معنفة
Flickr

الحديث مع ضحايا العنف: إفعل ولا تفعل

هل سبق وفضفض لك صديق أو صديقة أو أحد المعارف عن مشكلة تعرّض لها؟ كيف يمكن الحديث مع شخص في موقف حرج؟

اكتشف معنا القواعد الذهبية لما ينبغي تجنب قوله وما يمكن أن يساعدهم فعلاً.

تشير الاحصائيات العالمية إلى أن واحدة من بين كل ثلاث نساء حول العالم قد تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي في مرحلة من حياتها (وكثيراً ما يكون ذلك من قبل شريك أو شخص مقرّب).أغلب هؤلاء النساء يتحدين مختلف الصعوبات والذكريات المؤلمة بمفردهنّ، وإذا حدث وتكلّمن، فكثيراً ما يحصلن على إجابات ونظرة إجتماعية تجعل الحياة سوداء أكثر في أعينهنّ. 

تختلف ردود فعل الأشخاص (ذكوراً ونساء) للعنف وتجارب الاعتداء، من ذلك التوتر، والغضب، والاكتئاب، والاحباط، وتدني الثقة بالنفس وأحياناً أعراض الصدمة النفسية واضطراب ما بعد الصدمة. يُذكر أن بعض ضحايا العنف يتراجع اداؤهم اليومي والدراسي، وتفقد عدة معنّفات حول العالم وظائفهنّ  نتيجة للشعور بالتشتت والضياع وصعوبة التركيز. لذلك فإن الحصول على الدعم النفسي والمعنوي عامل هام لتمكينهنّ وتدعيمهن. ما هي أفضل الطرق لتحقيق ذلك؟ فيما يلي بعض الاقتراحات.

 

لا تفعل

  • لوم الضحية على العنف: كثيراً ما نميل إلى إلقاء اللوم على المعنف. نميل مثلاً إلى قول أمور مثل “لو لم تتواجدي في ذلك المكان في تلك الساعة لما تعرضت للاعتداء” أو “لو لم تقومي باستفزاز زوجك لما غضب”. على الأغلب يشعر ضحايا العنف بلوم الذات على واقعهم. قولك مثل هذه الأمور سيصعّب الأمور عليهم، وقد يمنحهم مشاعر سيئة، والمعتدي على الأغلب يلوم الضحية حتى دون أسباب، وطبعاً لا شيء يبرر العنف. يميل المعنفين والمعنفات إلى الشعور بالوحدة وتأنيب الذات، فماذا لو لم يتضامن معهم أقرب الناس إليهم أو شخص اعتبروه مصدر ثقة؟ يصعب علينا احياناً ان نصدّق رواية المعنفة، خاصة أن عدة معتدين ومرتكبي العنف يكونون لطيفين من الخارج، ولا يتخيل الشخص الذي يراهم من بعيد ان بمقدورهم إيذاء الغير.
     
  • العودة الى الوراء ولومهم على قرارات الماضي: من المؤذي جداً قول أمور مثل: “أنا قلتلك ما تتزوجيش الراجل ده” أو “لماذا قمت بالاستمرار في ذلك العمل حتى بعد ان شعرت أن المدير يتحرش بك؟”. أترك/ي الماضي للماضي. الطرف الآخر يحتاج إلى عن درب للخروج من الازمة، وعليك مساعدته لا تأنيبه أو تذكيره بما حدث. 
     
  • اسقاط تجربتك عليهم: إنك تؤذي الطرف الآخر إن قلت “أنظر الي. لا يجرؤ أحد على لمسي أو مضايقتي”. “لو أنا كنت مكانك كان…”.  تختلف تجربة وظروف كل انسان عن الآخر. التعاطف مع الطرف الآخر ينبغي أن يكون قائماً على النظر إلى خصوصيات الطرف الآخر وبيئته. مهما استطعنا تخيل الموقف الذي مر به الطرف الآخر، هناك امور من الصعب فهمها. يُذكر أنه مهما اعترف لك الطرف الآخر، هناك امور اخرى سيصعب الافصاح عنها. هناك اشخاص يصعب عليهم الحديث او التعبير بالكلمات، وهناك مواقف يصعب وصفها، واختصار الحكاية يختلف طبعاً عن تفاصيل الواقع.
     
  • إطلاق الأحكام عليهم وتبسيط الامور: نميل – بحسن نية غالباً – إلى قول أمور مثل “لماذا أنتِ حزينة؟ الموضوع بسيط ولا يستاهل الزعل أو البكاء”. نستطيع قول ذلك لأننا لسنا في مكان الطرف الآخر. ولكن من يتعرض للعنف يرى الموضوع بطريقة مختلفة. ربما فضفضت لك بأمور كانت مدفونة في داخلها لمدة طويلة، وبالتالي ربما تحتاج إلى البكاء. امنحي لها المساحة كي تبكي وتعبّر، وفي نفس الوقت امنحيها القوة واطرحي خيارات تساعدها على الخروج من الأزمة.     
     
  • الحديث مع الطرف الآخر كشخص عاجز: تفادى كلمات مثل “مسكينة” أو محاولة السيطرة على الطرف الآخر عبر اتخاذ قراراته أو استغلال ضعفه. ربما مساعدة الطرف الآخر تعزز ثقتك انت بنفسك كطرف مساعد، ولكن ينبغي عدم اشعار الطرف الآخر بأنه عاجز وتابع لغيره وأن حياته انتهت. الطرف الآخر هو ضحية عنف، ولكن لا تنسى أن لديه أو لديها عقل وقوة وقدرة على اتخاذ القرارات، وينبغي أن تحترم/ي ذلك. في النهاية هذه حياته وليست حياتك.
     
  • كسر الثقة أو التشهير بالطرف الآخر: لا تكسر/ي ثقة الطرف الآخر بك. ربما تذهب وتقول لغيرك بأن هذا الشخص صعبان عليك، وتشارك الحكاية معهم بعد أن وعدت ضحية العنف بأن الأمر سري ومكتوم. إحتمال ان يقوم من افصحت له عن الأمر بمشاركة ذلك مع أشخاص قد يقوموا بالتشهير وأيذاء الضحية، وحتى إن أرادوا مساعدتها، ربما ستتضايق وتشعر بضغط نفسي كبير إذا عرف الجميع بما حدث لها.
     
  • تفاديهم وتجاهلهم او التعامل معهم كوصمة عار: هناك أشخاص ما ان تعترف لهم امرأة بأنها تعرضت للاغتصاب أو العنف يتفادونها ويشعرون أنها وصمة عار، ربما لشعورهم بالعجز عن مساعدتها. طبعاً لا ينبغي ضغط الطرف الآخر، ولكن في نفس الوقت ينبغي أن يشعر الطرف الآخر بأنك هناك في حال احتاجوا لمساعدة. تخيل مشاعرهم في حال تحدوا أنفسهم، واعترفوا لك بما مروا به، وقمت بدورك بالابتعاد عنهم ونبذهم وتفاديهم وإشعارهم بالندم على ذلك. على الأغلب فقدان صداقتك سيزيد من همومهم.  

إفعل:

  • الإصغاء الجيد وعدم المقاطعة: اسمحي للطرف الآخر بالتعبير عما يجول في داخله… لا تعطي نصائح بطريقة فوقية، وإنما قومي بالاصغاء بطريقة تشعِر الطرف الآخر بأنك حساسة له ومتفهمة معه.
     
  • سؤالهم حول ما يرغبون به وماذا يريدون: بدلاً من فرض آرائك وما تعتقدينه صواباً، حاول/ي فسح المجال للطرف الآخر باتخاذ القرارات بنفسه عبر طرح الاسئلة. السؤال يساعدهم أيضاً على الفضفضة والتعبير والتفكير بصوت مرتفع.
     
  • إدراك حساسية الموضوع: تذكري أن ما يشاركونه معك هو أمر حساس جداً، وانهم يعانون في داخلهم من عدة تحديات. كوني متعاطفة معهم وفكري بكل كلمة تقولينها.
     
  • تعزيز ثقتهم بالنفس: الثقة بالنفس أمر أساسي لتجاوز المشكلة. ينبغي أن تذكريهم بجمالهم الداخلي وقدراتهم وقوتهم. ساعديهم على تخطي الصعوبات والمخاوف والضغط الاجتماعي بثقة. يمكنك قول أمور مثل “أعلم انك قوية وستتغلبين على هذا التحدي على المدى الطويل”.
     
  • إشعارهم بالامان: ربما تحتاج صديقتك الى حضن حنون ومساحة آمنة. اشعريها انك مصدر ثقة وأمان. اطرحي عليها خيارات تشعرها بالأمان. حاول/ي اخراجها من دائرة العنف والتفكير السلبي أو الذكريات المؤلمة، عبر اخذها إلى مكان آخر تشعر فيه بطاقة ايجابية.
     
  • منحهم الدعم العملي وخيارات واقعية: كثيراً ما نطلق الأحكام دون مساعدة الطرف الآخر بشكل فعلي. إمنحها عنوان مركز يساعدها، أو مثلاً ساعدها على ايجاد شقة جديدة وآمنة أو وظيفة ما تساعدها على اعالة نفسها بكرامة، إذا كانت ترغب بذلك، كي تتعزز ثقتها بالنفس وقدرتها على الاستقلالية العملية.
     
  • منحهم الامل والتفكير الايجابي: ضروري أن تُشعِر/ي صديقك او صديقتك أو الشخص الذي شاركك المشكلة بأن الحياة ليست سوداء. أشعريها أنك تتفهمين معها ومع مشاكلها، وفي نفس الوقت اشعريها بالتفاؤل وأن هناك اياماً جيدة وجميلة وسعيدة تنتظرها. حاولي تدعيمها ومنحها الأمل، ومن حيث لا تدري احتمال كبير أن تشعر بقوتها الداخلية، وتتمكن من مساعدة غيرها آيضاً على المدى الطويل.

    هل لديك اقتراحات أخرى؟ 
هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (2)

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات