زواج القاصرات في مصر
Pixabay

لا تطفئ الشمس

انتزعوها من تعليمها ومدرستها. وارتها جلابيباً سوداءً. كُمم فمها. كُتمت ضحكتها. عُرضت للبيع قبل أن تبور بضاعتها. آلات الإنجاب حديثة العهد بالبلوغ، لها أعلى سعر في هذا النوع من أسواق النخاسة.

الحورية البحرية

في أقصى شمال مصر، حيث يلتقي البحر المتوسط مع نهر النيل في عناق حميم، بعد رحلة فراق طويلة، كانت طفلة تراقص الموج، كعادة أبناء الصيادين الذين يعشقون البحر، ويجيدون السباحة فيه.

وجهها كوجه القمر ليلة البدر، كانت عصفورةً تهوى التحليق في أزقة المدينة، تلهو في شوارعها، وتتعالى أصوات ضحكاتها الطفولية المحبة للحياة.

بلوغ، مقرون بدماء شهرية، يداهمها. يُسدِل بلوغها الستار على طفولتها – من وجهة نظرهم.

يأبون إلا أن يقطفوا زهورها. يطمسوا ضحكاتها. الآن هي عورة يجب أن تتوارى. إِزهار الجسد، واتضاح تضاريسه وتفاصيله الأنثوية يخيفهم. بدأت طقوس الوأد.

آلات الإنجاب حديثة العهد بالبلوغ لها سعر عال

انتزعوها من تعليمها ومدرستها. واراتها الجلابيب الداكنة. كُمم فمها. كُتمت ضحكتها. عُرضت للبيع قبل أن تبور بضاعتهم. آلات الإنجاب حديثة العهد بالبلوغ، لها سعر عال.


حضر المشتري؛ رجلاً تجاوز الأربعين من عمره، محملاً ببعض من مال، وهدايا من تلك البلاد الذي يزورها في سفره، من خلال عمله كبحار على متن السفن التجارية.

عُجل بالزواج. سيقت إليه في فستان أبيض بدون أي وثائق رسمية لتوثيق زواجهما – لأنها دون السن القانوني لتوثيق الزواج الرسمي.

مثلها مثل الكثيرات، لم يكن معها سوى ذلك العقد العرفي الذي تم عقده عند محامي، حتى تكمل 18 سنة، فيتم توثيقه بشكل قانوني.

أيام قليلة واستعر الجحيم؛ لا خروج. لا دخول. لا زيارات للأهل. لا أحاديث هاتفية. لا أحاديث مع الجيران. سجن، من الشك والغيرة والتحكم، حُبست بداخله.

ثمرة هذا الزواج تنمو في أحشائها؛ طفلاً ينتظر قدومه في أجواء متنافرة. تتزايد وتيرة الخلافات بينهما، فيأخذ ورقة زواجهما، ويسافر باحثاً عن مغامرة حب جديدة فيما وراء البحار، تاركاً إياها معلقةً.

بعدما اغتيلت طفولتها، عادت إلي بيت أهلها يثقلها الخزي والخذلان، بلا شيء يثبت زواجها، ولا شيء يمكنها من إثبات نسب هذا الطفل القادم.

الأرملة الحزينة
Flickr

الأرملة الكسيرة

انتحر محمد شنقاً تاركاً خلفه زوجة بدون عقد رسمي وطفلة بدون شهادة ميلاد

صابرين، 16 سنة. طفلة تحمل في أحشائها طفلة، وفوق ذراعيها طفلة، أم عازبة ترتدي ثوب الحداد الأسود. انتحر زوجها. شنق نفسه بعد قصة حب عارمة جمعتهما.

ملخص القصة الحزينة؛ حب في سن المراهقة. محمد (22 سنة) وصابرين (14 سنة). قرار زواج سريع في منزل العريس. محامي. عقد زواج عرفي مخصص لمن هن دون السن القانوني.

أعباء الحياة. ديون. ضغوط. طفلة. حمل. انتحر محمد شنقاً تاركاً خلفه زوجة بدون عقد رسمي وطفلة بدون شهادة ميلاد وجنين لم يأت للحياة بعد – أيضاً بدون ورق.

حق الفتيات في التعليم
Wikimedia Commons

أحلام موءودة وإجهاض متكرر

مأساة مكتملة الأركان.

نورهان. فقيرة فقر مضجع. نحيلة. ضعيفة. قصيرة. هزيلة. كانت طالبة متفوقة؛ تنهل من كتبها المدرسية ليل نهار. كان من الممكن أن تصبح محاميةً ناشطةً بحقوق المرأة أو طبيبةً تناهض زواج الصغيرات وتسنينهن.

هيهات … خاطب يطرق أبواب البيت المتهالك. حلم الثراء يراود أهلها. سألوا جيداً عن أملاكه. قرار بيع بعقد عرفي. زواج بالإجبار. استغاثة وتوسل … لم يصغ لها أحداً.

تبددت أحلام المستقبل الواعد بسبب الحاضر الأليم الذي يهدد حياتها. جسدها يتضاءل وكأنما تتحلل قبل الموت. إجهاض متكرر. زوج يتعاطى المخدرات. ضرب مبرح. إهانة – مأساة مكتملة الأركان.

ضد زواج القاصرات
Wikimedia Commons

إحصائيات وحقائق

وفقاً للمفكرة القانونية:

تنص المادة 227 من قانون العقوبات المصري على عقوبات قد تصل إلى الحبس لمدة قد تصل إلى سنتين على

“كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانوناً لضبط عقد الزواج أقوالاً يعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها أوراقاً، كذلك متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق”.

كما تعاقب المادة بالحبس أو بغرامة

“كل شخص خوّله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون”.

تعد هذه المادة هي السبيل لمواجهة طرق التحايل على القانون المذكورة أعلاه.

رغم العقوبة القانونية، مازال كابوس زواج القاصرات جاثم على صدور كثيرة.

يتربح المحامي أو المأذون ما بين 4000 إلى 6000 جنيهاً مصرياً في كل عقد عرفي.


وفقاً للمسح السكاني الصحي لعام 2014،

تبلغ نسبة السيدات المصريات اللّواتي أصبحن أمهات في الفئة العمرية من 15 إلى 19 عاماً في الريف 45%، مقابل 26% في الحضر.

كما تمثل مضاعفات الحمل والولادة السبب الرئيسي لوفيات وأمراض الأمهات قبل سن العشرين.

على المستوى الإنساني، تزويج المراهقات يفقدهن حق استكمال التعليم، ويحرمهن من التمتع بطفولة طبيعية، يقف عائقاً في طريق نموهم النفسي والنضج.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات