لغات الحب
Shutterstock

لغات الحب المختلفة

من أين ينبع سوء التفاهم في العلاقة؟ ينبع من وجود لغة حب خاصة بكل شريك، وحين يُعَبِّر كل منهما عن حبه، لا يفهمه الآخر.

من أكثر الشكاوى التي تتردد في العيادات النفسية وأمام استشاريي العلاقات الزوجية، وكذلك على صفحات التواصل الاجتماعي، هي الشكوى المتعلقة بعدم الرضا عن علاقة الحب مع الشريك.

تتلخص الشكوى في التالي: “أعرف أنه يحبني ولكنني لست راضية عن العلاقة”.

لذلك نحاول في هذا المقال أن نعرف سبب غياب الرضا وكيفية معالجته.

من أمتع الكتب التي تتحدث عن العلاقات كتاب “لغات الحب الخمس” لمؤلفه الأمريكي جاري تشابمان، الذي يتحدث فيه بطريقة بسيطة عن خمس لغات للحب وهي “اللمس والتشجيع وتقديم الخدمات والهدايا وقضاء الوقت”.

وأرى أن إجابة سؤال الرضا عن العلاقة قد نجدها بعد فهم هذه اللغات المختلفة.

 

هكذا استقبلنا الحب

 

لكل فرد، منذ طفولته، لغة حب خاصة به، في الغالب يستقبل الحب ويعبر عنه من خلالها، وقد تختلف هذه اللغة عن لغة الشريك، لذلك علينا أن نتحلى بالذكاء الوجداني الذي يجعلنا نمنح الآخر الحب باللغة التي يحبها ويفهمها.

زارني في العيادة زوجان لإجراء مشورة زوجية، وكانت من ضمن مشكلاتهما أن كل منهما يتهم الآخر بأنه غير متجاوب معه عاطفياً، وأن كل منهما حاول التقرب أكثر من الآخر وفشل، مما زادهما إحباطاً وشعوراً أنهما في علاقة فاشلة.

في الحقيقة كانت محاولات كل منهما صادقة تجاه الآخر، ولكن كل منهما يعبر عن اللغة التي يفضلها ويفهمها، ولا يعبر عن اللغة التي يفضلها الشريك الآخر.

من أكثر المواقف التي أتذكرها لهما، وكان الزوج يحكي الموقف مستشعراً القهر الشديد، أن الزوج دائماً ما يفاجئ زوجته في المناسبات بالورود والهدايا اللطيفة، ولكنها لا تقدر ذلك نهائياً.

كان يؤكد أن كل الزوجات يتمنين أن يحضر لهن أزواجهن وروداً، واستشهد بالعبارة الشهيرة في فيلم “أحلى الأوقات”: “أنا عاوزة ورد يا إبراهيم”، والتي صارت كليشيهاً شائعاً تستخدمه النساء ليعبرن عن رغبتهن في تلقي الزهور من شركائهن.

في المقابل كانت الزوجة تقاطعه أثناء الجلسات المشتركة بالمشورة وتتهمه بأنه لم يشعر بها ولو لمرة واحدة، ولا يؤدي أي عمل منزلي، فهي المسؤولة عن نظافة المنزل وعن الاعتناء بالأطفال، وتتحمل القيام بجميع متطلبات الأسرة.

لغة الهدايا
shutterstock

في الحقيقة، عبَّر هذا الموقف عن لغتين مختلفتين للحب، لغة الزوج كانت الهدايا، وقد اشتكى أيضاً من أن زوجته لم تفاجئه أبداً بهدية.

أما لغة حب الزوجة فهي تقديم الخدمات.

كل منهما كان يحب الطرف الآخر بلغته هو، فبدلاً من أن يساعدها الزوج قليلاً في أعباء المنزل كان يشتري لها الهدايا، ما يجعلها تشعر بالغضب منه، تعتقد أنه لا يحبها أو يقدرها، لأنها غير قادرة على التفاعل مع الهدية أو الفرح بها.

وهي في المقابل، بدلاً من مفاجأته بهدية لطيفة حتى لو كانت صغيرة، كانت تقدم له الخدمات، وتنتظر تقدير الزوج على هذه الخدمات التي تعبِّر، من وجهة نظرها، عن الحب.

 

اكتشف/ي لغة شريكك

سأشرح قليلاً كل لغة من لغات الحب الخمس، حتى نفهم كيف يمكننا اكتشافها في الشريك.

 

ربّت/ي على يد الشريك/ة

 

أولى هذه اللغات هي “اللمس”، وهنا سنجد الشخص يستخدم يديه كثيراً، ويربت بحنان، ويحتضن.

وفي عمق اللحظات الرومانسية، سيبادر باللمس والحضن الدافئ، وفي الغالب يتواصل هذا الشخص مع الآخرين بيديه، حتى لو لم توجد علاقة عاطفية.

ستجده في العديد من المواقف يربت على الآخرين، ويعبر عن تعاطفه وحبه بهذه الطريقة.

إذا كنت غاضباً في أحد المواقف ودفعت هذا الشخص بعيداً عنك، أو إذا رفضت احتضانه أو نفضت يديك عنه في مواقف أخرى، سيفهم ذلك على الفور كأنه رسالة عن عدم الحب والتقدير.

 

ما يفضله الرجال

 

ثاني لغات الحب هي “التشجيع”، وهنا يحتاج الشخص للاستماع إلى كلمات إيجابية تعبر عن الامتنان له ولقدراته، مثل: “الطريقة التى فعلت بها هذا العمل كانت رائعة”، أو “استمتعت بقراءة مقالتك جداً”، أو الثناء على المظهر الخارجي.

يذكر تشابمان في كتابه أن معظم الرجال يفضلون لغة التشجيع.

لذا فالكلمات السلبية التي تقال أثناء الغضب يستقبلها الشخص صاحب لغة التشجيع بغضب مبالغ فيه.

دائماً ما نجد الشخص صاحب هذه اللغة يستخدمها بكثرة، ويتفنن في اكتشاف نقاط لا يكتشفها الآخرون ويعجب بها ويشير إليها.

لكن احذر من مدح الأشياء غير الحقيقية؛ نحن هنا نتعلم أن نرى الإيجابيات في شخصيات شركائنا أو ما يقومون به ونمتدحه ونعبر عن الامتنان لكونه موجوداً. لكن علينا أن نتجنب الإطراء على سمات غير موجودة.

فهم الشريك
shutterstock

كما نتعلم من هذه اللغة أنه أثناء وقت غضبنا لا نؤذي بعضنا بكلمات جارحة بشكل عام، سواء كان هذا الشخص لغته هي التشجيع أم لا.

أفضل حل في المواقف التي نشعر فيها بأن الغضب يسيطر علينا هو الانسحاب منها والعودة عندما نكون مستعدين لعقد مناقشة غير انفعالية.

 

أد/ي هذه المهمة من أجلي

 

اللغة الثالثة هنا هي “تقديم الخدمات” وتجد الشخص فيها يعبر عن حبه من خلال تقديم خدمات بدلاً عنك، كأن يقوم بعمل مشوار ضروري وسخيف ويعرف أنك لا تحب القيام به، أو يفعل أشياء إضافية في المنزل ليست من مسؤولياته، لكنه يفعلها كنوع من أنواع التعبير عن الحب، ويشعر الشخص بالجرح الشديد إذا لم تمتن له.

أتذكر زوجة كانت تقول لي إن زوجها يؤدي جميع الخدمات التي ترى أنها مطلوبة من الرجل، ولكنه لا يشتري لها هدية مفاجئة حتى ولو شيكولاتة، في المقابل هو يشعر أنها لا تقدر حبه، ولا تمتن لكم الخدمات التي يقدمها.

هنا نواجه مثالاً مناقضاً للمثال السابق، هنا لغة حب الزوجة هي الهدايا، في حين أن لغة الزوج هي “تقديم الخدمات”.  

 

عاوزين ورد

 

اللغة الرابعة هي لغة “الهدايا”، وهنا يعبر الشخص عن حبه بالهدايا، ولا يشترط بها أن تكون هدايا قيمة أو غالية الثمن.

لكن عادة ما يتفنن الشخص في التحضير لها وجعلها مميزة.

من الممكن أن تكون الهدية رخيصة جداً كالحلوى العادية، لكن الشخص يجعل منها حدثاً مميزاً، كأن يضعها في أماكن مختلفة ويفاجئ بها الآخر.

ولكن هذه الطريقة لا تكون مفهومة بالضرورة للشخص الآخر، قد يشتري الشريك لشريكته هدية فيفاجئه الشريك/ة بقوله إنه لا يحتاجها، وهنا يشعر الشريك أنه حبه الممثل في هذه الهدية غير مقدر.

وأيضاً يشعر هذا الشخص بالجرح لأن الطرف الآخر لم يتذكره بهدية حتى في المناسبات الخاصة.

أتذكر زوجة كانت تشعر بالغضب الشديد من زوجها الذي يفاجئها بهدايا طوال الوقت، وتشعر أنه يمارس السفه لأنهما يريدان هذه الأموال لتسديد احتياجات أخرى.

هذا الشخص يحاول، بطريقته، أن يقول لها “أنا موجود، ومعك، سنعبر أزماتنا”، في حين أنها تشعر أن تقديم الخدمات العملية هي التعبير الصادق عن الحب. بالطبع من الواضح هنا أننا أمام لغتين مختلفتين.

سوء التفاهم
shutterstock

لنبق معاً

 

اللغة الخامسة والأخيرة هي “قضاء الوقت”، وهنا يفضل الشخص قضاء الوقت مع الشخص الآخر على حساب أي ممارسة أخرى.

مبدأ هذا الشخص هو “طالما نحن معاً فهذا أفضل من أي شيء”.

سيشعر هذا الشخص بالجرح الشديد إذا تركه شريكه وحيداً واستمتع بصحبة الآخرين.

أتذكر زوجة كانت تشكو من أن زوجها ينزعج بشدة عندما تخرج بصحبة أصدقائها، في حين يكون هو وحيداً بالمنزل.

كان يشعر أن هذا “جرح كبير لا يغتفر” على حد تعبيرها، لأن لغة حبه هي “قضاء الوقت”، وتركه يعني بالنسبة له أنها لا تحبه.

بالطبع يجب أن يكون الشخص مرناً لأنه لا يمكن أن يظل الشريكان معاً طوال الوقت، وعليه أن يفهم أن هناك وقتاً سيقضيانه معاً باستمتاع حقيقي، ووقت آخر ينبغي أن يمضيه الشريك بصحبة نفسه أو مع آخرين.

اقرأ المزيد: شريكي يرغب في معرفة أسراري.. بين الحدود الشخصية والزواج المستقر

فهم طبيعة الشخص ولغته سيساعدك في تعبيرك عن الحب له بالطريقة التي يفهمها والتي تساهم في إسعاده.

أظن أن أفضل هدية يمكن أن تقدمها لشريكك هذا العام في عيد الحب هي أن تكتشف ما يحتاجه وتناقش معه اللغات الخمس، وتتأكد من اللغة التي يتبناها. وأن تقطع وعداً بأنك ستقدم له الحب بطريقته المفضلة.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (5)

  1. والله ماكنت افهم بهذه الامور…
    والله ماكنت افهم بهذه الامور ألا من هذا المقال ربما ثقافتي كانت ضعيفه … شكرا لكم وهذه قبعتي ارفعها لكم ?

  2. انا للان بصحه غير جيده…
    انا للان بصحه غير جيده ولازلت احرص على متابعتكم هذا قلبي المكسور ? وهذه قبعتي ?

  3. مرحباً، 

     

    نسعد بمتابعتك…

    مرحباً، 

     

    نسعد بمتابعتك لنا ونتمنى لك السلامة. 

  4. انا بانتظار مقال يوم الأثنين…
    انا بانتظار مقال يوم الأثنين واتمنى يكون عن ( عيد الحب )❤❤❤??? وهذه قبعتي ?

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات