العنف الجنسي في القانون
Shutterstock

جرائم العنف الجنسي ضد النساء في القانون المصري

رغم شيوع جرائم العنف الجنسي ضد المرأة في مصر، إلا أن القانون المصري ما زال قاصراً في التعامل معها. تحدثنا عن ذلك المحامية انتصار السعيد، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون.

مع ازدياد معدلات جرائم العنف الجنسي في المجال العام، وما تشمله من جرائم تحرش واعتداء جنسي واغتصاب، ومع تغطية وسائل الإعلام لهذه الظاهرة، أصبحت هناك ضرورة ملحة لإعادة النظر في نصوص القوانين ذات الصلة بالعنف الجنسي ضد النساء.

وهذا بالفعل أدى في عام 2018 إلى أن قدمت سبع منظمات نسوية مصرية، قانوناً موحداً لمناهضة العنف ضد النساء. والمنظمات هي مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، مؤسسة المرأة الجديدة، مبادرة المحاميات المصريات، تدوين للدراسات النسوية، أكت، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، مؤسسة المرأة والذاكرة، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب.

يطرح مشروع القانون أشكالاً جديدة من العنف ضد النساء، ومحاولة وضع تصور تجريمها سواء كان بالحبس أو بدفع غرامة، بالإضافة إلى زيادة الإجراءات الوقائية والحمائية من العنف ضد النساء.

ذلك أن تجريم العنف ليس الهدف أو الطريقة الوحيدة لمناهضة العنف، ولكن أيضاً الوقاية وحماية النساء المعنفات، والجدير بالذكر أن مشروع القانون يجرى مناقشته حالياً باللجنة التشريعية للبرلمان المصري.

يتكون المشروع من 7 أبواب، منها: “التعريف، إجراءات التقاضي، الجرائم الجنسية، جرائم إسقاط الحوامل، الجرائم الخاصة بخطف الفتيات والنساء والأطفال، واستغلالهم، جرائم العنف الأسري ضد النساء والفتيات، الإجراءات الحمائية والوقائية من العنف”.

وهنا نكتب عن جرائم العنف ضد المرأة في شكلها الحالي، ولماذا توجد ضرورة للسعي لتغييرها.

 

جرائم العنف الجنسي في القانون المصرى

 

أولاً: التحرش الجنسي

 

وفقاً لقانون العقوبات التحرّش الجنسي هو “أي صيغة من الكلمات غير مرغوب بها و/أو الأفعال ذات الطابع الجنسي والتي تنتهك جسد أو خصوصية أو مشاعر شخص ما وتجعله يشعر بعدم الارتياح، أو التهديد، أو عدم الأمان، أو الخوف، أو عدم الاحترام، أو الترويع، أو الإهانة، أو الإساءة، أو الترهيب، أو الانتهاك أو أنه مجرد جسد”.

ويمكن للتحرّش الجنسي أن يأخذ أشكالاً مختلفة وقد يتضمن شكلاً واحداً أو أكثر في وقت واحد.

ويحاكم مرتكبو جريمة التحرش الجنسي استناداً إلى المادتين 306 (أ)، و306 (ب) من قانون العقوبات، وقد تصل عقوبة مرتكب جريمة التحرش -سواء كان لفظياً، أو بالفعل، أو سلوكياً، أو عن طريق الهاتف أو الإنترنت- إلى السجن لمدة تتراوح ما بين 6 أشهر إلى 5 سنوات بالإضافة إلى غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصري. 

التحرش الجنسي
shutterstock

وأود هنا أن اعرض بعض أوجه القصور في الإجراءات القانونية الخاصة بجريمة التحرش الجنسي:

1. الخصوصية

قبل صدور قانون حماية المبلغات في جرائم العنف الجنسي في غضون شهر يوليو الماضي، والذي لم يدخل حيز التنفيذ بعد، كانت الشاكيات/المبلغات عن جرائم العنف الجنسي يتعرضن لانتهاك خصوصيتهن خلال مرحلة التبليغ أو مراحل التقاضي المختلفة والتي تتخذ العديد من الأشكال.

من ضمن ذلك السماح بوجود ضغط يمارسه المتهم وأهله على المبلغة بهدف التنازل عن الشكوى أو البلاغ، ويحدث ذلك بعد تسريب بيانات المبلغات من الأقسام وأحياناً النيابات.

هذا يجعل الكثير من الناجيات يتراجعن عن فكرة الإبلاغ، أو التنازل عن محضر الشرطة بعدما يذهب أحد أقارب الجاني، في بعض الأحيان، إلى محل إقامة الناجية المسجل في المحضر وابتزازها عاطفياً أو تهديدها بالتعرض لها لكي تتنازل عن المحضر أو القضية ككل في حالة إحالتها إلى النيابة.

وفي أحيان أخرى تمثل معرفة الجاني لمسكن الأهل أو الأقارب في حد ذاته تهديداً لسلامة الناجية النفسية والجسدية.

2. عبء الإثبات الجنائي

أحياناً يشكل عبء الإثبات الجنائي في جرائم العنف الجنسي عائقاً، ويؤدي في بعض الأحيان إلى حفظ الشكاوى والبلاغات.

فوقوف المحقق على حقيقة واقعة تنطوي على جريمة أو شبه جريمة يقع عبء إثباتها عليه لكونه المدعي بالحق الجنائي للمجتمع ومحرك الدعوى الجنائية، وحتى تتوفر عناصر الاشتباه يجب أن يكون كلام المدعي/ة منطقياً وعليه أن يقيم دليلاً على صحة ادعائه (قاعدة أن البينة على من ادعى).

و”الدليل” في الإجراءات الجنائية متنوع وليس له شكل ثابت فأي شيء يمكن أن يكون دليلاً، ولكن يجب أن يكون هذا الدليل قد تم التحصل عليه من إجراءات مشروعة، فيكون من الصعب في أغلب الأحوال على الناجيات من جرائم العنف الجنسي إقامة الدليل عند التبليغ والشكوى وذلك لأسباب مختلفة وعديدة منها:

  • أن بعض الجرائم تقع في أماكن خالية من المارة، لكونها مناطق نائية أو بسبب عامل الوقت؛ وعليه يصعب إيجاد شاهد إثبات واحد على صحة الواقعة، الأمر الذي قد يدفع المحقق لحفظ الشكوى أو البلاغ لعدم كفاية الدليل وكإثبات للحالة فقط.
صعوبة إثبات التحرش
shutterstock
  •  تقع العديد من جرائم العنف الجنسي في أماكن مزدحمة ويبقى من الصعب أيضاً على المجني عليها إيجاد شاهد لإثبات صحة الواقعة، حيث أن الإجراءات المتبعة لتحرير محضر بالواقعة في قسم الشرطة المختص، ثم الذهاب للنيابة للإدلاء بأقوال الشاهد التي في الأغلب ما تتم في اليوم التالي لحدوث الواقعة، تشكل عائقاً على الشاهد وفي كثير من الأحيان على المجني عليها أيضاً بسبب طول الوقت الذي تتخذه تلك الإجراءات، مما يدفع المجني عليها للتنازل عن المحضر في قسم الشرطة وأحياناً أخرى في النيابة.

 

  • حينما تحدث جرائم العنف الجنسي في أماكن العمل، يكون إثبات حدوث الواقعة في معظم الأحيان من الصعوبات التي تواجه الضحايا وذلك لعدة أسباب، منها مثلاً أنه على الأغلب ما تحدث تلك الجرائم في مناطق خالية من العاملين أو/ و خالية من كاميرات المراقبة، كما أنه على الأغلب ما ترتكب تلك الجرائم من قبل أفراد لديهم سلطة أكبر على المجني عليها مثل المدير أو صاحب العمل، وفى الغالب لن يجرؤ أي شخص من زملاء المجني عليها على الشهادة معها بسبب الخوف من فقدان الوظيفة باعتبارها مصدر الدخل الخاص بهم/ن.

3. الاحتجاز

في بعض الأحيان تتعرض الناجيات من العنف الجنسي لخطر مبيتهن في مكان الاحتجاز في قسم الشرطة، ودائماً ما يحدث ذلك في حالة إبلاغهن عن جريمة عنف جنسي تعرضن لها، وفي نفس الوقت يكون الجاني أيضاً لديه إمكانية تقديم شكوى في حق المجني عليها بأنها قد قامت بسرقته أو ضربه أو سبه، ويحرر محضراً ضدها.

وفي تلك الحالة يقوم ضابط الشرطة أو المسؤول عن كتابة المحضر بإرسال كليهما -الجاني والمجني عليها- إلى مكان الاحتجاز في قسم الشرطة لحين عرضهما على النيابة في صباح اليوم التالي للبت في صحة الواقعة.

هكذا تضطر المجني عليها للتصالح والتنازل عن محضرها مقابل تنازل الجاني عن محضره.

 

ثانياً: الاغتصاب

 يُعرف الاغتصاب، وفقًا للمادة 267 من قانون العقوبات المصري، بأنه “مواقعة أنثى بغير رضاها”.

ولقد وصف المشرع فعل المواقعة بكونه الاتصال الجنسي التام الطبيعي بين رجل وامرأة، فلا يعد مواقعة دون ذلك من الأفعال. وتعريف الاتصال الجنسي الطبيعي هنا يقصد به إيلاج العضو الذكري التناسلي بالعضو التناسلي للمرأة ولا تقع الجريمة إلا بهذا الشكل.

الاغتصاب في القانون
shutterstock

استرسل المشرع في وصفه لفعل المواقعة بقوله: “ويتعين في المواقعة أن تكون طبيعية، فإتيان الأنثى من الخلف لا يعد مواقعة وإن اعتبر هتك عرض”، فلا تقع جريمة الاغتصاب إذا تم الإيلاج في فتحة الشرج فلا يعرف القانون الاغتصاب الشرجي وإذا تم الإيلاج في الفم لا يعتبر ذلك اغتصاباً فموياً، واعتبر صورة الجريمة تامة عند إيلاج العضو الذكري بالمهبل فقط وغير هذا الشكل يعد “هتك عرض” وهي جريمة تقل في عقوبتها عن عقوبة الاغتصاب.

كما لا يتصور المشرع أن تقع الجريمة إلا بإيلاج العضو الذكري، فالاغتصاب بواسطة الأدوات والأصابع لا يعد جريمة اغتصاب أيضاً.

ولا يتصور أن تقع الجريمة إلا من رجل ولا يتصور أن يقع الاغتصاب على رجل، فاسترسل المشرع في شرحه قائلاً:

“ويشترط أن تحدث المواقعة بين رجل وامرأة، فالفاعل الأصلي في هذه الجريمة لا بد أن يكون رجلاً. ويشترط في الفاعل الأصلي أن يكون قادراً على الاتصال الجنسي، فتتوافر الاستحالة المادية للجريمة ممن ليست لديه هذه القدرة إما لصغر سنه أو لمرض فيه”.

وأكمل المشرع شرحه لفعل المواقعة قائلاَ: “لا بد أن يكون المجني عليه في هذه الجريمة أنثى، فلا مواقعة من رجل لرجل. ويشترط في المواقعة أن تكون غير مشروعة، فالزوج الذي يواقع زوجته كرهاً لا تقع منه جريمة الاغتصاب لأنها حل له بمقتضى عقد الزواج”.

وإلى جانب تضييق جريمة الاغتصاب إلى حد كبير، فالاغتصاب الزوجي وفقاً للقانون الحالي لا يعتبر جريمة يُعاقب عليها.

ثالثاً: هتك العرض

تقول المادة 268 من قانون العقوبات، الخاصة بـ “هتك العرض” أن: “كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ست عشرة سنة كاملة، أو كان مرتكبها ممن نص عنهم في الفقرة الثانية من المادة 267 يجوز رفع مدة العقوبة إلى الحد الأقصى المقرر للأشغال الشاقة المؤقتة، وإذا اجتمع هذان الشرطان معا يحكم بالأشغال الشاقة المؤقتة”.

هذه المادة خاصة  بأي فعل مخل بالحياء على درجة من الجسامة يقع على المجني عليها نتيجة كشف أو ملامسة المتهم لجسدها أو جزء منه بغير رضاها.

هتك العرض
shutterstock

والحقيقة أن هناك إشكالية شديدة فى مصطلح “هتك عرض” الذي يترتب عليه امتناع بعض الناجيات عن الإبلاغ أو استكمال الإجراءات القانونية بسبب الخوف من الوصم المجتمعي والخلط بين جريمة هتك العرض وجريمة الاغتصاب في الثقافة الشعبية التقليدية.

كما أن هذا المصطلح يعزز من فكرة أن الضرر من الجريمة يقع على أهل المجني عليها (عرضهم) وليس عليها هي، وبذلك يقلل من حجم الأذى المادي والمعنوي الواقع عليها فعلياً.

 

رابعاً: الفعل الفاضح

وقد نكون أمام جريمة فعل فاضح علني أو غير علني، وهى عبارة عن أي فعل يكون من شأنه خدش حياء الغير دون المساس بجسد المجنى عليها مما يؤدي إلي الإخلال بحيائها سواء كان الفعل واقعاً عليها (علني) أو واقعاً علي غيرها في حضورها دون رضاها (غير علني) لأنها جميعاً جرائم مخلة بالحياء مثلما نصت المادة 278 من قانون العقوبات الخاصة بالفعل الفاضح والتي قررت: “كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تجاوز 300 جنيه مصري”.

يشترط لتوافر جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء وقوع فعل مادي يخدش فى المرء حياء العين أو الأذن. أما مجرد الأقوال مهما بلغت من درجة البذاءة فلا تعتبر إلا سباً .

 

خامساً: التعرض لأنثى

وقد نكون أمام جريمة تعرض لأنثى في طريق عام أو مطروق على وجه يخدش حياءها وهى من الجرائم التي تقع بالقول وبالفعل.

نصت المادة 306 مكرر من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 93 لسنة 1995 على أن: “يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة، وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض لأنثى على وجه يخدش حياءها بالقول أو بالفعل في طريق عام أو مكان مطروق. ويسرى حكم الفقرة السابقة إذا كان خدش حياء الأنثى قد وقع عن طريق التليفون”.

فإذا عاد الجاني إلى ارتكاب جريمة من نفس نوع الجريمة المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين مرة أخرى في خلال سنة من تاريخ الحكم عليه في الجريمة الأولى تكون العقوبة الحبس وغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تزيد على ثلاثة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وأعتقد هنا أن  العقوبة المنصوص عليها في هذه الجريمة لا تتناسب مع مدى جسامتها وخطورتها على المجتمع المصرى.
 

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (1)

  1. الاناث تعشق الجنس ضعف الرجال…
    الاناث تعشق الجنس ضعف الرجال 24مره يجب معالجتها الرجال جنسين بدلن من توفير عقاقير لا توقف المشاكل بل يتم استخدامها خطأ وتكتفى المراه والرجل بعد تناول الحبايه لن ولم يكتف والناتج يكون 0بسب انفجار داخلي بلاش نكون كدبين كل الرجاله صحتهم تمام وشكرن

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات