بعد الفراق
“ربما خسرنا وربما خسارتنا كبيرة فى هذه العلاقة، ولكن الحل هو أن نلملم ما تبقى منا وأن نسعى لبداية جديدة نستفيد فيها من خبراتنا فى تلك العلاقة التي استنفزت طاقتنا”.
للمرة الأولى أمعن التركيز فى كلمات تلك الأغنية التي غنتها الفنانة “صباح” فى فيلم “الأيدي الناعمة”، ولا أدري فى حقيقة الأمر سر السعادة الشديدة التى كانت تبدو عليها وهى تشدوها بينما الأغنية لا تعبّر إلا عن وضع مزري.
“الدوامة” فى العلاقة العاطفية…
هي تلك الحالة التي تجعلك تشعر كما لو كنت قد سقطت فى خلاط كهربائي فتت كل أجزائك، ثم تم صبّك فى كوبٍ زجاجيّ شفاف، فلا أنت هو أنت ولا ما تشعر به هو ما سبق وأن كنت عليه.
تخيل نفسك تلك المادة السائلة التي تم صبها فى الكوب. هذا هو وضعك فى دوامة العلاقة العاطفية المرهقة. أما عن وضعك بعدها، فهو ذلك الكوب الفارغ، وهنا أمامك خياران لا ثالث لهما. إما ان تزيل شوائب وبقايا تلك العلاقة تماماً، أو أن تحتفظ بشوائبها فى ذلك الكوب داخل جو مشمس عاصف مليء بالأتربة والبكتيريا وتكون بهذا الشكل تدمر نفسك ذاتياً.
إن الغرض من الإنفصال فى العلاقات العاطفية هو أن نصبح أفضل مما كنا عليه وقتها، وأن نعيد تصحيح مسار حياتنا العاطفية والإجتماعية. لذلك إن لم تكن النتيجة الطبيعية والمتوقعة من الإنفصال هو تحسن للأفضل، فعلى الأقل ليس هناك داعٍ للسقوط فى دوامة لن تخرج منها إلا بخسائر لاحصر لها.
حالات الفراق
لي صديقة عرفتها وقت إرتباطها بفتى فى نفس مرحلتها العمرية تقريباً، وكانت مبهورة به الى حد الجنون. بعد انفصالها عنه ظهر تطور كبير فى شخصيتها، بعضه يحسب لها والأخر يحسب عليها.
إتجهت الى شرب المخدرات والخمور وأصبحت لا تركّز في من يستحق الدخول فى حياتها والتأثير فيها. اتجهت أيضاً للدخول فى علاقات عاطفية غير مفهومة ولا تدوم أكثر من 30 يوماً.
لي صديق وقت خطوبته كان متفانياً جداً فى عمله، وحريصاً على أن يتطور ويخلق قنوات جديدة يسعى من خلالها لتحسين دخله واكتساب خبرات مختلفة، ولكن بعد إنفصاله عن خطيبته ثبطت همته وسقط فى دوامة الدراما، وترك عمله تحت مبرر أنه كان يفعل كل ذلك للظفر بحبيبته وطالما انتهى امرها، فهذا سبب كفيل يدفعه لأخذ إستراحة محارب.
الإنفصال فى العلاقات العاطفية أمر سيء وفيه ما فيه من آلام – اقرأ تدوينة عن كيفية التغلب على آلام الحب الماضى – فلا داعي أن نزيد الطين بلة بدخولنا فى حالة درامية ذات حلقات لا تنتهي من الأخطاء التي تؤثر على ثباتنا الإنفعالى وحالتنا العاطفية والنفسية.
ولا تقوم بأى شيء سوا خلق منافذ للتدمير الذاتي!
العلاقات العاطفية مثلها كمثل أى تجارب حياتية نخوضها، حلوها ومرها ما هو إلا سبيل لنستفيد ونكتسب خبرات أكثر تساعدنا مستقبلاً، لذا اسمحوا لي أن أصحبكم فى جولة خطيرة لنتعرف سوياً على 7 طرق للتدمير الذاتي بعد الإنفصال فى العلاقات العاطفية.
-
القفز الفوري على الأسرّة
دعونا نتفق على أن الأسطورة تقول أن الحل الأمثل لنسيان العلاقة العاطفية السابقة هو الدخول فى علاقة سريرية، لما يصحبها من شغف أكبر ومشاعر سريرية جنسية أقوى قد نشعر فيها بما لم تسنح الفرصة لنا بتجربته فى العلاقة العاطفية السابقة. هذا الأمر مرفوض على الإطلاق ولا يعتبر حل بل هو ورطة وحماقة!
التسرع فى الدخول لعلاقة سريرية سواء بوعي كامل أو تحت تأثير مشروبات روحية، لا يساعد أبداً فى تخطى العلاقة بل يؤدي الى تعقيد الأمر ويصحبه أحيانا مشاعر الإحساس بالذنب وأحياناً بإكتئاب إذا كانت عواقبه تجاهل ولا مبالاة من الطرف الآخر. وما أدراكم بحالة الإكتئاب الناتجة عن الإحباط الجنسي.
إذا كنتم تمروا بحالة تسطر فيها عواطفكم على نفسكم بقوة فالأفضل توجيه دفتها نحو التعرف على أنفسكم بشكل أفضل وأعمق.
-
تقمّص شخصية الكونت ديموند كريستو
هل تذكرون قصة ذلك الرجل الذي عاد لينتقم من كل أولئك الذين قد غدروا به؟ لا تتقمصوا شخصيته. أعرف أن الألم كبير وان شريكك فى العلاقة العاطفية قد يكون تسبب فى جرح عاطفي غائر بمشاعرك، ولكن رد الألم عن طريق الإنتقام لن يزيد الطين الا بلة. تخريبك لسيارته، تشويهك لسمعتها، التسبب فى مشاكل له بالعمل، إرسال ذكرياتك معها لشريكها الجديد عبارة عن زلزال مصحوب بتوابع لا حصر لها من المشاكل والتربص والتوتر، وربما لرد الإنتقام بدل الصاع صاعين.
ربما خسرنا وربما خسارتنا كبيرة فى هذه العلاقة، ولكن الحل هو أن نلملم ما تبقى منا وأن نسعى لبداية جديدة نستفيد فيها من خبراتنا فى تلك العلاقة التي استنفزت طاقتنا.
-
التغيير الجذري للأسوأ!
هل كان يحب الشعر الطويل؟ سأقوم بقصه. هل كانت تكره الوشوم؟ سأرسم من الغد وشماً على ذراعي لأفعى مفترسة. إيذاء النفس عن طريق اجراء تغييرات شكلية لا تليق لنا هو أمر غير مفيد على الإطلاق، وسيؤدي الى ترك أثر لايزول سيت تذكره لفترات طويلة وسيكون مرتبط بالحالة النفسية والعاطفية التي مررتم بها وقتها.
إهتموا بتغذيتكم وحافظوا على تدريباتكم، سيروا فى حياتكم كما كانت لجعلها أفضل وخصوصاً بعد التخلص من الشخص الذي استنفز الكثير منكم.
الوقت الذى تشعرون فيه أنه تم شفائكم بشكل
كلي من العلاقة السابقة يمكنكم اجراء التغييرات الشكلية التي تريدونها والتي تكون نابعة بصدق عن رغباتكم.
-
تواصل معي لعلني لست بخير!
محاولة اعادة التواصل مع شريكك السابق امر غير مجدِ على الإطلاق، سواء بارسال رسائل تحمل فى معناها محاولة اعادة التواصل تحت أى مسمى او حتى عن طريق متابعة منشوراتهم على الفيس بوك ومراقبة أسلوب حياتهم.
لن يضيف ذلك اليكم سوا المزيد من الغضب والحزن وسيجعل محاولة الشفاء من العلاقة صعب جداً. الحل هو قطع اي تواصل بينكم وبين ما سبق تماماً على الأقل حتى تستطيعوا تجاوز ما سبق.
-
تقمّص شخصية سميرة سعيد
هل استمعتم لأغنية “وأديني سيبته وشوفت اهو محصلش حاجة!” لا تكونوا مثلها وتقاوموا مشاعر الحزن داخلكم بعنف، ابكوا وتأثروا واطلقوا العنان لمشاعركم الحزينة والسلبية لتخرج وتأخذ وقتها فى التعبير عن نفسها.
-
الدخول فى علاقة عاطفية جديدة
هل شاهدتم فيلم Rebound لكاثرين زيتا جونز تلك المرأة الثلاثينية الناضجة التي أكتشفت خيانة زوجها وسرعان ما ترتبط بعد طلاقها مباشرة بشاب عشريني ما زال يقرأ روايات هاري بوتر قبل النوم ومغرم بها فكانت النتيجة انفصالها عنه؟
لا تدخلوا فى علاقة عاطفية دون أن تدركوا مرحلة الشفاء التام من آلام الحب السابق؛ لأن ذلك له عواقب لا تحمد عقابها سأتناولها فى تدوينة كاملة لاحقاً.
-
رفع شعار “مفيش فايدة”
النظرة التشاؤمية والنظر لنصف الكوب الفارغ لا يفيد على الإطلاق! رفض الدخول فى علاقات عاطفية جديدة مهما طال الزمن تحت مزاعم أن كلهم واحد وأن أيبك هو أقطاي هو منظور ضيق فى التفكير، ومضيعة لفرصة الحصول على شريك أفضل يمكنه أن يعوضكم عن علاقة سابقة فاشلة قد انتهت وآن أوان طي صفاحتها للأبد.
قلت فى تدوينات سابقة وأكدت على أن الهدف دوماً من العلاقات الفاشلة هو أكتساب خبرات حياتية جديدة تصقل شخصياتنا وتطور من سلوكنا فى التعاملات الأنسانية، وتساعد فى أن نكون اكثر حيطة وحذراً وحرصاً على مشاعرنا وبالتالي لن يكون مفيد على الإطلاق أن نستخدمها كسلاح مضاد يثبط من هممنا ويصيبنا بتعاسة لا تنتهي.
الحياة سلسلة من التجارب وعلينا أن نخلق من كل أسى ضوء ينير سكك حياتنا ويدفعنا للظفر بفرصة أفضل. كونوا على يقين تام بأن فى كل طريق نمشيه فرص لا تنتهي فى أنتظار أن تقتنص فهل أنتم على أستعداد؟
إقرأ معنا أيضاً إتيكيت الانفصال في العلاقات العاطفية
ملاحظة: تعبّر مختلف المدونات عن رأي كتابها وليس بالضرورة عن رأي الموقع
اترك تعليقاً
آخر التعليقات (1)
حلو جدا المقال
حلو جدا المقال