عزيزتي طالبة النصيحة على مجموعات فيسبوك.. لستِ في المكان الصحيح
تلجأ العديد من النساء إلى مجموعات فيسبوك لتبادل الخبرات والاستشارات المتعلقة بحياتهن اليومية. قد يكون لهذا بعض الفوائد، ولكن في العموم عليكِ أن تكوني حذرة.
أتواجد في العديد من المجموعات النسائية على فيسبوك لسببين، أولهما أنني أجدها مثيرة للاهتمام لما تضمه من اهتمامات مختلفة لأطياف متنوعة من النساء من أعمار وخلفيات اجتماعية متعددة. السبب الثاني هو أنني أهوى التعرف على ما يدور حولي وما يطرأ من موضوعات تشغل بال النساء بحكم عملي.
أكثر ما يجذب انتباهي هو كم المشكلات الزوجية الذي تشاركه النساء على هذه المجموعات (الجروبات) بهدف الحصول على النصيحة أو بحثاً عن حلول لها. وتتنوع هذه المشكلات ما بين مشاحنات حول تفاصيل مادية أو تتعلق بالحياة اليومية أو نصيب لا بأس به من المشكلات الجنسية.
سأحاول أولاً أن أشرح الآلية التي يجري من خلالها نشر هذه المشكلات والتعاطي معها.
الخطوة الأولى هي أن ترسل صاحبة المشكلة مشكلتها، وإما أن يُنشر سؤالها أو مشكلتها بهويتها بعد موافقة القائمين على الصفحة، أو تُنشر رسالتها دون الإفصاح عن هويتها مع إعطائها كود أو رقم خاص وإرفاق بعض البيانات مثل الحالة الاجتماعية والعمر.
تكون المشكلة أو السؤال متاح لجميع عضوات الجروب بعد ذلك للتعليق عليها وإعطاء النصيحة.
بعد ذلك ينهال سيل من التعليقات والنصائح الموجهة من عضوات الجروب لصاحبة المشكلة التي لا تجمعهن بها معرفة مسبقة.
هنا يكون مربط الفرس، فالكثير من المشكلات المنشورة لا توجد بها معلومات كافية عن صاحبة المشكلة أو شريك حياتها والأطراف الأخرى المذكورة في رسالتها، أو السياق العام لعلاقتهما، والأهم أنها قصة من طرف واحد ولكل قصة، كما نعرف جميعاً، نسختين.
على الرغم من ذلك، لا تتوانى العشرات وأحياناً المئات من السيدات من توجيه نصائح بالغة الحدة والقوة حول ما يتعين على صاحبة المشكلة عمله لمعالجة مشكلتها أو للتعامل مع الطرف الآخر المتمثل في الخطيب أو الزوج في أغلب الأحيان، أو عائلة الزوج في أحيان أخرى.
تصل حدة هذه النصائح أحياناً لضرورة طلب الطلاق أو الانتقام من الطرف الآخر أو فضح امرأة أخرى لمجرد الشك في كونها على علاقة بشريك صاحبة المشكلة.
نصائح أخرى قد تجدونها أقل حدة ولكنها لا تقل فداحة، تدور حول كيفية كيد المكائد ونصب الفخاخ وقيادة الحرب الباردة مع الشريك أو/وعائلته. النصائح ليست كلها سلبية بالطبع، فبعضها يتخذ طابعاً إيجابياً أو يلتزم إطار النصائح العامة التي إن لم تنفع، فهي لن تضر.
أنواع الناصحات على مجموعات فيسبوك
يمكن بسهولة ملاحظة أنماط متكررة للناصحات على الجروبات النسائية، بحيث لا تخلو التعليقات على أي مشكلة من أحدها. أهم هذه الأنماط هي:
1. الناصحة المحبة للرجال
وتجدونها متحيزة لهم على طول الخط، وقد تكون متزوجة أو غير متزوجة. وتتلخص نصائحها في إلقاء اللوم على النساء لعدم قدرتهن على احتواء الشريك أو التعامل معه بالطريقة الصحيحة.
2. الناصحة “الفاضلة”
غالباً متزوجة وأم. وتركز تعليقاتها على إبراز شدة التزامها بالعادات والتقاليد والأعراف واستنكار كل ما هو مختلف عنها. ينبع ذلك غالباً من رغبة غير معلنة في التأكيد على شدة التزامها هي بالأخلاق الحميدة وكيف أنها “سيدة فاضلة” و”ما يعجبهاش الحال المايل”. كون هذا النمط يتوافق مع الثقافة العربية الرافضة للاختلاف بوجه عام، فهو نمط منتشر من المعلقات.
3. الناصحة الاستعراضية
وهي تستغل المساحة المتاحة في التعليقات لاستعراض إمكاناتها وتجاربها الشخصية الناجحة في التعامل مع مشكلات مشابهة، فتجدونها تسرد حكايات تتعلق بها هي عند التعليق على المشكلة أكثر مما تركز على المشكلة المطروحة.
4. الناصحة الساخرة
وتلمع هذه الفئة من الناصحات بشكل خاص عند نشر المشكلات الجنسية أو أي مشكلات تتعلق بالاهتمام بالشريك، فتجدون سيلاً من النكات والتعليقات الساخرة من المشكلة وصاحبتها.
5. الناصحة العصبية
وتجدها تميل لطرح حلول متطرفة للمشكلات ولترشيح التصادم مع الطرف الآخر سواء كانت المشكلة تستحق ذلك أم لا.
6. الناصحة المنبطحة المحبطة
وهي تلك التي تنصح صاحبة المشكلة بالقبول بـ”القسمة والنصيب” و”الرضا بالمقدر والمكتوب” وقبول الإهانة والإساءة “عشان خاطر العيال” بغض النظر عن طبيعة المشكلة المطروحة وقدر الإساءة أو الأذى المادي والنفسي الذي تتعرض له صاحبتها.
7. الناصحة المادية
وهي تظهر بوضوح في المشكلات المتعلقة باتفاقات الزواج أو اقتسام تكاليفه أو مصروفات المنزل مع الشريك، ودائماً ما تتمحور نصائحها حول الحصول على أكبر قدر من المميزات وعدم المشاركة بجنيه واحد في الأعباء المادية. تنظر للزواج بوصفه صفقة ممولها هو الشريك والشاطرة هي من تتمكن من جعله ينفق أكبر قدر ممكن من المال طوال مدة الصفقة. هي في رأيي سبب أساسي في تسليع المرأة في اتفاقات الزواج.
8. الناصحة الصادقة
وتميل لتهدئة النفوس بوجه عام، أو إعطاء نصائح عامة إن لم تنفع، لن تضر.
ما المشكلة في تلقي النصيحة من جروبات فيسبوك؟
لكي نجيب على هذا السؤال بشكل صحيح، يجب أن نحدد من هو الشخص المؤهل لتوجيه النصح فيما يتعلق بمختلف المشكلات الزوجية. هذا الشخص، رجل أو امرأة، لا بد أن:
- يستمع للطرفين أو يكون مؤهل علمياً لتوجيه الطرف صاحب المشكلة للحوار مع الطرف الآخر أو النظر للأمور من وجهة نظره.
- يفضل أن تكون لديه معلومات محددة عن أصحاب المشكلة والظروف المحيطة بحياتهم.
- لا يكون متحيزاً لأحد الأطراف.
- أن تكون لديه المعرفة العلمية والخبرة العملية التي تؤهله للحكم على الأمور بشكل صائب بعيداً عن الأهواء الشخصية.
المشكلة في تلقي النصيحة من الجروبات النسائية وغيرها، أن من توجه إليك النصح:
- لا تعرفك ولا تعرف شريك حياتك وتغفل الكثير من الجوانب التي تتجاوز نطاق معرفتها واهتمامها.
- غالباً ما تنصحك بناء على خبرتها وتجربتها الشخصية وخلفيتها الاجتماعية والثقافية، التي يمكن أن تختلف كثيراً عنك. وقد تعكس أيضاً مشكلاتها الشخصية عليك.
- قد لا تحمل اهتماماً حقيقياً بمشكلتك، وإنما هي فقط تمضي بعض الوقت بهدف التسلية وقتل الملل.
- كثيراً ما تكون لديهن أحكاماً أخلاقية أو اجتماعية مسبقة على بعض الأمور ولا تتسع آفاقهن لتقبل من تختلف عنهن.
- أغلب الناصحات هن غير مؤهلات علمياً لتوجيه النصح، مما يؤدي إما لنشر معلومات خاطئة أو نصائح مضرة للعلاقات أو يكون وقع تعليقاتهم سلبي على صاحبة المشكلة بسبب صياغتها، وأحياناً يكون يتم ذلك بحسن نية.
كذلك، فالكثير من التعليقات الساخرة والمغرضة قد تقتل ثقتك بنفسك وتحطم علاقتك بشريك حياتك. المشكلات الزوجية حلها الأول هو الحوار بين الزوجين ومحاولة تقريب وجهات النظر والوصول لحلول ترضي الطرفين. إن لم تفلح محاولات الزوجين، فاللجوء لمنصات متخصصة أو مستشاري العلاقات الزوجية هو الحل الأمثل.
إذا كنتِ تعانين من مشكلة زوجية، يمكنك مشاركتها مع فريقنا المتخصص عبر منتدى النقاش almontada.lmarabic.com
هل للمشاركة في المجموعات النسائية أي فوائد؟
نعم، بالطبع. فهي مساحة لتبادل الخبرات والتعرف على أفكار أشخاص خارج مدار حياتك اليومية حتى لا تفقدين تواصلك مع الأطياف الأخرى من البشر وقدرتك على استيعاب أفكار مختلفة وتقبل الآخرين.
هي كذلك فعالة في قتل الملل ووقت الفراغ والتدرب على الطرق الفعالة لإبداء الرأي. يمكنك كذلك الاستفادة من الآراء والأفكار والحلول المطروحة للمشكلات.
ولكن ضعي نصب عينيك كل الأمور المذكورة سابقاً حول التعليقات والآراء المنشورة و”حكِّمي عقلك” دوماً.
اطلع على المزيد: فيديو: تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على شخصياتنا وعلاقاتنا
الناصحه المنبطحه المحبطه (…
الناصحه المنبطحه المحبطه ( كوميديا سوداء ) ضحكت كثيرا على رقم 6 ????