المواعدة
Shutterstock

دليل الجنتلمان لبدء التعارف.. كيف تتقرَّب منها دون تصرفات “مسيئة”؟

رغم كل القيود المتعلقة بالتحرش وشروط التراضي، ما زال الجنسان بحاجة للتقرب إلى بعضهما، ولكن على الرجل أن يضع الكثير من العوامل في اعتباره قبل حدوث ذلك.

جذبت انتباهه بجمالها فتعقبها ليتعرف عليها، لكنها أبلغت الشرطة. اتسمت زميلته باللطف فقرر التقرب منها وبدأ يتصل بها ليلاً باستمرار، فقدمت ضده شكوى انتهت بفصله. لفتت نظره بمنشوراتها الجريئة، فبدأ يراسلها بدعابات +18 ليجذبها بجرأته، ففوجئ بالبلوك.

ماذا فعل هؤلاء الرجال الأبرياء ليستحقوا رفض فتيات أعجبوا بهن؟ لقد كانوا حسني النية. نيابة عن هؤلاء النساء دعني أخبرك صديقي الرجل: حُسن النية لا يكفي للتعارف.

خلال السنوات الماضية ازداد وعينا بالمضايقات الجنسية، والتصرفات المسيئة بحجة الإعجاب، والتي طبَّعها المجتمع فاستغلها المتحرشون والمسيئون، وبسبب هذا الوعي تغيرت خارطة العلاقات، والتجاوزات التي شهدها التعارف قديماً وكانت تمر في صمت، أصبحت مرفوضة تماماً وعلناً الآن.

هنا يجد الرجال أنهم محاصرون بتهمة “متحرش” لو فعلوا أشياء يعتبرونها “عادية”، بل وربما يفعلونها معتقدين أنها ستجعلهم جذابين، ويرددون “الموضوع عرض وطلب”.. لكن كيف يكون العرض، وما الرسالة التي يحملها الطلب؟

ولأن التواصل يبني علاقات سليمة، سنخبرك يا صديقي ما الذي تفعله أو لا تفعله لتتقرب من إحداهن دون الوقوع في فخ التحرش، أو تسبب سوء تفاهم مع “الكراش”.

 

السياق أولاً

 

قبل أعوام اشتعلت السوشيال ميديا بحادثة متحرش التجمع، وهو رجل طارد فتاة في الشارع ليدعوها إلى كوب قهوة. سجّلت الفتاة فيديو لتعقبه، وعلق الرجال أنها كان يمكن أن ترفض، فلماذا الفضيحة؟ وما المشكلة في “عزومة قهوة”؟

المشكلة هي السياق..

يقال إن “لكل مقامٍ مقال”، وهذا يعني أن من الذكاء اختيار الزمان والمكان المناسبين قبل أن تتعرف على فتاة، حتى لا تشعرها بالخطر أو التهديد.

الشارع ليس مكاناً للتعارف، ففي شوارعنا نتعرض للتحرش، وانتهاكنا بالنظر واللمس والألفاظ الخارجة، وتتوقف لنا السيارات تعرض “توصيلة” غير بريئة، وإذا كنا نخرج يوميّاً متأهبات لهذا الخطر، فلا يمكن أن نتعامل بحسن نية. كل غريب يقترب منا في الشارع هو تهديد شبه مؤكد.

مراعاة السياق ونفسية الطرف الآخر مهمة، لهذا لا تقترب من فتاة في الشارع لتتعرف عليها، فلن تصدق حسن نيتك.. نحن نفترض الأسوأ لأنه واقعنا اليومي.

تحكي مروة، 27 سنة: “كنت أحب فكرة التعارف ببساطة، رغم أن الوضع في مصر لا يسمح بالتعامل مع الرجال بحسن نية نهائيّاً”.

التعارف في الشارع
shutterstock

تتذكر قائلة: “ذات يومٍ كنت في المواصلات، وبدأ شاب يشاغلني بابتسامة، وحين وصلت لمحطتي نزل معي، وأخبرني أنه منجذب إليَّ ويود التعرف عليَّ، ورجاني أن أمنحه رقمي لنتعرف أكثر، ولو لم نتفق فسيتوقف باحترام”.

تضيف مروة أن الشاب لم يبد كمصدر تهديد في البداية، لهذا منحته رقمها ولكن:

“بدأنا نتكلم، لكنه سرعان ما بدأ يلح بإصرار ليقابلني يومياً، حتى شعرت بالقلق، وطلبت منه أن نتوقف لأنني غير مستريحة فرفض، وأصر على أن أمنح نفسي فرصة لأحبه، فاضطررت إلى البلوك وحظر مكالماته، وقررت ألا أمنح فرصة لأي رجل يحاول التعرف عليّ في مكان عام.. توبة”.

التعارف يصلح في الحفلات والمناسبات الاجتماعية، وعندها قد تبادر بافتتاحية غزلية لطيفة Pick-up line لتلفت نظر الفتاة، وربما مجاملتين مهذبتين في حوارٍ قصير، ثم تمنحها وسيلة التواصل معك، وتترك الكرة في ملعبها.

إذا كنت لطيفاً ففي الغالب ستكون النتيجة جيدة، ولو لم تتصل، فبالتأكيد الفتاة المناسبة لك تنتظر في مكان آخر.

 

ابتعد عن حياتي الجنسية

 

يرتبط التعارف بحماس البدايات، وبهجة التوقعات، لكن الحماس لا يعني أن تترك مشاعرك دون رابط، وخصوصاً فيما يتعلق بالجنس.

إذا كنت تؤسس لعلاقة عاطفية، فالجنس يأتي في مرتبة لاحقة للإعجاب، والتقرب لشريكتك. إذا تسرعت في التعبير عن أفكارك الجنسية فقد  تنتهي العلاقة قبل أن تبدأ.

الشتائم والدعابات والتلميحات الجنسية من التصرفات التي يفعلها الكثير من الرجال معتقدين أنها شيء جريء وجذاب، لكنها تفسد التعارف، وحتى لو كانت الفتاة تستخدم الألفاظ الحادة، فلا يعني هذا أنها ستتقبلها منك، أو تسمح لك بالتجاوز معها بشكل حميم.

حتى العلاقات الكاجوال مثل علاقات الليلة الواحدة، والصداقة الجنسية، تقتضي تمهيداً للأجواء، والتأكد من القبول المتبادل والتراضي بين الطرفين، قبل أن تنتقل لملعب الحميمية والجنس، حتى بالكلام.

 

للاطلاع على المزيد: أشكال أوسع من التراضي.. ما الذي نحتاجه لنقول “نعم”؟

 

لا أحد يحب أن يقتحم الآخرون أشد خصوصياته فجأة، أو أن يحاصروه بأحلامهم الجنسية.

 

تحكي هدى، 28 سنة، موظفة: “كان زميلي في العمل شخصاً لطيفاً، وكنا نتحدث باستمرار فبدأت أعجب به، حتى وجدني يوماً شاركت memes جريئة على فيسبوك، وأخبرني أن جرأتي أعجبته. بعدها بدأ يرسل لي نكاتاً جريئة، وسرعان ما تحولت لدعابات بذيئة جداً، وبدأ كلامه يتغير بشكل غير مريح، ويسألني عن حياتي الجنسية”.

التعارف
shutterstock

رغم إعجابها المبدئي، تبدلت مشاعر هدى سريعاً من الاستلطاف إلى الإحساس بالتهديد: “شعرت بانتهاك بشع وكأنه يراني عارية، فغيّرت مكتبي، وحظرته على الهاتف وفيسبوك.. عاملني باستغراب وعدوانية كأنني غدرت به”.

 

لا للتطلب.. نعم للإتيكيت

 

عندما نتقرب ممن نعجب بهم، قد تجرفنا مشاعرنا، ونتجاوز حدودنا، فنضيع فرصة بناء العلاقة. لهذا يفضل أن تراعي فتاتك، وألا تستغل الأجواء اللطيفة لاختراق مساحتها الشخصية وفرض نفسك عليها.

يتخيل بعض الرجال أن التعامل بشكل متطلب، ومندفع، والمبالغة في إظهار الاهتمام سيثبت جدية مشاعرهم، لكن هذا يشعر الفتاة بالحصار. حتى في العلاقات الطويلة، فالمساحة الشخصية أمر يجب احترامه.

تحكي لبنى، 30 عاماً: “تعرفت على شاب لطيف، لكنني لاحظت أنه متطلب للغاية ويريدني أن أتصل به طوال الوقت، وأنا مشغولة بعملي جدّاً.. شرحت له هذا، لكنني فوجئت به يتصل في السابعة صباحاً.. أذهلني تصرفه، واتضح أنه فعل هذا لأنه يعرف أنني أستيقظ مبكراً لعملي”..

ربما كان صديق لبنى يحاول إثبات اهتمامه، لكن تصرفه قد يعني أنه يضع الأولوية لرغباته أولاً قبل مراعاة شريكته، وعلى هذا الأساس تصرفت لبنى:

“كنت أستيقظ مبكرة فعلاً، لكن هذا لا يعني أنني مستباحة ولا حق لي في النوم والراحة.. ثم بدأ يتصل بعد منتصف الليل، فلم أرد على مكالماته ورسائله، واختفيت نهائيّاً I ghosted him دون كلمة، لأن قلة ذوقه قطعت أي رغبة في سماع صوته مجدداً”.

 

لا ترقص على السلالم

 

حين نرغب في إثارة الإعجاب نُظهر أفضل ما فينا، وهذا طبيعي ومقبول، أما غير المقبول فهو التظاهر بعكس أفكارنا لنحصل على شيء بعينه.

من التصرفات المزعجة التي يرتكبها بعض الرجال في بداية التعارف، التظاهر بأنهم متفتحون، ويتخيلون أن الإفصاح عن الحقيقة تدريجياً سيجعل الشريكة تتقبلها، للأسف قد لا يتحقق هذا.

تحكي سلمى، 29 سنة:

“تعرفت على شاب على تطبيق تندر، وكنا متشابهين، ونؤمن أن نمط العلاقات الغربي هو الأفضل، خصوصاً لأنه عاش بالخارج لسنوات. في الموعد الثالث عدنا إلى بيته، وعند خروجي فوجئت به يطلب مني ألا يراني الجيران. ضايقني هذا، وشعرت أنه يعيش بمعايير مزدوجة ستسبب المشاكل لاحقاً.. فقطعت علاقتي معه”.

تندر
shutterstock

نفس المعايير المزدوجة نفّرت ميرنا، 27 سنة، من حبيبها السابق:

“كان زميلي في الجامعة ينتقد المصريات لأنهن يُعَقِّدن الارتباط، ويتعاملن بريبة مع الرجال.. كنا نتجادل ثم تحولت علاقتنا لحب، وتبادلنا القبلات.. بعد فترة تطورت علاقتنا لشكل أكثر جدية، وعندها ظهرت غيرته، صارحني أنه لا يثق بي لأنني قد (أتجاوز) مع رجل آخر مثلما فعلنا من قبل”.

الازدواجية أمر منفر في العلاقات، لأنها تكسر شعورنا كنساء بالاطمئنان للشريك.

لهذا لم تتردد ميرنا:

“انفصلت عنه في لحظتها، لأنني لا أحب الكيل بمكيالين.. يا تعاملني شرقي يا غربي.. لكن ما تبقاش عايز تتعامل غربي وتحكم عليا بالشرقي، وتكسب مميزات كل ناحية، وتظلمني بس.. لم أندم على فراقه رغم حبي له، لأنني شعرت أنه خدعني”.

 

الصراحة دائماً راحة

 

الشعور بالخديعة أمر لا يغتفر، لكن الأسوأ منه ألا يلتزم الرجل باتفاقاته مع شريكته، ويتعمد وضعها في مواقف ضاغطة، ويستغل مشاعرها ليصل إلى هدفٍ ما، فتنتهي العلاقة في لحظة.

العلاقة الحميمية ليست استثناءً من فكرة التراضي الكامل، ولا يصح التلاعب بظروف معينة تحيط بها للحصول على الجنس، وفي هذا السياق تحكي نيفين، 32 سنة:

“كانت علاقتي رائعة مع شريكي السابق، وحين قررنا ممارسة الحب اتفقنا على استعمال الكوندوم، وأكدت أنه الوسيلة الوحيدة التي أقبلها.. رفض في البداية بحجة أنه يقلل متعته، لكنني تمسكت برأيي لأنني أخشى الأمراض جداً، وفي النهاية وافق. ولكن في اليوم الموعود فوجئت أنه تجاهل اتفاقنا، وظل يلح علي لنترك الكوندوم ونستمتع باللحظة”.

هنا كان الخطأ الذي أثر على العلاقة: “اشمئززت منه للغاية، ورفضت، لكنه ظل يلح حتى استجبت جزئياً تحت تأثير مشاعري وضيقي بإلحاحه وتوسله، لكنني لم أتحمل إكمال العلاقة إلى النهاية، وانتهزت أقرب فرصة لأغادر، وفي اليوم التالي انفصلت عنه”.

لم يكن الكذب أمراً مقبولاً لنيفين، تقول: “ما فعله كان أسوأ شيء ممكن، فقد جعلني أشعر أن إرادتي بلا قيمة.. كنت سأحترمه لو رفض الكوندوم نهائياً منذ البداية لنبحث عن حل بديل، أما الاحتيال هكذا فغير مقبول نهائياً”.

 

لا تأخذ الأمر بشكلٍ شخصي

الرفض
shutterstock

البحث عن الحب يحمل صعوبات كثيرة، أولها التواصل المشوه بين الجنسين، فكثير من تصرفات الطرفين قد تُفهم بشكل خاطئ تماماً.

الرجال ذوو الخبرة القليلة في الحب يصغون لأصدقائهم، الذين قد يفوقونهم جهلاً، ويرون العالم بمنظور عنيف لا يناسب العلاقات الإنسانية: كن حادّاً.. كن مقتحماً.. لا تقبل الرفض.. كلما رفضتك طاردها..

على الناحية الأخرى تقول النساء: “لا” تعني “لا”، وليس “حاول أكثر”.

تجاوز الحدود عند التعامل مع السيدات مثل التجاوز مع أي شخص آخر، فالتعاملات غير المقبولة، من إزعاج وإلحاح ومطاردة واقتحام للمساحة الشخصية، مرفوضة من الجميع وليس النساء فقط.

إذا شعرت بالحيرة أمام قرار معين فاسأل نفسك: هل سأجرؤ على التصرف هكذا لو كانت الفتاة ذات نفوذ؟ أو قادرة على إيذائي؟ إذا كانت الإجابة بـ”لا” فلا تفعله، لأنه في الأغلب تصرف مؤذٍ.

ربما يتصرف الرجال بعنف أحياناً لشعورهم بأن الرفض يقلل من شأنهم، أو يهينهم، لكن كلمة “لا” تعني “لا” فقط، لا تعني أنك أقل مني، أو أنك لست مثيراً للإعجاب، هي تعني فقط أننا غير متوافقين، وبوسع كل منا أن يجد شريكاً يشبهه أكثر، ويرتاح معه أكثر.

الرفض قاسٍ، لكن إدارة المشاعر السلبية، واستيعاب أن العالم لا يسير على هوانا، تجربة ضرورية لنضجنا العاطفي، ولمعرفة ما نريده في المستقبل.

الرفض لا يمس كرامتك كرجل بأي شكل، كما أن رفضك لأي امرأة معجبة بك لا يهينها.

أحياناً يكون الرفض نعمة لأنه يمنحك الفرصة لتبحث عمن تشبهك، ولتضمن حباً حقيقياً وعلاقة صادقة، بدلاً من قبول مؤقت تُبنى عليه علاقة تعيسة، تدفع ثمنها شهوراً، وربما سنوات ضائعة من عمرك.

 

للاطلاع على المزيد: خمس قواعد للشريكين من أجل علاقة قائمة على التراضي

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

آخر التعليقات (9)

  1. لما تكون ثري وعندك سيارة فارهة ما تحاج تخطط وتتعلم هي لي راح تتقرب منك
    لما تكون فقير راح تحتاج تتعلم وتستخدم كل العلم والتكتيكات الموجودة ومع ذلك النتيجة غير مضمونة

    1. مرحباً عزيزي/
      معايير الأشخاص مختلفة في اختيار شركائهم، صحيح أن المعايير المادية موجودة وبقوة لكنها ليس المعيار الوحيد للاختيار، حيث تختلف أولويات الأشخاص وفقاً لظروفهم/ن ووفقاً للمرحلة التي يقفون بها.
      عامةً، هناك بدائل يمكن تقديمها للشركاء وفي كل الأحوال النتائج غير مضمونة، فلعبة العاطفة ليس لها قواعد لذلك من المهم أن تعرف نفسك جيداً وتعرف ما يمكنك تقديمه للطرف الآخر وكذلك ما تريده من الطرف الآخر أن يقدمه لك.

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات