زواج سعيد
freeimages

ما الذي يجعل هذا الزواج ناجحاً؟

نطرح العديد من الحلول للمشكلات الزوجية التي تواجه أي شريكين، ولكن في المقابل نرى أمامنا العديد من الزيجات السعيدة. ما العوامل التي تؤدي للحياة الزوجية المستقرة والسعيدة؟ اعرف/ي من هذا المقال

ما الذي يجعل الزيجة ناجحة؟

من الصعب إيجاد إجابة موحدة لهذا السؤال، فكل تجربة زواج أو علاقة عاطفية طويلة الأمد لها خصوصيتها وأسرارها التي لا يعرفها أحد وتفاصيلها التي ربما لا تمر بمخيلة المحيطين.

تنبع فكرة التفرد في العلاقات من عدة عوامل: أولهما أن كل من طرفي العلاقة شخص مستقل بذاته نشأ في ظروف تختلف أو تتشابه مع الطرف الآخر، ولكنها بالتأكيد ليست مماثلة.

إن افترضنا جدلاً أن ظروف النشأة والخبرات التي مر بها كل منهما كانت شديدة التماثل، يظل من الصعب أن تتماثل شخصياتهما وتفاعلهما مع الحياة، فحتى الإخوة الذين ينشأون داخل الأسرة الواحدة لا يكونون صوراً طبق الأصل عن بعضهم، بسبب الاختلافات الشخصية الخاصة بكل منهم، وكذلك صعوبة توحيد التجارب والتفاعلات اليومية.

العامل الثاني هو اختلاف نتيجة التفاعل بين كل شخصين عن غيرهما، فكل طرف في العلاقة إن جمعته الأقدار بشريك آخر، ستكون أفعاله وتصرفاته وردود أفعاله وتجربته مختلفة تمام الاختلاف.

أضيفوا إلى ذلك البيئة المحيطة والمتمثلة في الأهل والأصدقاء والظروف الاقتصادية والمناخية والاجتماعية، وغيرها من المؤثرات على حياة الأشخاص في مختلف مراحل حياتهم.

 

توقعات غير حقيقية

 

تكرار كلمات “اختلاف” و”اختلافات” و”مختلف/ة” في الفقرات السابقة لم يكن عبثاً! فتذكر هذه الكلمات وما تمثله من حقيقة واقعة واستيعابها جيداً هو، من وجهة نظري، الخطوة الأولى في طريق أي علاقة عاطفية أو زوجية ناجحة.

الكثير من العلاقات والزيجات تنتهي بسبب توقعات غير واقعية حول أهمية تشابه الطباع والسمات الشخصية للشريكين، فيتوقع كل منهما من الآخر أن يتعامل مع كل المواقف بنفس الطريقة التي يراها ملائمة، أو أن ي/تتمتع الشريك/ة بنفس المجموعة الكاملة من الاهتمامات، أو التعامل بنفس الوتيرة مع الحياة اليومية.

يصطدم هؤلاء بصخرة “الاختلاف” في علاقاتهم على أرض الواقع.

التوقعات غير الواقعية ليست الآفة الوحيدة التي تفسد العديد من الزيجات، فهناك أيضاً “التوقع المستمر من الطرف الآخر”، بمعنى أن يتركز تفكير كل طرف على “ما يفعله الطرف الآخر للعلاقة” ويدور تقييمه لها على ذلك.

في رأيي، لنتمكن من تقييم أي علاقة بشكل دقيق، يجب أن نفكر دوماً فيما نقوم به لبناء هذه العلاقات والحفاظ عليها وليس ما يقوم به أولاً.

التركيز على دور الطرف الآخر من جانب كل شريك تجاه الآخر يجعل العلاقة تدور في حلقة مفرغة من الترقب والتحفز والشحن المستمر، تنتهي عادة بوجود حاجز نفسي “بلوك” بين الطرفين.

الزواج النجاح
freeimages

لا يعني ذلك أن نجاح العلاقات يمكن أن يقوم على طرف واحد فقط، دون الالتفات لدور الطرف الآخر، ولكن تقييم دور الطرف الآخر يكون أكثر دقة عندما نقوم بتقييم أنفسنا وأدائنا داخل العلاقة أولاً.

 

ضع/ي نفسك مكان الآخر

 

لا يمكن تقييم دور الطرف الآخر بدقة وعدل دون “التعاطف” معه.

أعني بالتعاطف هنا المعني المجرد للكلمة وهو “أن تضع نفسك محل الطرف الآخر” في كل المواقف.

لا يمكن فهم تصرفات أي شخص دون أن تتخيل نفسك في مكانه، فتتفهم دوافعه والظروف التي تحركه وحساباته ومعتقداته الشخصية، وتتقبل اختلافاته. هذه المهمة تكون أكثر يسراً مع شريك/ة الحياة بسبب التقارب والألفة والمعرفة العميقة به.

يقلل التعاطف من الصدامات والمشاحنات المستمرة ويجعل وتيرة الحياة أكثر هدوءاً ويدعم الارتباط العاطفي بين الشريكين، فيزيد من احتمالات استمرار علاقتهما بسعادة، إذ يشعر كل طرف منهما أن الآخر يفهمه ويحتوي أخطاءه ونقاط ضعفه بدلاً من أن يركز عليها.

تكون مهمة التعاطف أسهل إذا كانت هناك ثقة متبادلة بين الشريكين.

الثقة في الحب المتبادل والثقة في قدرة الشريك/ة على الحكم على الأمور والتصرف في مختلف المواقف تسهل كثيراً تقبل الكثير من الأشياء في العلاقات العاطفية والزوجية، وتبني جسراً من الاحترام المتبادل لشخص كل طرف فيها.

الثقة تمنع أيضاً من اختراق الخصوصية أو المساحة الشخصية لكل طرف، حفاظاً على صحة العلاقة واستقلال كل طرف فيها.

 

ملتزم ومستقل

 

فقدان كل طرف استقلاليته بالزواج يعتبر من أخطر المعتقدات الاجتماعية المتداولة في المجتمعات المحافظة. الزواج هو علاقة شراكة لكل فرد فيها حقوق وواجبات وتتطلب من كل طرف بها التخلي عن بعض ما يريده في سبيل إيجاد مساحة مريحة مشتركة مع الآخر.

لا يتطلب ذلك أن يفقد أي منهما استقلاليته وحريته، وإنما أن يكون لدى الطرفين درجة جيدة من الالتزام بالعلاقة ورغبة حقيقية في استيعاب متطلبات الطرف الثاني ضمن ما يحرص عليه في حياته بوجه عام.

أيضاً، يعد الحفاظ على سرية تفاصيل العلاقة الشخصية بين الشريكين أحد المتطلبات الأساسية لاستقرار الزواج. مشاركة المشكلات والخلافات مع الأهل والأصدقاء بصفة مستمرة يزيد من حدتها، إذ يأخذ كل طرف في حسبانه آراء الآخرين وتعليقاتهم، ليضاف على المشكلة تعقيد جديد يتعلق بالصورة الاجتماعية أمام الآخرين.

في النهاية، توجد بالطبع عوامل أخرى قد تكون ضرورية لإنجاح الزواج مثل التوافق الجنسي والاجتماعي والمادي والثقافي والسياسي وغيرها، إلا أن درجة أهميتها وتأثيرها على العلاقة ككل تختلف من زوجين إلى غيرهما.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (2)

    1. شكراً لك على متابعتنا ونتمنى…

      شكراً لك على متابعتنا ونتمنى أن يعجبك دائماً ما نقدمه من محتوى

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات