رمضان يجوز الجنس الزوجين
Flickr

الصيام لا يقفل بوابة الحب

“للرجل أن يحتضن امرأته ويحبها ويحتويها بل ويقبّلها، الصيام لا يحرم أو يمنع أو يجرّم الحب…”

الصيام؛ بحقيقته، نوع من الممارسة الجسم-روحيه. ربما هو فرض عقائدي، ربما هو شعيرة دينية، أو درب من دروب الطاعة، إلا أن الصيام – شأن مجمل الطقوس الدينية – طقس “جسمروحي”.

ربما لا يدرك أغلبنا أنه بصيامه لا يقفل بوابة الحب بين المرء وزوجه، أو حتى يتشدد بصددها.

للرجل أو المرأة أن تداعب أو تناوش أو تغازل زوجها. للرجل أن يحتضن امرأته ويحبها ويحتويها بل ويقبّلها. الصيام لا يحرم أو يمنع أو يجرّم الحب، ربما لا يصرّح بممارسته كاملاً أثناء اليوم، حتى يتفرغ الجسد بعض الشيء من رغباته الملحّة، حتى يتعود على الطاعة، حتى يروّض على قبول أمرٍ ما.

الصيام لا يعني الحرمان بل الشوق أكثر
فلسفة الصيام الحقيقية هي ليست الحرمان، فلسفة الصيام الحقيقية – وربما فسلفة أغلب الطقوس أن لم يكن كلّها – أن نشعر بقليل من المسئولية، أن نلتزم، أن نحترم المواعيد والتوقيت، أن نوافق ضمنياً على شروط من المفروض أننا قبلناها حين التزمنا مسبقاُ بشعائر عقيدة ما.

نشتاق أكثر كلما ابتعدنا أكثر. دعنا لا نقول كلما تم حرماننا أكثر

امتناعك بشكل كامل عن ممارسة الجنس مع زوجك أو زوجتك، ربما يجعل الأمر أكثر شهوةً أو شغفاً أو شوقاً، أي أنه ربما للأمر جانب جيد أو مشرق. فنحن بطبيعتنا نشتاق أكثر كلما ابتعدنا أكثر. دعنا لا نقول كلما تم حرماننا أكثر، فبضع ساعات من الصيام ليست حرماناً. قد يتم حرماننا بشكل أكبر لو لم نكن مرتبطين مثلاً، أو كنا على سفر أو بأي طريق آخر.

الانقطاع عن ممارسة الجنس أثناء الصيام ليس انقطاعاً قطعياً. إنه ليس نوعاً من الحرمان، ليس نوعاً من الغلو أو الكبت أو الترهيب. لا ضرر أو مانع من أن تحتضن أو تحتضني شريكك أو تقبّليه. لا تعالم دينية أو عقائدية أو تربوية يمكنها حرمانك من عاطفتك.

يمكن أن تمارس عاطفتك بشكل كامل وممتع ليلاً – “أحلّ لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم” – ومعنى أحلّ هنا ليس معنى مضاد لحرم أو تم منعه. أحلّ هنا تعني أنه أتيح لكم بشكل كامل، وربما الإتاحة بعد المنع لها فائدة أو متعة اكبر. فمن مِنا لا يخضع بشكل أو بآخر لفرضية أنّ الممنوع مرغوب، ومن منا لا يأتي الأمر برغبة أكبر بعد منع أكبر؟.

أنت أثناء الصيام من المفترض أنك بحالة ذهنية و جسمية خاصة، حالة من التأمل والرضوخ والثبات. حالة تتطلب بعدها بعض التركيز، والحب، أو الجنس، أو ممارسة الجنس.

رمضان كريم
Flickr

الصيام هو نوع من التواصل الأقوى
من المفترض أنها بحاجة لمزيد من التركيز، إن لم يكن كلّه، و”صاحب بالين كذاب”، كما يردد المثل الشائع. إما أن تركز بحديثي ونحن نتكلم، أو تركز بحديث طرف ثالث يتكلم. لا أحد يمكنه أن يركز بالحديثين، وإن ادعى ذلك فهو كاذب، ولم ينصت منذ البداية إلى أي من الحديثين. كذلك هو الصيام. إنه نوع من التواصل، فإما أن تقبل به وتتواصل بشروطه، أو تفكّر بأمور أخرى وتركّز بها، لذلك ينبّهك الصيام إلى تلك الأمور، أو تلك الفروق.

يذكّرك بشروط التعاقد، ولا يمليها أو يفرضها عليك، إلا بموجب قبولك لعقيدتك في بادئ الأمر، تلك العقيدة التي أخبرتك أنه بحلول شهر معين سوف نلتزم بتواصل معين، وتمتنع بعض الوقت عن تواصل آخر معين؛ وأنت قبلت، أو المفترض بك أنك قبلت.

في حال كنا نتكلم هنا عن رجال ونساء أسوياء، يرغبون بالجنس بشكل طبيعي، فالصيام لن يؤثر بشكل سيء على علاقتهم، هو ربما أحالها فقط إلى وقت لاحق، إلى وقت معين، ليلاً، حين يتفرغ الجسد فعلياً في حالاته الطبيعية لممارسة الحب بشكل أفضل.

أحالها فقط إلى وقت لاحق، إلى وقت معين، ليلاً…

تعويض رائع
أغلبنا يفضّل الممارسة ليلّا، الليل سكن، ونهاية اليوم، وربما قليلاً من الحب الممزوج بقليل من الجنس، أو كثيراً منهما، تعويض رائع عن يوم مشحون مشغول طويل.

فكرة الانقطاع عن أمور معينة ثم الإفطار عليها، ليست بالفكرة الجديدة أو الغريبة أو المستهجنة. نحن ننقطع عن عادات كثيرة، نحن ننقطع عن الجنس، أحياناً برغبتنا، والامتناع عن ممارسة الجنس الكامل أثناء الصيام يشبه تماماً انقطاعاتنا الشخصية الإراديه.

العودة لممارسة الجنس بعد الإفطار لن تؤثر على غريزتنا أو قدرتنا أو عادتنا، وربما معدة فارغة – على افتراض أن الصيام ليس المفروض به حشو المعدة – ربما معدة فارغة أفضل للجسد أثناء ممارسة الجنس. 

* الأفكار الواردة في المدونات تعبّر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات