الزواج من امرأة أكبر
Shutterstock

صفقة مع شريكة أكبر مني.. ليس بالحب وحده نعقد الزواج

قد يكون الزواج من امرأة تكبرك عمراً نابعاً عن الحب، ولكن في بعض الأحيان يكون سببه المصلحة المتبادلة فقط. نقرأ في هذا المقال قصتين عن زواج من هذا النوع.

يبدو الزواج في مجتمعاتنا عملاً روتينياً: تنتهي من دراستك، تنتظم في وظيفتك، ثم تبدأ رحلة البحث عن “بنت الحلال”، تلك الرحلة المصحوبة دائماً بضغوط مجتمعية هائلة وأعباء مالية متزايدة.

يهجر كثيرون عالم العزوبية لمجرد أن وقت الزواج قد حان. البعض يتمهَّل قليلاً أو كثيراً. والبعض الآخر، وهو محور حديثنا هنا، لديه مآرب أخرى.

الحديث المتكرر عن حُسن اختيار الشريكة أو الزوجة، المستند إلى نزعة دينية تُنقِّب عن حُسِن الخلق والاحتشام، أو نزعة اجتماعية لا يهمها إلا الحسب والنسب والكفاءة المالية، كل هذا خارج حسابات هذا البعض.

يبحث هؤلاء فقط عن الفائدة التي يجنونها من الزواج سواءً كانت مادية أو اجتماعية. ولا يتوّرعون في سبيل ذلك عن الكذب والخداع.

أحد الأشكال الرائجة في هذا السياق، تتمثل في الزواجِ من شريك أكبر في العمر. خاصة زواج الذكور اليافعين من إناث أقرب إلى أعمار أمهاتهم.

ورغم اختلاف الأسباب الدافعة إلى هذا النوع من الزواج، الذي بات يُعرف لدى كثيرين بـ “زواج المصلحة”، وانطواء الكثير من تلك الزيجات على مزيجٍ مضطرب من المشاعر والاحتياجات والرغبات، إلّا أن الطرف الأصغر عمراً (الذكور في حالتنا) قد لا يخوضه بدافع الحب فقط.

توجد حسابات وأهداف أخرى أكثر أهمية من تلك المشاعر التي قد تغيب بالكلية في بعض الحالات.

في هذا التقرير يتحدث لـ”الحب ثقافة” زوجان كانا الطرف الأصغر عمراً والأكبر استفادة خلال تجربتيهما.

السطور التالية على لسانٍ كل منهما، مع تغيير الأسماء بناءً على طلبهما.

 

سامر.. رحلة طويلة من خداع النفس

 

تزوجت قبل سبعة أعوام. كان عمري 30 عاماً، وزوجتي تجاوزت الخمسين بعامين.

لماذا اتخذت هذا القرار؟ الآن، أقول بكل أمانة إنني كنت أبحث عن مصلحتي كما يقولون، عن العديد من المزايا المادية والاجتماعية والمهنية، لكنني وقتها لم أكن أردد مثل هذا الحديث. لم أكن أخدع المحيطين بي فحسب، كنت أخدع نفسي قبل الجميع.

زوجتي هي مديرتي في العمل. لم تكن علاقتنا في العمل مثالية في بداياتها. بمرور الوقت، بدأت تُفضلني عن زملائي. أحصل على إجازات أكثر ولا توبخني مطلقاً، وفي المقابل، كنت أبذل جهداً كبيراً.

زوجتي رئيستي في العمل
shutterstock

عملنا سوياً ثلاث سنوات. ولأسباب متعددة تضاءل عدد العاملين في مكتبنا حتى صرنا 4 أفراد فقط. زادت الساعات وتضاعفت المسؤوليات.

نسجت الساعات الطوال خيوط الود بيننا. كنت أعاملها كأمي، الفارق العمري بينهما بسيط، ولم أكن أتوقع أن تعاملني هي كحبيبٍ.

كانت قد تطلقت قبل فترة من زوجها الثاني بعد علاقة دامت نحو 15 عاماً. وخلافاً لكثيرٍ من قريناتها ممن يفضلنّ عدم خوض تجربة الزواج مجدداً في هذا العمر، كانت تبحث عن زوج جديد.

لم أغلق الباب في وجهها. لم أرفض توددها وتقربها. كانت تحاوطني. تتداخل في كل تفصيلة، تملك من الخبرة ما يجعل الكثير من الأزمات المعقدة سهلة ويسيرة، وتملك من النفوذ ما يجعلني أرتقي سريعاً، وأحصل على العديد من الامتيازات المالية.

لم أرفض فكرة الزواج منها حين طرحتها أولاً على استحياء ثم حين جهرت بها. طلبت مهلة للتفكير. وفي تلك المهلة، مارستُ أشد أنواع خداع النفس. أوهمت نفسي أنني أحبها. وأنني غير قادر على الحياة من دونها.

كل الأسئلة التي قد تواجهني بحثت لها عن إجابات، حفظتها عن ظهر قلب حتى أباغت من يسألها. لم أبلغ أحداً من أصدقائي المقربين حينها.

رفضت عائلتي، وبالأخص والدتي، هذه الفكرة. تحدثت معي بعنف ونبهتني إلى أهمية الإنجاب وأن يكون لي نسلاً “يحملون اسمي”.

بعد جدالات متعددة وطويلة، أخبرتهم أنني عازم على الأمر. حضرت والدتي ووالدي وشقيقي الزفاف رغماً عنهم، وحضر من أهلها أحد أبنائها وشقيقتها وصديقاتها.

كنت عازماً على إنجاح الزواج مهما كلفني الأمر من تضحيات. كلما باغتني سؤال أجهزت عليه بردود قوية عنيفة، كلما مالت نفسي إلى شيء لن توفّره زوجتي كنت أفكر في المزايا الكثيرة التي تتمتع بها.

تملك زوجتي نفوذاً كبيراً. ساعدتني للارتقاء خطوات كثيرة. أنظرُ كل يومٍ إلى رفقاء العمل السابقين من أبناء جيلي. لقد تجاوزتهم بمسافات كبيرة. أتاحت لي فرصاً كثيرة جنيت منها أموالاً لم تكن في الحسبان.

كانت تخشى أن أهجرها. أن أرحل عن عالمها وألتفت إلى أي فتاة صغيرة. لذا كانت تحاوطني. ترفض أي فرصة تأتيني إلا عن طريقها. أصبحت أدور في فلكٍ واحد.

رجل قلق
shutterstock

كنت أتجاهل التعليقات الساخرة من زواجنا. وأتفادى نظرات الريبة والاستهزاء، نجحت في ذلك لعامين، كنت وفياً ومخلصاً وأميناً في زواجي، لكنّ الأسئلة بداخلي كانت تتدافع، وبدت إجاباتي في أحيان كثيرة غير كافية.

قررت أن أحقق أكبر استفادة ممكنة. كان هذا دافعي الرئيسي من هذه الزيجة لكنني كنت أخدع نفسي. تدرك زوجتي جيداً، منذ سنوات، أنني لم أعد مقبلاً عليها لكنها ما زالت تتمسك بي. تمدني بجرعات حنان كبيرة لكنّها لم تعد تشبعني مطلقاً.

لا أستطيع بعد كل الأموال التي جنيتها، وبعدما ارتبطت مسيرتي المهنية بها أن أرحل عن عالمها. ولا أستطيع بعد أن حاربت من أجل هذه الزيجة أن أتراجع عنها.

كل ما أستطيعه أن أجد لنفسي فسحة من الزمان ولو بسيطة بعيداً عنها. فسحة للسعادة غير المشروطة.

تغيّرت عاداتي كثيراً. أنا الآن أشرب الخمور بشكل يومي. في الواقع لن أتمكن من النوم من دونها.

أعمل بجد في النهار، وأعود متأخراً إلى المنزل قدر استطاعتي. أصبِّر نفسي كثيراً بأن الوقت بمضي وأنني عمّا قريب سأتحرر من هذا الكابوس إلى غير رجعة.

 

 

عمرو.. زواج سهل وأبوّة منقوصة

الفارق بيننا ليس كبيراً. تفصلني عن زوجتي ثمانية أعوام فقط. أظن في بلدٍ آخر لم يكن هذا الفارق ليشكل أزمة كبرى مثل الوضع في مصر.

تعرفت إليها قبل ثلاثة أعوام. كانت عائدة إلى مصر بعد رحلة طويلة في الخارج. غادرت وهي في منتصف العشرينيات إلى إحدى الدول الخليجية، ثم سافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وقضت فيهما 13 عاماً من حياتها دون أن تتزوج، لتعود إلى مصر في نهايات عقدها الرابع بأموال كثيرة، وبرغبة جارفة في الاستقرار وتأسيس أسرة بعد سنوات الغربة والوحدة.

تعارفنا عبر صديقة مشتركة. كنت وقتها في مطلع الثلاثينيات. تخليت عن كثير من أحلامي أو لنقل تحطمت على صخرة الواقع، كما يرددون في الإكليشيه المعروف.

كنت أفكر بطريقة براجماتية. بعد إحباطات عاطفية كثيرة، وبعد صعوبات وعوائق متزايدة في العمل، رفعت الراية البيضاء، وقررت أن أبحث فقط عمّا ينفعني. وهذه الزيجة كلها منافع.

زواج مصلحة
shutterstock

كانت مقبلة على الزواج مندفعة نحوه بجنون. كان الإنجاب هاجسها الأكبر.

تُدرك أنها اقتربت من “سن اليأس”، كما يسمونه، وأنها بحاجة إلى الزواج والحمل في أسرع وقت.

لم أكن أكرهها لكنني لم أتعلق بها قط. كانت بالنسبة لي امرأة لطيفة لا أكثر ولا أقل. بيننا اختلافات كثيرة يمكن تجاهلها في الجلسات القصيرة التي كانت تجمعنا في البدايات.

قابلت تلهفها بتحفظٍ وحذر ضاعف من رغباتها. لم أستغرق وقتاً طويلاً في التفكير. هذه فرصة سانحة ومثالية. قلت لنفسي إنني إن لم أطرق هذا الباب فربما تستمر معاناتي لسنوات. قد أتزوج بعد الأربعين إذا استمرت أوضاعي المالية على هذا النحو.

أخبرتها أنني معجب بها، وعلى استعداد للزواج لكنّ ظروفي لن تسمح في الفترة الحالية. بعد أقل من 6 أشهر كنا سوياً في عش الزوجية. تزوجنا في شقة فاخرة اشترتها فور عودتها من الخارج.

ساهمتُ قليلاً في تجهيز الشقة. دفعتُ بضعة آلاف لشراء بعض قطع الأثاث.

الجنس في حياتنا كان ممتعاً في البدايات لكنّه تحوّل بمرور الوقت إلى عبء. رغبتها في الإنجاب كانت تدفعها للإلحاح بشكل متكرر للممارسة.

بعد شهرين فقط ذهبنا إلى طبيب. كانت تشكو من تأخر الحمل، ولا تدري سبب الخلل. طمأنها الطبيب إلى عدم وجود مانع لدى أيّ منا، وطالبها بالصبر.

بعد أقل من شهر حملت، جاء ابننا إلى العالم بعد عام بالتمام من الزواج. وخلال هذا العام، ورغم الضغوط والإلحاح على الإنجاب إلّا أن وضعي المالي كان مثالياً، لم أكن مسؤولاً من قريب أو بعيد عن نفقات المنزل. أموالي كانت تكفيني، وعلى فترات متباعدة كنت أشارك في النفقات.

لم تتأفف زوجتي مطلقاً من هذا الأمر. كانت قد بدأت مشروعاً خاصاً لها وحقق بعض النجاح. الفوائد البنكية من الأموال المتراكمة في حساباتها كانت وحدها كافية، من دون هذا المشروع أو غيره، لتأمين حياة مستقرة لنا.

بعد أشهر من الإنجاب ولانشغالها بالمولود، أصبحت مسؤولاً بشكل مباشر عن هذا المشروع.

تركت عملي وتفرّغت له. نجحت في مهمتي فتضاعف الربح. اتفقنا على أن نتقاسمه بالتساوي. حصتي الشهرية كانت تعادل راتب 4 أشهر في عملي الأخير.

صفقة الزواج
shutterstock

رغم ذلك، لم نتراجع عن اتفاقنا الضمني السابق. لا أتحمل من نفقات المنزل إلا القليل. أشعر بالراحة كثيراً لاستقرار وضعي المادي بعد الزواج، لكنني لا أشعر بالاكتفاء العاطفي.

هناك فراغ لم تسدّه زوجتي. لدىَّ أيضاً تطلعات كثيرة تتعلق بالنساء والعلاقات العاطفية، لكنني حتى الآن لم أخنها مطلقاً.

ما يزعجني الآن هي علاقتي بابني الذي لم يتخطَ عامين. أحبه لكنّي لا أشعر تجاهه بتلك العاطفة الجارفة التي يتحدث بها أصدقائي عن أبنائهم.

أحياناً أجد نفسي أتحدث عنه باعتباره ابنها لا ابني. أقول لنفسي في لحظات عتاب إن هذا الطفل كان جزءاً من صفقة عقدتها.

 الاستقرار المادي الذي بحثت عنه حرمني من أشياء أخرى. أشعر كثيراً أن أبوتي منقوصة. آمل أن يكون هذا الإحساس مؤقتاً وأن يتلاشى بمرور الأعوام.

 

ليس زواجاً مثالياً

 

الحالتان السابقتان، على اختلافهما، يجمعهما طرفا نقيض: الاستقرار المادي والشقاء المعنوي.

الخداع، سواءً كان خداعاً للذات أو للغير أو للاثنين سوياً، لم يقد أبداً إلى زواج مثاليّ.

والأموال الكثيرة، على ما تمنحه لصاحبها من إحساس بالأمان والاستقرار لم تكفِ كل منهما.

هناك سبب آخر حسيّ يؤثر سلباً تلك الزيجات، أشار إليه عمرو على استحياء بقوله: “لديّ تطلعات تتعلق بالنساء”. خاصة لأن الزواج تم دون حب، سيتطلع الزوج إلى نساء أصغر. 

بمنطق اقتصادي بحت، هذا الزواج حل مثالي لأزمات مالية كثيرة. يمنح صاحبه أماناً واستقراراً كبيراً، ويخفّف عنه أعباء الحياة اليومية.

وبمنطق عاطفي ذكوريّ، مهما كثرت الأموال لن يصمد هذا النوع من الزواج كثيراً أمام احتياجات الرجل العاطفية والجسدية.

ولكن دعونا نتذكر أننا نتحدث هنا عن زواج كان أساسه بالفعل المصلحة، لأنه أحياناً ما يكون الحب قائماً رغم فارق العمر، وهذه مسألة أخرى.

اقرأ المزيد: زوجتي أكبر مني.. زوجي أصغر مني!

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (2)

  1. أقرأ كل جديد ينزل على موقع…
    أقرأ كل جديد ينزل على موقع الحب ثقافه وساتابعكم دوما وهذه لكم ??? وارفع قبعتي ايضا لكم ?

  2. لو خيروني زوج مناسب ونقود…
    لو خيروني زوج مناسب ونقود ساختار النقود لان الزوج سيغدر فيني في يوم ما اما النقود ستسعد كل ايامي .

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات