كيف نحافظ على سعادتنا الجنسية؟
نحن بحاجة إلى الوعي بأهمية الصحة الجنسية في حياتنا، لأنها جزء أساسي لتحقيق سعادتنا بشكل عام.
يسعدني كثيراً أن أرى في الآونة الأخيرة ازدياداً مستمراً في الوعي المجتمعي بأهمية الصحة النفسية، وذلك بعد عقود طويلة من إغفال هذا الجانب الذي يحقق حياة مستقرة وصحية في مجتمعاتنا.
ولا أتمنى اليوم أكثر من قفزة مماثلة في الوعي بأهمية الصحة الجنسية في حياتنا بشقيها العضوي والنفسي.
الجنس في مجتمعاتنا هو الصندوق الأسود الذي عشنا عقوداً نخشى من استكشاف ما فيه، تحت قيود العيب تارة والممنوع تارة أخرى، رغم كونه جزءاً أساسياً من الحياة اليومية لأغلب البشر، بل ذهب بعض علماء النفس قديماً إلى اعتباره الدافع الأساسي للحياة.
هذا الغموض الذي حافظت مجتمعاتنا عليه أدى، بكل أسف، إلى كثير من الجهل والخوف والشعور بالذنب تجاه هذا الجزء الأصيل من تكويننا، وكان لذلك انعكاساته السلبية والخطيرة، أحياناً، على صحتنا وشعورنا بالسعادة والرضا.
أظن أنه آن الأوان لندرك أن الحياة الجنسية هي جزء شديد الأهمية من حياة الإنسان، وأن السعي نحو تحقيق حياة جنسية صحية وسعيدة هو ضرورة وحق لكل إنسان، وليس رفاهية.
كيف نحافظ على صحتنا الجنسية ونحقق السعادة الجنسية؟
الجسد
اكتشف/ي جسدك، أحبه/أحبيه، حافظ/ي عليه
اكتشف/ي جسدك
كثيرون قد يتعجبون من لفظ “اكتشاف” أو “معرفة” الجسد، ظناً منهم أنه من البديهي أن تكوني على دراية كافية بجسدك الذي يصحبك منذ ولادتك.
بين جدران العيادات النفسية كثيراً ما كنت أشعر بالأسى وأنا أستمع إلى فتاة تخبرني ببساطة أنها لا تدري كيف يبدو جسدها، إذ لم تكن لديها الجرأة أن تنظر إليه يوماً! ناهيك بالطبع عن فكرة لمسه، والتي تبدو فكرة شديدة الرعب بالنسبة لها.
هل تعتقد أن فتاة كهذه يمكنها أن تستمتع بحياتها الجنسية؟
زارني عدد غير قليل من الشباب أيضاً يشعرون بالفزع لأنهم أحسّوا باللذة حين لمسوا منطقة الشرج أو حلمات الثدي أو الفخذ، مما أثار بداخلهم الشكوك والتساؤلات حول رجولتهم، إذ لا ينبغي أن يشعر الرجل الحقيقي باللذة في هذه المناطق من وجهة نظرهم.
هذه العلاقة المشوهة بالجسد في النموذجين السابقين، وهي مجرد أمثلة، لا يمكن أبداً أن تؤدي إلى حياة جنسية سعيدة.
لا تخشي من النظر لجسدك، انظري إليه في مرآتك، تأملي كل جزء فيه وتعرفي عليه باهتمام.
المسي جسدك وتأملي الشعور الذي يراودك مع كل لمسة.
لا تفزعي إذا شعرت باللذة، فهكذا أجسادنا؛ تشعر مناطق فيها باللذة عند ملامستها، ومن حقنا أن نستفيد من ذلك في تحقيق أقصى قدر من المتعة، لا أن نشعر تجاهه بالخوف والفزع.
إذا كان لديك شريك/ة جنسي/ة أخبريه/ا عن أكثر الأماكن التي تثيرك في جسدك، وأي اللمسات تجعلك في أوج لذتك، واستمتعا معاً بكل لحظة.
أعلم أن الرحلة قد لا تكون سهلة بالنسبة للبعض وخاصة هؤلاء اللواتي تعرضن لقدر كبير من الكبت والتخويف في صغرهن، أو هؤلاء اللواتي تعرضن للعنف والاعتداء، ولكن نصيحتي لك ألا تستسلمي. اطلبي المساعدة من متخصص/ة وابدئي رحلتك في اكتشاف جسدك والاستمتاع به.
عزيزي الرجل، أعلم أنك محمل بإرث ثقيل من المعتقدات البالية يحول بينك وبين اكتشاف نفسك والتعرف عليها وتقبلها، بما في ذلك تقبلك للاستمتاع بجسدك.
استمعت من قبل لرجل يقول بعصبية: “لا ينبغي أن يستمتع الرجل بأي جزء في جسده سوى القضيب وإلا لن يكون رجلاً حقيقياً”.
هذا ليس صحيحاً على الإطلاق، استمع لجسدك وامنحه المتعة كما يريد، لا كما تريد أنت له، فلا يمكنك أن تفرض على جسدك ما لا يريده أو تمنع عنه ما يطلبه بإلحاح، وإن فعلت فأنت الخاسر الوحيد.
دع عنك أوهام ارتباط الرجولة بكيفية استمتاعك بالجنس، فلا توجد علاقة مطلقاً بين الأمرين.
أحب/ي جسدك
“لا أبدو نحيفة كنجمات السينما”، “لديَّ ترهلات وخطوط بيضاء في منطقة البطن”، “مهبلي ليس وردياً كنجمات البورن”، “لا يمكن أن يعتبرني أحد مثيرة”.
“قضيبي ليس ضخماً كنجوم الإباحية”، “ليس لديَّ عضلات مفتولة كالتي لديهم”، “هل أستطيع حقاً أن أشبع حبيبتي جنسياً؟”
الظن بأننا لا بد وأن نمتلك أجساداً مثالية، حتى نكون شركاء جنسيين جيدين، يحول بيننا وبين قدرتنا على الاستمتاع بالجنس، إذ يؤدي ذلك إلى انصراف تفكيرنا عن الهدف الأساسي للممارسة الجنسية وهو “المتعة”، إلى الانشغال بكيف نبدو أمام الشريك وإن كان حقاً يسره/ا ما يراه/تراه.
نحتاج إلى أن نفهم أن البشر مختلفون في مظهر أجسادهم وأن لكل جسد سحره الخاص. لن تفشل أبداً علاقتك الجنسية بسبب مظهر جسدك، ولكن قلقك بشأن هذا المظهر هو الذي قد يؤدي إلى إفشالها ونزع المتعة عنها، واستبدالها بالقلق والتوتر، والذي سينتقل حتماً للشريك/ة.
أياً ما كان مظهر جسدك أحبه/أحبيه وتصالح/ي معه واعتن/ي به ولا تقارنه/تقارنيه أبداً بأجساد الآخرين.
حافظ/ي على جسدك
الصحة الجسدية أمر هام للغاية من أجل الشعور بالسعادة بشكل عام والسعادة الجنسية بشكل خاص.
- اهتم/ي بتناول الغذاء الصحي
- مارس/ي الرياضة بانتظام
- امتنع/ي عن التدخين وتعاطي المواد المخدرة والإفراط في استخدام الكحوليات
- اهتم/ي بالنظافة الشخصية واستخدام منتجات العناية بالجسد
كل ما سبق سوف ينعكس بالإيجاب على قدرتك على الاستمتاع بالجنس وشعورك بالسعادة الجنسية.
من المهم هنا الإشارة إلى أنه ما زال من الممكن الشعور بالسعادة الجنسية في حالة وجود مشاكل صحية مزمنة أو مع التقدم في العمر.
من حسن الحظ أن أشكال المتعة الجنسية شديدة التنوع بحيث يمكن دائماً إيجاد طريقة مناسبة للاستمتاع بالجنس، بما يناسب الوضع الصحي والحالة الجسدية.
العديد من الرجال والسيدات في العقد الثامن أو التاسع من العمر ما زالوا قادرين على الاستمتاع بالجنس رغم عدم القدرة على القذف أو تحقيق الانتصاب في بعض الأحيان، أو جفاف والتهابات المهبل، فقط لأنهم تخلصوا من فكرة أن العلاقة الجنسية لا بد أن تأخذ شكلاً محدداً يتضمن بالضرورة الإيلاج وينتهي بالقذف في كل مرة، وأطلقوا العنان لأنفسهم لاكتشاف آفاق جديدة من المتعة الجنسية بما يناسب وضعهم الصحي.
التواصل
كلما زادت قدرتك على التواصل والتفاهم بأريحية ووضوح مع الشريك/ة زادت سعادتك الجنسية، تذكر/ي ذلك دائماً.
أخبر/ي شريكك/شريكتك بما تفضله/تفضلينه في الممارسة الجنسية، صارحا بعضكما البعض برغباتكما بلا خوف أو حرج. قل/قولي لا عندما تشعر/ين بعدم الارتياح، ولا تفعل/ي أبداً شيئاً لا تريده/تريدينه. بهذه الطريقة يمكنكما التعرف على العديد من الممارسات التي يمكنكم الاستمتاع بها معاً.
الانفتاح
لا تخشى التجربة وكن منفتحاً دائماً على الممارسات الجديدة. ستفاجأ أنه ما زال هناك الكثير والكثير للاستمتاع به.
لا تنس/ي الهدف “المتعة”
تذكر/ي دائماً أن الهدف الأساسي من الممارسة الجنسية هو الشعور بالمتعة وليس فرض السيطرة أو الاستعراض أو “أداء الواجب” أو الإنجاب. إذا وجدت أن شيئاً ما يطغى على المتعة في ممارستك الحميمية، راجع/ي نفسك وتذكر/ي أن المتعة هي ما يجب أن تسعى إليه.
من اليوم فصاعدا، اجعل/ي سعادتك الجنسية من أولوياتك. أنت تستحق/ين السعادة، والسعادة الجنسية جزء أساسي من سعادتك ككل.
تحتاج/ين إلى الثقة وقبول الذات والتواصل والانفتاح والتعاطف والاحترام. لا يولد الناس بهذه الصفات، ولكن يجب عليهم تعلمها وتطويرها.
شكرا
شكرا
عفواً، نسعد دائماً بمشاراكات…
عفواً، نسعد دائماً بمشاراكات متابعينا.
جيد برجاء المزيد
جيد برجاء المزيد
شكرا على المعلومات
بس في شي مهم كذلك لحياة جنسيه سعيدة ومستقرة وهو عدم مشاهدة الأفلام الجنسية التي ستولد في الذماغ طبيعيا و قهرا المقارنات وإرتفاع إمكانية عدم الرضا عن جسد الشخص نفسه أو جسد شريكه وإرتفاع سقف التوقعات حول المتعة لأمور خيالية أو أمور لا يمكن للشخص فعلها أو الوصول ليها
مرحبًا بك،
قد يكون لمشاهدة الأفلام الجنسية تأثيرات سلبية بالفعل في حالة المقارنة أو عدم إدراك المتفرج/ة أن هذه أفلام مصنوعة وغير واقعية، أو في حالة كان اعتماده/ا على هذه الأفلام يصل لمستوى يقارب الإدمان ولا يستطيع أو تستطيع الوصول إلى الإثارة الجنسية بدونها، ولكن الكثير من الشركاء يستخدمونها أحيانًا في كسر الملل والروتين وتحفيز تجارب جديدة، وهو ما يمكن اعتباره أمرًا صحيًا إذا لم يرتبط بالمشاهدة المفرطة أو المقارنة غير الواقعية أو الشعور بالذنب إذا كان الشخص يعتقد بأن مشاهدتها فعل غير أخلاقي.
أشكرك وأتمنى لك كل السعادة.