إني لا أكذب ولكني أتجمّل
إن قمت بإخفاء عيوبك بشكل مؤقت فلا تلومنّ إلا نفسك. لأن شريكك غير مطالب بتحملك لأنه ببساطة تم خداعه تحت شعار “إني لا أكذب ولكني أتجمّل”!!
“إني لا أكذب ولكنى أتجمّل”، عنوان فيلم للممثل المصرى الراحل أحمد زكى لن أخوض فى تفاصيله، وإن كنت لا أجد حرجاً فى دعوتكم لمشاهدته فهو يستحق المشاهدة بالفعل. فى هذا الفيلم، كان يلجأ بطله الى التجمّل عن طريق تقمّص مزايا وصفات شخصية غير موجودة فيه بهدف الظهور بشكل أفضل. وهنا يأتي السؤال: وماذا بعد؟
فى نقاش مع أبى حول مدى قصر علاقاتي العاطفية التى كلما تطورت كلما اقتربت نهايتها، كنت أحادثه عن طبيعتى الشخصية التى تتسم بالصراحة والوضوح، وإظهار مساوئي ومحاسني دون خوف أو تردد. أعتقد أن شريكتي من حقها أن تعرف ذلك، لا أن تصطدم بذلك بعد الزواج. وبدوري أعتقد أن من حقي ان أرى الوجه الحقيقي لشريكتي، بدلاً من ان أجد نفسي من حين لآخر أمام تصرفات وأفعال، تتناقض وتختلف مع ما تظهر لي إياه، فكان جوابه:
“الله!! طب وهو دة كلام !! ما من حقها تظهر أجمل ما فيها، وتخفي عيوبها… أومال هتظهرلك عيوبها عشان تبعد عنها وتسيبها!!”
لا أخفي عليكم أن كلام أبي صدمني وأصابني بحالة حنق وسخط تجاه العلاقات العاطفية وسنينها، لأني أرى من وجهة نظري المتواضعة أن أية علاقة عاطفية مبنية على التخفي وأرتداء أقنعة هي حتماً علاقة فاشلة وأسس قيامها باطلة.
دعونا نفكر ببديهية ما الغرض من عملية الارتباط بشكل عام. هل السبب هو ..
- ملء الفراغ العاطفى؟
- التعرف على شريك حياة أحتمالي؟
- الرغبة فى اكتشاف اماكن جديدة والتعرف على شخصية جديدة؟
- الاحتياج؟
- الرغبة فى الزواج؟
إذا كانت الإجابة على كل ما سبق هي “نعم” أو إذا كانت لديك إجابة أخرى على السؤال على نفس منوال ما سبق، فلا اعتقد أن التصنّع وتقمّص صفات معينة هى سبيل جيد لقضاء وقت سعيد.
أغلب مشاكل الحياة الزوجية أو فترة الخطوبة تكون ناجمة عن عدم تفهم الطرفين، وقبولهم لعيوب الطرف الآخر. بالإضافة إلى إستياء أحد الأطراف من شريكه لعدم تفهمها شخصيته، ويبدأ كل طرف فى إلقاء اللوم على الطرف الآخر. هنا يأتي سؤال آخر: هل كانت عيوبك او ميولك او اتجاهاتك واضحة وضوح الشمس قبل الارتباط بشكل رسمي؟ أم أن أحد أطراف العلاقة قام بإخفائها أو تنويمها بشكل مؤقت؟
إن قمت بإخفاء عيوبك بشكل مؤقت فلا تلومنّ إلا نفسك. لأن شريكك غير مطالب باحتمالك، ببساطة لأنك قمت بخداعه تحت شعار “إني لا أكذب ولكني أتجمّل”!!
أنا أرتبط بحثاً عن شريك حياة يفهمنى جيداً، ويجيد إستيعابي بعيوبي ومساوئي، يتقبّل شخصيتي كما هي، ونستطيع سوياً أن نتفق على شكل حياة معين، نتقبل فيها عيوب بعضنا البعض من أجل بناء حياة أسرية مستقبلية، خالية من مشاكل وكوارث، ينجم عنها حياة أسرية معقدة وتعيسة، تجعل أبناءنا يلعنون اليوم الذى تم فيه الاتفاق على بناء مثل هذا الأسرة.
من مصلحة الطرفين أن يتعرفوا بالتفصيل الممل على سلبيات بعضهم البعض وأن يدركوا هذا جيداً. ومن حق أحد الأطراف أن ينسحب من العلاقة إن كان يجد صعوبة فى تقبّل هذا الأمر. ولكن التجمّل والتصنّع هو بمثابة سحابة سوداء تحجب الشمس عن العلاقة. قد تجعلكم تستمتعون بالظل لفترة قصيرة، ولكن فى النهاية هى سحابة سوداء ملوثة، انقشاعها لا يجلب شمس دافئة، ولكن يجلب حرارة شديدة تحرق أي رباط مقدس يربط بينكما، وتذكروا جيداً قول زياد رحباني:
“ما فى أحلى من الصراحة”.
المدونة تعبّر عن رأي كاتبها وليس بالضرورة عن رأي موقع “الحب ثقافة”