خطة الولادة: أنتِ القائدة في رحلة الإنجاب
الحمل عملية طبيعية، ولكنها تحتاج إلى العديد من الترتيبات. ما الذي يعنيه تعبير “خطة الحمل”، ومن هي الدولا وما دورها أثناء الحمل والولادة؟
ترجمة: أمير زكي
الحمل عملية طبيعية تمر بها النساء، ولكن رغم ذلك تتعامل مجتمعاتنا مع المرأة الحامل وكأنها مريضة، غير قادرة على التصرف، ومستسلمة تماماً للقرارات التي يفرضها عليها النظام الطبي بالإضافة إلى القرارات التي تفرضها عليها عائلتها وعائلة زوجها.
وقد يؤدي هذا الاستسلام إلى تعرضها لأشكال العنف أو الانتهاك بدون قدرة على المقاومة، بل قد تتعامل مع هذه التصرفات كأنها ضرورية أو طبيعية.
نحن بحاجة إلى تغيير هذه المفاهيم، ولتحقيق ذلك تحتاج الأم المستقبلية إلى أن تتلقى التعليم الكافي، وأن تتدرب على صياغة خطة ولادة، وأن تكوِّن من حولها فريقاً يدعم هذه الخطة. وإذا كان ذلك متاحاً لها، يمكنها أيضاً الاستعانة بـ “دولا” لتكون رفيقتها في رحلة الولادة.
ما الأمور التي يجب أن تعرفها الأم قبل الولادة؟
1. يجب أن تعرف حقوقها
لدى كل أم الحق في أن تتلقى رعاية صحية تتسم بالاحترام وفهم حقوق الرعاية أثناء الحمل. جزء من هذا يكون عن طريق تعزيز الرعاية الأمومية التي تتبع آخر وأفضل الإرشادات والمعلومات الطبية المبنية على الأدلة العلمية، والجزء الآخر يكون من خلال التأكد من صون كرامتها وحقوقها واستقلالها حتى أثناء الولادة.
لكل أم الحق في أن تتلقى المعلومات عن حقوقها والاختيارات المتاحة أمامها خلال الحمل والولادة. لكل أم أيضاً الحق في الوصول إلى المعلومات، والحق في تلقي موافقة مستنيرة، أو رفض أي إجراء لا تريده.
كون المرأة حاملاً لا يعني أنها فقدت حقوقها أو استقلاليتها.
بالطبع هي تفكر في وليدها القادم وعائلتها وتضعهم جميعاً في الاعتبار، ولكن هذا لا يعني أنها فقدت حقوقها.
للأمهات الحق في احترام خياراتهن وتفضيلاتهن خلال الولادة.
2. يجب أن تعرف جسدها وتغيراته أثناء الولادة
إذا كنت لا تعرفين إذا كان هذا الإجراء طبيعياً أو صحياً أو آمناً، سوف تتخلين عن تحكمك في جسدك لصالح شخص آخر (الطبيب/ة، أمك، زوجك).
المعرفة قوة.
فهم الحمل والولادة، وما يحدث في جسدك، والهرمونات، والمراحل المختلفة، يدعمك في عملية إدارة مشاعرك وآلامك والصدمات التي قد تتعرضين لها، وسوف تعمل ميكانيزمات التعامل مع المواقف لديك بشكل أكفأ.
أنت القائدة خلال الولادة.
وكلما عرفت أكثر عن جسدك والتغيرات التي تحدث له، ستقودين الطريق بشكل أفضل.
إحدى أهم المعلومات الضرورية هي أن الحمل ليس مرضاً، والأمهات لسن مريضات؛ ما زلن مشاركات فاعلات في عملية الولادة.
الولادة عملية فسيولوجية طبيعية، وأجساد النساء الحوامل تعرف بشكل طبيعي ما ينبغي فعله، إذ أن الأمهات والأطفال يعملان معاً كأنهما ضمن الفريق الطبي وفريق الولادة (قد يتكون الفريق من الأطباء والدولا، والشركاء/الرفاق/ أفراد العائلة/ وأي عاملين في مجال الحمل والولادة).
من الضروري أن تحظى كل أم بإمكانية الوصول إلى التعليم المتعلق بولادة طفل، أي المعلومات الأساسية عن عملية الحمل والولادة، وما يحدث في جسدها في كل مرحلة، والأدوات والأساليب التي تساعدها على إدارة الألم، ومساعدة جسدها على العمل بأفضل شكل، والتدخلات المختلفة التي تحتاجها، والخيارات المتاحة لها، والأهم من كل ذلك أن تعرف حقوقها.
3. يجب أن تعرف الخيارات المختلفة
سيتيح لها ذلك ممارسة استقلالها، لتكون مشاركة نشطة في عملية الولادة.
إحدى كبيرات مجال التوليد، وهي الطبيبة بيني سيمكين، ذكرت رسالة قوية تقول: “إذا لم تكوني على دراية بالخيارات المتاحة أمامك، فليس لديك خيار”.
على سبيل المثال، من الضروري أن تعرف الأمهات أن الولادة القيصرية ليست الخيار الوحيد، حتى لو ضغط عليها الطبيب أو الأم أو الزوج أو العائلة أو المجتمع من أجل فعل ذلك.
دعونا نضرب مثالاً آخر: قبل أن تسافري في إجازة، تقضين وقتك في البحث ضمن خيارات عدة للتأكد من أنك ستمرين بأفضل تجربة وفقاً لأولوياتك: الأمر نفسه ينطبق على الولادة، عليك أن توفري وقتاً للبحث، وأن تحددي أي خيارات وأي أطباء وأي مستشفيات ستكون مناسبة لأولوياتك.
عليك أن تُعِدِّي نفسك، وأن تستثمري في نفسك، وأن تدرسي وتتدربي وأن تختاري فريقاً قوياً يحيط بك.
العديد من الناس الذين ينفقون آلاف الجنيهات للإعداد لحفل زفافهم، لا يبذلون سوى الحد الأدنى قبل الإعداد للأمومة والأبوة.
اتخذي قرارات مستنيرة
حتى تستطيعي اتخاذ قرارات مستنيرة وقوية خلال الولادة، عليك أن تضعي في اعتبارك هذه الأولويات:
أولاً: اختيار فريق ولادة قوي
عليك أن تحيطي نفسك بأفراد داعمين طوال رحلة الولادة، بداية من اختيار طبيب/ة موثوق به/ا، مروراً برفاق ورفيقات الولادة، نهاية بالاستعانة بدولا إذا أمكنك ذلك.
من المهم اختيار فريق يدعمك من أجل الوصول إلى رؤيتك وأهدافك في الولادة.
لا مانع من تلقي آراء متعددة وزيارة عدة أطباء حتى الوصول إلى الطبيب/ة الذي تثقين فيه/ا وتشعرين بالأمان معه/ا.
لا يوجد ما يجبرك على الاستمرار مع نفس الطبيب/ة بدعوى أنه الطبيب الذي ولَّد نساء عائلتك كلهن، لأن هذا لا يعني أنه أنسب طبيب/ة.
خلال الولادة، يحتاج الدعم إلى فريق، يحتاج إليك وإلى الطبيب/ة ورفاق الولادة معاً. ويمكنك اختيار رفاق الولادة بنفسك، قد يكونون من أفراد العائلة وقد لا يكونون كذلك.
يحتاج الأمر إلى أن تكوني على اتفاق مع كل من حولك.
ثانياً: التعلم
معرفة جسدك، وعملية الولادة، وحقوقك، واختياراتك هي أفضل طريقة لاكتساب القوة التي تمكنك على اتخاذ القرارات خلال توليدك.
للأسف في مجتمعنا، قليلون هم من سيزودونك بالمعلومات الموثوقة الجاهزة، أنت بحاجة إلى أن تبحثي عنها.
ابحثي بنفسك، ربما يمكن الالتحاق بورشة عن الولادة، أو اقرأي كتباً أو شاهدي فيديوهات على يوتيوب.
هذا استثمار في نفسك وعائلتك.
التعليم سيقويكِ.
ثالثاً. خطة الولادة
اصنعي خطة ولادة، وشاركيها مع من حولك، عرَّفي دائرة الدعم من حولك عن تفضيلاتك.
ما أهمية خطة الولادة؟
ستساعدك الخطة على فهم اختياراتك ووضع أولوية لتفضيلاتك، وهي طريقة قوية للمشاركة الفعالة في عملية الولادة، وهي واحدة من أفضل الطرق لاتخاذ قرار قوي ومستنير.
صياغة خطة الولادة مسألة سهلة، أنت فقط بحاجة إلى الجلوس للكتابة عن أولوياتك ومراجعتها باستمرار.
إذا كانت هذه المسألة صعبة بالنسبة لك، يمكن اللجوء إلى استشارة دولا أو مدرب/ة ولادة لمساعدتك أنت وشريكك.
التخطيط للولادة يساعدك على تحديد أولوياتك ويساعدك على الدفاع عن حقوقك وحقوق عائلتك.
بعد استكمال جلسات كتابة الخطة، ستبدأين في البحث ودراسة الاختيارات المتاحة أمامك، لتتفهمي الإجراءات المختلفة قبل عملية الولادة وأثناءها، وسوف تكونين قادرة على اتخاذ قرارات مستنيرة معتمدة على قيمك وأولوياتك وأمنياتك.
لا تتكاسلي في كتابة خطة الولادة اعتماداً مثلاً على الخطة التي سارت عليها صديقتك، كل خطة ولادة مختلفة من عائلة إلى أخرى، حتى لو كانت امرأتان من نفس العائلة، بل تختلف من ولادة إلى أخرى حتى لو كانت نفس المرأة.
الخطة المرنة
قد تكون كلمة “خطة” مخادعة قليلاً، لأن عملية الولادة أشبه بالوضع في الحياة اليومية، في معظم الأحيان يصعب على المرء أن يلتزم بخطة.
ولكن “خطة الولادة” أداة لمساعدتك على تحديد أولوياتك القابلة للتغير.
كل ولادة فريدة من نوعها، وهذا سوف يغير من أولوياتك وتعليمك وأمنياتك.
المرونة والتواصل أساسيان في خطط الولادة.
تذكري أن “خطة الولادة” ليست عقداً، إذ يمكن أن تتغير في أي وقت، لديك الحق قي تغيير رأيك، ومن المسموح لك أن تطرحي الأسئلة لتصبحي على دراية أكبر بخياراتك المتغيرة خلال عملية الولادة. تساعدك هذه الطريقة على مناقشة هذه الخيارات مع طبيبك واتخاذ قرارات مستنيرة خلال الولادة.
تزودك خطة الولادة بالآتي:
- معرفة حقوقك
- معرفة جسدك وعملية الولادة (بما في ذلك كل التدخلات والمنافع وأشكال الأذى الممكنة)
- معرفة خياراتك
بعد الدراسة والبحث والتعلم وتثقيف نفسك، ستكونين قادرة على وضع الأوليات لتفضيلاتك، وقادرة على طرح أسئلة إضافية على طبيبك من أجل اتخاذ قرارات مستنيرة.
حين تكونين على دراية بأولوياتك، ستكونين قادرة على توصيل ذلك إلى فريقك الطبي، ومعرفة إذا كان الطبيب والمستشفى قادرين على تلبية تفضيلاتك وواعين بها.
خلال خطتك المدعومة خلال الولادة، لا يوجد شيء صحيح أو خاطئ، توجد طريقة لتسمح لك بالشعور بالاحترام، والقدرة كمشاركة فاعلة في العملية، والقدرة على مشاركة عملية اتخاذ القرار مع طبيبك أو طبيبتك.
من الضروري للغاية أن تشاركي تفضيلاتك وتناقشيها مع طبيبك.
ومن الضروري للغاية أيضاً مشاركة هذه الأولويات، والتعبير عن أهميتها بالنسبة لك، مع دائرة الدعم (أي التعلم ومشاركة ذلك مع زوجك وعائلتك وطبيبك أو طبيبتك ورفاق أو رفيقات الولادة) حتى يساعدوك على الدفاع عنك وعن تفضيلاتك، والمساعدة على تذكيرك وتذكير الفريق الطبي بهذه الأولويات والتفضيلات خلال الولادة، لدفعك نحو تجربة ولادة إيجابية ومدعومة.
دور الدولا
ذكرنا أكثر من مرة في المقال أن الأم المستقبلية بحاجة إلى فريق يدعمها، قد يكون من الأهل والأصدقاء إضافة إلى الطبيب/ة، وذكرنا أنه قد يكون بإمكانها الاستعانة بـ “دولا”، ولكن من هي الدولا؟
أحب أن أقول عن الدولا إنها “المشجع والمحامي الشخصي، ومدرب الحمل في وقت واحد”.
هي موجودة لدعمك والتأكد من حصولك على ولادة مستنيرة ومُتَحكَّم فيها.
الدولا هي رفيقة الولادة ومدربة الحمل، الدولا ليست متخصصة في الطب ولكنها تلقت تدريباً متخصصاً لمرافقة المرأة الحامل ورعايتها.
الدولا موجودة منذ عصور سحيقة في التاريخ، دورها مساعدة الحامل جسدياً وعاطفياً، وهو دور يختلف عن القابلة التي تُجري عملية التوليد بالفعل، حديثاً ظهرت الدولا ضمن حركة تعزيز الولادة الطبيعية التي انطلقت في الولايات المتحدة في ستينيات القرن العشرين.
تعمل الدولا من أجل أن تزود العائلة المتوقعة بأنواع مختلفة من الدعم، ولا يتوقف هذا عند الأم بل يتضمن أيضاً الآباء الجدد وأفراد العائلة الجدد.
نقدم دعماً جسدياً (مثل إدارة الآلام الطبيعية وتقديم الاقتراحات لكيفية التعامل مع المواقف المختلفة من أجل المساعدة على التقدم في العملية)، والدعم والتشجيع العاطفي، والتدريب، وأخيراً الدفاع العليم.
وجود دولا أشبه بتوفر موسوعة صغيرة عن الولادة تحت تصرفك، يمكنها المساعدة على تزويدك بطبقة جديدة من الدعم المعلوماتي عن التدخلات والخيارات والمنافع وأشكال الانتهاك التي يمكن أن تتعرضي لها.
لا تحل الدولا أبداً محل النظام الداعم، وكثيراً ما تعمل الدولا ضمن الفريق المحيط بالأم أثناء الولادة.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر العلم أن وجود الدولا يزيد من إيجابية تجربة الولادة.
رغم ذلك، من المفهوم أن العديد من الأمهات لن يستطعن الوصول إلى دولا، سواء لأن هذا يمثل تكلفة مادية إضافية بالنسبة إليهن، أو لأن وجود الدولا في مصر محدود بالفعل.
إذا لم يكن لدي الأم القدرة على الاستعانة بدولا، ما زال لديها القدرة على خوض تجربة ولادة مستنيرة ومدعومة باختيار فريق مناسب من أفراد العائلة والأصدقاء.
كيف تواجه النساء العنف أثناء الولادة؟
إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجهها النساء في مجتمعاتنا هي العنف الذي يحدث من النظام الطبي قبل الولادة وأثناءها، من ضمن هذه الأشكال العنيفة إخفاء المعلومات، أو التلاعب بها، كالحديث عن ضرورة إجراء ولادة قيصرية رغم أن المرأة ليست بحاجة إليها.
وأيضاً قد يجري الطبيب/ة تدخلات غير ضرورية، على غير موافقة المرأة، أو قد تحدث انتهاكات جسدية أو لفظية.
قد يصعب على الأم التمييز إذا كان هذا التدخل الطبي أو ذاك ضرورياً أم لا.
للاطلاع على المزيد: أرجوك احتَرِم ألمي.. العنف في غرفة الولادة
والحقيقة أنه لا توجد إحصائيات أو إرشادات أو تفضيلات من منظمة الصحة العالمية تشير إلى المستويات العادية من التدخلات، التي تسمح لنا بمعرفة وجود خطأ.
لكن على سبيل المثال، ومن جهة الولادة القيصرية، تشير الأرقام العالمية أنه ينبغي أن تقتصر نسبتها من 10 إلى 15%، في حين أن نسبة الولادة القيصرية في مصر تفوق الـ 65%، وهذه إشارة على وجود مشكلة.
للأسف أحياناً توجد عدم ثقة بين النساء والنظام الطبي، بسبب خوف النساء من هذا النظام، لأنهن عوملن بعدم احترام وبشكل صادم في السابق، أو استمعن إلى قصص تؤكد ذلك، بالتالي يشعرن أن النظام الطبي يستغلهن.
كما ذكرنا، يصعب على الأم وحدها أن تحكم إذا كان هذا الإجراء سليماً أم لا، لأن القرار في النهاية في يد المتخصصين طبياً.
لكن من السهل على جميع الناس، ومن ضمنهم العاملين في مجال التوليد، أن يشعروا، بالحدس، إذا كانت هذه الممارسة خاطئة أو غير آمنة، أو تُشعر الأم بالإهانة وعدم الاحترام أو الانتهاك.
الحل الممكن في هذا التوقيت هو توعية الأم وإحاطتها بفريق داعم قادر على الدفاع عنها وعن قراراتها عند الضرورة.
يمكن معرفة المزيد عن دور الدولا وخطة الولادة وتحميل نموذج منها باللغة العربية من موقع:
https://youregyptiandoula.com/birth-planning
مقال راءع ?????????
مقال راءع ?????????
مرحباً بك،
نشكرك على…
مرحباً بك،
نشكرك على تعليقك، ونسعد دائماً بمشاركات زوار موقعنا.