الملل الزوجي.. قاتل الحب المتخفي
لا تظل العلاقات الزوجية دائماً في حالة إثارة وحماس كما تتسم الفترات الأولى، لو لم يعِ الزوجان ذلك، قد يقعان بسهولة فريسة للملل الزوجي.
استيقظ أحمد من نومه صباحاً في أحد الأيام وهناك فكرة واحدة ملحة داخل عقله: أرغب في الطلاق لأن حياتي مع هبة لم تعد تُحتمل.
لم يستطع أحمد محاربة هذه الفكرة فتحدث مع صديقه الذي نصحه بزيارة معالج زوجي، فربما يجد حلاً لهذا الشعور المدمر.
ذهب أحمد إلى المعالج الذي بدأ يطرح عليه العديد من الأسئلة: هل توجد خلافات محورية بينكما؟ هل ترى شخصاً آخر. هل.. هل.. وكانت إجابات أحمد على معظم الأسئلة بالنفي.
حينها نظر المعالج إلى أحمد وطرح عليه سؤالاً مفتاحياً:
“أحمد.. هل تشعر بالملل الزوجي؟”
كان هذا السؤال سبباً في إنقاذ زواج أحمد وهبة، وبداية لرحلة علاج زواجي استمرت لجلسات عديدة.
بلغت نسبة الطلاق في مصر 218 ألف حالة في عام 2020، وفقاً للجهاز المركزي للإحصاء. لا توجد أرقام محددة حول أسباب الطلاق ولكن بالتأكيد يُعتبر الملل الزوجي واحداً منها!
هل الملل مشكلة لها حل أم أنها الطبيعة البشرية؟
تمر العلاقات بثلاث مراحل طبيعية: مرحلة الشهوة، مرحلة الانجذاب، مرحلة التواصل الحميم.
المرحلة الأولى:
عندما ترى شخصاً يعجبك لأول مرة تفرز هرمونات البروجسترون والتستيستيرون لدى المرأة، بينما يُفرز الرجل هرمون التستستيرون ولكن بنسبة تفوق المرأة كثيراً.
هذه الهرمونات مسؤولة عن الشعور بالرغبة الجنسية.
المرحلة الثانية:
هل تذكر عندما بدأت بمواعدة هذا الشخص، وشعرت بأن الفراشات تطير داخل قلبك؟ حدث هذا بسبب اندفاع هرمونات الأدرينالين والدوبامين التي يزيد إفرازها في بداية العلاقة، فتشعر/ين حينها بما يسمى بـ “روعة وحماس البدايات”.
في هذه المرحلة لا تشعر/ين بالملل، إنما تشعر/ين بالإثارة والتشويق والحماس.
المرحلة الثالثة:
وهي المرحلة الموجودة في العلاقات التي تتسم بالالتزام والتواصل الجسدي والنفسي لفترة طويلة، إذ يبدأ إفراز هرمونات الأوكسيتوسين والفاسوبريسين، وهي الهرمونات التي تُفرز عندما يحتضن الآباء أولادهم أو أثناء عملية الرضاعة الطبيعية.
هذه الهرمونات مسؤولة عن تقوية الروابط الإنسانية، وهي ما يميز العلاقات الطويلة الممتدة.
أثناء إفراز هذه المواد في جسدك تشعر/ين بالسكينة والهدوء والترابط والحميمية.
تحدث الأزمة عندما يعتقد بعض الأزواج أنهم سيشعرون بدفقة الدوبامين والأدرينالين طوال الوقت مثل بداية العلاقة، ولا يعرفون أن للمرحلة الثالثة خصائصها ومشاعرها التي تختلف تماماً عن مرحلة شغف البدايات.
ما أسباب الملل الزوجي؟
ربما يكون للملل الزوجي لدى كل شريكين أسباب عديدة، منها طول فترة الزواج والضغط المادي وكثرة الأعباء والمسؤوليات، ولكني سأسلط هنا الضوء على أسباب أخرى ربما تكون مختلفة، وربما لم تَرِد إلى ذهنك من قبل!
في مقالها بموقع سايكولوجي توداي أشارت المعالجة النفسية هارييت لرنر إلي أمر مهم جداً وهو أن الملل الزوجي أمر شائع حتى في أكثر العلاقات نجاحاً، ولكن أحياناً يحدث هذا بسبب أن الشخص يشعر بالخواء النفسي ويحمِّل شريكه مسؤولية أن يُشعره بالسعادة.
أي يتوقع الشريك أن يتحمل شريكه المسؤولية الكاملة عن سعادته الشخصية التي لا يستطيع هو أن يحققها لنفسه.
وعليه، اسأل نفسك: هل ألقى اللوم على شريكي في أمر يخصني أنا في المقام الأول؟
ربما يكون تركيزك على شعورك بالملل مع شريكك نابعاً من تقصيرك في أن تجد أسباباً للحماس والسعادة لنفسك، بعيداً عنه.
المشكلة الحقيقة تنبع إذا قرر الشريك أو الشريكان أن يضخما أمر الملل الزوجي وأن يعتبراه أمراً كارثياً يهدد حياتهما الزوجية، فيبدآن في طرح الأسئلة الوجودية: هل تزوجت الشخص الخطأ؟ هل الحب اختفى؟ ألا يوجد شيء مشترك بيننا؟
هل تشعر/ين بالملل مع شريكك أم من شريكك؟
تشير ماريانا بوكارفوا، الباحثة في جامعة تورونتو، إلى أن هناك فارقاً كبيراً بين أن تشعر/ي بالملل مع شريكك، وبين أن تشعر/ي بالملل من شريكك.
نحن نميل إلى أن نشعر بالملل إذا كانت هناك طاقة داخلية وحالة من الإثارة المعطلة غير المستغلّة وغير المفعَّلة، أي أنك تشعر/ين برغبة عارمة لفعل شيء حماسي ولكنك لا تمارس/ين ذلك.
ربما يعود سبب هذا إلى أنك لم تصارح/ي نفسك بهذه الرغبة، وربما لأنك لا تدري/ن ما هو هذا الشيء، وربما لديك أفكار غير واقعية.
إذا كنت تشعر بهذا، وترغب في ممارسة هذه الأشياء مع شريك/ة حياتك، ولديك أحلام يقظة بشأن مغامرات تفعلانها معاً، فعلى الأرجح هذا الملل يخصَّك، ولكنك قد تُحَمِّل شريكك مسؤولية ذلك.
أما إذا كانت تخيلاتك وأحلام يقظتك تدور حول تجربة الأشياء الجديدة، والمغامرات مع شخص أو أشخاص آخرين، فأنت هنا ربما تشعر بالملل من شريكك نفسه، والأمر هنا أكبر بكثير من مجرد الملل الزوجي.
ملل جنسي أم ملل زوجي عام؟
ربما تشعر/ين بالملل من الممارسة الجنسية مع شريك حياتك، وهذا يجعلك ترى أن العلاقة كلها مملة.
يشير مقال للمعالج النفسي جرانت هيلاري برينر إلى مجموعة من النتائج المبنية على الدراسات والأبحاث التي من شأنها توضيح العديد من النقاط لك:
- الرجال أظهروا ميلاً أكبر إلى الملل الجنسي، وميلاً أكبر إلى الشعور بالملل العام في العلاقات من السيدات.
- الملل الجنسي سبب من أسباب الملل العام من العلاقة.
- ربما يكون سبب الملل الجنسي للشخص هو الشعور بالملل العام في حياته.
- بعض الذين يعانون من اضطرابات شخصية بعينها يشعرون بالملل الجنسي أكثر من غيرهم، وبالتالي سيزداد شعورهم بالملل الزوجي.
- قد يكون الاكتئاب سبباً للشعور بالملل الجنسي.
- ممارسة العادة السرية بإفراط قد تكون سبباً للشعور بالملل الجنسي.
- يميل البعض إلى الاعتقاد بأن الملل يزداد في العلاقات طويلة الأمد، مما يدفع على عدم العمل على إزالة هذا الملل، وهذا الاعتقاد غير دقيق.
أفكار مقترحة للتعامل مع الملل الزوجي
- ابدأ/ي بنفسك، قد يبدو هذا غريباً، ولكن كما ذكرنا سابقاً، إذا كنت تشعر/ين بالملل فقد تكون المشكلة نابعة من عندك، لذلك عليك التعامل مع شعورك الخاص قبل إلقاء المسؤولية على شريكك.
اقض/ي وقتاً مع نفسك لرصد مشاعرك الحقيقية، وأسباب إصابتك بالملل، وما هي الأفكار المقترحة للتعامل مع هذا وكيف ستتحدث/ين مع شريكك بشأن هذا. - اطرح/ي على شريكك أسئلة جديدة حتى تعيد/ي اكتشافه من جديد. يقترح كتاب “المبادئ السبعة لإنجاح الزواج” عشرات الأسئلة التي قد تلهمك من أجل طرحها على الشريك.
- اجعل/ي توقعاتك منطقية من العلاقة ومن شريكك. تأمل/ي حجم المسؤوليات والتحديات التي تمر بها العلاقة والتي يعاني منها شريكك مثلك.
- لمدة تصل إلى أسبوع، حاول/ي إحداث بعض التغيير في الروتين اليومي في حياتك أنت وشريكك.
- اجعل/ي وقت الطعام ممتعاً. اغلق/ي التلفزيون، ابتعد/ي عن الموبايل، ادخل/ي المطبخ واطه/ي مع شريكك، واقض/ي وقتاً ممتعاً في إعداد الطعام وترتيب السفرة وتناول وجبة رائعة يصحبها حديث من القلب.
- حاول/ي أن تسافر/ي في عطلة أسبوعية مع شريكك بدون الأطفال.
- جرب/ي تكوين صداقات جديدة واخرج/ي مع هؤلاء الأصدقاء الجدد برفقة شريكك.
- جرب/ي خوض مغامرة جنسية مع شريكك في ظروف ومكان مختلفين عن الروتين الذي اعتدتما عليه.
التواصل الرحيم للتعبير عن الملل الزوجي
في النهاية، ربما تشعر/ين بالحماس بعد قراءة هذا المقال، وتنتابك دفقة من الأمل بشأن تغيير الملل الزوجي الذي يراودك، وقد تقرر/ين التوجه فوراً للتحدث مع شريكك وإخباره: “أنا أشعر بالملل في زواجنا”، أو “أنا حاسس إني زهقان في الجواز”.
لكن هل تعتقد/ين أن شريكك سيتحمس لهذا؟
نيتك ستكون طيبة ولكن هذه العبارة لن توصلك إلى بر الأمان.
لهذا أقترح عليك نموذج لطريقة للتواصل الرحيم من أجل التحدث حول هذا الأمر:
“عزيزي / عزيزتي أنا أُقَدِّر علاقتنا كثيراً وأرى أنها من أهم العلاقات الإنسانية في حياتي، وأرغب دائماً في أن أستثمر الوقت والجهد لجعل هذه العلاقة أفضل.
شعرت مؤخراً ببعض الفتور والملل في حياتنا، ربما بسبب انشغالنا في أعباء الحياة، وأنا أشعر بالحماس الآن، وبأنني أرغب في تجربة أشياء جديدة ورائعة معك.. ما رأيك أن نقوم بفعل كذا”.
من حسن الحظ أن الملل الزوجي مشكلة لها حل فلا تتعجل/ي التفكير في خطوة الانفصال.
ويمكنك دوماً العمل على تجنب الملل من خلال تطبيق بعض النصائح التي وردت في المقال، لتحيا حياة مميزة مع شريكك.
ولا تنس/ي إمكانية اللجوء إلى العلاج النفسي الزواجي، لفائدته الكبيرة في في حل هذه المشكلة.
مقال جدا راءع ومفيد ✔✔✔⭐…
مقال جدا راءع ومفيد ✔✔✔⭐ وارفع قبعتي لكاتبه المقال ?
عفواً، نتمنى لك حياة سعيدة…
عفواً، نتمنى لك حياة سعيدة.
ونسعد دائماً بأرائك.
فريق التحرير
مقال رائع بجد
مقال رائع بجد
عفواً، نتمنى لك حياة سعيدة…
عفواً، نتمنى لك حياة سعيدة.
ونسعد دائماً بأرائك.
فريق التحرير
“المشكلة الحقيقة تنبع إذا…
“المشكلة الحقيقة تنبع إذا قرر الشريك أو الشريكان أن يضخما أمر الملل الزوجي وأن يعتبراه أمراً كارثياً يهدد حياتهما الزوجية، فيبدآن في طرح الأسئلة الوجودية: هل تزوجت الشخص الخطأ؟ هل الحب اختفى؟ ألا يوجد شيء مشترك بيننا؟”
استوعبت فعلًا اني كبرت الموضوع بيني وبين نفسي وبيني وبين شريك حياتي، وتصورت أن الملل هذا لن ينقضي أبدًا وبدأت بالخوف والتفكير في الانفصال لكنني الآن أعلم أنني مخطئة بحق.. شكرًا لهذا المقال النادر وشكرًا لمن كتبه.
نحن سعداء بأن المقال ساعدك…
نحن سعداء بأن المقال ساعدك على تجاوز هذه المرحلة وبالتأكيد تطلب الأمر منك ومن شريكك الكثير من الشجاعة والحب والوعي.
نتمنى لك حياة سعيدة.
فريق التحرير.