الخدمات المتاحة للتعامل مع المشكلات والاضطرابات الجنسية في مصر
عندما نتحدث عن المشكلات الجنسية يتبادر للذهن العديد من الأمراض المرتبطة بتخصص الصحة الإنجابية والجنسية والتي من الممكن أن تواجه أي إنسان باختلاف عمره، نوعه، محل إقامته، مستواه المادي وحالته الاجتماعية.
وربما إذا سألت العديد من الناس عن تعريفهم لمفهوم الاضطرابات المرتبطة بالحياة الجنسية عموماً تجد تنوع وتباين شديد في الإجابات، كل منها يعبر عن مرحلة أو ظروف ما يعيشها صاحب الإجابة.
على سبيل المثال لا الحصر، قد يرى بعض المتزوجون أن الاضطرابات المرتبطة بالحياة الجنسية هي عدم القدرة على الإنجاب، وقد يراها آخرون على أنها عدم القدرة على الاستمتاع بممارسة الجنس من الأساس. أو عدم الوصول إلى النشوة. أو مشكلات أخرى مثل: سرعة القذف أو تأخره، أو بعض الآلام المصاحبة للممارسة الجنسية أو داخل الأعضاء التناسلية والجنسية والتي قد تحدث لأسباب مختلفة قد تشمل التهابات البروستاتا أو التشنجات المهبلية أو التهابات المسالك البولية وغيرها من أسباب. وفي أحيان أخرى، ترتبط تلك المشكلات بأسباب وأعراض نفسية وليست عضوية فقط مثل عدم الرغبة في ممارسة الجنس، أو الخوف من العلاقات الجنسية.
الأمر الذي يجعل من الضروري التفرقة بين عوامل وأسباب المرض، إذا ما أردنا استكشاف مدى إتاحة سبل التشخيص والعلاج. فعلى سبيل المثال باعتبار أن سرعة القذف هي أحد أكثر المشكلات والاضطرابات الجنسية شيوعاً حيث تصيب من ٢٥ : ٤٠ ٪ من الذكور في فئات عمرية مختلفة، فهذا قد يحدث لأسباب مختلفة بعضها نفسية والبعض الآخر نتيجة الإصابة بأمراض عضوية أخرى أو التأثر بالإصابة بمرض مزمن.
لذلك يمكن تصنيف الخدمات المقدمة لبعض المشكلات المرتبطة بالصحة الجنسية والإنجابية كالتالي:
أولاً: مشكلات جنسية نتيجة عوامل نفسية
هذه المشكلات تنتج عن عوامل مختلفة، قد تقع غالبيتها في نطاق العوامل الثقافية التي تساهم في تشكيل تصورات الأفراد عن مواصفات الأجساد الجميلة والممارسات الجنسية الممتعة، والتي في كثير من الأحيان لا تكون واقعية. غياب التثقيف الجنسي خاصة في فترات المراهقة، يساهم أيضًا في غياب أي مصدر لمعرفة معلومات صحيحة حول طبيعة الأجساد وتنوعها وطرق الاستمتاع العديدة، سواء على المستوى الفردي أو في علاقة مع شريك/ة، مما يتسبب في معاناة الكثيرين من هذا النوع من المشكلات. أيضاً التعرض لصدمات في مراحل الطفولة وعدم معالجتها من أسباب المشاكل الجنسية الناتجة عن عوامل نفسية. ومن الجدير بالإشارة أنه في كثير من الأحيان قد يكون من الصعب تشخيص السبب المحدد في كل حالة على حدى.
من أمثلة هذه المشكلات: الشعور بعدم الثقة بالنفس، أو عدم الرضا عن صورة الجسد، أو الإصابة باضطراب بارافيلي (خاص بالتفضيلات الجنسية غير المعتادة). ويمكن معرفة المزيد عن البارافيليا ومتى تصبح اضطراباً من خلال قراءة هذا المقال: https://lmarabic.com/making-love/paraphilia/
إتاحة الخدمات الصحية في هذا النوع من الإضطرابات :
- يلزم لهذا النوع من الإضطرابات البدء في العلاج النفسي لدى طبيب مختص لفحص وتشخيص الحالة وإعطاء العلاج المناسب سواء كان علاج دوائي أو سلوكي.
- وفي هذا السياق فإن الخدمات الحكومية المتاحة تتمثل في مستشفيات وعيادات الأمانة العامة للصحة النفسية وعيادات الصحة النفسية بالمستشفيات الجامعية.
- تُقَدَم خدمات الكشف والعلاج والمشورة النفسية بأسعار تتراوح بين جنيه إلى ٥ جنيه شاملة الكشف والعلاج وجلسات العلاج الجماعي. وتُقَسَم جلسات العلاج الجماعي حسب الفئات العمرية مثل الأطفال والمراهقين والراشدين، وتقَسَم أيضًا على حسب النوع، فهناك مجموعات منفصلة للرجال وللنساء. كما يوجد عيادات خاصة بالمرأة والناجيات من العنف في أغلب المستشفيات.
- أطلقت الأمانة العامة للصحة النفسية خدمات الكشف وتقديم المشورة عن بعد من خلال الموقع الرسمي للأمانة العامة للصحة النفسية، أو عبر الخط الساخن 0220816831.
- تُقَدَم المشورة عبر الهاتف أو عبر الإنترنت ويُحجَز موعد للمريض إذا لزم الأمر في إحدى مستشفيات الأمانة المعلنة على الموقع الرسمي.
أبرز السلبيات :
- لا تقدم الخدمات الدوائية لمن يثبت وظيفتهم في البطاقة الشخصية، وبذلك يشتري المريض/ة الأدوية على نفقته/ا الخاصة.
- لا توجد عيادة متخصصة للطب النفسي داخل مظلة التأمين الصحي أو التأمين الصحي الشامل، ويُكتَفى بإجراء تحويل من عيادة النفسية والعصبية بناءاً على تقييم المريض
- يُعاني الكثير من المرضى بسبب الوصم الاجتماعي للمرض النفسي، مما يجعلهم أكثر تخوفاً من معرفة المجتمع بأنهم يخضعون للعلاج النفسي. ويؤثر ذلك على إقدامهم على طلب الخدمات التي توفرها مستشفيات الصحة النفسية.
- لا يوجد معرفة عامة بالخدمات التي تقدم بالمجان داخل المستشفيات الجامعية ومستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية، وبالتالي لا يوجد إقبال كافي على الخدمات المقدمة.
ثانياً: العدوى المنقولة جنسياً
بشكل عام يمكن تقسيم هذا النوع من العدوى إلى ٣ أنواع:
أولاً: عدوى فطرية مثل داء المشعرات (Trichomoniasis)
وهي عدوى منقولة جنسياً، تصيب النساء والرجال، وتحتاج لاكتشافها اختبارات متخصصة، وتعالج بالمضادات الحيوية تحت إشراف طبيب متخصص في أمراض الذكورة عند الرجال أو النساء والولادة عند السيدات. وبالطبع تؤثر الإصابة على الممارسة الجنسية بسبب الاحتمالية الكبيرة لنقل العدوى للشريك/ة.
ثانياً: عدوى بكتيرية مثل السيلان (Gonorrhea ) أو المدثرة (Chlamydia) و الزهري (Syphillis)
ويعد الزهري تحديداً من الأمراض الخطيرة في حالات عدم الاكتشاف والعلاج الصحيح، فتؤدي مضاعفاته إلى مشاكل كبيرة مثل العمى وتلف المخ والشلل. يظهر الزهري ويتطور عبر مراحل مختلفة تبدأ في التهابات الأعضاء التناسلية وفي المرحلة الثانية يظهر طفح وتتورّم العُقَد اللمفية، وخلال المرحلة الثالثة يمكن أن يصاب المخ والقلب وأعضاء أخرى بأضرار.
ينتشر الزهري عبر ملامسة الالتهابات، بالدرجة الأولى من خلال الجنس المهبلي والفموي والشرجي، ويمكن أن تنقل الأمهات الزهري إلى أطفالهن في أثناء الحمل والولادة.
لذلك من الضروري جداً الاهتمام بالفحص المبكر للزهري واكتشافه عن طريق التحاليل والحصول على الدواء المناسب للعلاج وتسهيل كل إجراءات الحصول على الخدمات الصحية المتعلقة بالزهري.
ثالثاً: عدوى فيروسية تعد أمراض معدية وغير قابلة للشفاء تماماً ولكن من الممكن التعايش معها عبر تلقي العلاج المناسب
من ضمن هذه العدوات فيروس الورم الحليمي (HPV)
يصيب فيروس الورم الحليمي الأنسجة الطلائية في الجسم، وله أنواع عديدة لكن أخطرها ما يسبب سرطان عنق الرحم؛ حيث يعد فيروس الورم الحليمي هو السبب الأكبر في الإصابة بالمرض بنسبة ٩٠ ٪ ، وتقدر آخر الإحصائيات معدل الانتشار الإجمالي لفيروس الورم الحليمي البشري في مصر 10.4٪ وكان الأعلى (9.2٪) بين النساء في الفئة العمرية 45-54 سنة.
يحتاج المرض لاكتشافه إجراءات طبية مثل الفحص الإكلينيكي ومسحة عنق الرحم قبل البدء في تلقي العلاج المناسب.
ومن ضمن العدوى الفيروسية، فيروس نقص المناعة البشري (HIV)
وفقًا للاحصائيات، فإن معدل انتشار العدوى بفيروس نقص المناعة البشري في مصر (أقل من %0.1)، وعلى الرغم من أن ذلك يعد أقل من المعدلات العالمية، فإنه يطرح تساؤلات وتخوفات عديدة، أهمها: هل هناك قدرة على اكتشاف الأرقام الحقيقية للأمراض في ظل اعتبارات ثقافية لا تسمح بذلك أحياناً؟ وهل قد تكون الأرقام الحقيقية أكثر من ذلك؟ هل يقتصر تقديم الاحتياجات الصحية على خدمات الكشف والعلاج أم نحتاج للتوعية من الأساس بوجود أماكن للتشخيص المبكر والعلاج مع ضمان السرية التامة وهذا ما لا يحدث حاليا. ولعل ذلك من أبرز أسباب عدم رغبة المرضى المحتملين في الكشف والتشخيص حيث يستنتج الباحثون أن بعض العوائق، مثل بعض المعايير الثقافية وبعض القوانين، وعدم إتاحة المعلومات حول العدوى بفيروس نقص المناعة البشري، المسبب للإيدز في مراحله المتأخرة، والنظام الصحي البيروقراطي، تعيق تطوير وتنفيذ نظم الترصد الفعَّالة.
التغطية الصحية المتاحة للعدوى المنقولة جنسياً وأبرز التحديات المتعلقة بها
إن تطور بعض العدوى المنقولة جنسياً قد يؤثر على الصحة بوجه عام، والقدرة على الإنجاب على وجه الخصوص،، كما قد تتسبب بعض أنواع العدوى في مراحل متأخرة لحدوث مشاكل صحية قد تؤدي للوفاة ما لم تعالج مبكراً، لذلك تحتاج تلك الأمراض لنوع من التغطية الصحية يضمن القدرة على الوصول إليها بدون الشعور بوصم أو خوف من الذهاب للحصول على الخدمة.
- تلعب المستشفيات الجامعية والتعليمية الدور الأبرز في معادلة تقديم الخدمات الصحية حيث تقدم خدمات الكشف والتحليل والعلاج بشكل مجاني أو بمقابل رمزي للمرضى. وتُجرى أبرز التحاليل هناك أو في المعامل المركزية التابعة لوزارة الصحة داخل المحافظات المختلفة.
- تقدم مستشفيات الحميات على مستوى الجمهورية خدمات العلاج المجانية للمصابين بمرض نقص المناعة البشري بعد إجراء التحاليل المطلوبة في المعامل المركزية لوزارة الصحة.
- لا يوجد تخصصات دقيقة للأمراض الجنسية لدى الهيئة العامة للتأمين الصحي ولكن يوجد بروتوكولات تضمن تحويل الحالات من وإلى المستشفيات الجامعية والحكومية الكبرى لاستكمال الفحوصات وصرف الأدوية.
ثالثا: الأمراض المزمنة والاضطرابات الوظيفية الجنسية
نقصد بالاضطرابات الوظيفية الجنسية تحديداً الاضطرابات التي قد تحدث نتيجة لخلل في أحد مراحل دورة الاستجابة الجنسية (الرغبة الجنسية، الاستثارة، ثبات الاستثارة، النشوة الجنسية، التراجع والاسترخاء)
يمكن معرفة المزيد عن تلك الاضطرابات عبر هذا المقال: https://lmarabic.com/our-bodies/sexual-dysfunctions/
تؤدي أغلب الأمراض المزمنة إلى خلل في بعض وظائف أجهزة الجسم ومنها الجهاز التناسلي، لذلك أصحاب الأمراض المزمنة هم أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات الجنسية، خاصة في حالات عدم الالتزام بالتعليمات الطبية الخاصة بالمرض أو مع تقدم العمر.
تُعد التوعية بخطورة مضاعفات تلك الأمراض مثل مرض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب أمراً هاماً نظرا للتأثير المتراكم على الوظائف الحيوية، كذلك فبعض الأدوية التي تستخدم لعلاج المشكلات الجنسية قد لا تكون مناسبة للمصابين بأمراض مزمنة أو قد تحتاج احتياطات معينة ينصح بها الطبيب/ة.
ولكن يبقى لأصحاب الأمراض المزمنة أولوية من حيث دعم الحصول على الخدمات الصحية سواء من خلال منظومة التأمين الصحي أو العلاج على نفقة الدولة، وتعد استشارة الطبيب المعالج هي الخطوة الأولى قبل البدء في أي برنامج علاجي خاص بالاضطرابات الوظيفية الجنسية لعدم تعريض حياة المريض للخطر.
التعليق العام والرؤية المستقبلية
يعد التعامل مع المشكلات الجنسية من أكثر التحديات التي من الممكن أن تواجه الفاعلين في تخصصات الصحة الجنسية والإنجابية نظراً لارتباطها بعوامل ومسببات كثيرة، والصدام مع العديد من التحديات الثقافية التي تعيق حصول فئات كثيرة على الخدمات الخاصة بالوقاية والعلاج والتشخيص، بدءاً من اعتراف المريض بوجود المشكلة نفسها مروراً بمعرفته بأماكن الفحص والتشخيص وقدرته على الوصول لها. بالإضافة إلى جودة تلك الخدمات وضمان تقديمها بتكلفة في متناول الجميع، مع الحفاظ على معايير جودتها التي تشمل مقبوليتها والسرية والخصوصية للمرضى وضمان عدم إطلاق الأحكام أو رفض تقديم الخدمات لدواعي أخلاقية مبنية على أحكام شخصية كما يحدث مع مرضى فيروس نقص المناعة البشري أو فيروس الورم الحليمي على سبيل المثال.
يحتاج الفاعلين في هذا التخصص إلى العديد من الجهود الموازية فيما يتعلق بتسهيل سياسات الحصول على الخدمات، بالإضافة الى التوعية بوجودها وتشجيع المواطنين على الحصول عليها والاهتمام بالتشخيص المبكر الذي قد يحمي المريض من مضاعفات عديدة إذا تم اكتشاف المرض في وقت لاحق. وأخيراً فإن تفعيل آليات الرقابة على تقديم الخدمات الصحية غير مرتبط فقط بمعايير الجودة ومكافحة العدوى أو السجلات الطبية، ولكن لابد أن يعتمد على التقييم المجتمعي للمواطنين وتفعيل آليات شكوى فعالة لتقديم خدمات متمركزة حول رغبة واحتياجات متلقي الخدمة، إذا كنا نريد تحسين تلك الخدمات وإقبال طالبي الخدمة عليها.
كريم طارق
باحث في إتاحة الخدمات الصحية
مؤسسة شمسية لإدارة الأنظمة الصحية
كيف اخبرها بانني اريد الجنس معها
أهلاً بك/
إذا كانت هناك مساحة من الثقة والحميمية المتبادلة مع شريكتك فيمكنك إخبارها أنك معجب بها وتريد المزيد من الحميمية معها.
كيف اقول لا انني اريد الجنس
أهلاً بك أحمد/
هل تقصد مصارحة الشريك/ة بعدم الرغبة في ممارسة العلاقة الجنسية ؟