حماتي ملاك.. فعلاً
هل يمكن أن تكون العلاقة بين الزوجة والحماة طيبة؟ يبدو هذا صعباً ومثالياً، ولكنه في الحقيقة ممكن مع ممارسة بعض الجهد من الطرفين.
فور أن لمحت فرصة سانحة يمكنني أن أتحدث فيها عن حماتي الحبيبة وأعبر لها عن حبي وتقديري وامتناني الشديد لها، فرحت جداً وسارعت بكتابة هذا المقال.
فلا يوجد يوم عالمي أو وطني مصري عربي للاحتفال بالحماة. فقط من الشائع أن تكون فرصة عيد الأم هي اليوم الرسمي للاحتفال بالأم والحماة، وبالطبع هذا يهضم حق الثانية كثيراً.
قد لا يكون كلامي مقنعاً كثيراً في ظل الثقافة العربية وغيرها من الثقافات التي تتندر دوماً بعلاقة الحماة بزوجة ابنها -أو زوج ابنتها- وتضعها دوماً في إطار ساخر أو غير ساخر يشتمل على أنواع الصراع المستمر والمتجدد على إثبات اليد العليا والسلطة على مقدرات الأبناء وحياتهم.
وفي الحقيقة أن هذا الصراع عندما يكون واقعاً يدفع الجميع ثمنه من توتر ومشكلات مستمرة، ويكون الزوج أو الزوجة محل النزاع ممزقاً في محاولات إرضاء الطرفين.
جنبتنا حماتي عناء هذه الصراعات منذ اليوم الأول لزواجي، لأنها اعتبرتني ابنة ثالثة لها. عودتني أن تتصل يومياً للاطمئنان عليَّ وعلى أحوالنا، تماماً مثلما تفعل مع أبنائها، واسمع الآن من تقول في سرها إنها تفعل ذلك “لتعرف كل ما يحدث في حياتنا وتتدخل بها”، ولكن ذلك لم يحدث قط.
لم تحاول حماتي أبداَ طوال سنوات زواجي العشرة السؤال عن أي شيء يتعلق بتفاصيل حياتنا الخاصة أو أن تكون طرفاً في حوار أو خلاف بيني وبين زوجي. فقط كانت تستمتع لي وتهون عليَّ أي ضيق قد أشعر به من موقف ما، دون أن تتحيز لطرف منا دون الآخر.
كذلك، لم تعلق أبداً على أي شيء يخص حياتنا، حتى وإن كانت تختلف معه، إلا في حالة أن طلبت رأيها مباشرة، ودائماَ ما تختتم كلامها بأنه رأيها الخاص ولنا الحرية في اختيار الطريقة التي تلائمنا.
الإصغاء والتواصل لم يكونا الصفتين المميزتين الوحيدتين لعلاقتي بها، فعلاقتنا قامت وما تزال تقوم دوماً على الدعم المتبادل، فلا أتذكر أي موقف صعب أو وقت احتجت فيه للمساعدة أو الدعم ولم أجدها قبل أن أطلب منها ذلك، سباقة بمساندتي بالتواجد إلى جانبي ورعايتي.
عندما كنت أمرض، كانت تلازمني وترعاني أو تأتي بعد انتهاء عملها للاطمئنان عليَّ ومعها طعام أعدته نيابة عني، ومنذ مولد ابنتي وحتى الآن هي دوماً مستعدة وسعيدة برعايتها عندما تتطلب ظروف عملي الغياب عنها أو عندما أحتاج بعض الوقت الخاص.
منذ أن أصبحت أماً، كنت أتلقى منها سنوياً هدية عيد أمومتي، نيابة عن ابنتي.
ما ذكرته هو أقل القليل مما أدين به لحماتي، والذي يحتاج لمساحة أكبر بكثير لأعبر عن امتناني له وحبي لها.
هل علاقتي بحماتي استثنائية؟
ربما يكون الأمر كذلك، لأنها سيدة فاضلة وفائقة الطيبة. أتصور أن ليست كل الحموات على نفس المنوال، ومنهن من تكون صعبة المراس أو الإرضاء. اعتقد أن سر العلاقة الطيبة بيني وبينها هي أنها اعتبرتني ابنتها واعتبرتها أماً لي.
أتذكر صديقة أعرفها قالت لي وقت خطبتها أن خطيبها طلب منها أن تصطحب والدته في نزهة لأنه يعمل خارج البلاد ويرغب في الترفيه عنها. كانت ردة فعلها هي التسويف “لأنها هتتعود على كده بعدين!”.
التحفز غير المبرر تجاه الحموات هو أول خطوة في طريق علاقة متوترة ومشحونة، وهو ما حدث بالفعل لاحقاً، إذ تحولت العلاقة بينهما لحرب مستمرة أثرت على العلاقة الشخصية لهذه الصديقة وزوجها، بالإضافة لوجود أسباب أخرى.
الود والنوايا الطيبة يخلقان الود في أغلب الأحيان، أما الجفاء والتحفز فلا يقودان أبداً لعلاقات مريحة بوجه عام.
كذلك، تفهم الدوافع وراء أي تصرف يساعد كثيراً في التعامل مع المواقف بشكل أفضل، فليس كل سؤال أو تعليق هدفه التدخل في الحياة الشخصية أو فرض آراء محددة، ففي كثير من الأحيان يكون الدافع هو الحب والرغبة في المساعدة.
الخشونة في مواجهة النصائح تكون صادمة ومخيبة للآمال ومحبطة. تقبل النصيحة ومناقشتها وطرح أفكار بديلة يكون دوماً حلاً أفضل لكل الأطراف، فليست كل نصيحة تتلقينها خاطئة وهي كذلك ليست ملزمة، وإنما يجب أن ينظر لها كخيار مطروح للمناقشة من شخص لديه خبرة.
النصائح الذهبية لعلاقات طيبة مع الحموات
ليست كل الحموات ملائكة كحماتي، ولكن المؤكد أن هناك بعض السبل التي يمكن أن تضمن علاقات طيبة بين كل زوجة وحماتها، لعل أبرزها ما يلي:
- الزوج ليس محل نزاع: فهو أولاً إنسان عاقل وليس “شيء” يجب أن يحرص أي منكما على انتزاعه من الأخرى. ثانياً، من المفترض أن علاقة الابن بأمه تختلف عن علاقته بزوجته، فلا مجال للمنافسة أو المقارنة.
- الأدب فضلوه على كل شيء وليس العلم فقط!: مهما كان الموقف، تذكري دوماً أن التزام قواعد الذوق والأدب ضروري بسبب فارق العمر والمكانة العائلية.
- ضعي نفسك دوماً محل الطرف الآخر: إن كنت أماً، فكري جيداً، وبصدق، فيما تحبين أن تجديه من جانب ابنك وعائلته لو كنت محل الحماة. إن لم تكوني قد أصبحت أماً، ضعي حماتك محل والدتك وأعيدي تصور الموقف للتأكد من صحة تقديرك له.
- “اللي مالوش خير في أهله مالوش خير في حد”: والأم هي الأهم ضمن الأهل، فلا تضعي زوجك في موقف قد يضطر فيه للمفاضلة بينك وبين أمه، فمن تحب زوجها لا تضعه في موقف مماثل. كذلك، لا يوجد ما يمكن أن نعتبره “كثيراً” -مادياً أو معنوياً- بين أي إنسان وبين أمه. كذلك فالشخص الذي تكون علاقته متوترة بأمه قد لا يكون جديراً من الأصل بثقتك.
- تذكري دوماً أن الجميع يدفع ثمن المشاحنات: فهي تستهلك الكثير من الوقت والطاقة من كل الأطراف. وهذا قد يؤثر على العلاقة حتى بعد انتهاء الخلافات.
إن كنتِ تخشين من فقدان الخصوصية في حياتك الشخصية، يمكنك التحدث إلى زوجك حول الأمور التي لا ترغبين في مشاركتها مع الآخرين بوجه عام. ثقي أن القواعد الخمس السابقة هي قواعد تتعلق بكِ أنتِ ولا تختلف باختلاف طباع الحموات، لذا، فهي قد تضمن حداً أدنى من استقرار العلاقات بين الجميع.
اقرأ/ي المزيد: في المسألة الحماتية
ماشاالله.تبرك.الله.
احبه…
ماشاالله.تبرك.الله.
احبه.واقدره.واحترامه.
رائع جدا
رائع جدا
اريد الزواج
اريد الزواج