التراضي في العلاقات
Shutterstock

خمس قواعد للشريكين من أجل علاقة قائمة على التراضي

من حق المرأة أن تقول “لا”، ليس فقط لشخص يحاول التقرب منها، ولكن لشريكها أيضاً. كيف يتعامل الشريك مع هذا الرفض؟ وكيف يساعد الشريكان بعضهما لتكون علاقتهما قائمة على التراضي؟

كثيراً ما تحمل كلمة “لا” التي تعلنها المرأة عند رفضها للعلاقة الجنسية معانٍ سيئة، إذ يفهمها معظم الرجال على أنها رفض للشخص نفسه. وكذلك توجد أوقات يفهم الرجل خطأ من موافقة المرأة على العلاقة في مرة ما أنها موافقة ضمنية على جميع المرات التالية.

ما يسمى بـ “التراضي في العلاقة” consent  شَغَل بال العديد من الباحثين، وأدى لظهور مجموعة من الدراسات التي اهتمت بتعريف معنى الكلمة نفسه، وبسياق عدم التراضي، وهل الموافقة الصريحة على ممارسة الجنس في إحدى المرات تعني الموافقة على المرات التالية؟

يمكن أن نقول إن من تعريفات التراضي أنه:

“الرغبة الطوعية الواعية للانخراط في سلوك جنسي معين مع شخص معين ضمن سياق معين”.

أهم عنصرين في هذا التعريف هما: “الرغبة الواعية” و”السياق المعين”، ويغفل الكثيرون هذين العنصرين، وهو ما ينقلنا للحديث عن قواعد خمس للتراضي في العلاقة، وهي قواعد موجهة لأي شريكين.

 

راجع توقعاتك

 

أولى هذه القواعد هي مراجعة التوقعات الخاصة بنا، وقد يساعدنا التعريف السابق على فهم أن الموافقة ليست ممتدة، ويمكن أن تمنحها المرأة في سياق وترفضها في سياق آخر، حتى مع نفس الشخص.

فإذا تحدثنا عن التراضي في العلاقات الزوجية مثلاً سنجد أن بعض الرجال قد يتوقعون أنه طالما أن زوجته تحبه وليست غاضبة منه ولا يوجد أي خلافات بينهما، فهي متاحة دائماً لممارسة العلاقة الجنسية.

وهو أمر ليس صحيحاً نهائياً. فهناك سياقات وظروف مختلفة يمكن للمرأة فيها أن ترفض ممارسة الجنس مع زوجها الذي تحبه، مثل وجود ضغط نفسي أو جسدي تشعر به.

وهنا قد يتوقع الشريك أن رفض ممارسة الجنس هو رفض موجه لشخصه ولعلاقتهما العاطفية، وكما قلنا: هذا غير صحيح.

وبتكرار الرفض، الذي قد يكون ناجماً عن تكرار التعرض للضغوط، أو الإصابة ببعض الأمراض النفسية التي تقلل من الرغبة الجنسية، كالاكتئاب مثلاً، يمكن أن تتعرض العلاقة للفشل.

أيضاً توجد دراسات تتحدث عن أن أحد العوامل المؤثرة على التراضي هو تاريخ الشخص نفسه وخبراته/ا الجنسية السابقة.

قد لا يكون الرفض موجهاً لشخصك
shutterstock

فعلى سبيل المثال إذا تعرضت المرأة لخبرة جنسية مسيئة كالتحرش أو الاغتصاب أو بعض صور العنف الجنسي الأخرى، فهذا قد يقلل من رغبتها أو يسبب إحجامها عن ممارسة الجنس، وهو أمر لا يتعلق بمدى إعجابها بك أو رغبتها في العلاقة معك أنت بالذات.

لذا فمراجعة توقعاتنا تعيننا على التقييم الصحيح للأمر ووضعه في سياقه الخاص.

 

عبّري عن مشاعرك

 

ينقلنا ذلك إلى القاعدة الثانية وهي التعبير عن المشاعر وهو أمر في غاية الأهمية.

سنجد أن الدراسات تناولت صورتين للتعبير عن التراضي، صورة غير لفظية “كالإيماءات”، وهي تختلف من ثقافة لأخرى، وأحياناً تختلف داخل نفس الثقافة ولا يمكن الاتفاق عليها بسهولة.

والصورة الأخرى هي الطريقة اللفظية، والتي ترتبط بالتعبير عن المشاعر بوضوح.

فعبارة مثل: “أحبك جداً وأشتاقك لكن لا أستطيع ممارسة الجنس الآن”، واحدة من العبارات الواضحة التي تعبر عن المشاعر والتي تساعد الآخر على التأويل الصحيح للموقف.

التعبير عن المشاعر يساعد على عدم تراكم الخبرات السلبية وتفاقمها.

عليكِ أن تتذكري جيداً أن التعبير عن الأذى النفسي الذي يمكن أن نكون قد تعرضنا له من جراء الخبرات الجنسية المسيئة، وأثَّر في توجهاتنا الجنسية، يساعدنا ويساعد الشريك على تجاوز الأمر.

لكن عدم التعبير عن ذلك يراكم العجز داخلنا ويعزز الفشل.

أيضاً التعبير عن مشاعري تجاه صورتي عن جسدي يؤثر في الموافقة الجنسية، فرفضي لممارسة الجنس قد يرتبط بإصرار الشريك على ممارسة الجنس في النور، وهو الأمر الذى يزعجني بشدة لأن مشاعري تجاه جسدي مشوهة.

التعبير عن المشاعر في تلك الحالات يساعدك ويساعده على تجاوز الموقف.

 

تتبع/ي أفكارك

 

ينقلنا ذلك إلى القاعدة الثالثة وهي رصد الأفكار ومناقشتها، وأؤكد مرة أخرى أن هذه القواعد لا تخص شريكاً واحداً فقط فهي موجهة للشريكين.

هذه القاعدة مرتبطة بشكل كبير بعنصر مهم في تعريف التراضي الذي ذكرناه في أول المقال: “الرغبة الواعية”.

الوعي هنا مرتبط برصد الأفكار في ذهن الشريكين، ففكرة أنه “من حقي رفض ممارسة الجنس إذا لم أرغب” التي قد تعتقدها المرأة، تتنافى مع فكرة أن “ليس من حق الزوجة رفض ممارسة الجنس”، فالوعي بالفكرة أمر مهم لمناقشتها ومحاولة تكوين وعي صحي إن جاز التعبير.

العنف الزوجي

وهذه الأفكار هي منشأ تكوين التوقعات والمشاعر السلبية ففكرة مثل “ليس من حق الزوجة  رفض ممارسة الجنس” قد تنتج مشاعر غاضبة وتوقعاً بالرفض من قبل الزوجة وينتج عن ذلك سلوك عنيف تجاهها.

وهذا يجعلنا نؤكد أن منشأ الأمر هو الفكرة أولاً، التي تؤدي بنا إلى مشاعر معينة نتصرف بناء عليها.

هكذا يصبح الأمر وكأننا ندور في دائرة: (فكرة – اعتقاد راسخ – مشاعر – سلوك).

ولن نتجاوز فشل العلاقة إلا بتدخل معرفي، وذلك باختراق الدائرة بمناقشة الفكرة كالتالي: “من حقها رفض الممارسة، ورفضها للممارسة لا يعني رفضها لي، فسبق وأخبرتنى أنها تستمتع معى وسمعتُ أصوات تأوهاتها وأعرف كيف أمتعها ونفعل ذلك من وقت لآخر، لكنها في هذا التوقيت ليست مستعدة”.

مثل هذه المناقشة قد تقلل من مشاعر الغضب وربما تولد في بعض الأحيان مشاعر تعاطف واشتياق، وبالتالي سنتجنب حدوث العنف الجنسي.

 

تبادل الأدوار

 

القاعدة الرابعة هنا هي تبادل الأدوار وهي إحدى التكنيكات التي نستخدمها في مناقشة الأفكار أحياناً، ونقصد بها أن تبدل دورك مع الشريك وتشعر بما يشعر به: “عش وفكر كأنك الآخر”.

فكر كما يشعر الشريك الذى تعرض للإساءة الجنسية، ضع نفسك في موقفه وفكر فيما يشعر به، وهذا سيساعدك على عمل مواجدة معه وتقدير موقفه، وأقصد بالمواجدة هنا أن تتقمص دور الآخر وتفكر من منظوره.

 

فكر في ممارسات أخرى

 

القاعدة الخامسة والأخيرة هنا هي البحث عن بدائل. وأقصد بذلك ألا تتمحور علاقتكما على الممارسة الجنسية. فإذا ما تم رفض الممارسة الجنسية الآن، وليس رفضك شخصياً، توجد بدائل يمكن أن تفكر فيها بدلاً من إجبار شريكتك على الرغبة.

هذه البدائل قد تكون قضاء وقت ممتع مع شريكك، أو حتى مع نفسك.

بشكل عام ينبغي أن تكون لديك قائمة خاصة بالممارسات التي تجعلك سعيداً، ومرونة كافية للتنقل بين تلك الممارسات.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (2)

    1. شكراً لك على متابعتنا أحمد…

      شكراً لك على متابعتنا أحمد.
      نتمنى لك حياة سعيدة.
      فريق التحرير.

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات