كيف يؤثر الضغط المُزمن على صحتنا الجنسية والإنجابية؟
التعرض للضغوطات هو جزء طبيعي ولا مفر منه في حياتنا اليومية، وله تأثير مختلف على الأفراد باختلاف شدة الضغوطات ومدة التعرض لها وأشكال استجابة الأفراد بالتبعية.
هناك نوعان من الضغوطات، الضغط الحاد (acute stress) والضغط المزمن (chronic stress).
سنتحدث في هذا المقال باختصار عن الضغط الحاد و سنتعرض للضغط المزمن بالتفصيل.
الضغط الحاد (acute stress)
ما الذي تشعر به عندما تكون على وشك الاصطدام بسيارة ولا تصطدم؟ أو ما الذي تشعر به ليلة الامتحان أو ليلة تقديم محاضرة مهمة في عملك؟
الضغط الحاد هو استجابة الفرد لحدث ضاغط مستمر لفترة قصيرة، ووظيفته هي حماية الفرد عندما يكون في موقف يمثل خطورة. وينتهي الضغط الحاد مع انتهاء الموقف الذي تسبب في حدوثه.
على الرغم من أن التعرض للضغط الحاد يسبب بعض التوتر وعدم الارتياح، ولكنه يمدك بالطاقة ويحفزك على إنجاز المهام.
الضغط أو الإجهاد المزمن (chronic stress)
هو التعرض للضغوطات بشكل مستمر ولفترة طويلة؛ وقد يكون هذا الضغط إما ناتجًًا عن التعرض لمشكلة كبيرة مستمرة لوقت طويل أو خليط من المشاكل قصيرة المدة المتشابكة التي تلاحق بعضها.
مثلًًا إذا تعرض شخص للفصل من العمل حينها يتعرض لضغط حاد، أما إذا لم يستطع الحصول على وظيفة أخرى لفترة كبيرة، حينها يتحول الضغط من حاد إلى مزمن.
ما هي الأسباب التي من الممكن أن تؤدي إلى الإجهاد المزمن؟
تختلف الأسباب من شخص لآخر، فهناك أسباب متعلقة بالعمل أو العلاقات أو بنمط الحياة بشكل عام، فيما يلي بعض الأمثلة:
- العمل لساعات طويلة، كثرة المسئوليات أو المهام في العمل، الشعور بعدم الرضا في الوظيفة
- العمل في ظروف مهددة أو الشعور بعدم الأمان الوظيفي
- التعرض للتمييز والعنصرية في العمل
- فقدان الوظيفة
- زيادة الالتزامات المادية مثل القروض
- الأمراض أو الإصابات المزمنة
- المسئولية والعناية المستمرة بكبار السن أو من لديه إعاقة
- العلاقات الصعبة التي تتضمن الكثير من الخلافات والمشاكل سواء علاقة مع شريك/ة أو صديق/ة أو أحد أفراد الأسرة.
وأحياناً يكون الضغط ناتج من طريقة تفكيرنا وليس عن أحداث خارجية، يحدث ذلك عندما أفكر في أشياء لم تحدث بعد، ولكن في نفس الوقت أفترض أنها ستحدث حتماً.
مثلاً عندما أكون بصدد العمل على مشروع ما وأفكر طوال الوقت أنني لن أستطيع إنهاء المشروع أو أن ناتج عملي سيكون سيئا، حينها أضع نفسي تحت ضغطٍ مستمر.
ما الذي يحدث داخل أجسادنا عند التعرض للضغط؟
عند تعرض الإنسان للضغط، يبدأ الجسم بالاستجابة للضغط عن طريق إفراز هرمونات ومواد كيميائية مثل الكورتيزول، والفاسوبريسين، والأدرينالين، وغيرها للتعامل مع الضغط بهدف الوصول إلى حالة من التوازن.
هذه الهرمونات تُحدِث بدورها تغيرات في مناطق مختلفة من الجهاز العصبي المركزي، مثل المناطق المسئولة عن الوظائف المعرفية والتخطيط واتخاذ القرارات والنوم والاستيقاظ والأكل.
وتؤثر هذه التغيرات على باقي أجهزة الجسم مثل القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي والمناعي والتناسلي والغدد وعمليات التمثيل الغذائي.
الهدف من هذه التغيرات هو مواجهة الضغط وحمايتنا في حالات الخطر واستعادة التوازن.
أما إذا كانت هذه التغيرات تحدث لفترة زمنية طويلة بسبب التعرض لضغوطات مزمنة، حينها يكون الجسم معرض لمشاكل صحية كثيرة، مثل:
- الصداع والاكتئاب
- صعوبات في النوم
- ضعف الجهاز المناعي مما يجعل الجسم معرض للعدوات
- الإصابة بمرض السكري
- ارتفاع ضغط الدم و الإصابة بجلطات في الأوعية الدموية
- اضطرابات الجهاز الهضمي بما فيها القولون العصبي
- الآلام المزمنة في الظهر والرقبة.
- اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية العصبي
- ظهور أو تفاقم الأمراض الجلدية
هل يؤثر ذلك على الصحة الجنسية والإنجابية؟
التعرض للضغط المزمن يؤثر على الصحة الجنسية والإنجابية بشكل مباشر عن طريق التأثير على الهرمونات المسؤولة عن الوظائف الجنسية، وبشكل غير مباشر عن طريق تأثيراته على أجهزة الجسم المختلفة. فمثلًا، قد يؤدي الإجهاد المزمن إلى:
- نقص هرمون التستوستيرون، والذي بدوره يؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية والقدرة على الإنجاب.
- التأثير على انتظام الدورة الشهرية لدى السيدات و التي قد يصاحبها وجود ألم بشكل أكبر من المعتاد، وذلك يؤثر أيضًا على فرص الإنجاب.
- نقص الرغبة الجنسية.
- صعوبات في الانتصاب أو استمراره.
- ضعف المناعة الذي يؤدي إلى زيادة احتمالية الإصابة بالعدوى المنقولة جنسيًا.
- التغيرات النفسية التي تؤثر بشكل كبير في الرغبة الجنسية وفي الحميمية بين الشريكين.
- الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم الذي يؤثر على الانتصاب و القذف وترطيب المهبل.
ما الذي يمكننا فعله لإدارة الضغوطات؟
- التواصل مع شخص قريب تثق/ين به والتحدث معه/ا حول الضغوطات التي تمر/ين بها وطلب الدعم و المشورة والنصائح.
- وضع المهام التي تريد فعلها في قائمة وتحديد أولوية كل مهمة وحذف المهام التي ليس لها أهمية في الوقت الحالي.
- بالنسبة للضغوطات المتعلقة بالعمل، يمكن التحدث مع زملاء ورؤساء العمل وتحديد مسؤولياتك وأولوياتك والاستفادة من خبراتهم.
- تعلم عدم قبول مهام جديدة حتى تشعر أنك قادر/ة على إدارة الضغوطات الحالية ولديك الوقت الكافي لإنجاز المهمة.
- التقليل من تناول الكافيين.
- ممارسة الرياضة أو المشي بانتظام.
- النوم الصحي وهو الذهاب للنوم في نفس الموعد يومياً والنوم لمدة 7 ل 8 ساعات.
- تجنب تناول الوجبات أو ممارسة الرياضة أو مشاهدة التلفاز قبل النوم مباشرة.
- ويفضل سماع موسيقى هادئة أو قراءة كتاب أو الاستحمام قبل النوم.
- يمكن النظر إلى كل مشكلة أنها فرصة للتعلم واكتساب الخبرات، ومن المهم أن نضع لأنفسنا توقعات منطقية وواقعية.
- تنظيم الوقت و تصنيف المهام التي نحتاج لإنجازها كالآتي: مهام عاجلة ومهمة، مهام مهمة و لكن غير عاجلة، مهام عاجلة و لكن غير مهمة، مهام غير مهمة أو عاجلة.
- إذا كنت تشعر بعدم القدرة على إدارة الضغوطات لدرجة التأثير على حياتك الاجتماعية والوظيفية، يمكنك طلب المساعدة من أحد المتخصصين/ات في الدعم النفسي.