• الصحة الجنسية

تحدّيات الأمومة بعد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية

By عبير سرّاس on 2013-12-012024-07-17

تقص آمال (اسم مستعار، 33 عاماً) تجربتها بعد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV). وتشارك تحديات الأمومة التي واجهتها مع العدوى.

مرت سنوات الزواج الأولى بصحة وسلامة و رُزقت آمال وزوجها بولدين أنجبتهما بولادة طبيعية. “كنت دائماً أحلم أن تكون لي بنت، فحبلت مرة ثالثة، ورزقت بابنة ولدتها ولادة طبيعية ورضعتها كإخوانها، لكن صحتها تدهورت بسرعة وأصابها إسهال ونزلات معوية شديدة”.

تسعة شهور طويلة مرّت والابنة مريضة وآمال تتردد بها على الأطباء والمستشفيات لتحصل على علاج دون فائدة. لم يتوصل أي طبيب إلى سبب مرضها، حتى صباح يوم في المستشفى حين لاحظت آمال غدداً وتكتلات لحمية تحت إبط ابنتها. تقول “استغربت وأخبرت الطبيب عنها لأني كنت أعاني أنا أيضاً من الغدد في وقت من حياتي”.

بعد أيام فوجئت آمال بأسئلة الطبيب عن ماضي زوجها، وسفره خارج البلد، وحياته قبل الزواج. “سألته ما علاقة ابنتي بماضي زوجي؟  توقعت الأسوأ وسألته إن كانت تعاني من مرض السرطان؟ فأجاب قائلا: يا ريت”.

قالت آمال: “فقدت الوعي عندما أخبرني بإصابتها بالإيدز. صحوت لأجد الطبيب يطلب منى أن أرجع بطفلتي للبيت قائلاً: “لو عرف أحد بإصابتها في المستشفى هيبهدلوا الدنيا لأنها أمضت فترة طويلة هنا. وطلب منى أن أجري وزوجي فحوصات مشابهة”.

اتضح من الفحوصات أن كلاً من آمال وزوجها مصابان بفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب HIV المسبب لمرض الإيدز. تقول: “الاختبار الأصعب بالنسبة لي كان اختبار الفيروس عند الأولاد … كنت وكأني أرى بيتي وحياتي تتدمر أمام عيناي. لم أكن أعرف الكثير عن العدوى في ذلك الوقت. كنت شبه ميتة في الأسبوع الذي انتظرناه  لسماع النتيجة، تدهورت صحتي، وكانت رضيعتي الصغيرة تموت بين يداي وأنا  أنتظر نتيجة فحص الأولاد”.

اقرأ/ي أيضًا: فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)

جاءت النتيجة وكان فحص الأولاد سلبياً، أي أنهم لم يصابوا بالعدوى من خلال أمهم، وهي في حد ذاتها معجزة نظراً لولادتهما ورضاعتهما الطبيعية التي تزيد من نسبة نقل العدوى من الأم للطفل. تقول آمال: “شعرت كأني استرجعت ولديّ بعد أسبوع من عذاب الانتظار”.

لكنها في نفس الفترة فقدت رضيعتها التي وافتها المنية بسبب المرض. “من شدة حبي لها تمنيت رحمة ربنا عندما كانت تتألم. جاءت لتنقذنا، بعثها لنا الله برسالة كي نكتشف الفيروس”.

رغم نصيحة الأطباء لآمال وزوجها باستخدام الكوندوم (الواقي الذكري) في علاقتهما الجنسية بعد اكتشاف الفيروس، إلا أنها حملت مرة أخرى بطفلة  سليمة تبلغ الآن من العمر خمس سنوات.

اقرأ/ي أيضاً: هذا الطفل لن يصاب بفيروس نقص المناعة البشري

تقول: “ما زال الكثير من المرضى يعانون من الجهل والتمييز في تعامل  الأطباء والممرضين معهم”. لم تجرؤ آمال على إخبار الطبيب الذي أشرف على والدتها بطبيعة العدوى  خوفاً من أن “يرميها في الشارع”.

تضيف آمال: “أولادي المراهقين الآن لا يدركون طبيعة ما أعاني منه، يعرفون أني مصابة بفيروس نقص المناعة البشرية لكنهم لا يعلمون كيف انتقلت العدوى  ومدى خطورتها”.

لاقت آمال دعماً نفسياً من عائلتها بعد اكتشافها للعدوى ، لكنها وجدت نفسها حائرة بينهم وبين زوجها. “كانوا عايزين ينتقموا منه ..الحمد الله أهلي يعرفونني جيداً ويعرفون أخلاقي، وكنت دئماً أصبرهم وأقول لهم  إن هذا قدري وأني راضية به”.

أما أهل زوجها فنبذوا العائلة بعد أن علموا بالإصابة: “رفضوا أن يأكلوا ويشربوا معنا، كانوا يغيرون الفراش لو نام أحدنا على  أسرتهم”.

لم تكن الإصابة السبب في انفصالها عن زوجها ، تقول آمال “تركني زوجي مع أطفالي الثلاثة قبل ثلاث سنوات ولا نعرف عنه شيئاً”. تردف قائلة: “كان رجلاً عنيفاً يستخدم الضرب والإهانة والبهدلة على أهل بيته.. لكني تحملته رغم البلية التي جاءني بها”.

رغم ما مرت به آمال من صعاب إلا أنها تعتبر إصابتها خيرًا من الله، وتنشط من أجل حقوق المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية المكتسب في مصر. تقول “أعيش كباقي الناس … لدي الكثير من المعارف المتعايشين مع العدوى، ونلقى دعمًا عند بعضنا البعض”.

اقرأ/ي أيضاً: الطب تَقدَّم.. تجاوزوا مخاوفكم من فيروس نقص المناعة البشري

** تاريخ آخر تحديث: 26 فبراير 2024