جاءتني ذات يوم، سيدة عشرينية، تشكو من عدم قدرتها على الاستمتاع بالعلاقة الحميمية مع شريكها، بعد أن كانا يستمتعان كثيراً في السابق.
أخبرتني برغبتها في إجراء جراحة تجميلية لمهبلها، حيث تشعر بترهله وعدم قدرتها على احتواء قضيب شريكها، خاصة بعد الولادة الثالثة.
وعندما سألتها عن طبيعة الولادات السابقة وحجم المولود؛ تبيّن أنّ طفلها الأول كان كبير الحجم واضطر الطبيب إلى استخدام الجفت في توليده (الآلة الطبية التي تحيط برأس الطفل وتخرجه من رحم المرأة في الولادات المتعسرة).
وفي أثناء الفحص المهبلي؛ عطست المريضة، وأفلتت منها بعض قطرات بول.
كثيرات يأتين إلى عيادات الجراحة بالشكوى نفسها، وقد تكون المشكلة حقيقية بالفعل مثلما كانت الحالة التي ذكرناها، ولكن أيضاً قد تكون المشكلة نفسية أو متوهمة، ونابعة من الأفكار الشائعة والمغلوطة عن تأثير الولادة.
تأثير الولادة على المهبل
المهبل ممر عضلي، أو قناة تصل بين عنق الرحم وسطح الجلد.
ونسيج المهبل هو نسيج مطاطي بالأساس، غني بالألياف المرنة (elastic fibers) مع طبقة من العضلات، تساعده على الانقباض وتفصله عن المستقيم من الخلف و المثانة من الأمام.
والمهبل عضو يتمدد بسهولة، ويمكنه استيعاب فوطة تامبون صغيرة، وفي الوقت نفسه، يستوعب جسم المولود ليمر من خلاله، في أثناء الولادة.
كما يتسع بالطبع كي يحتوي عضو الرجل المنتصب في أثناء العلاقة الحميمية.
بعد الولادة تشعر السيدة بأن مهبلها اتسع عن طبيعته، وأصبح أكثر ليونة وترهلاً، ومع انخفاض مستوى هرمون الإستروجين، تقل الإفرازات المهبلية وتشعر المرأة بالجفاف، وهو ما قد يسبب بعض الآلام أثناء ممارسة العلاقة الحميمية.
وعادة ما تعود بطانة المهبل وعضلاته لحالتها الطبيعية من حيث المرونة والمتانة بعد الولادة بأيام أو أسابيع قليلة.
لكن مع تكرار الولادة وخاصة إذا كانت ولادة طفل كبير الحجم، أو أن الولادة كانت متعسرة واضطر الطبيب لاستخدام الجفت لتوليد الجنين؛ فإن تجويف المهبل يتسع بشكل مَرَضي وتترهل بطانته وتقل مرونته، بل وتضعف العضلات أيضاً ويصيبها ما يمكن وصفه بالتمزّق، مثلما تتمزق بعض الأقمشة.
في كثير من هذه الولادات المتكررة أو المتعسرة، تلتئم العضلات وتعود أنسجة المهبل لطبيعتها قبل الحمل والولادة، خلال أسابيع أو شهور. خاصة مع ممارسة تمارين تقوية عضلات الحوض (تمارين كيجل)، والتي ينصح الأطباء بممارستها بشكل يومي قبل الحمل وأثنائه وبعده. بالإضافة إلى ممارسة الرياضة والمشي واتباع العادات الغذائية والصحية السليمة؛ تجنباً للتدخلات الجراحية.

ورغم كل هذا الحرص وهذه الإجراءات الوقائية، فهناك بعض الحالات لا يلتئم المهبل بشكل جيد ويضطر الطبيب إلى التدخل الجراحي أو التدخل بالليزر لتقوية نسيج المهبل المترهل واستعادة حيويته.
أعراض ترهل المهبل واتساع تجويفه
1. الشكوى الرئيسية للسيدة هي: شريكي وأنا لا نشعر بالمتعة الكاملة؛ إذ يتسبب اتساع المهبل في عدم قدرته على احتواء العضو المنتصب بشكل جيد، وهو ما يفقد العلاقة الحميمية متعتها ونشوتها.
2. توجد شكوى أخرى، وهي إفلات فوط التامبون من المهبل، بسبب ضعف العضلات أيضاً واتساع تجويف المهبل.
3. وفي بعض الحالات الشديدة، يحدث سقوط لبعض أعضاء الحوض؛ مثل المستقيم، ويسمى سقوطاً خلفياً، أو سقوط المثانة ويسمى سقوطاً أمامياً.
وفي هذه الحالة، تصبح الشكوى بالإضافة إلى ضعف المتعة الجنسية؛ هي إحساس السيدة بأن شيئاً ما (بيضة مثلاً) محشوراً في مهبلها، مع زيادة الإفرازات المهبلية عن الطبيعي.
4. وقد يحدث مع السقوط الأمامي (المثانة)، التبوّل اللاإرادي أثناء الضحك والعطس أو إفلات بعض قطرات بول قبل التبوّل بشكل طبيعي في الحمام.
جراحة تضييق المهبل
هي جراحة تجميلية صغيرة؛ تجرى في حال اتساع المهبل وترهله، مما يؤثر إيجاباً على المتعة الجنسية. بغرض الحصول على مهبل ذي حجم مناسب وطبيعي كما كان.
يستأصل الطبيب/ة بطانة المهبل المترهلة. ويرتق أو يرفو عضلات المهبل ثم يغلق الجرح، بمخدر عام وأحياناً باستخدام مخدر موضعي.
وتتطلب جراحة تضييق المهبل تحضير القولون وإفراغه من الفضلات، مثل التحضير قبل إجراء منظار القولون تماماً.
بعد الجراحة، تمتنع السيدة عن استخدام فوط التامبون، كما تمتنع عن ممارسة العلاقة الحميمية لمدة 8 أسابيع حتى يلتئم الجرح وتعود الأنسجة لطبيعتها.
أما في حالة حدوث سقوط أعضاء الحوض، سواء سقوط خلفي أو أمامي، فهذا أمر آخر يحتاج إلى استشارة طبيب النساء والتوليد.
هل يوجد حل غير جراحي لتضييق المهبل؟
نعم، توجد طرق غير جراحية حديثة لتضييق المهبل، مثل استخدام التردد الحراري أو العلاج بالليزر.
ويستخدم التردد الحراري والعلاج بالليزر في تسخين أنسجة المهبل بدرجة معينة، تحفز إفراز الكولاجين بشكل طبيعي، كما تعيد للألياف المرنة قوتها ومتانتها.

ويوجد نوعان من التردد الحراري: ThermiVa وGeneveve.
أما الليزر والذي يخترق أنسجة المهبل في مستوى أقل عمقاً عن التردد الحراري، يوجد منه عدة أنواع: مثل: MonaLisa touch وFemilift ويوجد أيضاً ما يعرف بالـ Fotona وهو أحدثهم.
ما هو الفوتونا (fotona)؟
هو نوع من أنواع الليزر -ياج ليزر yag laser- والذي نستخدمه في شد ترهلات الجلد العادي. حيث يقوم هذا النوع من الليزر، مثل أنواع الليزر الأخرى، بتسخين الأنسجة بدرجة معينة، بما يجعلها تستعيد مرونتها ومتانتها في الوقت نفسه.
يمكننا تشبيه هذا الأمر بوضع رغيف خبز بلدي بالفرن حتى يتحول إلى خبز محمص ومشدود، هذا ما يحدث لبطانة المهبل المترهلة بفعل الليزر، تصبح مشدودة ومرنة كالسابق. وهو ما ينتج عنه الشعور بتضييق وعودة المهبل لحجمه الطبيعي.
كما يعالج الليزر الجفاف وما ينتج عنه من آلام أثناء ممارسة العلاقة الحميمية. حيث ينشط الدورة الدموية الموجودة في بطانة المهبل.
ويتميز استخدام الليزر كعلاج لترهل بطانة المهبل وتضييقه؛ بأنه لا يحتاج تحضير قولون، ولا يوجد هناك جرح يأخذ وقتاً كي يلتئم، ولا يحتاج حتى لتخدير موضعي، ويمكن إجراؤه في عيادة متخصصة وليس غرفة عمليات.
وتستطيع السيدة العودة لحياتها بشكل طبيعي واستخدام التامبون أو ممارسة العلاقة الحميمية، في مدة تتراوح من يوم إلى أربع أيام، من إستخدام الليزر.
وعادة ما يحتاج العلاج إلى استخدام جلستين من الليزر؛ بينهما من 6 شهور إلى سنة.
أما عن مدى فاعلية استخدام الليزر كعلاج لتضييق المهبل، في الحقيقة وكما أشرنا، أن الليزر يؤثر فقط في شد ترهلات بطانة المهبل. أما ضعف العضلات وتمزقها، فهو لا يعالجها على الإطلاق!
الجراحة وحدها هي التي تستطيع رتق تمزق العضلات.
ولذا إذا أردت علاج اتساع المهبل بشكل نهائي وحاسم، الجراحة هي الحل الأمثل. لكن استخدام الليزر يمكنه مساعدتك في حالة كان ضعف العضلات غير شديد. مع الأخذ في الاعتبار أن ممارسة تمارين كيجل لا يمكنها علاج تمزّق العضلات، فهي إجراء وقائي وليس علاجي.
كما أن فاعلية الليزر في علاج اتساع المهبل محدودة وسطحية، فالحل الجراحي له مشكلاته وتداعياته من استخدام المخدر العام أو حدوث مضاعفات مثل النزيف أو العدوى. وطول المدة التي تحتاجها الأنسجة للالتئام والنقاهة!
الأمر يحتاج منك إلى موازنة وتقييم، كما يرجع إلى تقدير الطبيب المعالج في تحديد مدى اتساع المهبل، ووجود أعراض أو أمراض أخرى.
وجدير بالذكر، أن استخدام الليزر للعلاج بشكل عام، أمر حديث و ما زال خاضعا للتجربة والممارسة.
لا تتسرعي في السعي لعلاج ترهل المهبل، لأن الطبيعي أن ينقبض المهبل بعد الولادة أو الممارسة الجنسية، لذلك تأكدي بالفعل من أنك تعاني من مشكلة بعد استشارة الطبيب/ة.
اسألي الطبيب/ة وتأكدي من كل شيء قبل اتخاذ أي قرار.