الحجر المنزلي
الحب ثقافة

هل الخصوصية مستحيلة في ظل العزل المنزلي؟

نعيش جميعاً فترة الحجر المنزلي، الذي غيَّر الكثير من روتين حياتنا، ولأن البيت صار مغلقاً على أفراد الأسرة جميعاً طوال الوقت، صارت خصوصية كل واحد فيهم مهددة.

بعد مرور فترة قصيرة من الانعزال عن العالم الخارجي، التزاماً بتوصيات منظمة الصحة العالمية بالتباعد الاجتماعي، اعترتني نوبة هلع قصيرة.

هل فقدت تماماً إمكانية تمضية بعض الوقت بمفردي في المنزل أو خارجه؟

الآن لم يعد زوجي يذهب إلى عمله، ولم تعد ابنتي تتوجه يومياً إلى مدرستها.

أصبحنا جميعاً ندرس ونعمل من المنزل نهاراً ونمضي وقتنا سوياً في المساء.

كذلك، لم يعد بالإمكان الذهاب إلى أي مكان بمفردي أو حتى معهم، فكل الأماكن مغلقة، وكان حظر التجول يستمر طوال 24 ساعة في البلد الذي أتواجد به.

وحتى لا يتم فهم كلامي بطريقة خاطئة، فأنا أحب أسرتي وأحب تمضية وقتي معها أكثر من أي شيء.

أنا كذلك محظوظة بكوني أستطيع الإفصاح عما يدور بذهني لزوجي بحرية ودون أن أخشى تحويل الأمر لمنحى شخصي.

هو كذلك يفهم أهمية “مساحتي الشخصية” جيداً لتوازني النفسي والعقلي.

أفقد قواي العقلية تماماً عندما لا يكون لدي “وقت خاص” أمضيه بحرية، بمفردي، لأمارس نشاطات محببة لي، أو حتى دون فعل أي شيء على الإطلاق. هذا ما يتفهمه زوجي جيداً.

بعد مرور فترة قصيرة من الالتزام بالانعزال داخل المنزل، انصياعاً لتوصيات التباعد الاجتماعي، استيقظت يوماً في حالة مزاجية سيئة، بمعنى أدق “عصبية المزاج”، واستمررت على نفس الحال طوال اليوم، إلى أن انفجرت في وجهه وصارحته بالسبب الحقيقي لمزاجي العصبي.

أبدى تفهمه الشديد لما أشعر به وبدأ يقترح عليَّ بعض الحلول التي كانت بالفعل جيدة ومفيدة:

  1. أن نقوم بتهيئة الظروف ليختلي كل واحد بنفسه بعض الوقت في إحدى الغرف، بينما يتولى الآخر مسؤولية ابنتنا، أو يقوم بشيء مختلف أثناء نومها.
  2. يمكنني الذهاب في تمشية قصيرة حول المنزل يومياً، أو وقتما أريد.
  3. ليس من الضروري أن نتواجد جميعاً سوياً في نفس الغرفة طوال الوقت.

على الرغم من كونها حلولاً قد تبدو بسيطة، أو قد يراها البعض لا توفر الكثير، إلا أن تأكيده على حقي في الاستمتاع بمساحة شخصية وإقراره بأهميتها لنا جميعاً، أشعرني بالحرية وبأني ما زلت أمسك بزمام “مساحتي الشخصية” و”وقتي الخاص”.

المساحة الشخصية والوقت الخاص

“الوقت الخاص” المعروف بالإنجليزية بـ “Personal Time” أو “Alone Time”  هو “ذلك الوقت الذي يقضيه المرء في نشاطات يختارها بنفسه وتكون ممتعة بالنسبة له”.

هذه النشاطات قد تتضمن الآخرين أو تتم بمفردك، ولكنها بالتأكيد تكون من اختيارك الخاص، وتقرر بنفسك ما إذا كنت ستشرك فيها الآخرين أم لا.

أما المساحة الشخصية  “Personal Space”فهي “تلك الحواجز والحدود غير المرئية التي يضعها كل فرد لنفسه فيما يتعلق بعلاقته وتواصله مع الآخرين”.

المساحة الشخصية
shutterstock

المساحة الشخصية والوقت الخاص متصلان ببعضهما بالنسبة لي، فلكي أستطيع التواصل بنجاح مع كل من حولي فيما يقرب من 90% من الوقت، أحتاج لمساحة شخصية ووقت خاص أقضيه بمفردي وبحرية حسبما يحلو لي في نسبة الـ10% المتبقية من الوقت.

لماذا الوقت الخاص مهم؟

الوقت الخاص الذي يقضيه الإنسان بمفرده هو أمر شديد الأهمية، فهو بمثابة وقت “إعادة الشحن” لبطاريتك الخاصة. الوقت الخاص يتيح لي بعض المساحة الشخصية التي لا أضطر فيها للتفكير في أي شيء على الإطلاق، أو أكون مجبرة على التفاعل مع أي شخص من حولي.

وهو كذلك، على النقيض، يوفر فرصة جيدة للتفكير في أي أمور معلقة بهدوء وبدون تشتت.

في وقتي الخاص لا أقوم بأنشطة هائلة أو خارقة، فقط أستمتع بمشاهدة أي مادة مصورة خفيفة لا تحمل أية تعقيدات، أو أقوم بجولة مشي في الهواء الطلق بينما أستمع لأغنيات أحبها، أو أخصص بعضاً منه للعناية ببشرتي وشعري ومظهري بشكل عام.

كما هو واضح، هي أمور لا تحتاج لترتيبات كبيرة، وليس من المفترض أن تعيقها إجراءات التباعد الاجتماعي. وأتصور أنها مشتركة مع الكثيرات غيري. هي فقط تحتاج لبعض التفهم والتعاون بين الشريكين والتبادل في توفير “وقت خاص” لكل طرف منهما.

وفقاً لمقال منشور على النسخة الإلكترونية من مجلة “سايكولوجي توداي”، يشير علماء النفس إلى أن الوقت الخاص، الذي يقضيه الإنسان بمفرده، له فوائد متعددة، أهمها:

  1. تحسين التركيز وزيادة الإنتاجية بسبب التخلص من عوامل التشتيت المختلفة وتركيز الذهن على العمل المفترض إنجازه.
  2. يتيح لك الوقت لاكتشاف نفسك والتأكد من آراءك الشخصية لأن الإنسان بطبعه يميل لمسايرة المجموعة، مما قد يعيق ذلك إذا كان وقتك دوماً مزدحماً بالآخرين.
  3. يتيح لك تصفية ذهنك واستعادة حيويته.
  4. يتيح لك التفكير بعمق في الأمور الهامة والمصيرية وترتيب أولوياتك وإيجاد حلول عقلانية لمشكلاتك.
  5. تحسين علاقاتك الاجتماعية والمهنية بسبب كل ما سبق.

 

على الرغم من الظروف الحالية المتعلقة بإجراءات التباعد الاجتماعي وانعزال الأسرة عن العالم الخارجي، قدر الإمكان، بسبب انتشار فيروس كورونا (كوفيد 19)، إلا أن ذلك لا ينفي أهمية أن يتمتع كل شخص بمساحته ووقته الخاص، داخل المنزل.

مهما كان هذا الوقت قصيراً أو كانت المساحة محدودة، فهي ضرورية لصحتنا النفسية جميعاً.

ناقش/ي الأمر مع أفراد أسرتك وشاركنا/ينا بمقترحات إضافية للاستمتاع بوقت خاص.

اقرأ المزيد: دليل الأزواج للتعايش مع العزل المنزلي

هل وجدت هذه المادة مفيدة؟

اترك تعليقاً

الحب ثقافة

مشروع الحب ثقافة يهدف لنقاش مواضيع عن الصحة الجنسية والإنجابية والعلاقات