح مع ذكرى “الإشكيف” التي تومض أحيانا في ذاكرتي، ولكي ألفت النظر إلى تلك الأعراض الناتجة عن الاستغلال الجنسي للأطفال (من الأعراض المصاحبة للتحرش الجنسي بالأطفال والتي لا تصاحبها أية شكوى جسدية: خوف الطفل من بعض الأشخاص أو الأماكن أو الأنشطة بدون سبب – تكرار التقيؤ- مشاكل في النوم – عدم التحكم في عملية الإخراج بعد أن وصل لمرحلة التحكم بها – هلاوس بصرية – التعامل بعنف شديد- الغيرة والأنانية – عدم الثقة بالنفس).
لكي أُبيّن أهمية الحديث مع الشريك المستقبلي عن هذا الأمر، والاتفاق على تثقيف الأطفال المستقبليين جنسياً وتصديقهم والأخذ بكلامهم. ولأن الحديث عن الاعتداء يساعد في التخلص من آثار اضطراب ما بعد الصدمة، ولأُرسِّخ في ذهني حقيقة أني لستُ مذنبة، أنا ناجية.
هل مررت أنت أو أحد أقاربك من تجارب مشابهة؟
يمكن ترك تعليقك أدناه أو المشاركة في النقاش عبر فيسبوك وتوتير.
انا ايضا تحدث معى تلك الاشياء
انا ايضا تحدث معى تلك الاشياء وبقيت مش عارفة انام من كتر ما فكرت فى حبيبى وهو دايما جاى على بالى وانا عندى احساس ان حبيبى هيجبلى مشاكل كتير وانا مش عارفة اعمل اية ردى علية بسرعة
انا سارة علشان خاطرى ردى علية
انا سارة علشان خاطرى ردى علية واخبرينى اعمل اية فى المشكلة دية والمشكلة الاكبر اننى مش قادرة اسيبه
يجب الوقوف ضد التحرش الجنسي
يجب الوقوف ضد التحرش الجنسي لانني اتا ايضا تعرضت له و شكرا
حدث مع كذلك اخاف ان ارتبط
حدث مع كذلك اخاف ان ارتبط ابتعد عن الحب والرجال
علي فكره الحب مالوش اي علاقه
علي فكره الحب مالوش اي علاقه بالتحرش
وإنتِ صغيرة مش بتبقى فاهمه…
وإنتِ صغيرة مش بتبقى فاهمه إيه اللى حصل وبتعتبريه ده شيء عادي وطبيعي بيعمله كل الكبار وممكن تعمليه مع أصدقائك كمان.. لحد ما توصلي لسن معين وتبدأي تكتشفِ إن اللي حصل لك ده كان جريمه وتبدأي تحسِ بالذنب أنا ازاي سمحت إن ده يحصلي كان لازم أدافع عن نفسي.. تكبري في السن وكل شيء قد فقد معناه تكرهين أحياناً أمك وأبوك لأنهم انجبوك وتخلوا عنك عندما كنت بحاجة إليهم تقراين كثيراً وتستمعِ إلى الموسيقى وتحبين الفن والأدب ولا تثقين بمن حولك حتى اقرب الناس اليك ترفضين الزواج والانجاب تصبحين من الأشخاص المعاديين للمجتمع.. مجرد حادثة مرتِ بيها قد تكون دقائق بسيطة بالنسبة للجاني ولكنه لايعلم بأنه قد دمر حياة إنسان ليس له أي ذنب.