مشورة ما قبل الزواج: حتى لا نذهب إلى المأذون مرتين
انتشرت في مصر في السنوات الأخيرة جلسات المشورة النفسية التي يجريها المقبلون على الزواج، ولهذه المشورة أهمية كبيرة لأنها تساعدنا على فهم التجربة الجديدة التي سنخوضها.
ارتبطت المشورة الزواجية فى أذهان الكثيرين بعدم القدرة على حل الخلافات الأسرية وتفاقمها، ما يؤدي إلى اللجوء إلى أحد الأخصائيين النفسيين ومساعدة الزوجين في تعلم مهارات التواصل.
فى الحقيقة هناك دور أكبر للمشورة الزوجية، وخاصة تلك التي تجري في بداية الارتباط، ويخوضها بعض المقبلين على الزواج.
بدأت مشورة ما قبل الزواج في الأوساط المسيحية داخل الكنائس، ثم انتشرت بعد ذلك في الجمعيات المهتمة بقضايا الأسرة والمرأة، وفي السنوات الأخيرة، ومع تزايد أعداد الطلاق، بدأت مشيخة الأزهر في عقد هذه الدورات للمقبلين على الزواج.
عادة ما تتناول هذه الدورات موضوعات مختلفة، متعلقة بكيفية التواصل الصحي بين الأزواج، وتأثير أسر المنشأ على شخصياتنا، وكيفية إدارة الخلافات الزوجية بشكل فعال، أو كما يسميها البعض “الخناقة الناجحة”، وتناقش أيضاً الاختلافات بين طبيعة الرجل والمرأة، وفحص توقعاتنا عن الزواج واحتياجاتنا منه، كما تتناول الموضوعات الجنسية بشكل علمي، وتشرح للمقبلين على الزواج كيفية الوصول إلى النشوة.
عملتُ كثيراً ضمن فريق الإعداد لهذه الدورات، ودرَّست فيها، ولاحظت أن إقبال السيدات على حضور هذه الدورات يفوق الرجال، إذ أن بعض الشركاء كانوا يحضرون تحت ضغط شريكاتهن، اللاتي اشترطن ضرورة خوض الدورة لاستكمال الزواج.
كثيراً ما يستفيد الشركاء الذين يحضرون تلك الدورات، وبعضهم حين يضع يده على الاختلافات بينه وبين شريكه، يرغب في اتخاذ خطوة أبعد واللجوء إلى أحد المتخصصين من أجل تفاهم أكبر مع الشريك/ة.
فى الحقيقة من المفترض أن تكون هذه الدورات إلزامية مثل فحص وتحاليل ما قبل الزواج التي أصبحت شرطاً لاستكمال إجراءات عقد الزواج، وبناء على هذه الدورات يتكوَّن وعي بالاحتياج إلى جلسات المشورة أو عدم الاحتياج إليها.
هناك من سيكتفي بالمهارات التي تعلمها من الدورات ولن يحتاج إلى المشورة، وهناك من سيجد نفسه في مأزق بسبب ما اكتشفه عن نفسه وعن شريكه، ووجود اختلافات عليهما العمل عليها كي يتعاملان معها بعد الزواج.
أهمية هذه الدورات أنها ستكسر التوقعات الوردية عن عالم الزواج، وتجعل الشركاء يفهمون الفرق بين مخ الرجل والمرأة واهتمامات كل منهما، وأن الموضوع لا علاقة له بمدى اهتمامي بالشخص وحبي له، هناك أشياء لن أستطيع فعلها بمنتهى البساطة لأني رجل لم يعتد على الاهتمام بهذه التفاصيل، أو العكس.
صعوبة التغيير
أولى الحقائق التي يعرفها الأشخاص في جلسات المشورة هدم الفكرة القائلة بأنني سأستطيع تغيير شريكي أو شريكتي بعد الزواج، ولكن لا أحد يتغير إلا إذا شعر وقرر أنه يحتاج إلى هذا التغيير.
في الحقيقة هذا النوع من الدورات وما يتبعه من مشورة يوفران المزيد من المجهود والعذاب في محاولة التأقلم مع الزواج لأنه سيضع كتالوجاً واضحاً يشير إلى ما يمكن أن يحدث، ويخبر الطرفين عن قدراتهما وبالتالي يجعل توقعاتهما من العلاقة واقعية.
التوقعات العالية
من الموضوعات التي يجب أن تُناقَش في جلسات المشورة توقعات الطرفين من الزواج، يجب أن يكتشف كل طرف ما الذي يتوقعه الطرف الآخر من العلاقة، وهل هذه التوقعات واقعية وصحية، وما نتيجة إعادة النظر في هذه التوقعات وكيفية العمل عليها؟
ربما تتوقع من الشريكة أن تقوم بدور الأم، التي جعلت منك شخصاً اعتمادياً، وقد ترحِّب المرأة بذلك في البداية، في غمرة الحب وزهوة الزواج، ولكن مع الوقت قد لا تحتمل ذلك، وقد تصير غاضبة من هذا الدور ولا تستطيع مصارحتك، وقد يتحول الأمر إلى الشعور بالذنب لأنها لم تعد تؤدي هذا الدور، وهذا قد يؤدي في النهاية إلى الشجار والخلافات، والتي قد تأخذ صورة مخالفة عن سبب الخلاف الأصلي.
