• الجسد
• جسد المرأة

هل أنتِ “سقط متاع”؟

By أمنية طلعت on 2017-09-232022-02-17

إن من يعتقد أن المرأة في القرن العشرين قد امتلكت ذاتها قياساً على المجتمعات الغربية، فهو خاطئ. مازالت تلك المجتمعات تستخدم جسد المرأة لحسم معاركها الاستثمارية والسلطوية.

عصور الظلام

قبل أن تتوحد المدن المستقلة التي تقع على بحر “إيجة”، تحت حكم الإسكندر الأكبر المقدوني، وتُشكل أول إمبراطورية حضارية في أوروبا، عاصمتها أثينا، عاشت المدن اليونانية عصورَ ظلامٍ تمتد ربما إلى ألف عام.

كانت كمرحلة انتقالية من النظام الاقتصادي القائم على المشاع، والذي كانت تقوده المرأة، إلى بداية تَشَكُل البذرة الأولى للرأسمالية مع ظهور الملكية وقيادة الرجل.

كان الصراع على أشده بين تلك المدن حيث تخطط كل مدينة للإغارة على جيرانها لتوسيع رقعتها من الأرض والنفوذ.

لذا انتشرت الحصون والقلاع على مداخل المدن لحمايتها، لكن بعض المدن لم تكن تمتلك قلاعاً ضخمة فماذا كانوا يفعلون كحيلة أخيرة لوقف جيش الأعداء عن التقدم وغزوهم؟

كان يُنظرُ للمرأة في ذلك الوقت على اعتبار أنها “سقط متاع”، فهي شيء مملوك للرجال حتى لو كانت زوجة.

كان استخدامها لتحقيق أهداف الرجل التملكية والسلطوية أمراً عادياً جداً، ما جعل تلك المدن تُعلق نسائها وأطفالها على أسوار القلاع كورقة أخيرة مع العدو.

كان على العدو أن يقرر ما إذا كان هؤلاء النساء والأطفال مهمين بالنسبة له كسبايا وعبيد أم لا؟

بالتالي، إما أن يحسم المعركة برميهم بالسهام قبل اقتحام القلعة، أو التقهقر للوراء لحين العثور على منفذ آخر يغير به على المدينة.

لا تتعجبوا!

عصور الجاهلية الأولى

كانت هناك قبائل عربية قبل ظهور الإسلام تأد بناتها عند الميلاد، أو يقتلون بناتهم وزوجاتهم قبل أن تسقط قبيلتهم في يد أخرى حتى لا يُستخدمن كسبايا.

لم يهتموا بمصيرهم هم كذكور لأن الأمر الذي ترجموه في كلمة “شرف“، له علاقة بالملكية، ملكية الأداة التي تمتلك مفتاح الحياة – الإنجاب.

للمعارك غنائم في النهاية، ولها سعر في أسواق النخاسة – هكذا ضمنت المرأة مركزها كـ”سقط متاع” في عصور الظلام والجاهلية.

العصور الذكورية الحديثة

على مر العصور ومع تقدم الحضارات الذكورية الحديثة، لم يختلف الأمر بالنسبة لوضع المرأة في المجتمعات الإنسانية فهي مجرد سقط متاع وإن تم تغليف الحقيقة بأناقة.

يحسم الرجال دوماً معاركهم على أجسادنا وفقاً لمصلحتهم، وذلك على جميع المستويات بداية من المستوى الشخصي وحتى المستوى العام.

لا يمكن أن أنسى المعركة التي دارت أمام شقتي التي أقطن بها.

فوجئت يومها بذلك الشاب الوسيم المهذب، الذي كان يأتي ليصطحب خطيبته، ابنة الجيران الشابة، للتنزه.

تحول إلى شيطان ينفث لهيباً من أنفه، وعندما استعانوا برجال المنطقة لحمايتهم؛ حسم الشاب المعركة بذكره للجنس الذي مارسه مع الفتاة فعم الصمت وتم تلبية كل طلباته.

علمت بعد ذلك أنه دخل في تجارة مع أخ الفتاة ووقعت خلافات بينهما فكان من السهل جداً وضعها على مذبح حسم المعركة.

لم يتبين أحد من صحة المعلومات التي أطلقها الشاب، أو حتى يفكر بأن هذا جسدها تستخدمه كيفما ارتأت.

أما على المستوى العام نجد الاتجاهات السياسية الإسلامية ترفع علم نصرها على أجساد النساء بنشر الحجاب والنقاب.

بينما يرفع الليبراليون أعلامهم بنشر الثقافة المضادة للحجاب.

هكذا تكون تغطية المرأة أو تعريتها، سياسة انتصار للاتجاهات الذكورية الحاكمة، سواء عن طريق الرأسمالية الدينية أو الرأسمالية الغربية، والذين لا يختلفان كثيراً في مضمونهما للامتلاك والسلطة.

إن من يعتقد أن المرأة في القرن العشرين قد امتلكت ذاتها قياساً على المجتمعات الغربية، فهو خاطئ.

مازالت تلك المجتمعات تستخدم جسد المرأة لحسم معاركها الاستثمارية والسلطوية.

استمرار حسم معارك الرجال على أجساد النساء

بالنظر إلى سوق الإعلانات مثلاً، تجد أن البيع من خلال امرأة، أياً كانت السلعة، هو الكارت الرابح.

نفس الشيء بالنسبة لتسويق المنتجات الفنية الهابطة؛ وجدت دراسة أمريكية أن أكثر من 50% من الذكور يستمتعون بمتابعة مشاهد الاغتصاب العنيفة في الأفلام!

أكثر من عشرة آلاف عام مرت على ترسيخ القيم الذكورية في العالم، وبالتالي ليس من السهل هزيمتها.

في النهاية، هذه معركة تستحق أن نخوضها لتضع كل امرأة عَلَمها الخاص على جسدها الذي يخصها وحدها.

معركة خاصة جداً

إنها معركة خاصة بكل امرأة ترفض العيش كأداة في يد كل من يمتلكها، بداية من الأب وحتى الزوج.

هذا هو ما دفعت ثمنه النفيس طوال العشرين سنة الماضية.

كان الاختيار بين أن أحيا حياتهم أو حياتي، فكان عليّ الخروج من منطقتي الآمنة إلى ساحة المواجهة التي أصابتني بالكثير من الجراح.

في النهاية، هذه معركة تستحق أن نخوضها لتضع كل امرأة عَلَمها الخاص على جسدها الذي يخصها وحدها.