جدارية حقوق المرأة
Huffington Post

عربة السيدات، حيث الجحيم

“إصرار بعض الرجال على ركوب عربة السيدات “كوم” آخر. في البداية كنت أعتقد أنهم يفعلون ذلك على أساس أن وجبة الحلوى اليومية قد فاتتهم، ويجب عليهم السعي لنيلها. لكن سرعان ما تبين أن الحقيقة غير ذلك”

ذات مرة، كتبت صديقتي التي تضطر لركوب المترو يومياً: “سارتر” كان راكب في عربة السيدات، لـمّا قال: الجحيم هو الآخرون. صديقتي لم تكن تبالغ، فالمترو في مصر هو وسيلة المواصلات الشعبوية العامة. ثعبان حديدي ضخم يسير في باطن الأرض بعيداً عن ازدحام المرور وتوقف طرق القاهرة، تعريفة التذكرة فيه ثابتة – جنيهاً واحداً- سواء غادرته بعد محطة واحدة أو تنقلت بين خطوطه ذهاباً وإياباً. لك إذن أن تتخيل كم التكدس والازدحام اللامتناهي طيلة النهار وأطراف الليل.

حين اكتشفت في البداية أن ضمن عربات المترو، عربتين مخصصتين للنساء فقط، فرحت. فأن تكون هناك بقعة آمنة للنساء، بعيداً عن الأيدي العابثة والعيون الشبقة والتلامس الجسدي بدعوى الزحام، فكرة مُريحة جداً. لكن هذه الفرحة لم تدم..

فعربة السيدات مكدسة طيلة الوقت بصورة تدعو –حرفياً- للغثيان. السيدات يهربن من جحيم الرجال ليخلقن جحيمهنّ الخاص في عربتهنّ. تلامس جسدي بشع ومبرر بدعوى أننا “ستات زي بعض”/ تكدّس يصل أحيانا لحد الاختناق والإغماءات/ الاستماع لتفاصيل حياتية لا تخص أحداً غير التي ترفع صوتها بها/ انتهاك الخصوصية في الرد على مكالمة تيلفونية، أو قراءة رسالة نصية على الهاتف/ النظرات الفاحصة المُهينة لأي فتاة ترتدي ما قد يختلف عن السواد الأعظم لشعب عربة السيدات/ اسداء النصائح المستفزة للأمهات الجدد، والتي تصل لتحديد مدة زمنية مناسبة – من وجهة نظر الناصحة- بين حملٍ وآخر، ونوع وسيلة مناسبة لمنع الحمل، نوع الرضاعة.. إلخ/ استعمال الهواتف المحمولة كمذياع يصدح بأغاني صاخبة أو قرآن كريم دون أي مراعاة لرغبة الآخرين في عدم الاستماع لشيء.

كما يزيد على ذلك المشهد السيريالي الحزين، الباعة المتجولون.. وما يحملنه من حقائب و”ستاندات” لعرض البضائع والتنقل ذهاباً وإياباً بها بين أجساد النساء، وإذا ما اعترضت راكبة، تجد دائمًا من النساء من ترفع صوتها لتُدافع عن البائع/ـة و”مش أحسن ما يسرقوا”.

وكل ما سبق “كوم”، وإصرار بعض الرجال على ركوب عربة السيدات “كوم” آخر. في البداية كنت أعتقد أنهم يفعلون ذلك على أساس أن وجبة الحلوى اليومية قد فاتتهم، ويجب عليهم السعي لنيلها. لكن سرعان ما تبين أن الحقيقة غير ذلك. فالرجال يرون أن تخصيص عربة للسيدات شيء يجعل السيدات مميزات وأعلى درجة منهم و”لا يجب أن يرضوا بذلك”.

https://www.youtube.com/watch?v=n4T_tEnZgWg
|
<


>p <

>p <

>p <

>p <الأمر الذي جعل معظمهم يُعامل بعض اللواتي يركبن العربات المشتركة بجفاء وعدوانية تصل أحياناً لتعمد الاصطدام بهنّ وملامستهنّ واللجوء لـ "تلقيح كلام" من عينة "جايين عربياتنا تعملوا إيه!"، "انتو مش ليكو عربية ممنوعة علينا"..

>p <تقول مي محمد، مهندسة: “المترو، وسيلة مواصلاتي الوحيدة من وإلى العمل. أركبه يوميا منذ عام 2008، أُبدّل بين الخط الأول والثاني وأمر بـ 20 محطة. أتشاجر يومياً مع رجال يركبون عربة السيدات. يتعللون أحيانا أنهم ركبوا العربة “وهيّ فاضية” في محطة سابقة/ ويرفضون المغادرة ويتهجّمون علينا.

>p <"لا أنسى أبداً واقعة شَهدْتها منذ عام. صرخت فتاة في أحد الباعة لأنه يتعمد ملامستها كلما مر بجوارها. في البداية انتهرتها النساء لأنها رفعت صوتها والرجل كبير في السن. لكن الفتاة أكدت أنه يتعمد ملامستها في "الرايحة والجاية"، وكانت الطامة أن الرجل لم يُنكر ذلك. بل انهال بألفاظ بذيئة جداً على الفتاة واتهمها وكل الفتيات بالرغبة في ذلك، "أمُال نازلين من بيوتكم ليه، ما انتوا عايزين كده وفرحانين"!!!

>p <رفعت النسوة أصواتهنّ بالصراخ وطالبنه بالنزول، لكنه وقف على باب العربة مانعاً إغلاقها، وظل يكيل السباب للفتاة ولنا جميعاً، في عرض بذيء شاهده كل من كان يقف على رصيف المترو. ولم يتدخل أحد".

>p <تحكي أمنية السيد، باحثة: “منذ شهر، ركبت عربة السيدات بعد الساعة العاشرة مساءً. العربة كانت ممتلئة بالرجال، أخبرت أحدهم أن هذه عربة السيدات، “فرد هازئاً وهمّا فين الستات دول؟” وانفجر ضاحكاً مع بقية الرجال. في المحطة التالية، صعد أحد أفراد الأمن ليُطارد شابة تحمل رضيعاً وتبيع بعض المشغولات اليدوية البسيطة. وصعد معه آخرون وأوقفوا القطار. استجرنا بهم وأشرنا للرجال الموجودين في العربة. لكنهم لم يكترثوا. تكالبوا على البائعة وأصرروا على اقتيادها معهم، وحين دافعت بعض السيدات عنها، قالوا أن البيع مخالفة وأنهم يؤدون واجبهم. فرفعت صوتي وأخبرته أن ركوب الرجال في العربة مخالفة أيضا وأن من واجبهم اجبارهم على النزول. لكن أفراد الأمن أخذوا البائعة وغادروا تاركين لنا الرجال الذين ظلّوا يسخرون مني حتى محطة نزولي”.

>p <

>
https://www.youtube.com/watch?v=59K-B2aHFfk
|

في كل مرة أضطر فيها لركوب عربة السيدات في المترو، أكره جنسي وأكره وجودي في بلد يدفعني أن أتجه بإرادتي الحرة نحو قطعة من الجحيم.

__________

الفيديوهات توثيقية للحالة ككل، ولا علاقة لها بالشهادات المكتوبة.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (1)

  1. حسبي الله نعم الوكيل ديل ما…
    حسبي الله نعم الوكيل ديل ما رجال والله

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات