التوافق الزوجي
Shutterstock

مبادئ إنجاح الزواج: أسطورة اسمها التوافق

في عام 1992 أطل علينا الكاتب واستشاري العلاقات جون جراي بكتابه “الرجال من المريخ والنساء من الزهرة”، ليصبح حتى يومنا هذا من أهم المؤلفات في مجال العلاقات العاطفية وأكثرها رواجاً، فكرة الكتاب تعتمد على كون الرجال والنساء من كوكبين مختلفين، أي أن هناك فروقاً بينهما تعيق التواصل.

رغم رواج الكتاب إلا أن بعض المؤلفين الآخرين اختلفوا مع هذه الرؤية، وعلى رأسهم عالم النفس والطبيب الأمريكي جون جوتمان، الذي يرى أن الرجال ليسوا من المريخ والنساء ليسوا من الزهرة، لأن كلنا من كوكب الأرض – عادي يعني.

دراسات جوتمان في الإدراك والعاطفة وجدت أنه بينما تبدو النساء أكثر عاطفية من الرجال، إلا أنه عندما صنف المشاركون عواطفهم على أساس لحظة أو موقف بعينه، اختفت الفروق بين الجنسين. وهذا إن دل على شيء يدل على أن تربيتك وبيئتك العائلية لها تأثير أكبر من الفروق بين الجنسين.

أصطحبكم في هذا المقال في جولة في كتاب جون جوتمان “المبادئ السبعة الأساسية لإنجاح الزواج”، وهو واحد من أبرز الكتب في مجال العلاقات العاطفية، ومصنف من ضمن الكتب الأكثر مبيعاً في موضوع الزواج على موقع أمازون، كما تُرجم للغة العربية.

جون جوتمان باحث نفسي أمريكي كرس 40 عاماً من حياته لكشف أسرار العلاقات، ومسببات نجاح الزواج وفشله.

في ثمانينيات القرن الماضي أسس جوتمان ما يسمى بـ “معمل الحب” وهو معمل بحوث أسرية كان بمثابة حاضنة تدرس وتحلل أكثر من 650 علاقة زوجية مهددة بالانهيار على مدار 14 عاماً، وعلى مدار سنوات عمله المختلفة حلَّل أكثر من 3000 علاقة.

 

عدم التوافق طبيعي

 

من الاكتشافات الأساسية التي طرحها جوتمان في الكتاب هي الأسطورة الرائجة التي تسمى “التوافق”، علاقات العديد من زائريه مهددة بالفشل نتيجة عدم التوافق مع شركائهم، ولكن في حقيقة الأمر يرى جوتمان أن الاختلاف وعدم التوافق والمشاحنات طبيعية جداً وواردة، وأن ما يجب البحث عنه في الأساس وتطويره، هو التواصل، والذي يعد أساساً لإنجاح الزيجات ودوام استمرارها.

التواصل وتعزيز مهارات الاستماع الهادئ المحب يزيد الود بين الطرفين، كذلك التقبل وعدم إصدار الأحكام يعزز العلاقة ويخلق روابط قوية فيها.

الغلاف الإنجليزي للكتاب
goodreads

إذن ما السبيل نحو الوصول لعلاقة زواج ناجحة؟ هل بالإمكان الوصول إلى وصفة سحرية يمكن من خلالها إنجاح الزواج؟

جوتمان يجيب على هذا السؤال في كتابه من خلال سبعة مبادئ، يمكن من خلالها أن تحظى بعلاقة زوجية ناجحة ومريحة، وهذه المبادئ كالتالي:

1. تحسين خارطة الحب ومشاركتها

كل طرف من طرفي العلاقة لديه ما يعرف بالخريطة التي تحتوي على تفاصيل حياة شريكه وعاداته المختلفة.

استكشاف مفاتيح هذه الخريطة يزيد من مسافة التقارب بين الطرفين ويعزز العلاقة.

الاعتقاد باستدامة فهم الطرف الآخر تحت شعار – أنا فاهماه/ها – هو اعتقاد خاطئ، لأن العادات والميول والاهتمامات قد تتغير من حين لآخر، لذلك عليكم الاستكشاف المستمر لخريطة شخصية الطرف الآخر في حياتك، لخلق مساحة أكبر من التفاهم والقبول.

 

2. تعزيز مشاعر الإعجاب وتغذيتها

قد تردد مع كاظم الساهر في أغنيته “فرشت رمل البحر”، جملة “أنا معجب جداً بيها”. ليس هناك ما هو أحب من أن تكون مولعاً بشريكك في العلاقة. زيادة الولع والإعجاب المستمر بالشريك في العلاقة بمثابة وقود حيوي يزيد الطاقة بين الطرفين، ويعزز ارتباطهما وشعورهما بالتعلق الشديد، وهكذا يقضي على الطاقة السلبية التي قد تنشط رغبة التخلي.

 

3. الاقتراب بدلاً من الابتعاد

هذا المبدأ يعتمد على المشاركة فيما بين الطرفين، إحساس كل طرف من طرفي العلاقة بالاستقلال والقوة يخلق فجوة فيما بينهما ويمحو مشاعر الرغبة والاحتياج لدعم الطرف الآخر بحجة  “إنني أستطيع القيام بذلك وحدي! “.

أساس نجاح العلاقة الزوجية هو المشاركة، رجاءً لا تفعل شيئاً بمفردك في الحياة الزوجية، اطلب الدعم والمساندة والمشاركة حتى في أبسط الأشياء.

 

4. اجعل/ي شريكك يؤثر فيك

تذكر/ي، لكي يكون لديك تأثير في علاقة ما، يجب أن تكون/ي على استعداد للتأثر ومشاركة السلطة. هذا مهم بشكل خاص للرجال. وفقاً لبحث جون جوتمان: “عندما لا يكون الرجل على استعداد لتقاسم السلطة مع شريكة حياته، فهناك احتمال يصل إلى نسبة 81 ٪ بأنه سيدمر زواجه بنفسه”.

وقد نتوقع أن تزيد هذه النسبة في مجتمعاتنا الشرقية.

 

 

5. حل المشاكل القابلة للحل

الخلافات الزوجية
shutterstock

كل الأزواج لديهم مشكلات زوجية ولكن هناك مشكلات قابلة للحل ومشكلات دائمة، والمبدأ الخامس هنا يتحدث عن ضرورة حل المشكلات القابلة للحل من خلال استخدام 6 مهارات لإدارة الصراع وهي: التفكير المرن، السعي للإصلاح لا التصعيد، اللجوء للتهدئة الذاتية الفسيولوجية، قبول ما لا يمكن تغييره، قبول التأثير، التسوية.

حل المشكلات القابلة للحل هو أمر مهم لإنجاح العلاقة، وتركها معلقة يترك لها مساحة للتفاقم والتطور لتصبح مشكلات غير قابلة للحل وهي موضوع المبدأ السادس.

 

6. التغلب على الجمود

النوع الثاني (والأكثر انتشاراً) من المشكلات هو المشكلات الدائمة المستمرة، هذه هي المشاكل التي تتجادلان بشأنها مراراً وتشعران أنها تؤذي كلاكما وقد تكون ناتجة عن اختلاف كبير في أفكار الطرفين.

الهدف من إنهاء الجمود ليس حل المشكلة، بل الانتقال من الجمود إلى الحوار.

توجد طريقتان للتعامل مع هذا النوع من المشاكل:

الأولى: اعتبارها ليست مشكلة ولكن اختلاف قائم بين الطرفين ويصعب تغييره، هذه الآلية تعتمد على التقبل والقبول بالاختلاف.

الثانية: التغاضي المؤقت عن هذا الاختلاف ويجب أن يكون ذلك برضا الطرفين.

 

7. مشاركة المعنى في الحياة

ما معنى حياتك؟ ما الهدف منها؟ بمجرد ارتباطك وزواجك يصبح السؤال: ما معنى حياتكما وما الهدف منها؟ مشاركة أهداف الحياة وخلق أهداف مشتركة بينكما يعزز علاقتكما ويزيدها طموحاً وشغفاً.

هناك ثلاثة أنواع من الأهداف في العلاقات الزوجية.

  • الأهداف الشخصية

وهي غاية كل طرف وحلمه، يجب على كل طرف معرفة أهداف وأحلام الطرف الآخر ومشاركته فيها ودعمه ومساندته.

  • الأهداف الأسرية

وهي غير مرتبطة بالطموح العام للأسرة فحسب ولكن مرتبطة أيضاً بطقوس الأسرة مثل زيارة العائلة والأقارب والعادات الدينية وغيرها.

  • الأهداف السامية

وهي تلك المرتبطة بالمسؤولية الاجتماعية للأسرة. يقول جوتمان إن الأسر التي يكون لديها أهداف سامية يتعزز فيها الترابط الأسري، هذه الأهداف قد تكون: التبرع الدوري، زيارة دور الأيتام، مساعدة الفقراء، رعاية الحيوانات.

هذا موجز للمبادئ السبعة الأساسية لإنجاح الزواج كما ذكرها جون جوتمان في كتابه. يحتوي الكتاب على العديد من التدريبات والتمارين التي تعزز التواصل بين الشريكين، وسوف يجدها أي زوجين مفيدة وممتعة.

اقرأ المزيد: شريكي يرغب في معرفة أسراري.. بين الحدود الشخصية والزواج المستقر

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (3)

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات