الثآليل التناسلية: علاج تحفظي أم جراحي؟
تعتبر الثآليل التناسلية التي يسببها فيروس الورم الحليمي من أكثر أنواع العدوى شيوعاً بين الأمراض المنقولة جنسياً. كيف نصل للعلاج المناسب إذا أصبنا بها؟
تعد الثآليل التناسلية من أكثر الأمراض المنقولة جنسياً (sexualy transmitted diseases-STD) شيوعاً في العالم. وهو مرض فيروسي ينتقل بالتلامس الحميمي أثناء ممارسة الجنس المهبلي أو الشرجي. ونادراً ما ينتقل بالجنس الفموي.
ورغم شيوع الثآليل التناسلية عند الأشخاص الذين يمارسون الجنس مع أكثر من شريك، إلا إنه قد ينتقل لشخص يمارس الجنس مع شريك واحد فقط.
كما أنه لا يمكن تجنب العدوى، حيث أنه لا يمكن تحديد الشخص الناقل للفيروس. فقد يكون الشخص حاملاً للفيروس ولا تظهر عليه أية ثآليل.
ليس في الأمر ثمة وصمة أو عار! وأحيانا تظهر الثآليل عند شخص لم يمارس الجنس منذ فترة، حيث إنَّ فترة حضانة الفيروس قد تمتد سنوات دون ظهور ثآليل.
كثيرا ما يسبب ظهور الثآليل ألماً نفسياً عند بعض الأشخاص بسبب شكلها. فيكون الغرض من استئصالها تجميل مناطق ظهورها والتخلص من هذا الألم النفسي.
لا تشكل لثآليل التناسلية أي خطورة أو مضاعفات صحية جسيمة. إذ أن 90% من أنواع فيروس الورم الحليمي البشري المسبب للثآليل التناسلية تعتبر غير مسرطنة.
رسائل للأزواج/الأشخاص المصابين بالثآليل
- لا يمكن تحديد متى بدأت العدوى ومن أين جاءت. وقد يكون الزوجين حاملين للفيروس وتظهر الثآليل عند أحدهما ولا تظهر عند الآخر. أي أن ظهور الثآليل لا يعني أن لأحد الزوجين علاقة خارج إطار الزواج.
- حيث إنّ الثآليل من الأمراض المنقولة جنسياً، فقد يستفيد الزوجان من إجراء فحوص الأمراض الجنسية الأخرى.
- يجب تجنب ممارسة الجنس بكل أشكاله حتى تختفي الثآليل أو يتم استئصالها. مع العلم أنه حتى بعد علاجها أو اختفاءها قد يظل هذا الشخص ناقلاً للعدوى لشريكه.
- المصل المتاح لفيروس الورم الحليمي البشري لا يعالج الثآليل ولا الفيروس نفسه. ولكنه يحمي الأشخاص الذين لم يسبق لهم العدوى بأي نوع من أنواع فيروس الورم الحليمي البشري المسبب للثآليل.
- يجب إخبار شريكك إذا كنت مصاباً بالثآليل قبل بدء العلاقة الجنسية. ومن المهم أن يعلم الشريك أنّ الإصابة بالعدوى قد تحدث حتى دون ظهور ثآليل على أحدهما. فحسب مركز مكافحة الأمراض والعدوى الأمريكي، لا توجد توصيات أو نصائح معينة للشركاء بهذا الشأن، إذ إنّ فترة حضانة الفيروس وبقائه في الجسم غير معلومة حتى الآن!
- الواقي الذكري ليس ضامناً لمنع انتقال العدوى-فقد لا يغطي كل الأماكن المصابة بالثآليل- لكنه ضروري لأنه يقلل احتمالية نقل العدوى!
علاج الثآليل التناسلية
في البدء أود الإشارة إلى أنه لا توجد طريقة مثلى للعلاج. ولا توجد وسيلة من الوسائل العلاجية المتاحة حتى الآن أفضل من غيرها. الأمر كله يعتمد على عدة نقاط، مثل حجم الزوائد الجلدية وعددها ومكان ظهورها وتفضيلات المريض لطرق العلاج المختلفة ومدى ارتياحه وتكلفة العلاج وخبرة الطبيب المعالج.
غرض العلاج الأساسي هو إزالة النتوءات/الزوائد الجلدية لتحسين الشكل وإزالة التشوه والأثر النفسي الناتج عنه، وليس للقضاء على الفيروس. حيث يظل الفيروس بطبقة الجلد السطحية مدى الحياة، ولا علاج له.
عادة ما تختفي الثآليل من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى أي علاج أو تدخل جراحي في خلال عام. ولذا فإنه من المقبول أن يتغافل المريض عن العلاج وينتظر حتى تختفي الثآليل تلقائياً.
كثيرا ما تعود الثآليل مرة ثانية بعد العلاج الطبي التحفظي أو الجراحي وخاصة في الشهور الثلاثة الأولى من بدء اكتشافها وعلاجها. حيث إنّ الفيروس يظل بطبقات الجلد السطحية ولا يختفي.
وبشكل عام، التدرج في استخدام العلاج من الطرق الموضعية التحفظية إلى الطرق الموضعية الجراحية أفضل كثيراً عن البدء بالجراحة أو الكيّ. لكن الأمر يرجع للتفضيلات الشخصية كما ذكرنا آنفاً.
اختيار طبيب متخصص وعلى قدر عال من التأهيل والتدريب في استخدام العلاجات الجراحية المختلفة أمر ضروري حتى نضمن تقليل احتمالية حدوث تليفات وندبات نتيجة الكيّ أو الجراحة.
من الأفضل الذهاب مباشرة إلى عيادات الأمراض التناسلية عند ظهور الثآليل، وليس إلى ممارس عام أو طبيب غير متخصص.
ملحوظة: ليس كل طبيب جلدية هو طبيب أمراض تناسلية. لذا من الضروري التأكد من تخصص الطبيب قبل الذهاب إليه.
العلاج التحفظي
العلاج التحفظي هو نقيض العلاج الجراحي. ويلجأ الطبيب/ة فيه إلى استخدام الكريمات والمراهم الموضعية. أو أن ينصح الطبيب بعدم استخدام أي أدوية موضعية وترك الثآليل تختفي تلقائياً.
معظم هذه الكريمات والمراهم تسبب حساسية وتهيُّج للجلد كأحد أعراضها الجانبية، كما أنّ بعضها يمنع استخدامه للحامل وبعضها لا يستخدم لمرضى فيروس نقص المناعة. لذا لا بد من استشارة الطبيب/ة قبل استخدامها.
ويمكننا تقسيم الأدوية الموضعية لعلاج الثآليل التناسلية إلى نوعين:
- ما يستخدمه المريض بنفسه في البيت مع متابعة الطبيب مرة أسبوعياً. ولكي يضمن الطبيب استخدام المريض هذه الأدوية استخداماً صحيحاً، عادة ما يضع الجرعة الأولى في العيادة بنفسه لتدريب المريض ثم يستكمل المريض وضع الجرعات في البيت بنفس الطريقة.
- ما يستخدم في العيادة بواسطة الطبيب ولا يجوز للمريض وضعها لنفسه مثل: محلول (TCA) أو محلول (BCA) وهو سائل يشبه سائل “كالووماك” المستخدم لعلاج الثآليل التي تظهر في القدم. والذي يزيل الثآليل عن طريق تجميد وقتل طبقات الكيراتين التي تحتوي الفيروس بطريقة التقشير الكيميائي.
العلاج الجراحي
وهو استئصال الثآليل بوسائل جراحية تشمل ثلاث طرق:
1. الكيّ بالتبريد
لا بد أن يكون الطبيب المعالج ذو خبرة جيدة في استخدام هذا النوع من الكيّ. إذ يؤدي الاستخدام المفرط لغاز النتيروجين السائل إلى شعور المريض بآلام مبرحة بعد الجلسة وفي أثنائها. كما لا يؤدي استخدام جرعات قليلة من النيتروجين السائل إلى شيء!
2. الكيّ الكهربي
حيث يحرق الطبيب الزوائد الجلدية باستخدام إلكترود الكيّ الكهربي. وينبغي أن يستخدم الطبيب الكيّ الكهربي بحذر، إذ قد يؤدي الحرق العميق للأنسجة إلى حدوث تليفات وندبات.
3. الاستئصال الجراحي
والذي يشمل استئصال هذه الزوائد الجراحية بالمشرط أو المقص الجراحي أو عن طريق الكحت أو عن طريق الحلاقة الجراحية.
يتميز الاستئصال الجراحي بالتخلص من الزوائد الجلدية في جلسة واحدة. بعكس الكي بالتبريد والذي يستغرق أكثر من جلسة.
في بعض الأحيان قد يستخدم الطبيب الليزر الكربوني لاستئصال الثآليل كبيرة الحجم أو ذات الشكل القبيح. حيث يستطيع الليزر الكربوني الوصول إلى طبقة الديرمس-الطبقة الداخلية للجلد- بشكل آمن. كما يستخدم الليزر الكربوني لعلاج الثآليل حول أو داخل مجرى البول.
من الضروري أيضاً الذهاب إلى طبيب على كفاءة عالية في استخدام الجراحة حتى لا يتسبب الاستئصال العميق في حدوث تليفات حول فتحة المهبل أو الشرج.
بعض الأطباء يمزج بين العلاج التحفظي والعلاج الجراحي. كأن يجري الطبيب الكيّ بالتبريد في العيادة، بالإضافة إلى استخدام أحد الكريمات بواسطة المريض في البيت بين الجلسات.
تعليمات ضرورية أثناء فترة العلاج
- أخبري الطبيب قبل بدء العلاج إذا كنت حاملاً. حيث إنّ بعض العلاجات ممنوعة خلال الحمل كما أشرنا.
- تجنب/ي استخدام الصابون والمنظفات ذات الرائحة النفاذة خلال فترة العلاج. حيث يزيد ذلك من حساسية وتهيّج الجلد. يمكن استخدام محلول الملح المعقم للتشطيف أو حسب وصف الطبيب.
- اسأل/ي الطبيب المعالج إذا كانت الكريمات المستخدمة لها تأثير على الواقي الذكري.
- تجنب/ي التدخين أثناء العلاج حتى يؤدي العلاج المستخدم أفضل نتائجه.
- تجنب/ي ممارسة الجنس بكل أشكاله حتى تختفي الثآليل مع كورس العلاج. أو استخدم/ي الواقي الذكري/الأنثوي. مع العلم أنّ استخدامه لا يمنع انتقال العدوى مائة بالمائة كما أشرنا.
مصادر
https://www.nhs.uk/conditions/genital-warts/
https://www.cdc.gov/std/tg2015/warts.htm