العذرية في الثلاثين
Shutterstock

العذرية في سن الثلاثين.. أبناء ضالون في عالم الجنس

مع اقتراب الثلاثين يزيد الضغط الاجتماعي على الرجل والمرأة في مجتمعاتنا من أجل الزواج، ولكن تحت السطح يزيد الضغط المجتمعي أيضاً بسبب عدم ممارسة الجنس، حتى لو خارج الإطار الرسمي.

نعيش في مجتمع يرفض ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، وهذا المجتمع يعاني من أزمات اقتصادية قد تمنع الكثير من الشباب عن الزواج حتى سن الثلاثين أو أكثر.

ونفس المجتمع الذي لا يتقبل الجنس إلا في إطار الزواج، والمطلع جيداً على الوضع الاقتصادي للبلد، يضع الكثير من القيود المادية على ترتيبات الزواج، ولذلك تجد الكثير من الشباب ليس لديه هذه القدرة.

والغريب أن نفس المجتمع أيضاً ينتقد في الخفاء الأنثى “العانس”، والشاب “الأعزب”، وينظر لهما على أنهما يعيشان خارج إطار المجتمع لأنهما لم يتزوجا.

هذا أمر شائع مع الرجل بوجه خاص، الذي قد يسخر رفاقه منه إذا كان “فيرجن” لم يمر بتجارب جنسية خارج الزواج، وكأن الأمر ينتقص من رجولته. كذلك يشيع أن النساء يفضلن عادة الرجل ذا الخبرة الجنسية، حتى لو لم يكن هذا أمر صحيح في كل الحالات.

ومؤخراً، ومع زيادة التواصل الاجتماعي العالمي، وزيادة الاطلاع على أسلوب الحياة الغربي، بدأ الضغط المتعلق بإنهاء العذرية يصل للفتيات أيضاً.

توصف الفتاة التي تفتقد إلى التجربة الجنسية في بعض الأوساط بأنها تقليدية أو غير متحررة أو أن “القطار” فاتها.

لقد مررت بنفسي بهذه التجربة، وأتذكر أن واحدة من صديقاتي نصحتني بزيارة طبيب نفسي لأحدثه بشأن كوني عذراء حتى سن الثلاثين. ورغم أنه لا عيب في زيارة الطبيب النفسي في كل الأحوال، إلا أنها كانت تتحدث وكأن العذرية في هذا السن ترجع إلى مرض ما.

يواجه الكثير من الشباب تلك المشكلة، وبعضهم قص عليَّ كيف كانت تجربة العذرية بالنسبة لهم في سن الثلاثين وكيف أثرت على حياتهم بعد ذلك.

 

مزاح ثقيل

قرار عدم ممارستها للجنس لم يرجع لأسباب دينية أو اجتماعية – هكذا أكدت لي أماني (31 سنة) – ولكن السبب أنها لم تواتها الجرأة على ممارسة الجنس مع شخص لن تكمل معه حياتها.

يرتبط الجنس في حياتها بالعاطفة، ويصعب عليها التنقل بين العلاقات الجنسية.

ولأنها تعيش بين أصدقاء متحررين جداً فكانت تبدو غريبة بينهم.

كثيراً ما مزح معها صديقها المقرب لهذا السبب بشكل ثقيل، لم يكن يقصد أن يجرحها، وكانت تتظاهر بعدم التأثر، ولكنها كانت تشعر بالأذى بالفعل.

العذرية في الـ 30
shutterstock

هكذا تشعر أماني أنها غريبة وسط أسرتها لأنها لم تتزوج حتى الآن، وتشعر كذلك أنها غريبة بين أصدقائها الذين يجعلونها تعتقد أنها “مقَّفِلة” و”معقدة” لأنها تكتفي بسماع مغامراتهم الجنسية دون أن تخوض التجربة بنفسها.

والمعاناة التي مرت بها بسبب امتناعها عن ممارسة الجنس حتى سن الثلاثين لم تتوقف عند الإطار الاجتماعي، بل كانت تعاني من الاضطرابات الهرمونية، وعند زيارتها للطبيب أخبرها أن الزواج أو ممارسة الجنس ستساعد في حل تلك الاضطرابات لديها.

هكذا وجدت نفسها في مأزق العذرية بعد الثلاثين، وإما أن تختار الزواج دون اقتناع بالزوج، وإما أن تختار حياة الحرية الجنسية قبل أن يناسبها شريك. وإما تنتظر وتتحمل تلك “السخافات” المجتمعية والجسدية حتى تجد الشخص الذي يفهم كل ما مرت به من “معاناة”.

ضحية الدراما الأجنبية

كلما كان يجلس ليشاهد المسلسلات الأجنبية المفضلة لقلبه يشعر أنه أشبه بالشخصيات المثيرة للسخرية فيها، لعدم خوضه تجارب جنسية سابقة.

شعر أنه ابن ضال في عالم الجنس، وليس له مكان وسط العلاقات العاطفية. وحتى المسلسلات، أكثر شيء يحبه ويسلي به وقته، أصبحت تمثل له نوعاً من أنواع الألم النفسي.

تلك الحالة من الشفقة على النفس، وافتقاده للجنس، جعلته متسرعاً في الزواج من تلك المرأة. فبعد أن عرفها، لم يفت سوى شهرين وأخبرني أنه سيتزوجها.

كانت لزوجته تجارب جنسية متعددة، وهو الأمر الذي عرفه بعد الزواج. أخبرني أن عدم خبرته في الارتباط والحياة الجنسية جعلته غير قادر على اكتشاف شخصية زوجته السابقة قبل الزواج، وجعله يقع في فخ الزواج المتسرع لمجرد أن كان يرغب في محو وصمة العذرية عن نفسه.

بعد الزواج لم يكن قادراً على تنفيذ أحلامها الجنسية، وهو ما زال يتحسس طريقه في عالم الجنس، وعمره 32 عاماً، بينما هي لديها أحلامها الخاصة التي لم يلبها صديقي، ولذلك انتهت الزيجة باكتشافه أنها كانت تخونه.

يعيش صديقي الآن وحده بعد تجربة طلاق مريرة.

 

“انتظرت ولم أندم”

تم زواجها وهي تبلغ من العمر 33 عاماً، سألتها: “هل ندمت على هذا العمر الذي مر دون ممارسة جنس؟” ابتسمت وقالت لي: “على عكس ما كنت أتصور.. لا”.

كان سبب رفضها أنها تريد ممارسة الجنس في إطار الزواج لأسباب دينية.

رجل في الثلاثين
shutterstock

كانت مقتنعة تماماً أن الجنس خارج إطار الزواج تجربة “فاشلة”، وفي نفس الوقت لم تستسلم لتجربة “زواج الصالونات” وانتظرت حتى قابلت “توأم روحها”.

قالت لي إن ممارسة الجنس مع شريك حياتك الذي تحبينه وتشعرين بتواصل روحي وجسدي معه تستحق الانتظار حتى لو كان لسن 40  عامًا.

 

“طلبت من صديقي أن يفقدني عذريتي”

بعض المهن تتسم دوائرها بالتحرر، وصديقتي نهلة تنتمي لواحدة من هذه المهن.

تبلغ من العمر 35 عامًا، ومن طبيعة ملابسها المتحررة وشعرها “الكيرلي” الطويل تمنح للآخرين صورة ذهنية أنها متحررة جنسياً أيضاً وليست عذراء، وهو أمر غير صحيح.

رَفَضَت العديد من الرجال المستعدين لممارسة الجنس معها للمرة الأولى. بعدها اقتنعت بأهمية ممارسة الجنس في هذا السن، وساهم في ذلك الضغط المجتمعي الذي تتعرض له في دائرتها. ولكن بعد أن اقتنعت، لم تجد أحداً يقبل ذلك. 

“الرجال من حولي يرفضون مصاحبتي لأنني عذراء”؛ فهم يريدون علاقة جنسية كاملة، وفي نفس الوقت ليسوا على استعداد للزواج مباشرة. 

الرجل الذي لا ينوي الزواج منها يرفض أن يتحمل مسؤولية المرة الأولى حتى لا تلوِّح بهذا الأمر في المستقبل لغرض الزواج.

“من ينوي الزواج مني يريدني عذراء ومن يود مصاحبتي يريدني غير عذراء”.

