المغتصب المتسلسل
Shutterstock

قد يبدو مهذباً.. أربعة أنماط للمغتصبين المتسلسلين

تصدمنا حوادث الاغتصاب في كل مرة تظهر فيها على السطح، نتساءل من أين أتى كل هذا الشر. ولكن في الواقع قد لا يبدو المغتصب شريراً من الأصل.

طالعنا جميعاً مؤخراً الأخبار المفجعة حول قيام شاب مصري بالاعتداء الجنسي على عشرات الفتيات. بالتأكيد أثار هذا الخبر داخلنا الكثير من مشاعر الألم والخوف. وبالتأكيد أيضاً جعلنا نتساءل، لماذا يمارس شخص هذه الأفعال البشعة ويستمر فيها دون أن يوقفه شعوره بالذنب؟

ألم يشعر بالشفقة على هؤلاء الضحايا؟ ألم يستيقظ ضميره للحظة؟ ما الذي يدفع شخصاً ما إلى أن يتسبب في كل هذا الأذى للآخرين؟

في الحقيقة ليست هذه الحادثة الأولى من نوعها، على مدار العقود الماضية، وفي جميع أنحاء العالم، كنا نسمع من وقت إلى آخر عن حوادث الاغتصاب المتسلسل التي يغتصب فيها الجاني عدداً كبيراً من الفتيات (وأحياناً الشباب أيضاً) دون رحمة.

تكرار حدوث هذه الظاهرة أثار تساؤلات علماء النفس، وحاولوا من خلال العديد من الدراسات والأبحاث التوصل إلى فهم الخلفية النفسية التي تدفع هؤلاء لارتكاب مثل هذه الجرائم الوحشية دون أي شعور بالذنب أو الشفقة تجاه ضحاياهم.

وفقاً للبحث المنشور في كتاب “القتل المتسلسل، وعلم نفس الجرائم العنيفة” توصل علماء النفس إلى أربعة أنماط رئيسية لـ “المغتصب المتسلسل”.

ويظهر بوضوح أن الأشخاص الذين ينتمون لأي من هذه الأنواع من المغتصبين المتسلسلين هم غير أسوياء ومشوهون نفسياً للغاية، وقد أعزى علماء النفس ذلك إلى عدة عوامل منها وجود خلل في طريقة النشأة أو الخلفية العائلية للجاني أو مواقفهم تجاه النساء ونظرتهم لهم أو المهارات الاجتماعية أو الذكاء أو وجود اضطراب في الشخصية.

المغتصب المتسلسل غالباً ما تكون سلوكياته المنحرفة غير معروفة لجيرانه أو زملاء عمله أو حتى عائلته، وقد يتمكن من الاعتداء على عشرات أو حتى مئات الضحايا قبل أن تتم إدانته والقبض عليه (إن حدث ذلك على الإطلاق).

نتحدث عن أنماط المغتصبين المتسلسلين بالتفصيل في السطور التالية.

 

1. المغتصب الباحث عن الاطمئنان

يُعتقد أنه أكثر أنماط المغتصبين المتسلسلين شيوعاً. هذا الشخص يسيطر عليه دائماً شعور بعدم الكفاءة والاستحقاق (ليس بالضرورة عدم الكفاءة الجنسية).

عادة ما يكون خجولاً ووحيداً وليس له إنجازات تذكر. تقريباً أي حدث في حياته قد يثير في داخله الحاجة إلى أن يثبت لنفسه أنه كفء ويستحق الحب والاهتمام (التعرض للفشل أو الرفض في علاقة عاطفية، تقييم سيء في العمل أو الدراسة أو حتى لفظ مهين من شخص ما).

مغتصب متسلسل
shutterstock

يعطي الاغتصاب هؤلاء شعوراً بالتحكم سواء كان من خلال التهديد والمساومة أو استخدام القوة الجسدية أو الكحوليات أو المخدرات.

يختار ضحاياه بشكل عشوائي وغالباً ما يستهدف النساء اللواتي يبدو عليهن الضعف، وكثيراً ما يعتدي عليهن في أماكن مألوفة لديه.

هذا المعتدي يبدو مهذباً ويحاول أن يشرك الضحية ويظهر المودة لضحاياه، ويتخيل أنهن يستمتعن بالممارسة الجنسية معه، قد يطلب من ضحيته تقييم أدائه الجنسي أو مقارنته برجال آخرين، أو يسألها ما إذا كانت ترغب في الممارسة معه مرة أخرى.

هذا النوع يتأثر كثيراً بالمقاومة، وكثيراً ما يتوقف عن الاعتداء إذا قاومته الضحية بإصرار، بسبب إحساسه العميق بالرفض وعدم الاستحقاق فإن إصرار ضحيته على مقاومته، رغم التهديد والخطر، يثير كثيراً من الألم داخله مما يدفعه إلى التوقف في بعض الأحيان.

سواء اكتمل الاعتداء أم لا، غالباً ما يشعر هذا المعتدي بعدم الرضا ويبرر لنفسه عدم تجاوب ضحيته معه بأنه أخطأ الاختيار، مما يدفعه إلى إعادة الكرة مع آخرين.     

من المغتصبين المتسلسلين الذين يمكن وضعهم في هذه الفئة، المغتصب الأمريكي”ملفين كارتر” والذي اعترف بالاعتداء الجنسي على 100 ضحية قبل أن يتم القبض عليه في عام 1980، ويُحكم عليه بالسجن لمدة 25 عاماً. أُفرج عن ملفين في عام 1994 بعد أن قضى نصف المدة تقريباً، وأثار الإفراج عنه الكثير من الجدل في المجتمع الأمريكي.

 

 

2. المغتصب الباحث عن القوة والسيطرة

هذا النوع يفترض أن النساء مدينات له بالجنس، يخفي شكوكه برجولته من خلال الإفراط في إبداء مظاهر ذكورية مزيفة، ويعتقد أنه لن يكون رجلاً حقيقياً إلا إذا نال ما أراده في كل مرة.

يستخدم الاغتصاب للتأكيد على رجولته وقدرته على التحكم في النساء، لا يبحث عن الطمأنينة مثل النوع الأول بقدر ما يبحث عن فرض السيطرة على النساء.

عادة ما تكون هجماته اندفاعية وغير مخطط لها ويعتمد قدر استخدامه للقوة على مدى مقاومة الضحية، يتسم هذا النوع بالغطرسة وحدة الطباع ويختزل ذاته في صورته الذكورية.

كثيراً ما يكون لدى هذا النوع من المعتدين تاريخاً من الصعوبات في العلاقة مع النساء وعادة ما يكون قد مر بسلسلة من العلاقات أو الزيجات الفاشلة، إلا أنه بالرغم من ذلك يعتبر نفسه ناجحاً اجتماعياً.

مايك تايسون
shutterstock

أحد أشهر الأمثلة على هذا النوع من المعتدين هو الملاكم العالمي “مايك تايسون” الذي اتهم عدة مرات بالتعدي الجنسي على النساء قبل أن تتم إدانته والحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات في عام 1992 لاغتصابه فتاة مراهقة.

 

3. المغتصب الغاضب-الانتقامي

هذا النوع يكون دافعه الأساسي للاعتداء الجنسي هو الغضب، والذي لا يكون بالضرورة موجهاً نحو المرأة وحدها.

يعبر عن غضبه العارم باستخدام القوة المفرطة وقد يستخدم أسلحة قاتلة كالسكين وغيرها.

لا تتحول مشاعر الغضب لديه إلى مشاعر جنسية كما لا يكون دافعه للاعتداء وجود خيالات جنسية سادية. يرى هذا الشخص النساء عاهرات غير جديرات بالثقة أو الاحترام.

بما أن دافعه الأساسي للاعتداء هو الغضب فإن اعتداءه يكون عنيفاً للغاية وعادة ما يسبب إصابات بالغة لضحاياه إلى حد وصول الأمر إلى القتل في قليل من الأحيان.

على عكس المغتصب الباحث عن الاطمئنان الذي غالباً ما يتوقف عن الاعتداء إذا أصرت الضحية على مقاومته ويبحث عن غيرها، تشعل المقاومة غضب هذا المعتدي أكثر وأكثر مما يدفعه إلى المزيد من العنف والقسوة.

هذا الرجل قد يوجه غضبه تجاه صديقته أو زوجته إلى نساء أخريات حيث يقوم بالاعتداء عليهن للتغلب على مشاعره السلبية الناتجة عن وجود صعوبات في علاقاته الخاصة. بهذه الطريقة يستخدم هذا المعتدي الاغتصاب كوسيلة لمعاقبة وإهانة المرأة مدفوعاً بمشاعر عميقة من احتقار المرأة وازدرائها والغضب تجاهها.

أحد أشهر من ينتمون لهذه الفئة مقدم البرامج الإذاعية الأمريكي “كيفين كو”، الذي اعتدى جنسياً على عشرات النساء وكان يضربهن بقوة شديدة، ويسبب لهن إصابات بالغة ما بين أعوام 1979 و1981 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.

 

4. المغتصب السادي-الطقسي

هذا المعتدي عنيف للغاية ودائما ما يتضمن اعتداؤه سلوكيات سادية إذ يشعر بالمتعة الجنسية جراء تسبيب الألم والمعاناة لضحيته. يميل إلى تقييد ضحاياه ونقلهن لمكان معد مسبقاً للاعتداء ويتلذذ بإثارة الذعر في نفوسهن وإرهابهن من خلال إخبارهن بشكل تفصيلي وبأسلوب بارد وقاس كيف سيؤذيهن.

يخطط لجريمته جيداً ونادراً ما يقوم بالاعتداء بشكل اندفاعي أو دون تخطيط مسبق، ويستغرق اعتداؤه وقتاً طويلاً قد يمتد إلى ساعات.

الاغتصاب المخطط له
shutterstock

هذا المعتدي لديه طقوس وعادات ثابتة في الاعتداء على ضحاياه لذلك يسمى بـ “المعتدي الطقسي”، يميل إلى إحداث التشوهات في المناطق الجنسية من أجساد ضحاياه كالمهبل والثدي، ويتفنن في إبداع طرق تعذيب وإهانة غريبة في بعض الأحيان وسلاحه المفضل هو السكين.

يختار الضحايا الغرباء وإن كن يرمزن إلى آخرين معروفين لديه في خيالاته السادية.

يلجأ إلى الحيلة والخدعة لكسب ثقة ضحيته تمهيداً للاعتداء عليها ويصعب على ضحاياه للغاية التواصل معه أو إثارة تعاطفه بعد البدء في الاعتداء.

قد لا يكون لديه سجل إجرامي أو أي تاريخ للمرض العقلي، لا يتعاطى المخدرات أو الكحوليات في وقت الاعتداء ليحافظ على تركيزه وإذا استخدمها فإن ذلك يكون بكميات قليلة للغاية وبحرص.

عادة ما يكون ذكاؤه من متوسط إلى عال وقد يكون ذا وظيفة مرموقة وينال احترام زملائه ولا تظهر خيالاته وأفكاره السادية لأي من الأشخاص المحيطين به.

بالرغم من كون هذا النمط أقل أنماط المغتصبين المتسلسلين شيوعاً إلا أنه يعد أكثر الأنماط استحواذاً على الاهتمام من قبل المؤسسات الإعلامية وصناع الدراما لما يقوم به عادة من طقوس غريبة ومثيرة. مثال على ذلك شخصية المغتصب المتسلسل في المسلسل القصير Unbelievable على تطبيق نتفلكس Netflix.

اقرأ المزيد: خمس حقائق مهمة عن الاغتصاب

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات