الجنس في اللغة العربية
Wikimedia Commons

عن لمساتي وانحرافاتي الأولى

ما الذي يربط بين اللغة والفقه وترصّد الأسواق وانحرافاتها في ربيع الصبا؟ “القاسم المشترك هو “اللمس”. فالكلمة تخيلتها صوتياً على هذه الشاكلة: اللام: اللسان على الشفة العليا مثل الشروع في اللمسة تماماً..”

في كل مرة “أتذوق” مفردة ما أو تعبيراً عتيقاً، أحيل المعنى بيقينٍ جماليٍ إلى حواسي، ولا أكون أخترع حفرة جديدة، بل اتبع طرق المقدمة الفاتنة لمعجم العين.

كان الخليل بن أحمد في تصنيف حروف المعجم يعتمد على إيقاعٍ موسيقيٍ، من حقل الحروف الحلقية مروراً بشراع الحروف الشفوية.

عندما عزم على الاستفتاح كره الاستهلال بالهمزة والهاء (ومكانهما أدنى الحلق) بل عاد للعين، لأنه “تذوق الحروف” وأعجبته علامة العين وصدى عوالمها.


اللغة تذوق…
هكذا ببساطة! اعتمدت بدوري اعتماداً كلياً على تذوقي وذائقتي. نهلت من تلك المعارف وعشقت أن أحيا تأويلي الخاص لعيون اللغة. أخلق لها حكايات وتصورات أستدل منها المعنى.

هي بدورها لم تردني خائباً في دروبها وهواها. بل أمتعتني بما طاب من تذوق اللغة وتأويلها.

لا يمكن – مثلاً- أن تكون الحروف “الغليظة” مثل الظاء في كلمة “غليطة” إلا لكلمة تعيش ظمأ اللحن المبلل في الظلال.

الظاء هنا تشبه اهتزاز الحبل الغليظ في يد ماسكه، ولا يمكن أن تكون كلمة “لين” أرقّ من لفظها السهل. كل كلمة لها مداها الصوتي الذي يشبهها.. لكن هذه حكاية أخرى.
***

غوصي في عالم التأويل
محاضرات درسُ الفقهِ في المرحلة الثانوية كانت شديدة الإمتاع. بعيداً عن الحوافز الدينية، كانت تميل إلى عالم الفلسفة، تنمّ عن قدرة المتلقي على إحكام نتيجتها عبر عالم من الفرائض والفرضيات. كنت متفوقاً في الفقه والفقه المقارن، خاصة أنه يرتكز إلى توالي التأويل اللغوي.

على حد تعبير أحد الفقهاء، “ظللت عشرين عاماً أفتي من كتاب سيبويه”، أصل إلى نتائج وأحكام لم يعهد أساتذتي رؤيتها من فتى أعزل مثلي يشق دربه في ربيع صباه. تلقيت المدح والذم في خضمّ تلك المناقشات، حتى قال أحدهم ذات مرة “ياخوفي عليك من مصير المعتزلة”.

لكن هذه حكاية أخرى.
***

Image removed.

لمساتي الأولى
حكيتُ هنا سابقاً عن المرة الأولى التي صافحت فيها أنثى جميلة، وكيف نازعتني في سلالمها رغبة إلى السلامة وخوف من خفايا الحرمات. ربما لم أكن صادقاً تماماً، ذلك أنها لم تكن لمستي الأولى.

هي للدقة لمستي الأولى الصريحة، المتوطأ عليها بين طرفين، الأول – وهو أنا – بغرض غير المصافحة، والثاني وهي البنت الجميلة التي لا نية خفية لها على حد علمي (على عكس ما تمنيت).

عدا عن ذلك كان لي لمساتي، صولاتي وجولاتي، التي اجتهدت كثيرا في أن تبدو عفوية وبريئة،  استراتيجية تعلمتها من “فسدة المدرسة” في بلاد الخليج العربي: الذهاب إلى الأسواق والتواصل المشفّر مع البنات المنتقبات، ومحاولة الحصول على أرقامهنّ، خدعة  ماكرة عرفت بـ “الترقيم”.

أجل… تعمدت ذلك ولكن أقر بأني لم أقم بها بشكل كامل قط، بل اكتفت صعلكة ترصد الأسواق بالاصطدام الذي يبدو من وحي الصدفة البريئة، لأعتذر بهلع حقيقي وأجري إلى ظلال غلاظتي.

اعترافات…
اقبلوا مني هذا الاعتراف. أشعلت خيالي  بالملامسة في تلك الأيام. كنت أتعرف على ملامح الإناث وأتخيل مفاتنهنّ من شكل عباءاتهنّ: كثيرة البهرجة الضيقة عند الخصر – حتى مع النقاب – لا يمكن أن تكون لعجوز، هي بالتأكيد تعود إلى شابة.

كان هناك قوانين تجمع بين الشتيتين، أولها قدرة الأنثى على إبراز مفاتنها، في ظل حدود قدرتها أو خارج ذلك قليلاً على حين غرةّ، ودون أن تؤنسني بواو الخلوة أو رفقة الخليل.

ضحكة عفيفة فيها شيء من الدلال
لم يلمنني مرة واحدة على الاصطدام المتعمد في سريرة نفسي، المغلّف بحاء الحياء، بل شاءت الأقدار أن يقابلن ذعري بضحكة عفيفة فيها شيء من الدلال، فأتعرّق وأعود إلى البيت بشهوة واستغفار، على التوالي.. لكن هذه حكاية أخرى.
***
في اللمس
ما الذي يربط بين اللغة والفقه وترصّد الأسواق وانحرافاتها في ربيع الصبا؟ لا شيء أكثر من استدعاءاتها عندي. القاسم المشترك هو “اللمس”. فالكلمة تخيلتها صوتياً على هذه الشاكلة: اللام: اللسان على الشفة العليا مثل الشروع في اللمسة تماماً أو التقاط رضاب القُبلة.

الميم: إطباق الشفتين والميل المتآكل حال حدوث اللمسة.

السين: صفير الهواء وسماها بعد حدوث اللمسة. كل كلمة مشهد، كل جناس صوتي وطباق حرفِ ما هو جزء من نسيج هذا المشهد.

غير أني لم أقف كثيراً في خمرة خيالي على اختبار خبايا المفردة، ذلك أني مجذوب ببواطن اللغة وعيونها: علومها، وعلوم الدين. لذلك صفعني قول ابن عباس عن اللمسة في آية “أو لامستم النساء” حين رأى في اللمس كناية عن الجماع.

ساعتها نفرت من قوالب الكناية، وكرهت كيف حولت اللغة شلال التخيل المخول لاستراق لمسة ندية إلى فعل أكثر تضخيماً في الظلال، وهذا الفعل – أي الجماع – ليس بالقوة الكافية كي يقر ويقاوم.

دمجته في خيالاتي الجديدة المشتعلة
بعد فترة من الانزعاج، بعد انتصابي العاجي واستمنائي للمرة الأولى على وجه الدقة، بعد أمنياتي المحفوفة بالرغبة، صار للكناية معنى أكثر لطفاً في تصوري، بل أدمجته في خيالاتي الجديدة المشتعلة، حتى إنني أوّلت الكلمة – صوتياً – بعد توالي اصطدامات السوق وكنوزها المعلنة الخفية، حيث الألف في “لامس” تعانق مقدار الوقت الذي تستغرقه الآهة في الإدخال، وصرت أكتبها “لااااااامس” بعدد كبير من الألفات.

كأن انتصاب الألف هو انتصابي في خيالي أفتك فيه بكل عباءة ألمسها، وكل تفصيلة تتعثر فيها يدي. هكذا قلبت الكناية في المعنى لصالح كينونتي، وصارت كل لمسة جماعاً.
ً.

*ملاحظة: الآراء الواردة في المدونات تعبر عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (3)

  1. بنت تمارس السكس وداءما تهتم…
    بنت تمارس السكس وداءما تهتم برغباتها الجنسيه وبنت لاتمارس السكس ولا تهتم لرغباتها الجنسيه من هي الاكثر سعاده ؟

    1. مرحباً،

      لا يمكن تحديد من هو…

      مرحباً،

      لا يمكن تحديد من هو الأكثر سعادة. كل شخص له طريقة تفكيره وذائقته وأسلوبه في الحياة.

      الحب ثقافة

  2. أين أنتم ولماذا الغياب…
    أين أنتم ولماذا الغياب يافريق الحب ثقافه أنتم غير موجودين عسى المانع خير احب أهدي لكم في غيابكم ??????

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات