ما هي البينية الجنسية؟

مصطلح اضطراب أو اختلاف التطور الجنسي (البينية الجنسية)، بمثابة مظلة تندرج تحتها عدة حالات، قد تحتاج بعضها تدخلاً طبياً، والبعض الآخر لا يحتاج ذلك.

تَعَلَّم معظمنا في المدرسة أن الكروموسوم XX يشير إلى الأنثى، والكروموسوم XY يشير إلى الذكر. الكروموسومات بنى تقع داخل الخلايا، ومنها كروموسومات جنسية تحدد جنس الإنسان منذ الولادة.

لكن الحقيقة أن التطور الجنسي لا يسير دائماً على المنوال نفسه، فأحياناً ما يولد أشخاص لا تتطابق صفاتهم التشريحية وكروموسوماتهم الجنسية تماماً مع صفات وكروموسومات الذكر والأنثى النموذجية، ويُطلق على هذه الحالات بينية الجنس أو (intersexuality)، وإن كان طبياً يطلق عليها اضطراب التطور الجنسي، أو اختلاف التطور الجنسي.

اضطراب التطور الجنسي disorders of sexual development، مظلة واسعة تندرج تحتها الاضطرابات التي تنطوي على تناقض بين التشريح، والهرمونات والصبغي الجنسية أو الكروموسومات الجنسية، وهي 46 كروموسوماً.

وتحدث الاضطرابات عندما لا تتطابق الأعضاء الجنسية الداخلية أو الخارجية تماماً مع التشريح النموذجي للأنثى أو الذكر. وهناك بعض العوامل التي تحدد ما إذا كان المولود سيتطور إلى ذكر أو أنثى، بالرغم من كروموسوماته، سواء XX أو XY، إذ تحدث أحياناً استثناءات، فهناك أشخاص يمتلكون كروموسوم X فقط، أو XXY. 

لكن هل هي حالة مرضية أو ستعيق عن العيش بشكل طبيعي فيما بعد؟

بعض الأطفال الذين يعانون من اضطراب النمو الجنسي يعيشون بصحة جيدة، بالرغم من اختلاف أعضائهم الجنسية عن الموجودة لدى الأطفال الآخرين. لكن البعض الآخر تصيبه مشكلات صحية بحسب شكل الاضطراب الذي يعانون منه.

ما أسباب اضطراب التطور الجنسي؟

لكي نفهم جيداً اضطراب التطور الجنسي، علينا أن نعرف أولاً كيف يحدث التطور الجنسي.

لنتخيل مرحلة تَشَكُّل الأعضاء التناسلية للجنين. في البداية تكون هناك نواة واحدة الشكل تُكَوِّن أساس تشكل الأعضاء التناسلية للأجنة الذكور والإناث، وذلك في مراحل النمو الأولى.

هذا يعني أن الهيكل الأساسي للأعضاء التناسلية للإناث والذكور واحد، وولادة الطفل أو الطفلة بعضو ذكري أو أنثوي يعتمد على وجود هرمون يُسمى DHT وهو (الداي هيدرو تستوستيرون)، وعدم وجود الأخير ينتج عنه تغير في شكل الأعضاء التناسلية.

وهناك عدة أسباب أيضاً لاضطراب التطور الجنسي عند الأطفال؛ منها امتلاك عدد غير طبيعي من الكروموسومات، وحدوث طفرات جينية تؤثر على إنتاج الهرمونات، أو وجود طفرة جينية تجعل الجسم أقل قدرة على الاستجابة للهرمونات، والتعرض لهرمونات خارجية أثناء مراحل التطور الجنسي.

متى تظهر اضطرابات التطور الجنسي؟

أكثر الأوقات شيوعاً لظهور اضطرابات التطور الجنسي يكون عند الولادة، فلا يمكن تحديد جنس المولود، وعندها يستلزم الأمر تقييماً طبياً لمعرفة سبب الحالة، تُسمى هذه الحالة بينية الجنس، أي أن المولود يقع بين جنسين، فجنسه غير محدد على وجه الدقة.

وأحياناً تُكتَشَف هذه الاضطرابات بسبب تأخر البلوغ أو غيابه، أو بسبب العقم، أو الظهور المفاجئ للعضو الذكري.

ما أشكال اضطرابات التطور الجنسي؟

كما اتفقنا من البداية، مصطلح اضطراب التطور الجنسي، بمثابة مظلة تندرج تحتها عدة حالات، منها:

النوع الأول من اضطرابات التطور الجنسي يمتلك جينات أنثوية نمطية، وأعضاء تناسلية مختلفة عن الموجودة لدى الإناث. قد يكون لديهم/ن كروموسومات XX ويمتلكون مبيضين ورحم، لكن أعضائهم/ن التناسلية لا تشبه تلك الموجودة لدى الإناث. فمثلاً يمتلكون بظراً طبيعياً، لكن المهبل يكون مغلقاً.

والنوع الثاني يمتلك جينات ذكرية XY وأعضاء تناسلية أنثوية، لكن بعض الأعضاء التناسلية الداخلية تكون ذكرية. والبعض قد يمتلك جينات ذكرية، لكن الأعضاء التناسلية قد تتطور كالإناث أو الذكور. وأحياناً يصعب معرفة إذا ما كانت أعضاء هذا النوع التناسلية تنتمي للإناث أم الذكور. فقد يكون لهذه الحالة رحم، وتمتلك أيضاً خصيتين، وفي بعض الأحيان لا تعمل الخصيتان بكامل كفاءتهما.

أما النوع الثالث فيمتلك أعضاء تناسلية خارجية عادية الشكل، لكنه يعاني من اضطرابات في خصائصه الجنسية؛ وبعض هذه الحالات تمتلك نمطاً جينياً غير معتاد، فيمتلكون X واحد فقط، أو يمتلكون كروموسوماً إضافياً مثل XXY. ويمكن كذلك أن يمتلكوا أعضاء ذكرية أو أنثوية، لكن لا تتطور عند البلوغ، أو لا تمر الإناث بالدورة الشهرية. أما الذكور الذين يمتلكون كروموسوماً إضافياً XXY فلا ينتجون هرمون التستوستيرون بشكل طبيعي، وهو الهرمون المسؤول عن تطور الصفات الجنسية، وتطور الخصيتين، وظهور شعر الجسم، وأيضاً مسؤول عن الخصوبة.

أما النوع الرابع فهو نساء بأعضاء تناسلية أنثوية نمطية، لكن لا تمتلك رحماً، فبعض الإناث يولدن بأرحام غير مكتملة النمو، أو بدون رحم، أو عنق الرحم، أو الجزء العلوي من المهبل، ويُطلق على هذه الحالة متلازمة روكيتانسكي.

كيف يمكن علاج اضطراب التطور الجنسي؟

لا يوجد علاج واحد لكل الحالات؛ فكل حالة تُعالَج بحسب نوع اضطراب التطور الجنسي المصابة به، لكن الكثير من الأطفال الذين يعانون من اضطراب التطور الجنسي قد لا يحتاجون إلى أي علاج، والبعض الآخر يحتاج إلى علاجات هرمونية، والبعض يحتاج إلى تدخل جراحي.

هل يوجد فارق بين البينية الجنسية والعبور الجنسي؟

هناك فارق بين بينية الجنس، والعبور الجنسي، فكما نعلم، الجندر مختلف عن الجنس؛ الجنس تحدده الصفات البيولوجية، والتشريح، والكروموسومات، لكن الهوية الجندرية للشخص، أو إحساسه الداخلي بأنه ذكر أو أنثى، أو غير ذلك غير مرتبط بالوضع البيولوجي، ولا يعتمد دائماً على إجراء جراحي، لكنه يعتمد على الإحساس بكونه ينتمي إلى أي نوع اجتماعي.

الجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية لم تعد تصنف اضطراب الهوية الجنسية، أو الانزعاج الجندري كمرض، وذلك منذ عام 2019، وهي خطوة هامة نحو دعم العابرين جنسياً.

في كل الأحوال، من حق العابر/ة جنسياً أو من يمر بحالة يمكن أن ننسبها إلى البينية الجنسية، أن يطلق على نفسه/ا الوصف المريح بالنسبة له، وبالتالي أن يطلب أن يُخاطب بالضمير الذي يفضله، سواء كان هو أو هي.

** تاريخ آخر تحديث: 3 إبريل 2024

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات