شريكتك أيضاً تتعرض للتحرش.. خمس خطوات لمساعدتها
شريكتك تتعرض للتحرش ولا تخبرك بذلك، لأنها لا تضمن مدى تفهمك ودعمك. ما هي الخطوات التي عليك أن تتخذها لتجاوز ذلك.
بعض الرجال حين يستمعون إلى حوادث التحرش يشعرون أن هذه الحوادث بعيدة عنهم. قد يدعون أن شريكتهم محتشمة فلا تتعرض لها، أو أنها تتحرك في سياقات “محترمة”، بين عمل مرموق وأنشطة راقية، فلا فرصة لذلك.
عزيزى الرجل دعني أحكي لك قليلاً عن قصة شريكتك مع التحرش، نعم لقد تعرضت للتحرش ولم تخبرك بذلك لأنها شعرت بالقلق من رد فعلك.
هذا المقال يحاول تقديم طرق عملية تجعلك تساندها بعد تعرضها لهذه الجريمة الشائعة.
بداية أحب ان أوضح أن هناك أنواعاً مختلفة من التحرش وهي اللفظي والجنسي والبصري، ووفقاً لإحصائية أجرتها منظمة الأمم المتحدة للمرأة فقد تعرضت نسبة 99.3% من السيدات في مصر للتحرش من قبل.
ربما تضبط هذه الإحصائية تصوراتك حول حجم الموضوع وإمكانية تعرض شريكتك لحادث مشابه.
سمعت في العيادة قصصاً كثيرة لسيدات تعرضن للتحرش الجنسي وشعرن بالخوف من البوح لشركائهن: سيدة يتحرش بها مديرها في العمل، وأخرى يتحرش بها مشرف رسالة الدكتوراه، وأخرى يتحرش بها حموها وتخاف من إخبار زوجها خوفاً من الطلاق.
وكلهن لم يستطعن البوح للشريك وكانت مخاوفهن تتلخص في إلحاح الشريك على ترك ما تفعله حتى يتوقف التحرش، ترك العمل أو التوقف عن استكمال الدراسات العليا، وكأن هذا هو الحل لمواجهة التحرش.
أخبرتني إحداهن أن زوجها صرخ في وجهها عندما حكت له قصة تحرش تعرضت لها في العمل، واتهمها بأنها إذا لم تترك وظيفتها فهذا دليل على رضاها بما تتعرض له.
أكثر ما أتذكره أنها قارنت زوجها بالمتحرش و قالت: “كلاهما انتهكني وحاول أن يفقدني ذاتي”.
في إحدى المرات خضت نقاشاً مع مجموعة من زملاء العمل حول رد فعلك عندما تخبرك شريكتك بتعرضها للتحرش. معظم الرجال في المجموعة تراوحت إجاباتهم بين “ينبغي أن أغضب بشدة”، “سأتشاجر معه”، “سأقتله”.
في الحقيقة كان التركيز الأكبر على مشاعر الرجل بعد تلقيه للخبر، وليس مشاعر الشريكة الضحية.
دعني، عزيزي الرجل، أتحدث معك عن خمس خطوات يمكنك من خلالها مساعدة شريكتك على تجاوز تلك الأزمة.
الطمأنة
أولى هذه الخطوات هي الطمأنة.
افعل كل ما بوسعك لتشعر شريكتك بأنها الآن في أمان وأنك تصدق روايتها، وأكد على أنها ليست السبب فيما تعرضت له من تحرش، اسمع القصة منها وشجعها على حكايتها واحتضنها وقل لها إنك تشعر بألمها وتقدره.
من حقك أن تغضب لكن لا تنس أنها غاضبة أيضاً. أخبرني زميل بالعمل أن المرأة العاقلة لا تخبر زوجها بقصص التحرش حتى لا تجعله يغضب ويرتكب حماقات قد يندمان عليها فيما بعد.
كلامه قد يتوافق مع ما يذكر في صفحات الحوادث عن رجال قتلن من تحرش بنسائهم، وأتذكر أن ذلك الصديق أخبرني ببعض هذه القصص كدليل قاطع على صحة وجهة نظره.
ولكن إغفالك لغضبها والتركيز على غضبك واعتبار تصريحها حماقة، واعتقادك أنها تنتظر منك عملاً بطولياً يدافع عنها، يفاقم المشكلة.
دعني أؤكد لك أن العمل البطولي الذي يمكنك تأديته الآن هو طمأنتها، لأنها خائفة وتشعر بالذنب بسبب ميراث طويل من الانتهاكات والخذلان المجتمعي.
التشجيع
الخطوة الثانية التي تحتاج إلى اتخاذها هي تشجيعها على الاستمرار فيما كانت تقوم به من فعل. إذا تحرش بها زميل في العمل شجعها على مواجهته واستكمال عملها، وأكد عليها أن المشكلة ليست في العمل وإنما في الزميل المتحرش الذي ارتكب الجريمة.
إذا كانت تسعد بالمشي في الشارع وتعرضت لمعاكسات سخيفة ليس الحل هو أن تطلب منها الإقلاع عن عادة المشي في الشارع كرياضة تحبها.
أكثر ما تود سماعه وتحتاجه عبارات تؤكد أنها ليست السبب فيما تعرضت له.
بعد التعرض لحوادث التحرش تحجم الكثيرات من الضحايا عن مواصلة الأنشطة التي كن يمارسنها ويتعرضن خلالها للتحرش، لأن ذلك يورطهن في الشعور بالذنب.
تأكيد الشريك على نفي ذلك، وتشجيعه على استكمال النشاط سيساعدها على تجاوز الموقف، أما تحفيزها على حكي ما حدث، فسوف يحول دون التورط في الشعور بالذنب تجاهك.
التحرر من الغضب
الخطوة الثالثة هي التروي والتحرر من الغضب، أو لنقل إدارته بشكل جيد.
ناقش الأفكار المثيرة للغضب التي تراودك، وكذلك الخرافات التي تقول إن النساء يحتقرن الرجل الذي لا يدافع عنهن بدنياً.
فكر فيما تنوي فعله ولا تختلق المشاكل مع المتحرشين، وفي الوقت نفسه هذا لا يعني أننا سنتركهم ينعمون بفعلتهم.
لكن قبل التسرع والتصرف من منطلق الغضب، راجع الأفكار والأفعال التي تنوي تنفيذها، وشاركها وتحدث عنها مع أشخاص تثق في حكمتهم.
الحلول الرسمية
الخطوة الرابعة هي التشجيع على التصرف بشكل قانوني دون خوف من الفضائح.
لا تقل لشريكتك عبارات مثل “جلبت لنا فضيحة”، “لا يمكننا مواجهة ذلك”.
يمكن أن تستشير رجل قانون لتعرف أكثر عن قوانين التحرش وتتصرف وفقاً لها، مع تشجيعها على الحصول على حقها، وأن هذا السعي سيجعلك تشعر بالفخر.
تشجيعك لشريكتك على فضح مديرها في العمل وتقديم شكوى ضده، وتأكيدك على الوقوف بجوارها أمر في غاية الأهمية وسوف يساعد على توطيد العلاقة بينكما.
اقرأ المزيد: من فضلك لا تلمس جسدي.. عن التحرش في مكان العمل
الدعم النفسي
الخطوة الخامسة هي التشجيع على الذهاب لمعالج/ة نفسي/ة متخصص/ة.
قد تكون شريكتك تعرضت لاضطراب ما بعد الصدمة، فلا تقلل من شأن ما تشعر به وتجبرها على تجاوزه بسرعة، وتحدثها عن القوة التي تنتظرها منها لمواجهة ذلك، وتعتبر ذلك من قبيل التشجيع .
يجب أن يكون الشخص مرآه لمشاعر شريكته يرى ما بداخلها ويتصرف وفقاً لها، ولا يجبرها على تخطي أمور لا تستطيع تجاوزها، فقد تتعرض للانهيار. وأنت لست معالجاً نفسياً لمواجهة هذا الانهيار.
هذه الخطوات تهوِّن من حادث التحرش البشع وتقلل من آثاره السلبية عليها، وتجعلها تتذكر شجاعتك في الوقوف بجوارها، وهذا ما تحتاجه المرأة: رجل شجاع وليس أحمق غضوب يضغطها ويعرضها للخطر وينتقدها ويحملها نتيجة اندفاعه.
يجب أن تدرك أن اندفاعك يعبر عن عدم إدارتك جيداً لغضبك، ولن يفيدها أو يفيدك في شيء.