لذلك من الضروري مناقشة التوقعات والاختلافات مبكراً، وكيفية التعامل معها، لأن هذا سيريحينا ويوفر علينا خوض العديد من المشكلات، ويقلل من معدلات الطلاق.
تأثير النشأة
من المفيد في هذه الدورات أيضاً أن نكتشف طبيعة الأسرة التي جئنا منها، وتأثير ذلك علينا. قد أتعلم أنني عشت في أسرة مضطربة لم تسمح لي أبداً بالتعبير عن المشاعر، فخرجت منها بهذه الصفة، وأصبح أسلوبي في الحياة ألا أفصح عما يدور بداخلي. فهم كل ذلك سيساعدني، وقد يتعلم الشريكان طرق التعامل مع ذلك حتى لا تتأثر علاقتهما بسبب هذه الصفة.
التعافي من التأثيرات السلبية لأسرة المنشأ واحدة من الموضوعات الهامة التي يجب أن تتناولها مشورة ما قبل الزواج، وأيضاً من المهم معرفة حدود تدخلات العائلتين في الحياة الزوجية.
الجانب المالي
الأمور المالية من الموضوعات التي يجري تناولها في الجلسات. ما الطريقة التي نتعامل بها في إدارة مواردنا المالية؟
هنا يستعرض المشير مع الشريكين الطرق المختلفة لإدارة الموارد، ويتناقش الشريكان ويعلنان عن مخاوفهما بحرية.
أتذكر أن إحدى المقبلات على الزواج عبرت أمامي، في جلسة مشورة، عن مخاوفها، بقولها إن والدها كان في منتهى البخل، وكان الوحيد الذي يحظى بحق تحديد إنفاق ميزانية المنزل، لذلك هي تريد وضع ميزانية منفصلة لا يعلم عنها الشريك شيئاً.
الاضطرابات النفسية
من الأمور الهامة التى يجب أن تفرد لها مساحة التعامل مع مشكلاتنا النفسية.
هل يعاني أي منا من مشكلات نفسية مزمنة؟ وكيف سيتعامل الشريك معها؟ وهنا يتعلم الشخص الآخر عن هذا المرض ويراجع توقعاته عنه.
أشهر التوقعات الخاطئة أن الشخص المكتئب سينتهي اكتئابه بعد الزواج، وقد يعتقد البعض أن نجاح العلاقة سيؤدي إلى اختفاء الأعراض. ولكن هذا كلام غير علمي.
قد يكون الزواج أحد الأسباب التي تجعل نوبة الاكتئاب تعود مرة أخرى، رغم حب الشريك للطرف الآخر، وذلك لأن الزواج يحمل معه ضغوطاً كبرى قد تفجر الاضطرابات النفسية، فيعود الاكتئاب.
لذلك يجب أن يتعلم الشريكان التعامل مع هذا الضغط الجديد بمسؤولياته المختلفة.
بعد حضور دورات الارتباط سنتعلم أساليب جديدة يمكن استخدامها بسهولة أثناء العلاقة، ولكننا سنكتشف وجود تحديات أيضاً سنظل نعمل عليها.
قد نكتشف خلال الدورات أننا متسلطون أو غيورون أو اعتماديون على الطرف الآخر، وكلها صفات تحتاج إلى الوقت والمجهود للعمل عليها بمساعدة متخصص/ة.
بعض المترددين على المشورة يكتشفون بعد انتهائها أن أحد الطرفين يعاني من مشكلات تعطِّل العلاقة فيقرر استكمال الاستشارة مع معالج/ة نفسي/ة.
فى الحقيقة الأمر يستحق التجربة، سواء حضور مثل هذه الدورات التي أصبحت كثيرة ومتاحة بأسعار مختلفة وبجودة متقاربة، أو الاستعانة بمتخصص/ة نفسي/ة إذا شعرنا أننا نحتاج إلى ذلك، وتذكروا أن ذلك سيوفر علينا المزيد من الوجع وسخف التخبط فى العلاقة والاضطرار إلى إنهائها بالطلاق.
مقال جميل ♡☆
مقال جميل ♡☆
ممكن ترشيح بعض هذه الدورات…
ممكن ترشيح بعض هذه الدورات وأماكنها
شكرا
مرحباً/
نحاول العمل على قاعدة بيانات لمؤسسات ومراكز تقدم خدمات طبية موثوق بها سونقوم بمشاركتها مع المتابعين والمتابعات فور الانتهاء منها.
تحياتنا