الأمر الذي اضطر نهلة بأن تطلب من صديق مقرب لها أن يمارس الجنس معها للمرة الأولى؛ حتى تتخلص من عذريتها، ولكنه رفض أيضاً.

الوصول إلى سن الثلاثين دون ممارسة الجنس اصبح أمراً منتشرًا بسبب الظروف الاقتصادية والتي لا تسمح بزواج الشباب في سن صغيرة.

 ومن حديثي مع أكثر من تجربة، ومن معايشتي الشخصية لنفس التجربة، أقول لكم في النهاية إن هذا الضغط يسبب معاناة لا تعلمون عنها شيئاً، فصاحبها يعيش بين شقي الرحى، بين معاناة جسده وضغوط المجتمع، بالإضافة إلى متطلبات الطرف الآخر والتي عادة ما تكون متضاربة بين الرجل والمرأة.

ممارسة الجنس أمر شخصي للغاية، ولا يجب حتى لأصدقائك المقربين أن يتدخلوا في تفاصيله إن لم ترغب في ذلك، وبالتالي ليس للمجتمع أي حق في فرض وجهة نظر معينة عليك في هذا الشأن.

ممارسة الجنس قبل الزواج أو بعده قرار شخصي ويتحمله الشخص بمفرده، وعليه لا ينبغي على أي شخص آخر أن يؤثر على قرارك.

 

جميع الأسماء في المقال مستعارة للحفاظ على خصوصية المصادر.

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (5)

  1. حينما تولد في مجتمع ذكوري…
    حينما تولد في مجتمع ذكوري،فإنه يفرض عليك قيود لكنك بإمكانك تخطيها إلا إذا كنت تمتلك عائلة متحررة و متفتحة،لا تتدخل في قرارتك إن وصلت إلى سن مناسب،فقد ستدعك تتحمل مسؤلية أي خطأ قمت به لأنها تؤمن بأنها الحياة و نحن جئنا إليها لنختبرها و تختبرنا و نخطئ،لكن للأسف رغم هذا التقدم القوي الءي نشاهده لا زالت فكرة الزواج تطل على بال الأحباب و الأقارب يفكرون فيك فقط في الزواج لا غير

  2. أنا رأيي الانتظار.. ممارسة…
    أنا رأيي الانتظار.. ممارسة العلاقة الحميمية بلا حب ومع شخص لا يمثل لي أي شي غير الإعجاب الجسدي ببعضنا البعض شئ بالنسبة لي مقرف وليس له معنى، الانتظار بدون الاحساس بالضيق وعيش الحياة ومتعتها في ممارسة اهماماتي القراءة والرياضة والعمل في شئ أحبه والانضمام لعمل تطوعي كلها أشياء تجلب السعادة، الجواز والجنس ليس محور الكون…

  3. انا احب رجل عن طريق الواتساب…
    انا احب رجل عن طريق الواتساب وهو بعيد جدا لكن اشعر بأني احتاجه وهو يستفزني بكلماته وبصور ويطلب مني صور ل صدري اتمنع واخاف ان اضعف وتوريد ان ابتعد ولكني احبه ماذا افعل

    1. مرحباً بك، 

      أولاً، أود…

      مرحباً بك، 

      أولاً، أود التأكيد على أن الممارسة الجنسية، من خلال أي وسيط سواء من خلال التواصل الجسدي المباشر أو على الهاتف أو من خلال الرسائل النصية كلها أشياء طبيعية، وأن الشعور بالخوف من هذه الممارسات قد تقلل من قدرتك على الاستمتاع والشعور بالإشباع والتحقق الجنسي. قد يكون ذلك الشعور بالخوف أسبابه اجتماعية وثقافية، وقد يكون أسبابه أيضًا دينية ومرتبطة بالاعتقادات الشخصية لدى كل فرد.

      ثانياً،إذا كنتي تشعرين بضغط وبإلحاح من شريكك للقيام بشئ لا ترغبين فيه، فأنصحك بإقامة حوار صريح حول الحدود التي تودين أن تبقيها بينكما، وعليه قبول الحدود التي ترسمينها حتى يشعر كلاكما بالارتياح في هذه العلاقة.

       

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات